أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - حديقة المعنى














المزيد.....

حديقة المعنى


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 22:44
المحور: الادب والفن
    



كان يمكن أن أكون شاعرا،
أتجول في حديقة المعنى،
لابسا معطف الحلم،
متأبطا سذاجتي في الخيال،
لولا حظي العاثر مع الوهم،
وخوفي على اللغة من برد الشتاء ،
ومن الريح،
لولا فشلي الخائب في الحساب،
وخسارتي في الحب.

وكان يمكن أن أكون شاعرا،
لأكتب قصائد مغسولة بالغيم،
وشعرا عن حائط بيتنا القديم،
حيث الصور القديمة
نسيت وجوهنا معلقة على جدران الغياب،
والمناديل جففتها الدموع،
والأقدام محتها الطرق البعيدة.


كان يمكن أن أكون شاعرا،
لأنادي السلاحف بأسمائها الأولى،
وأصادق العصافير التي وقعت في المصائد،
وأصطاد الحظ العاثر بضربة لا تخطئ،
ثم أنمو كشجرة في شارع الكلمات.
سأحب حينها الخريف،
حيث تتساقط أوهامي تباعا،
دون أن تحدث ضجيجا على الأرض،
وسأحب الشتاء ،
لأني أكره المطر العاصف،
ولأن أصابعي تطال السماء،
فتشعل نجوما فوق القرى التي هاجمها الثلج.

كان يمكن أن أكون كذلك،
لأقرأ "رأس المال" في ليلة واحدة ،
على إيقاع الدموع التي عصرتها الشموع،
والمصانع التي أغلقت ،
بسبب العطب في محفظة الربح،
سأنصح بالمناسبة الشيخ" كارل"،
أن يزيل لحيته البيضاء،
و يحلق شاربه الكث،
فهما لايليقان بمصارع طبقي،
اعتاد زرع الأشجار في عيون الرفيقات،
وحراسة الأحلام في حدائق الليل،.
وسأختار أن أكتب عن لا شيء،
كأن أدبج قصيدة يأس عن حدائي القديم،
سأفعل ذلك بقلب أم ترأف بوحيدها،
بعد أن قطعته الطرق،
و أدمته المسامير،
سأفعل ذلك ببرودة دم قاتلة،
وسأدعو الحداء الذي كلما تأوه فاتحا فاه،
إلى حمام شمس ،
في طرق غلبها النعاس،
ويتمها النسيان.
وسأختار أن أكتب قصائد صوفية
عن ملابسي المعلقة في دولاب الغياب،
حيث تذكرني رائحة العرق بالخجل،
وعن العطش في قمامة الأمس،
وعن كأس الشاي البائت
في حانة ليلي المغسول بقرحة الفقر،
وداء فقدان الأمل.
وسأحرق هذى القصائد بحركة انفعال غير محسوبة،
لأشم رائحة الصيف في كأس القهوة المر،
ولأشعر بتفاؤل اليأس ،
وقد غمرني فيضه المتربص بالحواس.
ثم سأختار أن أكتب عن الجرح الذي ستتركه الخطى
في شارع الحزن،
وعن الدموع التي جففتها الريح،
وعن الشموع التي تنطفئ تحت الظلال،
وعن الوجوه التي شاخت مراياها
قبل أن يزهر الليل في الحلم.
سأختار أن أسكن الغابة،
وأن أنمو كشجرة،
سأحرر الورق من الكتابة،
وألغي الحبر من المطابع،
سأعوض الكتابة بالرقص،
وأحول الحروف إلى أوركسترا ماجنة.
لن أترك المنشار الكهربائي يدغدغ عواطفي بالضجيج،
سأنزع الأسلاك من أرحامها،
ولن أحب المنشار القديم،
سأفصل اليد عن رأسها ،
ولأنتقم للحدائق،
سأرمي كماشة الأسنان في حقيبة الخسران.
سأختار أن أنمو كشجرة في "قرية الصيادين"،
سأرى الأحداث بعين عاشقة،
سأعيشها ،
وسأركب" أمواج" البوح تاركا زورقي على الشط،
سأحرض بحرا بكامله على الرقص،
كي يصبح ل"وردة" حديقتها الباذخة،
"وردة" التي لا أعرف هل خذلها الحلم
أم أنصفها القدر؟
وسأربي ريشا مثلما يربى الخيال،
سأسافر كشاعر شجرة،
في عوالم" حليمة زين العابدين"،
على مركب من ورق الريح،
سأكون مثقلا بجنون "عبداللاه مويسي"،
و"حماقات السلمون"،
في حقيبتي التي تشبه سلال القرون الماضية ،
الكثير من"تفاح الظل"،
والقليل من"البلح المر"،
ولن أنسى خواطر" أبو مهدي" ،
وهرطقات" سيدي عبد الرحمان المجذوب"،
وانطباعات ابن سينا حول داء الحزن المكتسب،
وأعرف أن "حليمة "تعشق "جاك بريل"،
-عفوا- تحب أغانيه،
لكني سأختار وجه "اديت بياف" على "أزنافور"،
وسأحب "اديت بياف"،
سأهيم بها عشقا،
لكني أكره حلبات السباق،
وقفازات الملاكمة،ولو كانت من حرير،
وأعرف أنه كان على "اديت بياف" أن تحرض مارسيل
على ركوب الدراجة الهوائية،بدل الطائرة،
كان يمكن حينذاك،
أن تصدح بأغاني شوق مبلل بدموع الغياب.

أنا الشاعر الشجرة،
شجرة بتاء التأنيث، انتصارا للنوع، ومع سبق الإصرار.
أنا الشجرة الشاعر،
أحب الشعر وأكره الشعراء،
أحب القصيدة وأمقت الورق الذي كتبت عليه،
وحبر الرسائل التي تمجد الليل،
وتحكي عن الحزن،
والصداقات العابرة،
والمعلقات السبع،
والحدائق التي شنقت عصافيرها،
أحب الصور القديمة "على الجدار"،
و أجمع بين "امرئ القيس"و" بودلير"في لوحة ماجنة،
بألوان الباستيل،
على قماش مبلل بالريق،
أنصت ل"لأدو نيس"وهو يقرأ في كتاب الحب،
عن أمراض المس بالحلم،
وأدعو" محمد منير" إلى ورشة للرسم بماء الصمت،
و"قاسم حداد" ليتلو نشيد الغياب.

كان يمكن أن أكون شاعرا،
أتجول في حديقة المعنى،
وبمعطفي النحاسي،وأصابعي التي كبرت فراشاتها،
سأعيد السهم الى القوس،
أغصاني الكلمات،
وأوراقي الحروف،
وحبري ماء الأرض وطينها،

كان يمكن أن أكون شاعرا،
لولا عشقي الباذخ للنسيان.
عبد الله مهتدي-2015
........................................................................................................
مع التحية الأخوية للواتي والذين ذكرتهم تصريحا وتلميحا،سكان حديقة المعنى .



#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شوق
- أعطاب -أمريكا-في مرآة بوكوفسكي
- مرثية الى صفرو
- لايليق بالقصيدة أن تكون مسكنا للقتلة
- سيرة غياب
- زغاريد لتيه
- حركة 20 فبراير بين المتخيل الروائي والمقترب النقدي
- قصص قصيرة جدا
- الحلم


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - حديقة المعنى