أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد علي ثابت - عَن الأميبا الثورية














المزيد.....

عَن الأميبا الثورية


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4741 - 2015 / 3 / 7 - 01:30
المحور: كتابات ساخرة
    


الأميبا كائن بدائي أحادي الخلية يتكاثر بالانقسام ولم يتطور منذ ملايين السنين. كلنا نعرفه منذ درسناه في مادة العلوم في المرحلة الإعدادية. والانسان كائن متطور يتكون من ملايين الخلايا التي تتشكل منها أنسجة وخلايا وأعضاء. فما وجه المقارنة أو الجمع بين الانسان والأميبا في هذا المقال إذن؟؟

بسيطة. وسأقولها لك..
هناك انسان معاصر يشبه عقله الأميبا. نمط تفكيره أحادي، ومنظومته الفكرية لا تعرف التنويع والاحتواء والمراجعة والانفتاح. ينظر لأغلب الظواهر نظرة واحدة، بطريقة واحدة، من منظور مسبق واحد، ويصل من نظره وتأمله وجدله إلى نتيجة معروفة مسبقا مفادها أنه على صواب مطلق في كل نظره.

قبل يناير كنا نعرف، في مصر كما في غيرها من أقطار منطقتنا المريضة، نماذج من البشر الأميبيين في عقولهم. مثلا: السلفي المتشدد الذي لا يعنيه من الفتاة سوى أن تكون متحجبة ويعتبرها صالحة وشريفة لمجرد أنها تغطي شعرها، ويتمنى لها الهداية أو يسعى لإقناعها بالحجاب أو إجبارها عليه إن لم تكن ترتديه لكي تصبح شريفة وصالحة ومسلمة في نظره، ويتجاهل أي مؤشرات ظاهرة تقول بإن الفتاة غير المتحجبة قد تكون أفضل منه في كل شيء بما في ذلك الشرف والصلاح والإيمان العميق المؤسس. وعرفنا أيضا أنواعا أخرى من الأميبية عقولهم، كالفتاة التي تعتبر الزواج وحده هو حلم الأحلام وغاية الآمال ومقياس النجاح الاجتماعي الذي بمجرد تحققه يحق لها أن تتنازل دفعة واحدة عن كافة طموحاتها الشخصية وتتحول بمرور الوقت إلى أنبوب. أو كالشيوعي الكسول الذي يظل يقنع نفسه طيلة الوقت بأن كل الأثرياء بلا استثناء صنعوا ثرواتهم من استنزاف فائض القيمة الذي تحدث عنه ماركس. وأمثلة أخرى عديدة جدا، تصب كلها في قالب الدوجما، دينية كانت أو سياسية، اقتصادية كانت أو اجتماعية، بل وحتى رياضية أو فنية.

وبعد يناير عرفنا نوعا جديدا شديد الانتشار من دوجما الأميبا.. عرفنا أصحاب العقلية الثورية الأميبية. هل تريد أمثلة على أصنافهم؟ حسنا. سأعطيك أمثلة غير مباشرة، على عكس ما فعلت أعلاه. سأطرح عليك خمسة مجالات للتفكير الأميبي فيما يتعلق بالثورة، وسأمنح كل مجال أميبي منها تسمية أو توصيفا لتقريب مقصدي إليك:

1- أميبا الداخل: وهي تلك العقلية التي تتجاهل كل ما يحدث خارج مصر وحول مصر من توترات والتهابات واشتعالات غير مسبوقة في تاريخ المنطقة، في سوريا واليمن والعراق، بل وعلى حدود مصر في ليبيا، وتقول إن كل ذلك توتر عابر أو لا شأن لنا به ولا يستحق أخذه في الاعتبار عند تقييم ما يحدث وما كان يجب أن يحدث في مصر. إنها العقلية التي ترى بكل سذاجة أن هذا الاشتعال المحيط كله لا يعني التنازل عن حلم هدم المؤسسات في مصر  ولا يعني أن ما حدث هناك كان يمكن أن يحدث هنا لولا تماسك بعض مؤسساتنا وأجهزتنا. أو لعلها تلك العقلية التي مازالت تجزم بأن كل ما يحدث حولنا في الإقليم هو محض مؤامرة مصرية على ثورة يناير، تماما مثلما أنها ترفض تصديق أن الاخوان وأتباعهم هم فعلا من يقومون بالتفجيرات في مصر، حتى حين يتم القبض على بعضهم متلبسين.

2- أميبا اليوم بيوم: وهي تلك العقلية التي تنظر إلى حدث واحد من أحداث الساعة وتعتبره أهم وأخطر ما على الساحة، ثم تنظر في اليوم التالي إلى حدث من أحداث الساعة التالية وتعتبره الأهم والأخطر، وهكذا دواليك، دون أي استعداد للنظر إلى أحداث أربع سنوات ككل نظرة شاملة ومحاولة غزل نموذج بانورامي منها يضع أي حدث وكل حدث في سياق نسبي موضوعي خال من التهويل والنحيب والشخصنة. وعلى سبيل المثال، فأميبة اليوم بيوم هذه هي التي رأت أن أحداث ستاد الدفاع الجوي كانت تستلزم أن نطلب من بوتين إلغاء زيارته لمصر لأنها تزامنت معها، وهي التي رأت أن الضرر الشخصي الذي سيتعرّض له أصحاب المساكن على شريط رفح الحدودي يستحق ألا تقوم مصر بإخلائه وهدم الأنفاق البشعة تحته.

3- أميبا القضية الواحدة: وهي تلك العقلية التي تؤمن بأن أي انتقاد داخلي لقناعاتها الراسخة هو خيانة تستوجب السب واللعن والإقصاء والنبذ لمن يجرؤ على الإتيان به من داخل المعسكر، سواء كان من أتى بذلك الانتقاد هو أستاذ ومناضل بحجم وقامة كمال خليل، أو كان أحد أفراد الشلة أو القعدة.

4- أميبا المسألة الشخصية: وهي تلك العقلية التي تختصر كل تقييماتها لكل ما يجري في الشأن العام في شيء واحد ومعيار واحد هو تجاربها الشخصية أو تجارب أصدقائها المقربين، الذين هم بالطبع ينتمون لنفس القضية الواحدة (راجع النقطة السابقة). وهذا النوع من الأميبا الشخصية يعبّر عن نفسه مثلا حين يظل يجزم أحدهم أن الاخوان لم يحرقوا أقسام الشرطة يوم 28 يناير، لمجرد أنه هو وأقرب أصدقائه كانوا هناك يومها، وهم ليسوا اخوان، رغم أن الكثير جدا قد انكشف لنا بعد 28 اللعين.

5- أميبا لابلاس: وهي تلك العقلية التي تملك قناعة ذاتية يقينية تامة بالصواب، وأن كل مَن عداها ومَن عاداها هو خائن أو عميل أو متلون أو أمنجي أو حاقد. هي عقلية اليقين الذاتي بأننا نحن فقط هم الشرفاء الأنقياء الذين من الطبيعي والمتوقع أن يهاجمنا الملوثون لأننا نذكّرهم بالشرف الذي باعوه أو الذي ما ملكوه يوما. وتعبّر هذه الأميبا عن نفسها بطريقة أثيرة هي رفض المراجعات وعمليات إعادة تقييم الانحيازات رفضا تاما باعتبارها خيانة. وعلى سبيل المثال، فأصحاب هذه الأميبا غير مستعدين أبدا لمناقشة حقيقة أن تويتات البرادعي وخطابيات أوباما تجاه مصر والشرق الأوسط تكاد الآن تتطابق مع بعضها البعض، ومازالوا غير مستعدين لمناقشة فكرة أن كارير البرادعي الأممي الناجح له انعكاسات وضرائب مستمرة لليوم.

تعدّدت الدوجمات والأميبات، وقلة الواقعية واحدة.



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلمها المجنون
- مصر والمعركة المِظَلَّة
- جداول
- هل مات الحُلم الاخواني؟؟
- القصيدة
- ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 1 من 2
- ثورة يناير والصندوق الأسود - الجزء 2 من 2
- في متعةِ الحيرة
- الوشاح - في رثاء بطلٍ ما
- الطريق إلى ثورة يناير - الجزء 1 من 2
- زحام
- مشوار
- السعادة بإيحاء من مندليف
- مساراتٌ شتى - قصة قصيرة
- حكايات النظريات: ماكيافيللي والمتنبي، بين الغاية والوسيلة
- حكايات النظريات: سبينوزا وشمول الألوهية
- قبل أن تضع حرب البسوس 2009 أوزارها
- من دفتر يومياتٍ معتاد
- حكايات النظريات: رفاعة الطهطاوي، والتنوير عبر بوابة الاستغرا ...
- حكايات النظريات: ماركس والحتمية المادية للتاريخ


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد علي ثابت - عَن الأميبا الثورية