أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - تأملات فى ماهية الإنسان















المزيد.....


تأملات فى ماهية الإنسان


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4741 - 2015 / 3 / 7 - 17:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان (24) .

أرى التامل أجمل وأعظم ما مارسه العقل البشرى فهو حالة من السمو بالنظر للأشياء بدون أن تسبقها مفاهيم مسبقة متصلبة متشنجة.. التأمل حالة من الرؤية الحرة لإستنطاق جوهر الأفكار وإدراك الاشياء بدون مشاعر تسبقها لتتشكل رؤى عميقة تخوض فى ذواتنا ووجودنا من خلال حرية التقييم بغض النظر عن كون تأملاتنا صائبة أم خائبة فهى فكرنا المتحرر من الإنفعالات الفكرية المبرمجة المتقولبة .
هذه بعض التأملات الفكرية تخوض فى أعماق وسراديب الإنسان التى لا يبوح عنها بالرغم إنه مضمونها ومحتواها .

- حياة الإنسان ماهى إلا بحث ونضال لمعرفة الأشياء وتطويعها له ومن هنا جاء تميزه عن باقى الكائنات الحية لينال التطور وتلك اللذة الرائعة التى تجعل لحياته معنى بإدراك الوجود والبحث فى المجهول ولكن للأسف هناك أيدلوجيات فكرية طمست ومحت تلك النزعة الرائعة نحو المعرفة والإدراك فقولبت معرفته وحددتها ورفضت بتعنت أى معارف أخرى ليأسر ذاته فى معرفة تم تلقينها وتعقيمها وتحصينها من الصراع وليصير الإنسان جهاز استقبال وتعبئة .

- أسوأ شئ فى الإنسان عندما يخشى البوح بأفكاره ومشاعره خشية أن تجد الرفض والصد والتعنت والقهر ولكن مسيرة تطور الإنسان جاءت من أفكار كانت حادة غير تقليدية فى زمانها لتصبح مقبولة فى عصرنا , الأديان والمعتقدات والفلسفات هى قدرة وجرأة البعض على البوح بأفكارهم لذا علينا ألا نكف عن طرح أفكارنا الجريئة الحادة فإذا توائمت مع معادلة الواقع فستبقى أو قد يكون لها حظ فى معادلة المستقبل أو قد تتبدد غير مأسوف عليها فهى أفكار فى النهاية .

- يعيش الإنسان باحثاً عن خبزه وسيادته معا , خبزه لكى تعيش الماكينة البيولوجية , وهيمنته من أجل أن يحس ويدرك وجوده لتتمحور المشاهد الوجودية فى الصراع من أجل الحصول على خبزه وفرض هيمنته وسيادته على الطبيعة ومن تطوله يده كأسماك كبيرة تحاول بلع أسماك صغيرة ليست بغية الطعام فقط بل إثبات وجود من خلال فعل وجودى قوى ومن هنا تأدلج الظلم والطغيان والإستبداد .
لا نستطيع أن نستغنى عن الخبز ولكن يمكن الإستغناء عن الهيمنة والسيادة بخلق أفعال وجودية نثبت بها وجودنا بعدما نتخلص من ميراث ثقافة الغاب .

- لا يوجد هذا الهراء المتخيل عن حال الإنسان القديم الباحث عن الآلهة وما إعتراه من حالة تأملية فكرية ليفكر فى الحياة والوجود .. إنساننا البدئى لم يجلس على ربوة عالية ليسأل عمن صنع هذا فهو لم يمتلك هذا الترف الفكرى من التأمل بل عندما واجه الألم بدأ يفكر .. نحن المعاصرون لا نزيد شيئا عن الإنسان القديم بالرغم أننا نمتلك ترف التفكير فمن منا يهتم بمعرفة كيف يعمل الموبايل والكمبيوتر والتلفاز .. نحن لا نسأل لأن هناك من يتولى أمرهم ويعالج عطلهم ولكن عندما نتألم من عطبهم ولا نجد من ينجدنا فحينها سنهز الأسلاك أو نتوجه بالدعاء والصلوات لفك كربهم أو نحظى بكتالوج ونحاول إصلاحهم .

- لن نفكر بدون ألم فلن تنطلق آليات الدماغ لتنتج أفكار بدون وجود ألم محسوس أو مُدرك يبحث العقل له عن أى وسيلة لتجاوزه وفق ما يمتلكه من معطيات فنحن لن يعنينا إنهيار نجم فى السماء ولكن سيعنينا إنهيار بيتنا .. يكون تعاطى العقل مع الألم إما بتجاوزه بفكرة مكوناتها من واقعه المادى الموضوعى أو يتجاوزه بفكرة خيالية تقوم بدور وهمى تخديرى .. بالطبع الإنسان يعنيه تجاوز الألم ولكن يكون الفرق أن الفكرة التى تستند على الوعى بالوجود المادى كمكون وحيد للألم ومحاولة التعاطى معها أفضل من الإتكاء على فكرة خرافية مخدرة أنتجها الدماغ ففى الأولى لن يتكرر ذات الألم لأننا عالجناها بفهم محدداته والثانية سيتكرر الألم لتتحول الأمور إلى حالة مازوخية مع الألم .

- يقول المصريون فى لغتهم الشعبية الدارجة " إنت بتشتغل نفسك " أى إنك تخلق فى ذاتك قضايا ليست بذات معنى ولا أهمية ولا وجود لها لتلهى نفسك وتشتغلها.. أرى هذه العبارة عبقرية وتعبر عن حال كل البشر فلا تستثنى أحد فلا يوجد موضوع ذا معنى وأهمية فنحن من نخلق قضايانا وهمومنا وأفراحنا ونلهث وراءها لنجعل لحياتنا معنى وهدف وقضية .. نحن نشتغل أنفسنا بخلق قضية نتماهى فيها تصرفنا عن عبثية حياة تفتقد للمعنى .

- لكى نعيش الحياة فنحن نمارس دور الإستعباط فبدون الإستعباط سنُقدم على الانتحار , فالحياة عبثية بلا معنى ولا غاية فى ذاتها ونحن نعلم هذا لتجد الحكماء يوصفون الحياة بنفخة زفير فى الهواء , فلكى نعيش علينا أن نستعبط لنخلق لها معنى وغاية وقضية ليست فيها بل نفلسف المعنى بإحتيال غريب من خلال أديان ومعتقدات وفلسفات .

- نحن كانئات فضولية متطفلة نعتقد أننا ذات معنى مغاير عن معانى الطبيعة ولكننا لا نختلف عن أى طفيل نستقبحه فى الوجود فحياتنا كلها تطفل باحث عن كيانات وجودية أخرى نتطفل عليها بدءاً من البحث عن الطعام فى حيوانات وأسماك ونباتات إلى تطفل المُلاك والإقطاعيون على الشغيلة .. يكون تطورنا العلمى هو ابتكار وسائل ذكية للتطفل فندرس الحيوان والدجاجة لنوفر قدر أكبر من اللحوم والبيض , وإبداع كيفية التطفل بالإحتيال على أرزاق البؤساء .

- شئ غريب أن نعتبر الحياة بذات أهمية فقبل حياتى كنت عدمى الوجودى ممتد فى أبعاد لا نهائية من الزمن وبعد حياتى سيمتد عدمى الوجودى إلى اللانهاية أيضا لتكون حياتى بمثابة تجمع معين لجزيئات بين عدمين فى نقطة على مستقيم لا نهائى .. فلماذا هذه الجلبة عن الحياة والخشية من الموت ؟!
هناك رؤيتين تحسستا هذه الحالة أحدهما تستهلك الحياة فى التجهيز لحالة عدم قادم ظناً أن العدم القادم سنحظى فيه على حياة , والأخرى ترى أنها حياة واحدة لا تستحق أن نبددها فهى طارئة لا يجب صرفها فى التجهيز لعدم .. كثيرون يبددون الحياة من أجل الأمل فى عدم قادم .

- سبب فهمنا المغلوط عن الموت هو مفهومنا المغلوط عن الحياة من إسقاط الأنا والذات والإنطباع الذاتى فأنتجنا معانى وأفكار لنفهم الحياة والموت من تلك المعانى التى إختلقناها ثم نسينا أننا مُبدعيها .

- عندما نحسم أمرنا هل هى حياة واحدة أم هناك حياة اخرى بعد الموت سيتحدد على أثرها منهجنا ومعيشتنا فى الحياة وستوضع كل الأديان والفلسفات والأفكار على المحك فإما تؤكد أفكارها أو نرميها فى مزبلة التاريخ .

- لو تأكد سقوط فكرة مركزية الإنسان فى الداخل الإنسانى فستسقط معها كل الخرافات والأديان فهى جاءت لخلق فكرة المركزية هذه والعزف عليها بتصعيد الأنا والمحورية .

- الإنسان كائن رائع بخياله فهو قادر على خلق وجود غير موجود فيمكنه أن يلصق صور مختلفة مع بعضها لينتج أفكار مثل عروس البحر فلن يكلفه شئ أن يلصق جذع وذيل سمكه مع رأس وصدر إمرأة .. الفيل أو الحصان الطائر لا يحتاج أكثر من جناحين نلصقهما بجنبيه ولكن ليس معنى ذلك أن من لا وجود له أصبح موجوداً .. العملية الإيمانية أنتجت صورها الخيالية وألصقتها ببعضها ولكن مشكلتها تصديق ما أنتجته لتعتبره ذا وجود حقيقي مستقل ولابأس من تحريك الصور الخيالية من خلال سيناريوهات وقصص تجعلها تغضب وتثور وترضى .!

- أجمل ما فى الإنسان أنه كائن قادر على إنتاج وإبداع الأفكار والقصص والفنتازيا .. ومأساته عندما يتوقف عند فكرة وقصة واحدة لا يبارحها .

- المعنى هو ما يسقطه الإنسان على الأشياء وكل معنى يخفى وراءه غاية إنسانية لتصبح خطورة الثقافة المتمثلة فى الأساطير والخرافات كونها تعبر عن مجموعة معانى وإنطباعات وغايات إنسان قديم يتم إسقاطها على واقع مغاير له معانيه وغاياته المختلفة فإما تستنسخ المعانى القديمة ليتجمد الواقع أو تصيبه بالإرتباك والإغتراب .

- أروع شئ فى الإنسان هو تعاطيه مع الفن والجمال .. أن ينحت حجارة بلا معنى ليصنع منها تمثالا ذو معنى .. أن يلقى بمجموعة ألوان بلا معنى ليرسم منها لوحة ذات معنى .. من مواد خام ملقاة فى الطبيعة يصنع منها مصنوعات ذات معنى.. ولكن فلننتبه ونلاحظ أن المعنى والفن والجمال هى تقييماتنا نحن للأشياء!

- لا نعرف قيمة الأشياء إلا عندما نفقدها فنجد لوجودها معنى وبما أننا لا نعرف العيش بدون معنى لذا نبحث عنها .. نحن نمارس تلك اللعبة التى أشبه بالإستغماية بأن نأمل أو نتعمد فقد الأشياء بشكل واعى أو غير واعى فى الأغلب ليكون النضال من أجل الحصول عليها ليتحقق معنى وإثارة .. يمكن إعتبار مشاعر الهجر بين الأحبة فى هذا الإطار .

- يتفرد الإنسان عن الحيوان أنه على إستعداد أن يموت من أجل قضية ولكن مهلاً فإياك تعتقد أنه يضحى عشقاً وولهاً وإقتناعاً بالقضية التى هيمنت على عقله بل هو باحث شغوف عن إيجاد معنى وقضية لوجوده والهروب من فكرة وجود بلا معنى بالتماهى فى قضية حتى لا يصير ريشة تذرها الرياح أو دودة تُسحق تحت النعال .

- تكون كل رغباتنا فى الإنتصار والتفوق والإستحواذ وإثبات الذات هو فعل وجودى لقهر الموت فى داخلنا وتجاوزه أى بصرف الذهن عن الموت بقضية أقوى ذات حضور وجودى مُفعمة بالحيوية والحركة والقوة لتستحوذنا ولنعبر ونتحدى ونتلهى بها عن الموت الكامن فينا .

- نتعاطى بشكل غبى ومتزمت مع الوجود فنسقط إنطباعاتنا و تقييماتنا على الأشياء ونعتبرها الحقيقة بينما هى إنطباعات لصورة مِلك ظرفها الزمانى المكانى ,والأكثر غباء عندما نستعير صور وإنطباعات القدماء ونتشبث بها ونتعصب لها .

- الإنسان كائن فضولى بطبيعته ,والفضولية رائعة عندما تبحث فى سر الوجود والحياة ولكن هناك عقول لا تبحث من عجزها أو جهلها أو خوفها من الإقتحام لتقلب الفضولية من الروعة إلى القبح بالبحث فى حرية الناس ودس أنفها لتفتش فى أسرارهم وحياتهم.. هذا الفضولى هارب من فضولية تخوض فى شك لا يمكن إحتماله إلى فضولية تعتنى بالتطفل .

- خطأ الإنسان عندما يختزل الفكرة فى حدوتة ..عندما يفكر ويقتات ويتعايش مع ثقافة الحدوتة ..عندما يريد سماع قصة الحياة والوجود من بداياتها لنهايتها كحدوته بسيطة مع نهاية سعيدة .

- بقدر الثقافة بناء فكرى لتطور الإنسان وإختزان كل التجارب الإنسانية ولكن خطورتها عندما يتم تثبيت مشاهدها وتجاربها لتكون فاعلة فى واقع مغاير فيهمل الإنسان حركة التاريخ والتطور وفعل وحراك المادة الغير ثابت ليصل لحالة من الجمود غير قادر أن يخلق صوره الفكرية الخاصة به متكئاً ومعتمداً على صور إنسان قديم لذا كل الأديان والعقائد غير صالحة للتداول .

- المعرفة رائعة لتطور الإنسان وإرتقاءه ولكن لمن يستطيعون تحملها فهناك بشر يفضلون أن يكونوا جهله على أن يكونوا مُدركين فهم لا يفضلون أن يعرفوا خطورة المرض والخلل حتى لا تؤلمهم المعرفة .. المعرفة بقدر ما تنير العقول فهى تحتاج نفسية قوية لتتحمل الحقيقة فقد تنال من نفوس هادئة مستسلمة راضية .
يؤسفنى القول أن فى الجهل حياة للبعض , فلا تَتصورها سخرية أو إنتقاص من قيمة المعرفة بل حقيقة عندما تكون المعرفة داعية لتبنى الكراهية والعنف والنبذ .

- إشكالية الإنسان فى الحياة أن عقائده باتت مهيمنه ومسوقه ومحدده ومهددة لتفكيره ليسلك الإنسان طريق الخوف من طغيان وبطش الآلهة أو للدقة الخوف من بطش منظومات إجتماعية مُهيمنة بينما المُفترض أن الفكر هو الذى يهدد ويسوق العقائد .

- أجمل إحساس بالوجود هو الغموض .. أن تظل تحس بأن هناك شئ غامض لا تعرفه وتأمل فى سبر أغواره لتستمر فى الإحساس بالإثارة عند الخوض فيه , فهذا شئ ممتع وحيوى يعطى للحياة معنى بالسباحة فى دوائر الغموض .. ليست مشكلة أنك لا تعرف ولكن الإشكالية لو توهمت أنك تعلم كل شئ ولم يعد هناك شئ غامض لتعرفه فهكذا يتوقف البندول عن الحركة .

- الإنسان الكائن الوحيد الذى يقلق فالحيوان لا يقلق بل يتوجس ويخاف من اللحظة الآنية بينما الإنسان يختزن الخوف والتوجس ليسقطه على لحظة مستقبلية ليمارس منها قلقه .. القلق هو الذى ينبهنا لوجودنا ويجعل لوجودنا معنى بل نحن نحقق وجودنا من القلق ليكون قلق الموت أكبر قلق يجتاح الانسان ولكنه لا يترك قلقه يفترسه ليخلق وجود يعبر به قلق الموت .
- القلق هو الذى يمنحنا إحساس بوجودنا وفعاليته .. عظيم هو القلق فى حياتنا فمنه ندرك وجودنا ونحس بفاعلية الحياة من الترقب والإثارة .. هناك من لا يقلقون وهناك من يرى القلق ألم يحاول الإنصرف والهروب منه .. الذين لا يقلقون فقدوا الإحساس بالحياة ومن يقلق ويهرب فقد متعة الصراع فلنجرب لذة وقسوة القلق .
- الإنسان لم يتطور إلا من قلقه , فمن القلق فكر وأبدع الوسائل ليغير واقعه ويتجاوز قلقه ولعل هذا شئ طيب لذا عندما يطمس القلق فى داخله أو يخدره فلن يندفع ويجتهد فلا يوجد شئ يستدعى النضال فلا قلق يعتريه .. لذا أرى سر تفوق النظام الراسمالى وحضوره ليس مداعبة أحلام البشر بالإمتلاك والتمايز فحسب بل لكونه يضع البشر دوماً فى دوائر القلق مع فتح آفاق كبيرة للقلق ليجتهد الجميع للتغلب على القلق بلا إلتقاط للأنفاس لتستثمره الملكية والراسمالية لأقصى حد فإما تزيد الإنسان إرهاقاً نفسياً كمصارع لا يلتقط أنفاسه حيث الحلبات مفتوحة بلا توقف او تبرمج الإنسان فيفقد الإحساس من دوام آلية القلق .
- ليس كل قلق يجتاحنا يكون تصورنا عنه صحيحاً بل هو اسقاط إنطباعاتنا وإحساسنا على الوجود ليخفى فى بعض الأحيان سوء فهم وغرور ونرجسية تحت الجلد ناشئة عن وعى مفارق .
- القلق الفكرى حالة أنسانية راقية تنم عن عقلية ونفسية متفاعلة مع الوسط المحيط بها ..نفسية لفظت الكسل والخمول , نحن بحاجة أن ننمى الحس بالقلق الفكرى لنراجع كل ما تم تعبئته فى داخلنا من مسلمات وغيبيات وإعادة طرحها .

- نفقد الحياة عندما نفتقد قضية إهتمام وتصبح الحياة عبثية بدون قضية تثير القلق والتوتر والأمل .. نحن نخلق القضية ونطلب ما تثيره من قلق وغموض حتى نجعل لحياتنا معنى فى وجود ليس ذو معنى .

- الإنسان الكائن الوحيد الذى يندهش ,فأجمل ما فينا هو الإندهاش.. نحن نستغرب ونندهش من كل هذه المفردات الوجودية وتكوينها المعقد .. هذا يشبه سقوط انسان بدائى على عصرنا ليجد كل التكنولوجيا المتقدمة والأشياء التى تتحرك فى الأرض والسماء فيندهش ..الإندهاش جعلنا نفكر ونخترع ونبدع وعندما إستعصى علينا الفهم خلقنا فكرة الإله لتبدد دهشتنا من الحياة والوجود ..عندما نبدد الدهشة بعلمنا ستزول فكرة الله .. فلنستمر فى الإندهاش بدون فكرة الإله فمتعة الحياة فى الإندهاش .

- أكره فكرة البيع والشراء وأراها فيروس قبح البشرية عندما تمتد صوره لتصير نهج تعامل على مستوى بيع وشراء المشاعر والأحاسيس والأفكار .. ما أقبح الانسان عنددما يبيع أو يشترى المشاعر والاحاسيس لمن يَدفع ويُثمن , كذلك من يبيع ويشترى أفكار وقناعات , فالأمور لا تقل فجاجة عن العهر .
للأسف إعتاد البشر على العهر فى بيع وشراء مشاعرهم وأفكارهم ومواقفهم لدرجة الإدمان لتصل الأمور أن البائع والمشترى لم يعدا يُدركا البيع والشراء .

- كذلك أكره فكرة الدائن والمدين كونها تصبغ العلاقات الإنسانية بالذل والقهر والتسيد , فالمديون ذليل ومقهور لدَينه ,والدائن متغطرس وسيد بما يمنحه من دين ولتعلم أن كلمة "دين" جاءت كون الإنسان مديون افتراضاً للإله وعليه أن يفى دينه لتكون الخديعة الكبرى توهم إنك مديون ومُلزم بدفع الاقساط والفواتير على أشياء لم تتعهد بالإلتزام بها ولمدين غير موجود .

- إنها ذاكرة الحب والألم .. مشهد لكلب البحر يداعب وليده على شط البحر لتقفز سمكة قرش وتسحب وليده وتفترسه ليتوقف كلب البحر مشدوداً لدقيقة لا يفعل شيئا ثم ينصرف لحال سبيله ليلقى هذا المشهد معناه عن إمتياز الإنسان وتطوره من خلال إمتلاكه ذاكرة الحب والألم فذاكرتنا تحمل المشاهد وتخزنها مفعومة بالحب والألم فيكون تميزنا وقضيتنا .. فى نفس الوقت إننا أكثر الكائنات التى لا تنسى بسرعة ومن نقمة عدم النسيان خلقنا فكرة الإله لتجعلنا نتغلب على عدم قدرتنا على النسيان .

- الحياة مرايا .. مرايا نرى فيها ذواتنا ونرى أنفسنا فى الآخرين كمرايا لنا .. المرايا التى نرى فيها ذواتنا هو حكمنا وتقييمنا لأنفسنا لتتفاوت أشكال المرايا فمنها ما تكون محدبة أو مقعرة أو باهتة ضائعة الملامح , أما المرايا التى نرى أنفسنا فهى فى الآخرين فهى تحقيق وجودنا فنحن بدون أن ندرك جعلنا الآخرين مرايا لنرى وجودنا فيهم لذا نحزن على فقد قريب أو حبيب فهم مرايا كبيرة كنا نحقق وجودنا فى النظر فيها ، وكلما اختفت مرآة واحدة من حولنا اختفى جزء من وجودنا، وإذا اختفت كل المرايا اختفى شعورنا بالوجود لذلك نحافظ على وجود أكبر عدد ممكن من الأشياء التي تعكس وتحقق وجودنا .
- لا نحزن على أمواتنا لكوننا فقدنا حضورهم فقط فقد يكون هذا الظاهر على السطح ليحتل المشهد الواعى ولكن ليس هذا السبب الفاعل الوحيد المتفرد .. نحن نحزن لأننا نفقد مرآة نرى فيها وجودنا فنحن نستمد معنى وقيمة وجودنا من المرايا التى تحيط بنا متمثلة فى أشخاص وموجودات لندرك وجودنا من خلالها لذلك يكون حزننا كبير على القريبين والملتصقين بنا بإعتبارهم مرايا كبيرة بارزة فقدناها تحقق وجودنا.. كما نفرح بمولود جديد كمرآة جديدة تضاف وتحقق وجودنا .
- نحن دائما نبحث عن مرايا وما علاقتنا مع الحيوان إلا مرآة من ضمن المرايا وما إرتباطنا بالمكان والذكريات إلا مرآة لذا نحن نهفو ونسعد بالمكان والوطن ونحتفى بحيوان نتحسس منه شعور أو للدقة يؤكد وجودنا .. نحن باحثون دوماً عن معنى لوجودنا نجسده فى مرآة

- لا يوجد محظورات غير ما تحظره الطبيعة علينا وفيما عدا ذلك فهى محظورات صنعها الإنسان لتحقيق مصالح وغايات الأقوياء والنخب . الطبيعة تَحظر رغماً عنا فلا تستطيع الطيران أو التنفس فى الماء ولكننا نستطيع ان نتحايل على محظورات الطبيعة فى حدود مانتوافق مع قوانينها الصارمة .
الغريب أن الإنسان الذى تحايل على محظورات طبيعة صارمة لم يستطع أن يتحايل على محظورات خلقها بيده بل تفنن فى ترسيخها والتماهى فيها مؤطراً ومسيجاً لها بسياج حديدى من الأديان والأعراف والمواثيق ليصل به الحال أن يستعذب محظوراته فى مازوخية غريبة وهكذا الإنسان لديه القدرة على التأقلم مع كل الظروف .
نحن بحاجة لفرز محظوراتنا دوماً , فالمحظورات هى رؤى ورغبات جماعة بشرية محددة ووسيلتها فى الهيمنة وتحقيق وجودها ومصالحها فمن العبث أن نعيش فى إطار ما يحددونه لنا من محظورات .

- لا توجد فكرة تستدعى أن ننفق عمرنا من أجلها لأنها من إنتاجنا بالأساس ولكننا نتماهى داخل الفكرة لنحس بالمتعة فى أن نذوب ونتشرنق داخلها ,لأننا جعلناها هويتنا وقضية تحقق وجودنا .

- الإنسان يتشبث بأفكاره ويدافع عنها ويدعو ويبشر لها كونه تحقق متعة وجوده فى التماهى داخلها لتمنحه إحساس باللذة أنه فاعل متفاعل و ذو قيمة بعد أن تم تهميشه على مستوى متعه الحسية المباشرة لذا فلا غرابة فيمن يتعارك من أجل فكرة سوى أنه وجد متعة تواجده فى الذوبان والإلتحام بها .

- يجب أن نفطن أننا نعيش فى حالة من حالات لذة إثبات الوجود وتحقيق الذات من خلال أفكارنا ومشاعرنا التى نريد لها التواجد ..نحن نستمتع بلذة خلق عالم إفتراضى يتجاوز العالم الحقيقى التى تتكسر على واقعيته أفكار ومشاعر وأحاسيس ..عالم يهمش وجودنا ويحسسنا بالتضاؤل أمام قسوة ورتابة أفكاره الجامدة المملة ومشاعره البليدة .

- الحياة ليس من المفروض أن نعيشها دائماً بمنطق ..بل أجمل لحظاتها عندما نكسر المنطق فيها فليس المفروض أن نعيشها بمنطق دائم ..فهى حياة واحدة فلنعشها كما نريد فليس هناك إختلاف بين من أفنى عمره وعاشها بمنطق أو لا منطق فالحياة لن تصفق لهذا ولن تلعن ذاك ولكن الخطأ هو التعسف والتعنت فى منطقنا أو لا منطقيتنا , كما من السخافة أن نعتبر التفكير اللامنطقى منطق نتباهى به .

دمتم بخير .
لو بطلنا نحلم نموت .. طب ليه ما نحلمش .

-إعتذار
قد لا أتمكن فى الغالب الرد والتعقيب على مداخلاتكم وذلك لسوء خدمة النت لدىّ ولن اتوانى بالطبع فى الرد متى تحسن النت .. فتقبلوا عذرى , وهاهى صفحتكم ملكاً لكم للتعبير عن أرائكم وأفكاركم ونقدكم , ولكم منى كل المحبة والإحترام .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنهم يزرعون الوحشية ويمنهجون الهمجية
- تأملات فلسفية من رحم طرائفنا وسخريتنا
- أسئلة ليست حائرة إلا لمن يريد أن يحتار
- إمتحان ومشاغبة على جدران الخرافة والوهم
- يؤمنون بحثاً عن لحظة جنون وهذيان!
- هوان العقل المتأسلم-الثقافة عندما تنتهك عقولنا وانسانيتنا
- أسئلة مُحرجة-35إلى40من خمسين حجة تفند وجود الإله
- بحثاً عن حلول لخروج الإسلام من أزمته .
- الأمور تمر عبر النصب والإحتيال-كيف يؤمنون
- خيبة !!- لماذا نحن متخلفون
- خمسون حجة تُفند وجود الإله-جزء رابع27 إلى 34من50
- فى القانون الطبيعى والرياضيات والنظام-نحو فهم للوجود والحياة ...
- دعوة للنقاش حول الحوار المتمدن إلى أين
- أرجوكم إنتبهوا
- ثقافة الكراهية والعنف والطريق إلى الإرهاب .
- ثقافة النقل قبل العقل والطريق إلى التخلف
- خمسون حجة تفند وجود الإله-جزء ثالث21 إلى 26من 50
- زهايمر3-تناقضات فى الكتابات المقدسة-جزء عاشر
- خمسون حجة تفند وجود الإله-جزء ثان 6إلى20من50
- 50حجة تفند وجود الإله-جزء أول 5 من 50


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - تأملات فى ماهية الإنسان