أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسعد العزوني - التقرير السادس الذي أعده فريق الأزمات العربي في مركز دراسات الشرق الأوسط / الأردن بعنوان: الأزمة اليمنية ..مخاطر انهيار الدولة















المزيد.....



التقرير السادس الذي أعده فريق الأزمات العربي في مركز دراسات الشرق الأوسط / الأردن بعنوان: الأزمة اليمنية ..مخاطر انهيار الدولة


أسعد العزوني

الحوار المتمدن-العدد: 4742 - 2015 / 3 / 8 - 18:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التقرير السادس الذي أعده فريق الأزمات العربي في مركز دراسات الشرق الأوسط / الأردن بعنوان:
الأزمــة اليمنية ..مـخــاطر انهـيار الدولــة

عمان- أسعد العزوني
يتناول هذا التقرير الذي أعده فريق الأزمات العربي (ACT) تحت عنوان "الأزمة اليمنية: مخاطر انهيار الدولة"، خلفيات الأزمة التي يشهدها اليمن ومظاهرها ومخاطرها، ومواقف الأطراف المختلفة منها، كما يطرح تصورات للسيناريوهات المحتملة لهذه الأزمة، وتقدم بعض التوصيات لمنع تفاقمها والعمل على حلها وفق آليات محددة يضعها بين يدي الأطراف المعنية بهذه الأزمة داخل اليمن وخارجه.
يُرجِع التقرير الأسباب المباشرة للأزمة الحالية في اليمن إلى عام 2011 حين اندلعت الاحتجاجات المطالبة برحيل الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن الحكم، وهي الاحتجاجات التي حملت مخاطر الدخول في حرب أهلية طويلة ودامية بسبب اتجاه الدولة إلى قمع هذه الاحتجاجات وعدم التجاوب مع المطالب الشعبية. كما يُفصِّل في أسباب أخرى من أبرزها: غياب المؤسسات السياسية القوية، وضعف التفاهم بين الطبقة السياسية، وضعف الموارد الإقتصادية وسوء إدارة المتوفر منها، وترهل إدارة الأجهزة الحكومية وخضوعها لتوجهات القوى السياسية منفردة، وعدم جدية الأطراف الخارجية في إعادة بناء اليمن وفق هوية وطنية عربية إسلامية سياسية جامعة لليمنيين جميعاً.
كما يلخص التقرير أبرز مظاهر الأزمة اليمنية، بفشل التسوية السياسية السلمية، التي ترعاها الأمم المتحدة منذ عملية التغيير السياسي عام 2011، وانحسار السيطرة الفعلية لأجهزة الدولة الرسمية على البلاد، وزيادة السيطرة الفعلية للمليشيات المسلحة، والمنظمات المتطرفة، والقوى المحلية القبلية، والجهوية على أجزاء واسعة من الدولة، واتساع دائرة التدخلات الخارجية، وارتفاع المديونية العامة للدولة، وزيادة أعباء الدين المحلي، والتراجع الحاد في الموارد الاقتصادية.
وإزاء المخاطر التي تتهدد اليمن والمنطقة في حال تفاقم الأزمة اليمنية، يرى التقرير أن من أبرزها توقف المسار السياسي في اليمن؛ وانتشار العنف والفوضى في البلاد، وتقوية التنظيمات المسلحة المتطرفة وخاصة تنظيم القاعدة والحوثيين؛ وتفاقم حدة الصراع السعودي-الإيراني في اليمن؛ وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية لليمنيين جميعاً.
ويرسم التقرير سيناريوهين أساسيين أولهما: استمرار سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة واحتدام المواجهة المسلحة واتساع دائرة العنف، وثانيهما: التوصل إلى حل سياسي والعودة إلى المسار الديمقراطي وتنفيذ برنامج المرحلة الانتقالية، وهو ما قد يعيد الاستقرار إلى اليمن، ويجنّبه احتمالات الانزلاق لأوضاع خطيرة قد يصعب تداركها.
ومع إقرار معدي التقرير بالصعوبات التي قد تكتنف تطبيق بعض الحلول المقترحة، غير أن التقرير يقدم عدداً من المقترحات لحل الأزمة انطلاقاً من رؤية استراتيجية تحترم المصالح العليا للأمة العربية ولليمن والشعب اليمني، ومن أبرزها: إجراء حوار حقيقي بين القوى المتصارعة برعاية إقليمية ودولية، وإجراء الاستفتاء على مسودة الدستور لتجري بعدها انتخابات رئاسية وبرلمانية، وإعادة تأهيل وبناء وتدريب وتوحيد الجيش وقوى الأمن، وإستعادة أجهزة الدولة لسيطرتها على جميع مؤسسات الدولة ومناطقها، وتأجيل النظر في موضوع شكل الدولة على أساس انفصال بعض المناطق أو الفدرالية حتى تستعيد الدولة عافيتها.
كما يقدم فريق الأزمات العربي- ACT خطوات إجرائية تهدف إلى احتواء دائرة التداعيات الخطيرة ومنها: منح الأزمة في اليمن الأهمية التي تتناسب وحجمها من قبل الدول المجاورة وتحديداً السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي. والتحرك السياسي والإعلامي لوقف التدخلات الإيرانية في اليمن، والذي قد يشمل فرض أو التهديد بفرض عقوبات على إيران من دول الإقليم والدول العربية مدعومة بمنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة. وتعيين مبعوث من الجامعة العربية لليمن، وإنشاء وحدة خاصة داخل الجامعة من الخبراء والباحثين لدراسة أوضاع اليمن وتقديم المشورة والرأي للأمين العام ومبعوث الجامعة.
ونظراً لما تتمتع به المملكة الأردنية الهاشمية تقليدياً من قبول واحترام من جميع الأطراف اليمنية يُوصي التقرير بأن يلعب الأردن دور الوسيط في اليمن. كما يوصي مراكز الأبحاث العربية بالاهتمام بشئون اليمن وإشراك خبراء وسياسيين يمنيين في حلقات نقاشية أو أوراق سياسات للمساعدة على الخروج من الأزمة الينية ومنع تفاقمها إقليمياً.


الأزمـــــة الـيـمـنـيـة إلى أين
مـدخــل
تتهدد اليمن مخاطر تنذر بانهيار الدولة، قد تؤدي إلى المزيد من الفوضى والعنف في البلاد التي تتمتع بموقع استراتيجي مهم. فاليمن يطل على خطوط ملاحية مهمة للتجارة الدولية، وأي انهيار للدولة فيه قد يُفضي إلى تهديد خطوط الملاحة هذه، عبر عصابات إجرامية أو تنظيمات متطرفة، تقوم بأعمال قرصنة وهجمات مسلحة على السفن التجارية وغيرها.
كما يُجاور اليمن دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تمتلك ما يزيد عن نصف احتياطات العالم من النفط، وتبلغ صادراتها النفطية أكثر من 12 مليون برميل في اليوم. وقد يؤدي انتشار العنف والفوضى في اليمن إلى اختراقات أمنية محدودة أو واسعة في هذه الدول، وتحديداً في المملكة العربية السعودية، وهو الأمر الذي سيؤثر على إنتاج النفط وأسعاره، وما قد يعكسه ذلك من آثار على التجارة العالمية.
وكما أن ضعف الدولة أو انهيارها في اليمن؛ سيساعد على تقوية الجماعات المتطرفة والمسلحة وعلى رأسها "جماعة أنصار الله"و"تنظيم القاعدة في اليمن" الذي يمتلك وجوداً فعلياً فيها، وتصنفه الولايات المتحدة بأنه من أخطر فروع هذا التنظيم في العالم، وقد يؤدي تقوية هذه الجماعات إلى عمليات "إرهابية" قد تتفاقم إلى إشعال حرب أهلية في البلاد لتعكس صراعاً إقليمياً ودولياً تكون هذه المجموعات أداته الرئيسية.
كما أن ضعف أو انهيار الدولة في اليمن سيؤدي إلى المزيد من التدخلات الخارجية الضارة باليمن والمنطقة من أكثر من جهة، ويجعل اليمن ساحة صراع وتنافس دولي وإقليمي تخلق الأزمات وتساهم في زعزعة استقرار وأمن المنطقة.
وبناءً على هذه الاعتبارات اختار فريق الأزمات العربي- ACT أن يبحث في هذا التقرير الأزمة اليمنية، متناولاً خلفيات الأزمة الحالية ومظاهرها ومخاطرها ومواقف الأطراف المختلفة منها، كما يطرح تصورات للسيناريوهات المحتملة لهذه الأزمة، ويقدم بعض التوصيات لمنع تفاقمها أو العمل على حلها وفق آليات محددة يضعها بين يدي الأطراف المعنية بهذه الأزمة داخل اليمن وخارجه.
أولاً: خلفية الأزمة
تُعدّ الأزمة في اليمن نتاج تراكمات عديدة لسياسات الحكومات السابقة والقوى السياسية والقبائل على حد سواء، وقد ساهمت في تطور هذه الأزمة عوامل ذاتيه وموضوعية تفاعل فيها الداخل والخارج وشكلت إطار الأزمة الحالية. ويمكن النظر بشكل خاص إلى تفاقم البعد المذهبي في الصراع السياسي، ليس بين الحكومة والمعارضة بل بين صفوف المعارضة ذاتها؛ وعلى وجه التحديد بين ما يُعرف بـ"الحوثيين" و"حزب التجمع اليمني للإصلاح" والقوى المتحالفة معه، علماً بأن الطرفين كانا قد عملا معاً بشكل مباشر بوصفهما عضوين فاعلين في الثورة الشعبية التي انطلقت في عام 2011 وأطاحت بالرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
ومع ذلك، ولأسباب خاصة بموضوعنا، يمكن إرجاع الأسباب المباشرة للأزمة الحالية إلى عام 2011 حين اندلعت الاحتجاجات المطالبة برحيل الرئيس السابق علي صالح من الحكم، وهي الاحتجاجات التي حملت مخاطر الدخول في حرب أهلية طويلة ودامية بسبب اتجاه النظام إلى رفض مجمل المطالب الشعبية وإلى استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين والمعتصمين.
غير أن المبادرة الخليجية المدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا تمكنت من احتواء هذا الخطر مؤقتاً بعد توقيع الأطراف كافة عليها في العاصمة السعودية في 23 تشرين ثاني/ نوفمبر 2011. وقد تضمنت المبادرة بنوداً وإجراءات لتسوية سياسية تهدف إلى الانتقال من نظام سياسي قائم على "الفردية والاستبداد والفساد والتحالفات المصلحية في ذات المربع"، إلى نظام سياسي ذي "تمثيل واسع بشرعية تقوم على الاختيار الشعبي الحر" ضمن قواعد مُتفق عليها من قبل القوى السياسية، وتضمنها مؤسسات منتخبة قوية بإسناد أممي وعربي وخليجي.
ونظراً لغياب المؤسسات السياسية القوية في المرحلة الانتقالية التي نصت عليها المبادرة، وفي ظل ضعف التفاهم بين الطبقة السياسية، وضعف الموارد الاقتصادية وسوء إدارة المتوفر منها، وترهل إدارة الأجهزة الحكومية وخضوعها لتوجهات القوى السياسية منفردة، وفي ظل عدم جدية الأطراف الخارجية في إعادة بناء اليمن وفق هوية وطنية عربية إسلامية سياسية جامعة لليمنيين جميعاً، في ضوء ذلك فإن التسوية السياسية التي تم التوقيع عليها لم تتمكن من التحرك نحو بناء الدولة المدنية وتحريك العملية الديمقراطية، برغم نجاحات أولية حققتها بتسليم الرئيس لسلطاته، وانتخاب رئيس جديد، وانعقاد مؤتمر الحوار الوطني[1] ونجاحه.

• عوامل فشل المبادرة الأساسية
ثمة عوامل أساسية ساهمت في فشل المبادرة السياسية أو التحول نحو تطبيق مخرجات الحوار الوطني، ومنها:
1. ضعف المنظومة الحاكمة، وتنامي دعوات الانفصال الجهوية خاصة الجنوبية منها، وكذلك تنامي القوة العسكرية لجماعة الحوثي عبر منظمة "أنصار الله المسلحة"، والذين تمكنوا خلال أقل من أسبوعين من اقتحام المدن والعاصمة وإسقاط الجيش وتحييده مستخدمين العنف والقوة المسلحة، حيث تؤكد بعض الجهات المطلعة أن هذه الأعمال المسلحة خارج القانون تمت بتنسيق مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي استخدم نفوذه في مفاصل الدولة، ويلقي بعض السياسيين باللائمة على دعم وتنسيق خارجي وقف خلف هذا التحرك المسلح ليس من إيران وحدها ولكن من أطراف أخرى.
2. غياب الدور العربي والخليجي على وجه الخصوص في متابعة وتقييم الأداء في المرحلة الانتقالية، والتغاضي عن تنامي القوة المسلحة للحوثيين، وتنامي النفوذ الإيراني في اليمن.
3. التعامل بقواعد وسياسات تفتقر للدراية والخبرة إزاء التعقيد السياسي والقبلي في اليمن من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا على وجه التحديد، واللجوء أحياناً إلى أفكار وقوالب ونماذج جاهزة لتطبق في اليمن، وهو ما لا يمكن توقع نجاحه تماماً، حيث يمكن إطلاق مسمى "غير واقعي" على بعض الحلول والاقتراحات المقدمة.
4. عدم القدرة على إدارة الدولة والمرحلة الانتقالية، والفشل في إعادة هيكلة الجيش وتوحيده تحت قيادة واحدة، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، ما تسبب بعدم تقدم برنامج المرحلة الانتقالية وفق أسس "الحوار الوطني".
ثانياً: مظاهر الأزمة
تتمظهر الأزمة في اليمن بعدة أشكال، وفيما يلي أهم مظاهرها:
• فشل التسوية السياسية السلمية، التي ترعاها الأمم المتحدة، بعد السيطرة العنيفة لمسلحي جماعة الحوثي على صنعاء في 21/9/2014، حيث سيؤدي ذلك إلى العجز عن تأسيس نظام سياسي شرعي، والذي يُعدّ أهم المقومات الأساسية للدولة الحديثة التي وعدت المبادرة الخليجية بها.
• انحسار السيطرة الفعلية لأجهزة الدولة الرسمية على البلاد، وزيادة السيطرة الفعلية للمليشيات المسلحة ومن بينها جماعة "أنصار الله" و"القاعدة"، والقوى المحلية القبلية، والجهوية، وغيرها على أجزاء واسعة من الدولة، وهو ما أفضى إلى انتشار العنف والفوضى وارتفاع معدلات الفساد والجريمة، وخاصة بعد قيام الحوثيين باجتياح مسلح لمساحات واسعة من البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء، وفرض محافظين ووزراء جدد على القوى السياسية، وإجبار هذه القوى على توقيع تسوية "غير عادلة" في القصر الجمهوري وهم تحت السيطرة المسلحة، وبإشراف مندوب الأمم المتحدة، وهي تسوية هدفت إلى تعديل "مخرجات الحوار الوطني"، والتي أعلنها عبد الملك الحوثي زعيم "جماعة أنصار الله" المسلحة في خطابه يوم 20/1/2015.
وقد تم في أعقاب الخطاب اتفاق الحوثيين مع الرئيس هادي تحت تهديد السلاح على أربعة بنود، وهي:
- سرعة تصحيح وضع "الهيئة الوطنية لمراقبة مخرجات الحوار" قبل أن تمارس أي مهمة.
- سرعة تهذيب مسودة الدستور وحذف كل المخالفات.
- تنفيذ الشراكة الوطنية التي التزم بها الجميع.
- الدخول الفوري في معالجة الخطر الأمني الذي تعانيه البلاد ومعالجة الأوضاع في محافظة مأرب.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس هادي قد استقال بعد هذا الاتفاق بيوم واحد فقط بتاريخ 22/1/2015، وهو ما أدخل البلاد في أزمة دستورية. وفي أعقاب استقالة هادي أصدر الحوثيون ما يسمى بـ "الإعلان الدستوري" في 6/2/2014 لإدارة البلاد، شمل حل البرلمان وتشكيل مجلس بديل من 551 عضواً يقوم بانتخاب مجلس رئاسي مكون من خمسة أفراد تحت رقابة "اللجنة الثورية" الحوثية، ويقوم أعضاء المجلس بترشيح شخصية لرئاسته، وحدد الإعلان الدستورى المرحلة الانتقالية في اليمن بعامين يجري بعدها التصويت على مسودة الدستور بعد تعديلها، ثم إجراء الانتخابات، فيما عُدّ انقلاباً مسلحاً على الدولة بالكامل.
وفي تطور لاحق تمكن الرئيس اليمني منصور هادي من مغادرة صنعاء والتوجه إلى عدن بتاريخ 20/2/2014 حيث أعلن من هناك تراجعه عن الاستقالة وممارسته لمهامه بوصفه رئيساً دستورياً للبلاد، مما خلق حالة جديدة في الوضع اليمني، وشجع مجلس التعاون الخليجي على التدخل السياسي ودعم الرئيس لاستعادة المبادرة.
• الانقسام الحاد داخل الطبقة السياسية، وغياب الاتفاق على قواعد اللعبة السياسية السلمية. وتقدم دور قوى تدعو إلى انفصال الجنوب مدعومة من أطراف خارجية، والذي تبلغ مساحته ثلثي مساحة اليمن، تقريباً، بينما يبلغ عدد سكانه خمس عدد سكان البلاد.
• ضعف مؤسسات السيطرة والضبط وتحديداً في الجيش والأمن؛ نتيجة تعدد الولاءات، وانتشار الفساد، وتغلغل المليشيات، والاختراق، وضعف التدريب والجاهزية. فضلاً عن تراجع الخدمات الضرورية التي تقدمها الدولة، وبالتحديد في مجال الأمن والعدالة، والتعليم، والصحة، والكهرباء، والماء.
• اتساع دائرة التدخلات الخارجية، والتي يستهدف بعضها دعم المليشيات المسلحة والجماعات الانفصالية والمنظمات "الإرهابية"، وكل حسب توجهاته ومصالحه.
• سيطرة مليشيا الحوثيين المسلحة على العاصمة وتمددها إلى عدد من المحافظات، وقيامها بممارسة السلطة الفعلية في معظم أجهزة الدولة بالقوة، واستحواذ هذه المليشيات على أسلحة ثقيلة من الجيش توازي ما تمتلكه الدولة أو يزيد.
• تنامي قوة تنظيم "القاعدة" في أجزاء متعددة من الدولة، وخاصة في مناطق وسط اليمن وجنوبه، وقيامه بعمليات كبيرة في المراكز الحيوية للدولة شملت وزارة الدفاع ومقرات المناطق العسكرية والسجن المركزي.
• ارتفاع المديونية العامة للدولة، وزيادة أعباء الدين المحلي، والتراجع الحاد في الموارد الاقتصادية، وتحديداً الموارد النفطية التي تشكل المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، وغياب الاستثمارات، وعمليات التخريب، وكذلك الفساد المستشري في مؤسسة إنتاج النفط التي ترتبط بالجيش أساساً والذي لا زال النفوذ الأساسي فيه للرئيس السابق علي عبدالله صالح، والذي تتهمه المعارضة بأنه يقف إلى جانب الحوثيين فيما قاموا به من عملية عنفية مسلحة للسيطرة على الدولة، كما تتهمه بتشجيع أعمال التخريب السياسي والأمني بهدف إفشال العملية السياسية برمتها.

ثالثاً: مخاطر الأزمة
تفتح الأزمة في اليمن أبواباً كثيرة للمخاطر والتهديدات داخل اليمن وخارجه ومن بينها:
1. توقف المسار السياسي في اليمن، حيث ثمة صعوبات في تمرير الدستور والاستفتاء عليه في ظل الظروف الحالية، وعدم إجازة الدستور يعني عدم إجراء انتخابات لأي سلطة في اليمن، وذلك يعني تآكل شرعية النظام السياسي، والذي سيفضي إلى تدهور مؤسسات الدولة وتراجعها لصالح الجماعات العنفية المسلحة الأخرى كـ"أنصار الله"و"القاعدة".
2. انتشار العنف والفوضى في اليمن، والذي قد يتخذ طابع العمليات الإجرامية والعنفية الواسعة بين أكثر من طرف. وأكثر الأطراف المرشحة لتكون الرئيسية في هذا الصراع هي جماعة الحوثيين المسلحة "منظمة أنصار الله"، والتي يُتوقع أن تدخل في مواجهات عنيفة مع أطراف عديدة أهمها "تنظيم القاعدة" في اليمن، والذي يخوض معها معارك في أكثر من منطقة، ومن المتوقع أن تتوسع هذه المواجهات بينهما لتشمل مناطق واسعة من الدولة قد تتحول تدريجياً إلى حرب أهلية واصطفافات مذهبية كما حصل في لبنان (1972-1987)، وفي سوريا (2011-2014)، وفي العراق (2012-2014).
3. أن تدخل أطراف أخرى في مواجهات عنيفة مع الحوثيين، وأكثرها احتمالية هو حزب "التجمع اليمني للإصلاح"، والذي واجه الحوثيين في أكثر من مرة ومنطقة، رغم أن الحزب حتى إعداد هذه التقرير فضل التوقف عن المواجهة المسلحة بعد سقوط صنعاء بأيدي الحوثيين، وهو يعتمد الآن سياسية استعادة الشرعية عبر الرئيس والدعم الخليجي.
4. دخول السلطة الحاكمة الرسمية في صراع مع الحوثيين، في حال حدث تغير في رأس الدولة وقيادات الجيش والأمن، فمحاولة الحوثيين الحلول محل السلطة أو ابتلاعها عبر دمج مليشياتهم في مؤسساتها، سيؤدي إلى تصادم مسلح مع أي سلطة طبيعية تسعى لاستعادة دورها في قيادة اليمن وبسط سيطرتها كاملة على كل أراضيه. وإذا كان الرئيس الحالي لم يتمكن من تحريك الجيش لصد الحوثيين عند اجتياحهم للعاصمة لسبب أو آخر، فإن خروجه إلى مدينة عدن وإلغائه لكل التغييرات الأخيرة، فإن أي رئيس سيخلفه -باستثناء الرئيس الذي قد يأتي به الحوثيون– لا بد أن يدخل مع الحوثيين في صراع لاستعادة دور الدولة، والأكثر احتمالاً أن يكون هذا الصراع بالوسائل العنيفة.
5. تنامي حدة الصراع السعودي-الإيراني في اليمن، فزيادة النفوذ الإيراني في اليمن عبر الحوثيين أو الانفصاليين الجنوبيين ستدفع المملكة العربية السعودية إلى التدخل على كل المستويات في اليمن لمقاومة الوجود والنفوذ الإيراني، لما يشكله ذلك من مخاطر على أمنها ودورها الإقليمي.
6. تنامي قوة "تنظيم القاعدة"، وغيرها من التنظيمات المتطرفة المشابهة في ظل سيطرة الحوثيين على أجزاء من اليمن وضعف الحكومة المركزية، فهذه التنظيمات ستستثمر هذا الوضع للحشد والتجنيد وتوسيع عملياتها والمناطق التي تسيطر عليها. وسيرفع ذلك من منسوب العنف داخل البلاد، كما لا يُستبعد أن يقوم التنظيم بعمليات خارج اليمن في المستقبل قد تؤدي إلى تدخلات دولية واسعة في اليمن.
7. تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في اليمن؛ حيث أن العنف والفوضى ستسبب تراجع قيام الحكومة بوظائفها الضرورية، وهو ما سيرفع من درجة المعاناة للسكان، خاصة وأن اليمن يُعاني من مشكلة نقص الغذاء وسوء التغذية، فترتيبه في عام 2014 هو الأول عربياً، والثاني عالمياً في هذا الشأن.
8. تراجع الاستثمارات، ونقص المساعدات الخارجية، والتي يعتمد عليها اليمن كثيراً في تمويل مشاريع البنية التحتية وسد العجز المزمن في الموارد. ومن المتوقع أن تخفض الدول المانحة أو ربما توقف مساعداتها لليمن في ظل السيطرة الحوثية، نتيجة الفوضى وضعف فاعلية الأجهزة الحكومية في استيعابها. كما أنه قد يأتي ضمن خطة إضعاف الحركة الحوثية. فالسعودية ودول الخليج الأخرى، والذين يعدون أكبر المانحين لليمن، هددوا بتجميد المساعدات بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، وفي حال تطبيق هذا التهديد فمن المتوقع أن يشهد الوضع الاقتصادي تدهوراً حاداً، وأزمات في السلع الضرورية، خاصةً الوقود[2].
رابعاً: مواقف الأطراف الإقليمية والدولية تجاه الأزمة اليمنية
1. السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي: تاريخياً تولي السعودية اهتماماً كبيراً لمجريات الأوضاع في اليمن كدولة جوار لاعتبارات سياسية وأمنية، واحتفظت المملكة باستمرار بعلاقات قوية وتأثير واضح في التوجهات السياسية اليمنية. وحينما شهدت البلاد ثورة شعبية واحتجاجات واسعة استمرت شهوراً في العام 2011 ضد النظام الحاكم في اليمن، دعمت السعودية حليفها –سابقاً- علي عبدالله صالح قبل أن تلعب دوراً مهماً في بلورة صيغة سياسية انتقالية عبر المبادرة الخليجية التي تخلى صالح بموجبها عن الرئاسة لنائبه منصور هادي.
كان الأمير سلطان بن عبد العزيز يتولى الملف اليمني منذ الستينيات حتى وفاته، وكان يرأس لجنة خاصة تُعنى بشؤون اليمن، وبعد وفاته اضطرت سياسة المملكة إزاء اليمن بسبب تبعثر الملف اليمني لدى الحكومة السعودية، وتراجع العلاقات السعودية مع "حزب التجمع اليمني للإصلاح" ومع آل الأحمر شيوخ قبائل حاشد أكبر القبائل اليمنية، وذلك بسبب تطور الموقف السعودي من ملف الإخوان المسلمين عموماً، وخاصةً في مصر، الأمر الذي أدى إلى تراجع الاهتمام السعودي بالشأن اليمني باستثاء عمل المملكة على منع أي اختراقات مصدرها اليمن لأمن السعودية، وتحديداً من طرف "تنظيم القاعدة" في اليمن. وفي المحصلة فإن المملكة اليوم تواجه تحدياً خطيراً في ضوء العنف الحوثي على حدودها الغربية والجنوبية. علماً بأن الدور السعودي ظل غائباً منذ السيطرة المسلحة للحوثيين على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى، حيث شهدت المملكة مرحلة انتقالية استراتيجية بسبب شدة مرض الملك عبدالله بن عبد العزيز ومن ثم وفاته ومبايعة الملك سلمان ملكاً للبلاد، وهو الذي أجرى تغييرات مهمة في مطبخ صناعة القرار السعودي، سيكون الملف اليمني بالتأكيد أحد أركانها.
وفي أعقاب تسلم الملك سلمان للحكم في السعودية ثمة دعوات، وربما توقعات، بشأن مراجعات للسياسة الخارجية للمملكة في ضوء التهديدات الخارجية، وأهمها زيادة النفوذ الإيراني في اليمن من خلال سيطرة الحوثيين. وهو تهديد يتطلب انخراطاً أكبر من قبل السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في حل الأزمة اليمنية، وإعادة الاستقرار إلى البلاد.
وهو ما تبدو بوادر أولية له بعد خروج الرئيس هادي إلى عدن وانعكاس ذلك في الموقف الخليجي الداعم له كرمز للشرعية.
2. إيران: دعمت إيران الجماعة الحوثية منذ بداياتها، وذلك عبر الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية، كما استثمرت إيران في الحوثيين عسكرياً وأمنياً من خلال تدريبهم في إيران ولبنان حسب الرئيس اليمني هادي وتقارير أخرى، فضلاً عن دعم قناة إعلامية تابعة للحوثيين تبث من الضاحية الجنوبية في بيروت.
يرى بعض الخبراء أن هدف إيران الأساسي في اليمن يتمثل في أن تكون دولة رخوة تستطيع إيران أن توظفها في تحجيم الدور السعودي ودول الخليج، كما تشكل لها نفوذاً استراتيجياً على باب المندب معبرالملاحة الدولية. وفي سبيل ذلك، فإن الدعم الإيراني لا يتقصر على الحوثيين، بل أن إيران تدعم أيضاً علي سالم البيض الذي يدعو إلى انفصال الجنوب، ولديه قناة (عدن مباشر-live) التي تبث من جنوب بيروت، كما أنها تدعم جناحاً ليبرالياً في تعز وله قناة (الساحات) تبث من جنوب بيروت أيضاً.
3. الولايات المتحدة الأمريكية: تنظر الولايات المتحدة إلى اليمن من زاوية احتواء "تنظيم القاعدة"، ومن هنا كان التقدير الأمريكي للرئيس هادي الذي استمر بالسماح للولايات المتحدة بحرية التحرك في اليمن ضد "تنظيم القاعدة" سواءً من خلال هجمات طائرات بدون طيّار أو العمل الإستخباري. وباستثناء ذلك، فإن الملف اليمني لا يحتل أولولية في التعامل الأمريكي مع ملفات المنطقة حالياً، بل يبدو أن الولايات المتحدة لا ترغب في تحمل مسؤوليات أكبر، وبالتالي فإن انسحابها سياسياً من اليمن دون بديل إقليمي أو دولي، وفي ظل المرحلة الانتقالية المعقدة في اليمن فسح المجال لإيران في أن توسع نفوذها وتقوي حلفاءها الحوثيين، بل أن تشجع خطواتهم في السيطرة المسلحة على البلاد.
على صعيد آخر فثمة غياب لأي دور للإتحاد الأوروبي في الأزمة اليمنية، فضلاً عن أن دور المبعوث الأممي أصبح مثار جدل بين بعض الأطراف اليمنية التي باتت ترى فيه غطاءً لسيطرة الحوثيين المسلحة على اليمن، خاصةً بعد إشرافه على توقيع اتفاق في القصر الجمهوري المحاصر من قِبَل الحوثيين وفق شروطهم وخلافاً لمخرجات الحوار الوطني.

خامساً: السيناريوهات المحتملة
• السيناريو الأول: استمرار سيطرة الحوثيين على مفاصل الدولة واحتدام المواجهة المسلحة واتساع دائرة العنف. وهذا السيناريو الخطير قد يدفع الأوضاع في اليمن باتجاه واحد أو أكثر من الاحتمالات التالية:
1. صراع مفتوح، يقود إلى انهيار مؤسسات الدولة وسيطرة حالة من الفوضى يمكن أن تتطور إلى حرب أهلية على أسس مذهبية وقبلية.
2. توفير حاضنة وبيئة خصبة لزيادة نفوذ القوى المتطرفة في البلاد (أنصار الله والقاعدة).
3. الانفصال والتقسيم على أسس جهوية أو طائفية لبعض مناطق اليمن وخاصة الشمال في صعدة والجنوب في عدن.



- العوامل التي تساعد على تحقق هذا السيناريو الخطير
1. إصرار الحوثيين على فرض سيطرتهم على الدولة بالقوة، ورفضهم احترام سلطة مؤسساتها السيادية، وعدم القبول بالعودة إلى المسار الديمقراطي والاحتكام لصناديق الاقتراع.
2. استمرار التحالف بين الحوثيين وبين مؤيدي علي عبدالله صالح وخاصة في الجيش والأمن
3. عجز مؤسسات الدولة أو عدم جديتها في استعادة نفوذها وبسط سيطرتها على الدولة وفي إنهاء مظاهر سيطرة المليشيات المسلحة على الأوضاع.
4. تمسّك إيران بطموحاتها الإقليمية في توسيع مساحة نفوذها في المنطقة، ومواصلة دعمها لحلفائها الحوثيين في اليمن في سياساتهم العنفية المسلحة.
5. تردد السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في اتخاذ خطوات تحول دون تفاقم ما تعتبره خطراً على أمنها واستقرارها ومصالحها، وضعف ضغوطها على علي عبدالله صالح للتخلي عن تحالفه مع الحوثيين، وعلى بعض الأطراف العربية التي تقدم الدعم المالي للحوثيين إلى جانب إيران.
6. استمرار الضعف الحالي في الموقف الدولي، وعدم الجدية في فرض صيغة سياسية تنهي الأوضاع الخطيرة في اليمن قبل أن تتفاقم نحو ما هو أخطر، وقد مثل قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 15/2/2015 صورة واقعية لهذا الضعف والانكفاء عن إنقاذ اليمن بشكل جاد وعملي وعاجل.

• السيناريو الثاني: الحل السياسي والعودة إلى المسار الديمقراطي والمرحلة الانتقالية، وهو ما يعيد الاستقرار إلى اليمن، ويجنّبه احتمالات الانزلاق لأوضاع خطيرة قد يصعب تداركها.
- العوامل التي تساعد على تحقق هذا السيناريو
1. إدراك الحوثيين لصعوبة فرض سيطرتهم على البلاد وإخضاع مؤسسات الدولة والقوى السياسية للقبول بالأمر الواقع الذي يحاولون فرضه على الجميع لفترة طويلة، وبالتالي قبولهم بأن يكونوا قوة سياسية تشارك في الحياة السياسية كبقية القوى اليمنية، واحترامهم للعملية الديمقراطية ولآلية الاحتكام لصناديق الاقتراع.
2. قيام مؤسسات الدولة (الرئاسة، الحكومة، الجيش، الأمن) بدورهم في بسط سيادة الدولة وإنهاء مظاهر سيطرة المليشيات المسلحة الحوثية وغيرها، ومصادرة السلاح الثقيل من الجميع لصالح الجيش، خاصة بعد خروج الرئيس إلى عدن.
3. إدراك إيران لخطورة استمرار الأوضاع الحالية، ولإمكانية تعرّض حلفائها الحوثيين لاستنزاف خطير من قبل القبائل اليمنية والقوى المسلحة الأخرى، وهو ما قد ينعكس سلباً على العلاقات والمصالح الإيرانية في المنطقة مع دول مجلس التعاون وغيرها. ويمكن أن تلعب سلطنة عُمان دوراً في إقناع إيران بالتدخل لدى الحوثيين للتخلي عن سياساتهم الاستفزازية الحالية، بحكم العلاقات الجيدة بين عُمان وإيران. خاصة في ظل مشاكل إيران مع المجتمع الدولي فيما يتعلق بسوريا والعراق والملف النووي، وتفاقم أزمتها الاقتصادية بعد هبوط أسعار النفط نهاية عام 2014، ونجاح الرئيس هادي بالخروج إلى عدن واستمراره في مهامه بعد سحب استقالته رسمياً.
4. تحرك السعودية والإمارات للضغط على الرئيس السابق علي عبدالله صالح للتخلي عن تحالفه مع الحوثيين، وللحؤول دون سيطرتهم على البلاد.
5. تحرك الولايات المتحدة ومجلس الأمن والمؤسسات الدولية بجدية لفرض صيغة سياسية تنهي سيطرة الحوثيين المسلحة على العاصمة والمحافظات اليمنية، وتعيد الاستقرار للبلاد على أساس مخرجات الحوار الوطني، وتدعم الشرعية السياسية للرئيس والبرلمان المنتخبين حتى لو كانت هذه التوجهات تحت البند السابع.


سادساً: الحلول المقترحة والتوصيات
يجب الاعتراف بأن الأزمة في اليمن بلغت من التعقيد والصعوبة إلى الحد الذي جعل الأطراف المعنية تتخذ مواقف مرتبكة وغامضة إلى حد ما، على الأقل في المستقبل المنظور. فالأزمة الحالية تطال وجود الدولة، كما أنها تتصف بتعدد أطرافها المحليين والخارجيين وتشابك مصالحهم، وغياب الحدود الجغرافية والسياسية لمواقع هذه الأطراف، فالتحالفات مطاطة، وجميع الأطراف، تقريباً، تقف على أرضيات رخوة، فلا أحد منها، بما فيها الحركة الحوثية، تمتلك مصادر قوة صلبه وحقيقية، حيث أن تقدم الحوثيين المسلح السريع تم نتيجة تحالفات مرحلية مع أطراف يختلفون معها إيديولوجياً وسياسياً. وفي مشهد كهذا من المتوقع أن تحدث مفاجآت في أي لحظة قد تغير المشهد وتخلط الأوراق، وربما بعد وصول الرئيس هادي إلى عدن وإعلانه سحب استقالته واحداً من هذه المفاجآت غير السعيدة للحوثيين وإيران.
ومع الاعتراف بالصعوبات التي تكتنف تطبيق بعض الحلول المقترحة، فإن فريق الأزمات بعض الحلول انطلاقاً من رؤية استراتيجية تحترم المصالح العليا للأمة العربية ولليمن مستهدفاً إعادة الاستقرار والأمن إلى اليمن والمنطقة، وأهم هذه المقترحات:
1. إجراء حوار حقيقي بين القوى المتصارعة، وبرعاية إقليمية ودولية.
2. الاتفاق على الاستفتاء على مسودة الدستور بعد انسحاب كل المليشيات المسلحة من العاصمة والمحافظات وسيطرة جهاز الأمن على الأوضاع لتجري بعدها انتخابات رئاسية وبرلمانية.
3. إعاده تأهيل وبناء وتدريب وتوحيد الجيش وقوى الأمن بعد الانتخابات.
4. إستعادة أجهزة الدولة لسيطرتها على جميع مؤسسات الدولة ومناطقها، وهو ما يعني سحب الأسلحة المتوسطة والثقيلة من جميع القوى، وحل المليشيات المسلحة، وعلى رأسها جماعة أنصار الله والقاعدة.
5. الحل اليمني هو أفضل الحلول، والذي يتم بمبادرات وطنيه يمنيه تتبناها شخصيات ورموز عليها إجماع أو شبه إجماع، وأقدره على إقناع معظم الأطراف لتشارك في الحوار الوطني الشامل، وبرعاية رئيس الدولة.
6. تأجيل النظر في موضوع شكل الدولة حتى تستعيد عافيتها؛ فأي تقسيم للدولة على أساس انفصال بعض المناطق أو الفدرالية أو اللامركزية، قد يؤدي إلى المزيد من العنف والفوضى، في المرحلة الراهنة ويضعف التوجه لتقوية الدولة المركزية.

وعلى الصعيد الإجرائي يقترح الفريق خطوات تهدف إلى احتواء دائرة التداعيات الخطيرة ومنها :
1. منح الأزمة في اليمن الأهمية التي تتناسب وحجمها من قبل الدول المجاورة وتحديداً السعودية ودول الخليج، والتي ينبغي أن تشكل خلية أزمة تضم سياسيين وأكاديميين وعسكريين مهمتها متابعة الأزمة وتقديم الأفكار لصانع القرار السياسي لاتخاذ الاجراءات اللازمة في الوقت المناسب.
2. التحرك السياسي والإعلامي ضد التدخلات الإيرانية في اليمن، والذي قد يشمل فرض أو التهديد بفرض عقوبات على إيران من دول الإقليم والدول العربية.
3. تعيين مبعوث من الجامعة العربية لليمن، وإنشاء وحدة خاصة داخل الجامعة من الخبراء والباحثين لدراسة أوضاع اليمن وتقديم المشورة والرأي للأمين العام ومبعوث الجامعة.
4. نظراً لما تتمتع به الدولة الأردنية من قبول واحترام من جميع الأطراف اليمنية، فإنها مؤهلة لأن تلعب دور الوسيط في اليمن، ولذلك يوصي الفريق الحكومة الأردنية أن تبادر بالتنسيق مع السعودية بالتواصل مع أطراف الصراع لبحث إمكانية عقد مؤتمر مصالحة في الأردن، ويُفضل أن يسبقه عقد لقاءات غير رسمية داخل الأردن، وسبق للأردن ان توصل إلى مصالحة تاريخية (وثيقة العهد والاتفاق) بين القوى المختلفة على أرضه في 18/1/1994، وذلك لتسوية الأزمة السياسية بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ونائبه، في ذلك الوقت، علي سالم البيض.
5. توصية مراكز الأبحاث العربية بالاهتمام بشئون اليمن للمساعدة على الخروج من الأزمة ومنع تفاقمها إقليمياً.
6. تشجيع الدول المانحة وتحديداً السعودية لتستخدم سلاح العقوبات الاقتصادية بحذر، فالتوسع في استخدام هذا السلاح قد يؤدي إلى انهيار الدولة اليمنية، أو أن يدفعها إلى الارتماء أكثر في حضن إيران.
7. رغم أن خيار التدخل العسكري البري الخارجي يبقى خياراً صفرياً، إلا أن على الدول العربية المهتمة بشئون اليمن الاستعداد لتدخلات عسكرية عربية محدودة ونوعية ومؤقتة لمواجهة أي طارئ في حال أصر الحوثيون وإيران على سياساتهم الحالية التي تعتمد العنف والسلاح وسيلة لإضعاف الدولة وفرض الأمر الواقع. وعلى الدول العربية أن تستعد لتقديم الدعم التقني والفني للجيش وقوات الأمن الرسمية في حال تخلصت من الاختراق الحوثي، وبعد إعادة هيكلتها وتشكيلها من قبل حكومة شرعية والرئيس المنتخب وبدعم من البرلمان المنتخب أيضاً.



#أسعد_العزوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهالي -لفتا -في الأردن يحتجون على قرار إسرائيلي بتهويد بلدته ...
- لبنان الذي غدرناه
- الإنتفاضة الثورة ..الطريق إلى الدولة غير سالك ..جديد الباحث ...
- لقاء في منتدى الفكر العربي يناقش كتاب د. باسل البستاني نحو ر ...
- حركة الحيوانات أسهل من حركة المواطنين في العراق
- ندوة بمقر حزب الوحدة الشعبية في الزرقاء بعنوان: -المستجدات ا ...
- سر المجد ..قراءة في سيرة وشخصية طلال أبو غزالة
- الدولة اللبنانية معطلة
- يسعدك يا هند
- على ضفاف نهر الأردن ...حزن على حزن
- د. الصادق الفقيه، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي يتحدث عن ...
- الأخوة الأقباط ..عظم الله أجركم
- عذرا يا عراق ..أضاعوك
- قراءة متحفظة لرواية جريئة كتبها فيصل الشبول
- أمريكا تعمل على توريط الأردن ..إستشهاد الطيار الأردني نموذجا
- سؤال يبحث عن إجابة مقنعة ومنطقية
- -الله أرسل داعش لحماية يهود-
- صحوة الضمير الغربي..الألماني - نموذجا ... في وقتها
- ميسر السعدي -أم محمد - ..فاضلة بحجم الوطن
- يهود يعارضون الصهيوينة))) -دموع التماسيح - ..ماركة يهودية –ص ...


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أسعد العزوني - التقرير السادس الذي أعده فريق الأزمات العربي في مركز دراسات الشرق الأوسط / الأردن بعنوان: الأزمة اليمنية ..مخاطر انهيار الدولة