أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - ليست لأنها مشتركة فقط...















المزيد.....

ليست لأنها مشتركة فقط...


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4739 - 2015 / 3 / 5 - 10:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




أربعة أيام فرّقت بين حادثة الاعتداء الفاشيّ على النائبة حنين زعبي في المركز الأكاديمي في رمات غان، وبين المناظرة التلفزيونية التي شارك فيه المحامي أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة، مع سبعة رؤساء قوائم آخرين وعرضتها القناة التلفزيونية الاسرائيلية الثانية يوم 26.2 الماضي.

ربما كان الاعتداء على النائبة زعبي، حادثةً "عادية"، خطّط لتنفيذها نفر من أوباش اليمين الفاشي، الذين لاحقوا في الماضي وما زالوا يلاحقون، قيادات سياسية عربية ويهودية ديمقراطية، ونجحوا، في بعضها، وسببوا للمعتدى عليهم أضرارًا جسدية وغيرها. خطورة هذه الحادثة أنّها تشكّل مشهدًا من فصل من رواية سيسجّلها "نقّاد المآسي"، في المستقبل غير البعيد، واحدةً من روايات الرعب التي كانت حروفها تسفك كل يوم على قارعات دروبنا وعتبات بيوتنا.

كانت مشاركة أيمن عودة لافتةً ومغايرةً، واستجلبت، لذلك، ردود فعل متباينة؛ فبعض المشاهدين العرب و"المحللين" انتقدوا نعومة كلام أيمن ولين خطابه، وتمنّوا لو أنابت القائمة المشتركة ممثلًا آخر عنها، يجيد ترديد رباعيات الردح ومزامير الغضب، فمثل ليبرمان وبينيت ودرعي، هكذا كتبت قلّة من المعلّقين، لا تنفع معهم لباقة ولا يسعف لسان ذرب سليط حتى وإن كان يقطر حقائق ووجعًا ووخزا.

بالمقابل، كان تقييم كثيرون من المشاهدين العرب لمشاركة أيمن إيجابيًا وممتازًا، وعبّر هؤلاء عن راحتهم من مضامين مداخلاته ومن الأسلوب الذي اختاره عن سابق قرار، كما شرح هو بنفسه، بعد المقابلة، حين حاول الرد على بعض منتقديه، وعلى بعض المزايدين المؤمنين، منذ اختراع الثورة الأولى، أن بالتصفيق وحده تحيا أوطان وأن بالهتاف يشاد بنيان.

قسّمت المذيعة، يونيت ليفي، التسعين دقيقة على خمسة محاور، حاولت أن تكون فيها منصفة، فحصّة أيمن قاربت على العشر دقائق فقط، مثله مثل باقي المشاركين. على قصر الوقت المعطى له، تحوّل، برأيي، بأسلوبه الهادئ وبمضامينه الواضحة، إلى الشخصية الأكثر جذبًا لاهتمام المشاهدين المتلقين.

من الواضح أن المشاركين اليهود، باستثناء رئيسة "ميرتس" زهافا جلئون، كانوا يفضلون مشاركًا عربيًا نمطيًا، يناطح ليبرمان نطاح الفحول والوعول، ولا يجيد استعمال قلبه ولسانه، مع أنّ اللسان وسيلة البشر للقلوب ورسول العقول للعقول.
كلّي ثقة أن ليبرمان، حين وصف أيمن وقومه بالخونة وبالطابور الخامس، لم يتوقع أن يخاطب أيمن جموع المشاهدين ويذكّرهم في أي حزب يتفشى الفساد وكيف تتكاثر في أحزاب من يهاجمونه أجنة الجريمة، وحين تنّح "بينت" وتعمّد قذف سمومه العنصرية دون هوادة، وهاجم العرب وعيّرهم بالانتماء لفلسطينيّتهم ووطنيتهم وتوّعدهم على ذلك، أجابه أيمن، بهدوء ميناء عكا وبوضوح عاشق من فلسطين: "أنا ابن الكرمل، أنا ابن الجليل وأنا فخور بانتمائي الوطني، متى ستتحدثون كالآدميين والبشر يا أبناء الماضي؟".

أعجب ممّن عابوا على أيمن هدوءه، ولم ينتبهوا لمن كان يسجّل النقاط في تلك المساجلة وعلى حساب من؟ كم كان هيّنًا على محاور عربي "شلقوط وشاطر" أن يقاطع فاشيًا، يستدر عطف مصوّتيه العنصريين صارخًا بشعارات تحريضية وديماغوغية قاتلة، بصراخ أقوى وبانفعال مصارع: "عد إلى روسياك، فهذه بلادي ولا مكان لكم أيّها اليهود معنا فيها"، وكم كان هيّنًا على محاور عربي "قبضاي" الانفلات بزعيق حتى البحاح، يطلقه في وجه ذاك العنصري وهو يعلن أمام شعب إسرائيل بأن هذا الأيمن العربي غير أهل بمواطنته الإسرائيلية لأنه خائن، ولأنه يتضامن مع شريكته في القائمة وهي تصف الجنود الإسرائيليين بالإرهابيين وترفض أن تدين قتلة الأطفال اليهود؟

مرّةً أخرى، لم يصرخ أيمن! بل، بهدوء الماس وصلابته، أخذ يدق على أجفان اليهود الناعسة، ويحرج من كانوا يحاولون التحليق على جناح وطنية صهيونية قاتلة، وبصوته الكاشف يوبخ ليبرمان متسائلًا: "هل تعرف،أن عاقلًا قد قال في أشباهك، إن الوطنية تكون أحيانًا ملجأ للخسيس"، قالها ومضى في إنسانية دافئة، وأعلن أنه فقير وأن أبناء قومه فقراء، وهو لذلك يعد أن يمثل في الكنيست كل الفقراء والكادحين، حتى أولئك الذين سيصوتون لدرعي وغيره.. فاليمين على أطيافه أوصلكم إلى طريق مسدود والاحتلال مأساتنا، وأكمل ينبه المشاهدين أن القضية تبقى فيما يحوّله هؤلاء الساسة العنصريين من مليارات للمستوطنات وهي على حساب ملايين الفقراء من عامة الشعب والمرضى والمسنين.. لم يتلعثم، ولم تشِ لغة جسده، كما رآها البعض، بضيق وحرج، فأنا شاهدته واقتنعت منه؛ أنه جزء من طبيعة هذه البلاد ولونها، تمامًا كما أوضح ليشاي وبينت والمشاهدين، وأنّه ينتمي لفضاء هذا الوطن الرحب، وأنه يشبه الصحراء في النقب، وظلّه ينام تحت سنديانة وارفة في وادي القرن، وهو ليس بحاجة ليفتش عن مكان بديل ولا عن وطن بعيد.

بعد المناظرة، سجّل رصيد القائمة المشتركة ارتفاعًا ملموسًا في سلم الشعبية، وفقًا لما نشر في العديد من المصادر اليهودية. مشاركة أيمن تحوّلت إلى محطة نجاح ورافعة هامّة، لم يستطع حقد العنصريين حجبها أو اسقاطها. بعض المشاهدين اليهود رأوا بما سمعوه وعدًا لفجر سياسي جديد، ليس فقط لأن أيمن أصر أن يتحدث باسم المستقبل، والشراكة الحقة، بل لأنه تحدث عربيًا فخورًا بوطنية تفيض انسانية، وأوضح بأنه شريك آدمي واع لإنسانيته، أنه يفتش عن شركاء للسلام وحلفاء لإنهاء الاحتلال والعيش بمساواة قومية ومدنية كاملتين.

لم يحاول أيمن أن "يطحن" من حاولوا استفزازه وجرّه إلى خانة الضحية البكاءة المتوعدة المتربصة المهددة والمنتصرة حتمًا على غزاة أرض أجدادها، سرّاقي بيّاراتنا وقطاع أرزاقنا، الكفّار، الصهاينة الأعداء، النهابين الذين يتوعدهم الله بالويل والثبور وبعظائم الأمور. تحدث، بدون خوف وكصاحب حق، والأهم أنه خاطب من قد يخسرون من قمارهم الخطير.

أربعة أيام مضت على تلك المناظرة حتى قرر غلاة العنصريين الاعتداء على النائبة حنين زعبي. ومن يدري فربما خطط المعتدون، علاوة على المس بالنائبة زعبي، إلى تذكير كثيرين من اليهود أن القائمة التي تحدث باسمها أيمن، هي أيضًا قائمة حنين الزعبي، وذلك في مسعى من هؤلاء، لمحو ما تركته تلك المناظرة من تأثير بين كثيرين من اليهود، فهل سينجح هؤلاء الأوباش؟ الجواب سيبقى عند المشتركة.

يتبع...



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لأنها مشتركة..
- حين يخاف عاموس عوز
- ظلم في العدل العليا
- قائمة تفتش عن لغة
- ومض أم شرار؟
- ما قاله أبو الطيب في أهل العزم
- حين تعشق العرب ظلالها
- حليفنا ، أبراهام بورغ
- تصبحون على وحدة
- كل ماركت وأنتم بخير
- نشيد للوحدة أم دعاء للخلاص
- أسعفيني يا عين
- مرسيل يوقظ الحنين في المغرب
- حكاية بسمه
- رسالة الى وائل كفوري
- دش آيدول
- أحمقُ من ظالم
- عندما يحلم عمر بالحصاد
- القدس عاصمة الخلاف
- أوقاف تنتظر يوم نفيرها


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - ليست لأنها مشتركة فقط...