أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض طه شمسان - دستور الدولة المدنية الحقوقية و كيفية الوصول إلى حل الأزمة اليمنية















المزيد.....



دستور الدولة المدنية الحقوقية و كيفية الوصول إلى حل الأزمة اليمنية


رياض طه شمسان
حقوقي و أكاديمي

(Reyad Taha Shamsan)


الحوار المتمدن-العدد: 4740 - 2015 / 3 / 6 - 13:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يشكل الدستور السمة الرئيسية للدولة العصرية"الدولة المدنية - دولة النظام و القانون" ، حيث يتضمن الدستور اسس نظام الدولة و النظام الأجتماعي و السياسي و آلية ممارسة سلطة الدولة و العلاقة المتبادلة بين الدولة و المواطن.
ويعد الدستور أهم مؤسسات الديمقراطية، و لكن ليس كل دولة لديها دستور ديمقراطية و دستورية و دولة نظام و قانون. لأنه فقط في الدولة الديمقراطية الشعب هو الحامل الحقيقي للسيادة و المصدر الوحيد لسلطة الدولة و الدستور. و الدستور في هذا النوع من الدول يحتل مكانة خاصة في النظام القانوني حيث تبنى عليه كافة مؤسسات الدولة و قوانينها، و يشكل الضمان القانوني للحقوق و الحريات و المصدر الأهم للتشريعات السارية.
و تتميز الدولة الديمقراطية بسيادة القانون و الألتزام الصارم بنصوص الدستور باعتباره القانون الأساسي للدولة الذي يعبر عن إرادة الشعب و ليس نخب أو احزاب سياسية بحد ذاتها.
و بشكل عام لا توجد دولة بدون قانون، و لكن مايميز بدرجة أساسية دولة القانون عن الدولة الدكتاتورية هو استناد نظامها القانوني على ضمان حقوق الأنسان و حرياتة.

في علم القانون الدستوري عادة ما يشار إلى أهميتين لمفهوم الدستور. الأهمية الأولى مفهوم الدستور الفعلي، ويعني التجسيد الواقعي للنظام الأجتماعي و السياسي و الثقافي و حقيقة واقع وضع الفرد في هذا البلد أو ذاك. و الأهمية الثانية المفهوم القانوني - الدستور هو مجمل القواعد القانونية الأساسية في الدولة التي تنظم إلى هذا المستوى أو ذاك الأسس الأجتماعية و الأقتصادية و النظام السياسي و الوضع القانوني للفرد و الضمانات للحقوق و الحريات... الخ.
و من اهم الخصائص القانونية للدستور المعترف بها عموماً تدخل الخصائص التالية:
- التأسيس و يتمثل في أن قواعد الدستور تثبت اسس النظام الأجتماعي و نظام و مؤسسات الدولة و مبادئ انشاء و نشاط هذه المؤسسات التي من خلالها تمارس الدولة سلطاتها والعلاقة فيما بينها وبين الأفراد، وتقر حقوق الإنسان وحرياته، وتضع الضمانات الأساسية لحماية هذه الحقوق وتلك الحريات وكفالة استعمالها وعدم المساس بها. اضافة إلى ذلك القواعد الدستورية تحدد نظام اتخاذ جميع القوانين و هرميتها في النظام القانوني.
- الشرعية و تكمن في تجسيد الدستور لأرادة الشعب. و الدستور يمتلك الشرعية بأبعادها الوطنية و الدولية فقط عندما يتم صياغته و اتخاذه بموجب المعايير الدولية للديمقراطية. و أي دستور تفرضه الطغم العسكرية أو الأنظمة الأستبدادية فاقد الشرعية.

- السيادة على جميع القوانين في النظام القانوني الوطني، أو بمعنى آخر أولوية الدستور أمام جميع القوانين و نفاذه المباشر، حيث يتميز الدستور بأعلى مرتبة من بقية القوانين أو ما أصطلح على تسميته بمبدأ سمو الدستور، ويقصد به علو القواعد الدستورية على غيرها من القواعد القانونية الأخرى، حيث يمنع صدور أي قانون يكون مخالفا للدستور. و يتضح سمو الدستور من الناحية الموضوعية في كونه يشتمل على القواعد المنظمة لكيفية ممارسة السلطة والعلاقة بين الحكام والمحكومين وحقوق الأفراد وواجباتهم وضمان حرياتهم، و من الناحية الشكلية يتبين في صعوبة الإجراءات المتبعة في عملية صياغة أو تعديل الدستور مقارنة بالقوانين العادية، و أهمية الدستور بكل تأكيد لا تأتي من مجرد وجوده ، وإنما تكمن في تطبيقه. و لهذا تعتبر الرقابة الدستورية من أهم الوسائل التي يمكن أن تحقيق هذه الغرض.

و الرقابة على دستورية القوانين تتمثل بمنع صدور أي نصوص قانونية أو تطبيق القوانين بصورة مخالفة للدستور، و تقوم بدور الرقابة بدرجة رئيسية اجهزة خاصة بالسلطة القضائية و عادة ماتكون المحكمة الدستورية، بالأضافة إلى رئيس الدولة، البرلمان، الحكومة و المحاكم العامة و الأشخاص الطبيعيين و الأعتباريين.
- الثبات و يعتبر شرط ضروري للنظام العام و سيادة القانون واستقرار النظام القانوني و نظام سلطة الدولة و العلاقة بين الفرد و الدولة، و هذه مسألة في غاية الأهمية خاصة للبلدان التي انتقلت حديثاً إلى النظام الديمقراطي.
و افضل وسيلة لضمان استقرار القواعد الدستورية يتمثل في وجود النظام المعقد للتعديلات الدستورية مقارنة مع القوانين العادية.
غير أن الثبات المقصود به هنا ليس الثبات المطلق الذي يؤدي إلى الجمود الكلي للدستور وعدم مجاراته للمتغيرات في المجتمع و محيطه، ومن هنا تأتي أهمية آلية التعديل التى ينبغي أن تحول دون تحقيق رغبات الحكام في إجراء أي تعديلات خدمة لمصالحهم الضيقة.
- الواقعية و تعني أن تكون ضروف تطبيق نصوص الدستور مضمونة بتوافر الشرعية و النظام القانوني. و يعتبر الدستور و اقعياً اصلاً عندما يتضمن نظام سلطة الشعب و حقوق الأنسان و حرياته.
وأي دستور لا يتضمن هذه الصفات القانونية يعتبراً شكلي و ديماغوجي و عملياً لا يضمن ابسط الحقوق للمواطن.

و يتضمن الدستور الديمقراطي الذي يجسد الأرادة الشعبيىة على مجموعة من المبادئ تكون ملزمة للمشرع و الجهات المفوضة في تطبيق القانون كلاً في مجال اختصاصه على حد سواء و أهمها:
- مبدأ سيادة القانون و استقلال القضاء والمبادئ العامة للعدالة، حيث يتمتع القانون بالسلطة العليا بعد الدستور ويخضع الجميع لأحكامه دون استثناء و لا يمكن صدور أي قرارارات أو ارشادات أو احكام و غيرها مخالفه للقوانين, ويتطلب ذلك وجود ضمانات لاحترامه، وتتمثل هذه الضمانات بدرجة رئيسية في وجود سلطة قضائية تتوافر فيها شروط الاستقلال والنزاهة والكفاءة وتكون مهمتها تطبيق القانون على كل ما يطرح أمامها من نزاعات.
- مبدأ الفصل بين السلطات
الدستور الديمقراطي لا يقوم على تركيز السلطة في هيئة واحدة ، وإنما يقوم على توزيع السلطات وتحقيق التوازن بين السلطات التشريعية "و وظيفتها وضع القوانين" والتنفيذية "و مهمتها تنفيذ القوانين" والقضائية "و مهمتها الفصل في النزاعات والخصومات"، بما يؤدى إلى عدم انفراد أي مؤسسة من مؤسسات النظام السياسي بالسلطة، و في نفس الوقت يحقق التعاون المطلوب بينها لتسيير العمل السياسي.
ويجب أن يتناول الدستور علاقة المؤسسات الدستورية فيما بينها، و من هذا المنطلق يجب أن ينص إما على الفصل المطلَق أو على الفصل المرن بين السلطات مع بقاء علاقة التأثير فيما بينها، ومعنى ذلك إذا كان الدستور يتبنى النظام البرلماني فإن الدستور قد ينص على حق الحكومة في حل البرلمان، وبالمقابل حق البرلمان في سؤال أعضاء الحكومة واستجوابهم والتحقيق معهم وسحب الثقة منهم. أما إذا كان الدستور يتبنى النظام الرئاسي الذي يعتمد عادة على الفصل الكامل بين السلطات، فالسلطة التنفيذية في هذه الحالة ليست مسؤولة أمام البرلمان و البرلمان لا يمكن حله من قبل السلطة التنفيذية.
ويضمن الدستور في جميع الحالات التوازن والرقابة المتبادلة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويطبق باتساق مبادئ الرقابة والمساءلة والمحاسبة القانونية والسياسية على المسئولين ويحمى حقوق المواطن وحرياته.

- ضمان الحقوق و الحريات
النص على حقوق الإنسان في الدستور يعد أحد الوسائل التي تؤدي إلى ضمان هذه الحقوق ومنع انتهاكها هذا من ناحية، و من ناحية اخرى يعني هذا التنصيص إن حقوق الإنسان مبادئ دستورية وطنية يجب على كافة السلطات في الدولة احترامها. والحقوق و الحريات و الواجبات يتم ممارستها على مبدأ المساواة . و هذا يعد المبدأ الرئيسي لتحديد الوضع القانوني للفرد. و مضمون هذا المبدأ متعدد الجوانب، و بدرجة رئيسية يعني المساواة أمام القانون و القضاء. و المساواة في الحقوق و الحريات بشكل عام تفهم بأنها المساواة في تكافئ الفرص، و ليس المساواة الفعلية في الأمكانيات التي من غير الممكن تحقيقها في الحياة العملية.
و الرقابة الرسمية على ضمان الحقوق و الحريات يأتي بدرجة اساسية من خلال هيئة مستقلة لحقوق الأنسان يرأسها مفوض لحقوق الأنسان يتمتع بالنزاهة و الكفاءة يتم أختياره من قبل البرلمان أو من قبل رئيس الدولة بحسب نظام الحكم و لا يمثل أي حزب سياسي، و تكون له صلاحيات و اسعة يحددها الدستور و توجيهاته ملزمة لجميع الجهات.

- التداول السلمي للسلطة، و يعد ابرز سمات الانظمة الديمقراطية، و مضمون هذا المبدأ يكمن في تداول السلطة بين القوى السياسية الشرعية المعترف بها قانونيا بالطرق السلمية و بدون اي خلافات او صراعات. و من شروط التداول السلمي للسلطة وجود انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة يتم في ضوئها القبول بالنتائج ومن ثم انتقال السلطة من النخبة الحاكمة الى التي تفوز بالانتخابات وفق النهج الديمقراطي.
و يعمل الدستور الديمقراطي على خلق المؤسسات والآليات اللازمة لتحقيق هذا المبدأ الذي ينتج عنها وجود نظام انتخابي وقانون يضمن دوريته وكيفية إجراء الانتخابات وشروط الترشح والمشاركة في العملية الانتخابية.

و يتكون الدستور المكتوب عادة من أجزاء تسمى الأبواب، و هذه الأبواب مقسمة إلى مواد و فقرات تتحدد بالعلاقات الحقوقية المشتركة في التسوية. و توالي الأقسام يأتي من حيث الأهمية.

في العديد من الدساتير بداية تأتي المقدمة أو الديباجة التي تشير إلى الضروف التاريخية لصدور الدستور وقيم الشعب وطموحاته وطبيعة الدولة والسلطة التي صدر الدستور بموجبها وتتضمن في بعض الأحيان مبادئ سياسة الدولة أو التأكيد على تبني حقوق وحريات الأفراد. والمقدمة متى ماوجدت في الدستور لها قيمة رمزية و قانونية هامة ويجري الاستعانة بها في بعض الأوقات في تفسير وتطبيق المواد الدستورية لحل الإشكالات القانونية، وأيضا في صياغة مشاريع القوانين.
- المبادئ العامة و التي هي اساس النظام الدستوري ، يتم فيها التأكيد على تبني حقوق وحريات الأفراد وتحديد الهوية السياسية و الثقافية للدولة و شكل الدولة و الأسس الأقتصادية و الأجتماعية و المبادئ الديمقراطية وسيادة القانون و تحديد العلاقة مع القانون الدولي، و لها أهمية قانونية كبيرة، حيث تشكل الأتجاهات الرئيسية في السياسة العامة للدولة.
- الحقوق و الحريات و الواجبات، و تعتبر الحقوق و الحريات من ابرز الموضوعات التي تحتل مكانة بالغة في دستور الدولة المدنية الحقوقية، و هذا يتطلب التفاصيل في الحقوق و الحريات و الواجبات. و لابد في هذه الحالة أن يحدد الدستور الحقوق المدنية و السياسية و الحقوق الأقتصادية و الأجتماعية و الثقافية.
و الدستور في مواضيع أخرى لا يدخل في التفاصيل كما هو الحال في الحقوق و الحريات، و إنما يحدد الأتجاهات الرئيسية التي بناءً عليها يتم اصدار قوانين خاصة مفصلة و إجراء التعديلات على القوانين الأخرى النافذة.
و في جميع البلدان التي عانت من نظام الفساد و الحسوبيات و الأدارة السيئة بالضرورة إلى جانب الدستور اتخاذ عدد من القوانين الحقوقية و أهمها:
قانون علانية اقرار الذمة المالية، قانون مكافحة الكسب غير المشروع، قانون الأنتخابات، قانون السلطة القضائية، قانون المحكمة الدستورية أو الجهة القضائية المخولة بالرقابة على دستورية القوانين، قانون استرداد الأموال المنهوبة، قانون تضارب المصالح، قانون الحصول على المعلومات ... الخ، مع إجراء التعديلات اللازمة بكل تأكيد في القانون الجنائي والأداري و تشديد الأحكام المتعلقة بمكافحة الرشوة و المحسوبية و أستغلال الوظيفة العامة في قانون العقوبات. .
ثم تأتي الأبواب الأخرى التي تنظم نشاط و مهام و صلاحيات السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية "رئيس الدولة و الحكومة"، القضاء و النيابة العامة ، شكل البناء الأقليمي للدولة ، و المحكمة الدستورية و الأشارة إلى غيرها من الهيئات الدستورية المستقلة كهيئة الانتخابات، هيئة وسائل الأعلام، هيئة حقوق الانسان، هيئة التنمية المستدامة وحقوق الاجيال، هيئة مكافحة الفساد و الحكم الرشيد ... الخ. و هذه الهيئات مطلوب منها أن تعمل على دعم الديمقراطية و أن تتمتع بالاستقلالية المالية والادارية وتعين من قبل البرلمان وتعد تقارير سنوية تعرض للبرلمان، ويوكل للقانون مهمة ضبط تركيبها والتمثيل فيها وانتخابها ومساءلتها و أخيراً تأتي أحكام تعديل الدستور و الأحكام الانتقالية و الأحكام الختامية.

و تعديل القواعد الدستورية يعد وسيلة من وسائل إيجاد التلاؤم بين متغيرات الواقع والنصوص الدستورية، وسد الفراغ الذي يظهر بين الواقع السياسي و الواقع الدستوري. و لهذا تخصِص بعض الدساتير باباً مستقلاً لتعديل الدستور، وذلك نظرًا لأهميتة من حيث كونه يمس بعض نصوص الدستور بالحذف أو الإضافة. فيجب أن يعالج الدستور في هذه الحالة المسائل التالية: الجهة التي تتولى تعديل الدستور، طريقة تعديل الدستور، شروط تعديل الدستور. وأهم طرق تعديل الدستور هي الاستفتاء الشعبي العام المباشر، وهناك طريقة أخرى ايضاً في الدساتير الجامدة هي استفتاء اعضاء البرلمان بالأغلبية المطلقة مقارنة مع القوانين العادية.

و يتطلب صياغة الدستور الوضوح في النصوص و استعمال عبارات و كلمات دقيقة و مفهومة و جمل و عبارات و اضحة و غير معقدة في تركيبها و مفاهيم علمية قانونية و سياسية متعارف عليها. و يجب أن تكون مقتضيات النص الدستوري متناسقة و متماسكة و أن تكون في لغة متجانسة وعدم وجود أي تناقض أو تكرار و غير قابلة لأكثر من تأويل.
و لا بد من انقضاء فترة زمنية معقولة بين إعداد مشروع الدستور وبين إعلانه علي الشعب وتاريخ الإستفتاء عليه، حتي يمكن دراسته وتحديد الموقف بشأنه و اتاحة الفرص المتكافئة لكل القوى والإتجاهات للتعبير عن آرائها فيه.
و عندما يدخل الدستور حيز التنفيذ يصبح بمثابة القانون الأعلى للدولة، ويحل محل ما سبقه، كما يوفر المبادئ التوجيهية لتفسير جميع القوانين الأخرى. ويجب موائمة جميع التشريعات الصادرة من قبل الدولة للدستور، و اصدار قوانين جديدة تتضمن تفاصيل ما تضمنته بعض مواد الدستور. و أي تشريعات تتعارض مع الدستور تقتضي التعديل أو الألغاء .

و عادة الدساتير الجديدة يتم اتخاذها اثناء ظهور دولة جديدة ، تغيير نظام الحكم و خاصة في الحالات الثورية أو نتيجة لتغيرات جوهرية في المجتمع و الدستور القائم اصبح غير قابل لأستيعاب التطورات الجديدة من خلال تعديله.

و عملية صياغة دستور جديد أو تعديل دستور قائم تحمل اهمية استثنائية في حياة الشعوب خاصة لو الحديث يدور عن المراحل الأنتقالية من انظمة الفساد و المحسوبيات الأستبداد و الأدارة السيئة، لأنه يشكل اساس بناء دولة جديدة. و هذه مسألة في غاية الأهمية خاصة بالنسبة لليمن الذي يعيش الآن حالة من الصراع السياسي والفراغ الدستوري في ظل غياب السلطة الشرعية منذو فترة طويلة من الزمن.

: الأساليب الديمقراطية لصياغة الدستور تقوم على اختيار الشعب وحده لطريقة نشأة الدستور، وتأخذ شكلين
- تشكيل هيئة تأسيسية من قبل الشعب.
و الهيئة التأسيسية هي لجنة خاصة منتخبة من الشعب يشارك فيها اخصائيين في القانون مهمتها صياغة مشروع الدستور ينتهي دورها بعد اتخاذ الدستور.
- تشكيل لجنة منتخبة من البرلمان مؤهلة علمياً وفنياً.
وفى كلتا الحالتين يعرض المشروع على الشعب للاستفتاء عليه.
فى الاستفتاء الدستورى (التأسيسى) يطرح مشروع الدستور المقترح على المواطنين لإبداء الرأى بشأنه سواء بالموافقة أم بالرفض. فإن وافق عليه الشعب أصبح دستوراً نافذاً واكتسب صفة القانون الأساسي للدولة. أما إذا حدث العكس ورفض الشعب المشروع فإنه يعتبر كأن لم يكن.
و طريقة الأستفتاء هي احدى مؤسسات الديمقراطية تمكن الناخب من التعبير عن رأيه فيما يتعلق بالأستفسار عن موافقته على مشروع الدستور بلا أو نعم. لكنه لا يستطيع أن يشارك برأيه في إجراء أي تعديلات. وبدون النقاش الأولي لمشروع الدستور من قبل الشعب أو على الأقل في البرلمان المواطن العادي ليس بمقدوره الخوض في وثيقة قانونية معقدة كالدستور.

في اليمن كما هو ملاحظ البرلمان فقد شرعيته لتجاوزه الفترة القانونية لأسباب معروفه، و صلاحياته مؤقتة و محدودة. و لجنة صياغة الدستور شكلت من قبل المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني للقوى السياسية الذي لم يتم انتخاب اعضائها من قبل الشعب وأنما تم اختيارهم من قبل الكيانات المشاركة. و هذه الكيانات لا تعبر إلا عن مصالحها وهذا يبدو واضحاً من خلال الصراعات السياسية المستمرة فيما بينها على السلطة. و السبب الرئيسي لهذا الصراع المزمن و المستدام يكمن في غياب دستور الدولة المدنية الحقوقية، الذي يضمن ليس فقط الحقوق و الحريات و العدالة الأجتماعية و المواطنة المتساوية، وأنما ايضاً المصالح المشروعة لجميع الأحزاب و القوى السياسية.
و لهذا تحتل اهمية كبيرة مسألة تقديم مسودة الدستور للمنضمات الحقوقية الدولية كمنضمة هومن رايتس و و تش و المؤسسة الدولية للديمقراطية و الأنتخابات و غيرها من المنظمات الدولية للتقيم و ليس للتعديل، و أن كانت هذه سابقة جديدة في تاريخ العملية السياسية في اليمن، إلا انها لا تنتقص من السيادة الوطنية، حتى يتمكن المواطن البسيط من امتلاك فكرة عن مضمون مسودة الدستور من خلال الأراء والتقييمات المختلفة و الحيادية و لكي يتمكن من التعبير عن ارادتة الكاملة.

: الأهمية الخاصة لتوسيع دائرة النقاش لمشروع الدستور اليمني تكمن بدرجة اساسية فيما يلي
- غياب السلطة الشرعية في اليمن من الناحية القانونية و المعايير الدولية للديمقراطية .
حيث و كما هو معلوم للجميع حالياً في اليمن توجد سلطتين تتنازع على السيادة، احداهما سلطة الأمر الواقع التي بسطت نفوذها على العاصمة صنعاء و جزء من المناطق الشمالية، و الأخرى السلطة الرسمية في عدن و أجزاء من المناطق الشمالية و بعض المناطق الجنوبية. و السبب الرئيسي إلى جانب عوامل آخرى لهذه الأزدواجية في السلطة هو تمديد المرحلة الأنتقالية التي حددتها المبادرة الخليجية وأليتها بعامين و انعدام المشروع الوطني المشترك لجميع القوى السياسية الفاعلة على الساحة اليمنية.
- مسودة الدستور اليمني الجديد هي مشروع دستور نخب سياسية، وهذا ما يبدو و اضحاً من خلال لجنة صياغتة.
- الدستور من المفروض أن يشكل اساس بناء دولة حديثة ديمقراطية كضرورة موضوعية يفرضها الواقع اليمني بمختلف الأبعاد و أهمية هذه الدولة تتعدى الحدود الوطنية.
. - الدستور سيسبق الأنتخابات البرلمانية و الرئاسية - الأمية الأبجدية و السياسية العالية في اليمن و تدني الوعي الحقوقي و الثقافة القانونية.
- الحفاظ على الثبات و خلق الأستقرار الذي مازال غائباً في اليمن منذ عقود من الزمن.
و تجدر الأشارة هنا إلى أن الأستقرار بشكل عام و كقاعدة عامة يمكن تحقيقه إما من خلال اساليب غير ديمقراطية أو من خلال التطوير الواسع للديمقراطية. في الحالة الأولى تاريخياً، الأستقرار يكون مؤقت لأنه يعتمد على توافق المصالح لقوى سياسية بحد ذاتها في ضروف سياسية قابلة للتغير في أي وقت. أما في الحالة الثانية يكون الأستقرار دائم لأنه يستند على اسس ديمقراطية ثابته و مساندة شعبية شاملة و من هنا في الحالة اليمنية تأتي أهمية الدستور الذي يجب أن يعبر عن إرادة الشعب.

الخلافات الرئيسية بين القوى الساسية في اليمن فيما يتعلق بمسودة الدستور الجديد كما هو واضح تدور حول مسألة الأقاليم و تنحصر في نقطتين:
الخلاف على عدد الأقاليم
الخلاف على تقسيم الأقاليم
وهذه مسألة يمكن تأجيل البت فيها للأعتبارات التالية:
- مبررات اقتصادية -عدم و جود الموارد الكافية لتمويل مشروع سياسي ضخم كهذا.
- مبررات سياسية -عدم وجود دولة حديثة.
- مبررات قانونية - غياب الأرادة الشعبية في تحديد الشكل الفدرالي للدولة اليمنية من عدمه.
بالأضافة إلى ذلك عدم جاهزية القوى و الأحزاب السياسية لهذا الشكل الديمقراطي المتطور لأدارة الدولة، و غالبية القوى السياسية التي تؤيد النظام الفدرالي كما هو ملاحظ لا تنطلق من الأهمية الديمقراطية لتوزيع إدارة شؤون الدولة افقياً و رأسياً، و أنما ترى فية الطريقة الممكنة لتوزيع الثروة و السلطة من منطلقات مناطقية ، و بعض القوى الأخرى التى تعارض هذا المشروع ترى فيه أنه ربما سيحد من نفوذها ليس إلا.
لذا ينبغي تأجيل موضوع الأقاليم لفترة خمس سنوات مع العودة إلى التقسيم الأداري في اطار الجغرافيا الجيوسياسية لما قبل التسعينات فيما يتعلق بالشطر الجنوبي و الشمالي و لكن بصلاحيات واسعة. بعد خمس سنوات يجري الأستفتاء على الأقاليم ستة أو اثنين أو أقل أو أكثر.

و فيما يتعلق بالمسألة الثانية من الخلاف، التقسيم الأداري ينبغي أن يقوم على دراسات عميقة و متكاملة تأخذ بعين الأعتبار الخصائص الأقتصادية و الأجتماعية و السياسية و الثقافية و حجم الموارد البشرية و الطبيعية، بما شأنه خلق التوازن و الأستقرار و التكامل.

و لأن اليمن عانى كثيراً من نظام الفساد و المحسوبيات و الأدارة السيئة من الضروري تضمين الدستور بأحكام ترمي إلى تعزيز الشفافية والمساءلة ، وإنشاء محاكم مستقلة ، فضلا عن غيرها من المؤسسات التي يمكن من خلالها ملاحقة المسؤولين عن الفساد. لهذا من الضروري على أن ينص الدستور بأنه "لا يمكن أن تكون الوظائف في مؤسسات الدولة مصدرا للثورة و لا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة و أن يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام و الوظائف في الدولة بدون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون" . القانون يجب أن يستدرك بدرجة اساسية عدم تولي الأقارب للوظيفة العامة في المؤسسات العليا للدولة حتى الدرجة الخامسة "لأن المجتمع اليمني مناطقي و عشائري" و الأزدواج الوظيفي و على أن تكون المعايير الأساسية لتولي الوظائف العامة " المهنية و الكفاءة و النزاهة".
و يجب بلورة المادة 20 من المعاهدة الدولية لمكافحة الفساد فيما يتعلق بالكسب غير المشروع و الذي يتطلب تقديم تقارير سنوية عن الدخل و المصروفات لشغائلي الوظائف العلياء في الدولة. و المادة 30 من المعاهدة الدولية المشار إليها فيما يتعلق بإيجاد توازن بين الحصانات الممنوحة للأشخاص ذوي الصفة الرسمية لتسهيل مهامهم و إمكانية القيام بالتحقيقات الفعالة و الملاحقة الجنائية و اتخاذ القرارات القضائية المتعلقة بجرائم الفساد عند الضرورة.
كما يحتل أهمية بالغة النص بالألتزام بسيادة القانون و على أن الدستور اليمني له القوة القانونية العليا و أن تأثيره مباشر و يطبق على كامل اراضي الدولة اليمنية ، و لا يجوز أن تتعارض معه القوانين والتشريعات القانونية الأخرى، و بأن مبادئ وقواعد القانون الدولي المعترف بها عموماً ، فضلاً عن الاتفاقات الدولية التي يصادق عليها مجلس النواب اليمني تعتبر جزءاً لا يتجزأ من النظام القانوني للدولة اليمنية. و لا يمكن المصادقة على الأتفاقيات الدولية التي تتعارض مع الدستور اليمني إلا بعد إجراء التعديلات الدستورية اللازمة. وفي حال حددت اتفاقية دولية صادق عليها مجلس النواب اليمني قواعد تختلف عن تلك التي ينص عليها القانون، ينبغي تطبيق قواعد الاتفاقية الدولية. و بكل تأكيد من الضروري إصدار القانون الذي ينظم عقد وإبرام الأتفاقيات الدولية و دخولها في القانونية. و أصدار قانون العدالة الأنتقالية إلى جانب القوانين الأخرى المشار إليها آنفاً.

بلا أدنى شك الأوضاع الآن في اليمن معقدة للغاية و المعطيات الراهنة على الساحة اليمنية تشير إلى سير الأمور نحو حرب أهلية أو تشكل دويلات ستشهد بكل تأكيد حروباً داخلية و خارجية إذا ما ظلت القوى و الأحزاب السياسية على حالها تفتقر إلى المشروع الوطني المشترك و تفكر بالطرق القديمة، و فيما إذا ظل الموقف الدولي يعاني من إفتقار المنهجية العلمية في التعامل مع الأزمة اليمنية و ضعف القدرة على ممارسة الدبلوماسية الوقائية ضد التهديدات الناشئة.

و أي قوى أو احزاب حريصة عل استقرار اليمن في هذه الضروف يجب عليها أن تعي جيداً أن الأستقرار لا يأتي فقط من خلال اتخاذ التدابير اللازمة و الفورية لمعالجة تدهور الحالة الأمنية و الأنسانية و الأقتصادية، و أنما العمل على الأنتقال إلى مرحلة بناء الدولة من خلال دستور ديمقراطي وإ جراء الأنتخابات البرلمانية و الرئاسية الحرة و النزيهة في أقرب و قت ممكن، وأن تعمل كلما في و سعها في هذا الأتجاه، لأنه فقط من خلال تحقيق هذا الأنجاز يمكن تجنيب اليمن الحرب الأهلية أو تشكل دويلات غير مستقرة و فاشلة ، و يحول دون تحول اليمن إلى منطقة للصراعات الأقليمية و الدولية و مناطق محتملة للأرهاب، و على جميع الأحزاب و القوى السياسية دون استثناء أن أن تعي ايضاً جيداً أن استقرار اليمن جزء لا يتجزأ من الأستقرار العالمي. و في ظل تزايد الأعتماد المتبادل بين الدول و عالمية التطور العالمي يصبح استقرار أي دولة و حقوق الأنسان و الديمقراطية و سيادة القانون ليس شأناً داخلياً لأنه يمس مصالح جميع الدول.
لذا من الضروري أن ترتقي جميع الأطراف ذات العلاقة إلى مستوى المسؤولية وأن تنحصر الخطوات لحل الأزمة بما يلي:
- تحديد موعد الأنتخابات البرلمانية و الرئاسية الحرة و النزيهة في شهر سبتمبر من هذا العام تحت اشراف مباشر من قبل المجتمع الدولي و مجلس الأمن الدولي على وجه الخصوص. . -اجراء التعديلات اللازمة لموسودة الدستور اليمني بحيث يجسد الأرادة الشعبية و ليس النخب السياسية و يتضمن اسس الدولة المدنية الحقوقية. و من ثم الأستفاء علية.
و بكل تأكيد الأتفاق على ماورد سيسهل توصل الفرقاء السياسيين إلى توافق فيما يتعلق بالمسائل الأخرى بما فيها المسائل التقنية، وأي حوار لا يقوم على هذه الأولويات هو مضيعة للوقت و لن يفظي إلى أي حلول عملية و بناءة.









#رياض_طه_شمسان (هاشتاغ)       Reyad_Taha_Shamsan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسباب الحقيقية لأجتياح صنعاء و المخارج العملية لمنع الأنهي ...
- التبعات القانونية و السياسية لعدم انتهاء مؤتمر حواراليمن الو ...
- مفهوم شكل البناء الأداري لأقليم الدولة والأشكالية في بناء ال ...
- نهاية الشرعية الوطنية والصلاحيات الدولية للسلطة السياسية في ...
- الواقع السياسي في مصر وغيرها من بلدان النظام الأنتقالي والمع ...


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض طه شمسان - دستور الدولة المدنية الحقوقية و كيفية الوصول إلى حل الأزمة اليمنية