أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علاء هادي - ان نتأنسن قَليلا...














المزيد.....

ان نتأنسن قَليلا...


علاء هادي

الحوار المتمدن-العدد: 4741 - 2015 / 3 / 7 - 18:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الى احبة لي من خارج العشيرة...

في زحمة الجوازات وتراخيص العبور، وفي لجّة النَظرات المتوجسة والمستريبة من المسافر الغريب في مطارات الغير! نحاول انت، وانا وذلك الآخر المشتول في صالة الانتظار منذ حين.. نحاول صاغرين ان نَمّر.ان نمّرُ بهدوءٍ وروية دون ان نخدش قوانين الهجرة واللجوء ولا نُعكر مزاجات ضباط ألجوازات ولاحتى عمال ألمراحيض ولكي تكتمل الرحلة عليك وعليّ ان نقّبل طواعية كل مايقبل التقبيل الرؤوس الأيادي الارجل،الاحذية مانتِن منها وما لم يتعفن بعد! وحتى ان تطلب الامر تقبيل تلك الارجل التي ركلتنا خارج المطار. لنعود بعد ايام بجواز سفر جديد نصطنع على وجوهنا التي ادمنت السُقم نرسم ابتسامة مُستجدية خائبة علها تعود علينا بختم العبور..
وهيهات لك ان تعبر وانت المحكوم عليك غيابيا بان تقبع هناك، هناك في البعيد، في قبوك الموروث من جدك السابع المكنى يوما بالبدوي الغازي ومايؤطر تلك الكنية من خوف وذكريات.. وعصورٌ من الامتعاض منك كفردِ او هوية.....ووفقا لمراسيم المطار عليك ان تجلس وحيدا وتبتسم عن بعد لكل المسافرين والمخرين وكلاب الحراسة وان مرت عليك خمسين مرة، "بالصدفة"..
وكجزء لايتجزء من مزامير العبور عليك ان تٌلطًش ابدا في خانة المشبوهين بانتظار رجل الامن الذي سيفتشك ويفتشك، وبعد ان لايجد شيء فيك غير البؤس والحرمان وامنية باجتياز الحدود، عندها ومن باب الحرص على سلامة المسافرين، عندها يدس اصبعه او اصابعه في ثقوب لاتتقبل ،عادة، اصابع المحققين.. وآلاتهم.
وبعد ان ينتهي من التفتيش عندها يقودك لغرفة ضابط الهجرة وعندها ستجيب بكل مااوتيت من تملّق ومذلّة على كل الاسئلة الامنية منها والجنسية وان تشرح بكل تحضّر وموضوعية عن تلك الاسباب التي دعتك لترك بلدك والمجيء لهذا البلد.. وتحكي له ولهم.. وتقول:تقول كنت هناك-هناك في خرابة ما اسموها وطن تجلس بين ثلاثة حيطان ورابعهن آيل للسقوط بانتظار ركلة الرحمة من شرطي لم يتَرفّع بعد! كنت هناك تقبع وحيدا تُكنس اشلاء ذاتك من بصاق المخبرين،والمحققين ومايدخل بينهما من موظفي دولةّ وسماسرة!
كنت هناك تقضي جُل وقتك تبحث لنفسك عن تلك الانا المنقادةِ عنوة لدوامة النحنُ القسرية التي حُشرتَ بها بناءاً على لونك او عرقك أو ربما دينك الذي ورثته بالفطرة عن جدك المقتول ثأرا لاخيه المقتول خطأُ في مناظرة عشائرية.
وحينما يصبح لزاماً عليك ان تتقعر، تتصخر،تتأطر في بوتقة الانتماء الجماعي لبيئة اوعشيرة لاتُرضيك ولا ترتضيك ، لتاريخ لايعنيك، او تنتمي قسرا لشيء ما اسموه وطن، عندها يغدو من المفروض عليك وبحكم الواقع المفروض والأطر المُعدّة مسبقاً لكيف لك ان تكون ومن لك ان تُصاحب وبناءا على تلك الاعراف الرسمية يتحتم عليك ان تعاشر اشخاص يشاركونك ذات المكان ذات الشوارع والازقات ليس من باب الخيار او من باب التفاهم، وانما من باب التماشي مع القوانين والاعراف الدينية منها والوطنية. وتماشيا مع تلك القوانين بات عليك ان تحاكي الجار او الزميل الذي يشاطرك الحَيّز "الوطني" المُتاح، ويشاركك بطاقة الهوية،وربما أمنية عاق بحيز اكبر في عالم اكبر من خطابات الرئيس وفتاوى الشيخ...و قد يبدو من المستحيل في هذا الزمن المُثقل باالانفصال و قوانين "أُممية" تُصنّف الانسان بناءا على لونه او عرقه او دينه دونما اي اعتبار لما يحمل او ما يريد هو فعلا ان يحمل طواعية بعيدا عن اية قوانين محلية كانت ام اممية.. وحينما ينبض فيك ذلك العِرق المدفون بين ترابات الخوف والعزلة ويريك في الآخر المختلف عنك في اللون اوالعرق اواللغة اوباقي الآطر المفروضة عليه وعليّك تلك الاطر التي وضِعت لتجرد الانسان من تلك المشاعر السامية وتجعله يتعامل مع اناس مثله وفقا لقوانين وضعها الاخرين للتعامل مع الناس دونما اي اعتبار لما يحملون من مشاعر او لما يريدوا هم فعلا ان يكونوا!
تلك هي ياصاحبي قوانين الاقوى المنتصر على الدوام. تلك القوانين التي لاتقبل الانسان كما هو او كما يريد هو فعلا ان يكون بعيدا عن مفردات الفصل العنصري. تلك المسميات التي وضعت حدودا وفوارق بين من يسكن في الشمال على حساب ألجنوبيين، التي وضعت فاصل بين الاحمر والاخضر، وباقي الالوان، وضعت فواصل وفقا لما ورثته انت عن جدك وما ارغمت انا على ارثه من جدي البدوي.
تلك القوانين التي حَتَمَت عليك وعلي ان نعيش وفقا لها وننفذ حرفيا ماجاء فيها لكي ندرج في خانة "المواطن الصالح" تلك الاطر التي لااراني اعبء بها وبواضعيها، وإن كانت رؤيتى لايعبأ بها الاخرين، كثيرا، كوني لست منهم.
واليوم اودني ان اقولها لك ولها وللآخر الناطر في غرفة الانتظار، عسىاني في صرختي هذه اغير زمنا فضّا او مسارٍ حُدد لي بناءا على ماورثت وليس على ما سأورِث.
وهي مجرد صرخة مبحوحة عساها تُغير تلك الوضعيات الدونية وان تُفيق فيهم نظراتهم اللاجغرافية ويرونا مجردين من عقابيل المكان ومفاهيم النحن والهُم. عسى لهم ان يرونا اناس مجردين من قوانين جنيف او ماأُتفق عليه في اجتماعات مجلس الامن العادية منها والطارئة. عساك ياصاحبي ان تبصرني كما انا وكما احبذ فعلا ان تراني دون عرقٍ وتاريخ او الوان. ورجائي اليك عندما يصل ذلك الغريب الاجنبي لديارك مد يدك له وتَقَبَله كأنسان وان اختلف عن ما أأتلفت عليه، وتربيت عليه. حاول ان تَقبله وان كان لايشترك معك سوى برغبة السير سوية للوصول الى عالم يتسع لكما سوية، عالم قد يرضي الجميع، عالم يواطن الجميع عندها ياصاحبي حينما ندخل انا وانت وهي الى عالم السوية ذلك، سوف نتجرد جميعا من صفات النحن والآخرين، صفات الفيزا وبطاقات الهوية وننتمي الى عالم اكبر من دوائر النفوس في "بلداننا" ونكون ابناء عالم خالي من الهويات والصلوات والحدود...حينها ياصاحبي سنكون مواطنون في عالم الانسان وعندها فقط سنكون فعلا آناس متحضرون...



#علاء_هادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدور المجموعة القصصية الاولى للكاتب العراقي المغترب علاء هاد ...
- انخفاض أعمال العنف في العراق نتيجة لانخراط العديد من أبناء ا ...
- طبيعة التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والدول العربية


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علاء هادي - ان نتأنسن قَليلا...