أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام الخفاجي - دولة الحشد الشعبي في مواجهة دولة الخلافة















المزيد.....

دولة الحشد الشعبي في مواجهة دولة الخلافة


عصام الخفاجي

الحوار المتمدن-العدد: 4744 - 2015 / 3 / 10 - 08:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



عدا عن تصنيف صار مألوفا، وربّما مملاّ، للقارئ عن عراق جنوبه شيعي ووسطه سنّي وشماله كردي، وعدا عن تصنيف أكثر جدّة عن عراق تحكم داعش ثلثه، وحكومة كردستان ربعه والحكومة العراقية ما تبقّى منه، أقترح على القارئ التأمّل في تطوّر جديد "يتجاوز" الإنقسامات الطائفية والقومية ليشقّ العراق إلى نصفين عموديين: شرق يمتد من الشمال إلى الجنوب يضم أكرادا وشيعة وأقل منهم سنّة تحرّرهم إيران من داعش، ووسط وغرب يمتد إلى الجنوب تتعهد قوى التحالف بقيادة أمريكا بتحريره ولم تحرّره حتى الآن.
ساحة الفردوس وسط بغداد دخلت التاريخ. بات التاريخ الرسمي لسقوط نظام البعث هو يوم تهاوى تمثال صدّام حسين الذي انتصب وسطها في التاسع من نيسان 2003. في ساحة الفردوس اليوم تنتشر بوسترات تحمل صور الخميني وخامنئي ومحمد حميد تَقَوي، اللواء في الحرس الثوري الإيراني الذي قُتل وهو ينسّق معارك "الحشد الشعبي" ضد داعش. رمزية الأمر لاتحتاج إلى تعليق. هل يجرؤ عراقي على لصق بوست كارد صغير لأوباما الذي يقود التحالف الدولي لإنقاذ العراق وسوريا من داعش؟
كل التقارير تشير إلى أن قادة فيلق القدس، وهو نخبة الحرس الثوري الإيراني، لعبوا دورا حاسم الأهمية في المعارك التي حررت محافظتي ديالى وكركوك من داعش وهم يلعبون دورا أكثر أهمية الآن في عملية تحرير محافظة صلاح الدين. يجلس تَقَوي متربّعا على الأرض، يأكل مع مقاتلي الحشد الشعبي، يتبادل النكات معهم (فهو عربي من الأهواز)، ثم ينهض لأداء مهمّته "الإستشارية" وهي في حقيقة الأمر مهمّة قيادة وتخطيط عملّيات قيادة هذا الحشد. سقوط تَقَوي في سامرّاء حيث مرقدي الإمامين الشيعيين الحادي عشر والثاني عشر يضفي هالة كبيرة عليه، هالة ليست وطنية بالتأكيد، بل هالة المدافع الشيعي عن أقرب المقدّسات إلى الحدود الإيرانية. ولكن ما يهم؟ لقد نجح الحشد الشعبي في إنقاذ سامرّاء ومدن مهمّة أخرى في محافظتي كركوك وديالى فيما يصارع الجيش العراقي، مدعوما بطيران التحالف الدولي لتحرير بلدات صغيرة مثل البغدادي في محافظة الأنبار ويحقق البيشمركة الأكراد نجاحات أكبر، وإن لم ترقّ إلى مستوى ماحقّقت الميليشيات الشيعية من انتصارات.
ثمة احتفاء عراقي مشروع بتحرير أي منطقة من داعش وثمة تقارير موثّقة من منظّمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتج عن عمليات تطهير قومي وطائفي في المناطق المحرّرة تنفي قوات التحرير بخجل كونها جزءا من مخطط سياسي محيلة إيّاها إلى انحرافات يمارسها مقاتلون غير منضبطين. أمّا حين توجّه قوى محلية اتّهامات كهذه فإن الرد هو الإنكار وتوجيه اتّهامات مضادّة لتلك القوى بأنها تسعى لشق الصفوف وتكرر ماتقوله أجهزة معادية. ولكن ثمة نذير شؤم: كتل سياسية تدعو إلى سنّ قانون يجرّم من يشكّك بالدور البطولي الذي يقوم به الحشد الشعبي. قانون لن يمر على الأرجح، لكنه شقيق قوانين "لاصوت يعلو فوق صوت المعركة" التي مهّدت لصعود الإستبداد وكرّسته باسم مجابهة عدوان إسرائيل. فلأن "الظروف استثنائية" لابد أن نتعامل معها بأساليب وسياسات استثنائية. ولابد ألاّ يرتفع أي صوت يقيّد الأبطال عن أداء مهامهم. ولابد من منح الجيوش وأجهزة الأمن سلطة التسلّط واحتواء الدولة، بل ابتلاعها مستفيدَين من حماس شعبي لتحرير أراضي الوطن والدفاع عنه.
الوضع في عراق اليوم يكرر ذلك المشهد الكئيب من حيث المبدأ، مبدأ السلطة التي تستغل التأييد الشعبي لمن يحرّر البلد من المحتَل لكي ينتهي الأمر إلى إذعان الجمهرة لإستبداد من حرّرهم.
لكن ثمة فارقا نوعيا هنا. فسلطة الإستبداد لن تكون سلطة الدولة، بل هي سلطة ميليشيات الحشد الشعبي التي تهدد بأن تمسك بخناق العراقيين وتجعل الدولة رهينة لها، كما هو حال حزب الله الللبناني. هنا داعش وهناك إسرائيل والمعارضة السورية.
ليس في هذا القول مبالغة. فوفقا لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى المقرّب من دوائر صناعة القرار الأمريكي، تغيّرت موازين القوى بين صنوف القوات المسلحة في العراق بشكل مذهل خلال خمس سنوات بين تشرين الثاني 2009، عشيّة مغادرة القوات الأمريكية وبين كانون الثاني من هذا العام غداة انهيار الجيش العراقي واحتلال داعش لثلث أراضي البلد. انخفض العدد الإجمالي للقوات المسلّحة في العراق من 460 ألفا إلى 342 ألف أي بمقدار الربع تقريبا. لكن الجيش فقد ثلاثة أرباعه فانحسر من 210 آلاف إلى 48 ألف، وانخفض عدد أفراد الشرطة الإتحادية من 120 ألف إلى 36 ألف وهكذا الأمر بالنسبة لقوات الحدود ووحدات مكافحة الإرهاب. أي أن عدد القوات الخاضعة لسلطة بغداد لم يعد غير مئة ألف أو اقل من ثلث العدد القائم اليوم. الأخبار المفرحة هي أن صنفا واحدا من صنوف القوات المسلّحة ظل محافظا على عدده البالغ عشرة آلاف وهم الحراس الأمنيون للمسؤولين. في مقابل سلطة بغداد المتحكمة بمئة ألف عسكري ارتفع عدد قوات البيشمركة الكردية من ثمانين ألفا إلى 113 ألف، وانبعثت قوات مقاتلة جديدة قديمة هي قوات الحشد الشعبي التي يراوح عددها بين مئة ومئة وعشرين ألف. هكذا بات العراق تحت سلطة ثلاثة جيوش متكافئة العدد تقريبا.
ظهر الحشد الشعبي، كما يعرف المتابعون، إثر دعوة المرجع الديني السستاني "المواطنين" لحمل السلاح دفاعا عن العراق الذي كادت داعش أن تعصف به. وهو موقف يتّسق مع إعلان مرجعية النجف بأنها لاتتدخّل في الشأن السياسي إلا عندما يواجه المسلمون منعطفات تاريخية فتقدّم آنذاك توجيهات عامة، لولا أن ممثلي السيد السستاني في النجف وكربلاء يخصصون للشأن السياسي والمطلبي جزءا كبيرا من خطبهم ليوم الجمعة، تبدأ من التعليق على قانون الميزانية ولاتنتهي عند مطالب الطلبة بعدم تخفيض مخصصاتهم الدراسية.
اندفعت جموع هائلة للإلتحاق بهذا الحشد متحمّسة للدفاع عن الوطن أو عن الدين والطائفة التي تكفّرها داعش، أو بحثا عن عمل. استخفّ كثير من المحلّلين وقتها بهؤلاء "الهواة" العزّل واعتبر الأمر لايعدو كونه اندفاعا حماسيا لن يؤثر في سير القتال. وإذا بهؤلاء "الهواة" يظهرون مع أسلحة ثقيلة ومدرّعات وغيرها من الأسلحة التي لا أعرف أسماءها. ولم يتساءل أحد، أو لم يجرؤ على التساؤل، عن مصدر تلك الأسلحة مع أن الميليشيات أعلنت حل نفسها وتسليم أسلحتها للدولة بين عامي 2009 و 2010. ومنظمة بدر التي هي رأس الحربة في القتال، وهو قتال بطولي بلا شك، أعلنّت تحوّلها من ذراع عسكري للمجلس الإسلامي الأعلى إلى منظّمة سياسية مستقلّة. علماً أن إيران لم تكن قد دخلت على خط القتال بعد.
من الإنصاف القول أن دعوة المرجع أكّدت على ضرورة أن يكون الحشد الشعبي تحت إمرة وزارة الدفاع. ولكن متى كانت جيوش يفوق عددها عدد الجيش الرسمي مستعدة للخضوع له؟ ثمة مسؤول عراقي "مكلّف بالتنسيق مع الحشد الشعبي"، وهو إقرار ضمني بأن الجيش والحشد الشعبي قوتان حليفتان متكافئتان يتطلّب سير المعارك أن تنسّقا فيما بينهما. والمسؤول المكلّف بالتنسيق هو أبو مهدي المهندس، نائب مستشار الأمن القومي الوارد اسمه في سجلات المخابرات الأمريكية بوصفه قياديا في الحرس الثوري الإيراني. في تقرير لنشرة "نقاش" الإلكترونية، يشتكي ضابط في الجيش من أن قوات الحشد الشعبي تخطط وتنفّذ المعارك من دون إعلامهم مسبقا. ولا يستغرب من تفضيل الشباب التطوع في الحشد على التطوع في الجيش: "إنهم أحسن منّا تسليحا، يتمتعون بإجازات أكثر منّا، ويستفيدون من امتيازات لاننعم بها".
لقد انطلق الجمع مستفيدا من غطاء شرعي أضفاه عليه المرجع في النجف. لكن السيد هادي العامري، أمين عام منظّمة بدر، أعلن بفخر لمجلة "فورن بولسي" بأن السيد خامنئي "ليس قائدا لإيران فقط، بل هو قائد الأمة الإسلامية" مستدركا أنه لايجد تناقضا بين ولائه لخامنئي وبين انتمائه العراقي.
هكذا انتفت الحاجة إلى صاحب المبادرة ليتولى فقيه إيران إكمال المهمّة.



#عصام_الخفاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع العصور وحوار الأديان
- كردستان: نشوة الإستقلال ومأزق الدولة
- ذاكرة الكردي وهوّية العراقي
- جارتنا الجديدة كردستان
- في جاذبية البشاعة
- دفاعا عن سايكس وبيكو
- جهاديّو الشيوعية وسلفيّوها
- عن المجاهد والفقيه
- المفتي وأمير الطائفة
- دولة العراق الباحثة عن أمّة
- حدود الدهاء القطري ومآزقه
- في رثاء الثورة السورية
- رسائل نصّية عن سيرة العراق في ربع قرن
- عن روحاني وغورباتشوف وما بينهما
- تفويض الفريق
- عن مجابهة الظلم بالطغيان
- التآلف الطائفي: لمحة عن خطاب منافق
- عن دكتاتور الإعلام والثقافة عموما
- حديث الملموس - في مأسَسَة سلطة التحريم الثقافي
- في مأسَسَة سلطة التحريم الثقافي - حديث النظرية والتاريخ


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام الخفاجي - دولة الحشد الشعبي في مواجهة دولة الخلافة