أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زكريا كردي - المسلمون يواجهون ...أزمة نص لا أزمة شخص..















المزيد.....

المسلمون يواجهون ...أزمة نص لا أزمة شخص..


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 4738 - 2015 / 3 / 4 - 22:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أزمة نص لا أزمة شخص..
- عندما تُثبت التجربة خطأ أيديولوجيا أو عقيدة ما ، أوعندما يكذب الواقع العلمي نظرية أو فكراً ما، يتعين حينئذ على الانسان العاقل ان يعيد النظر فيما يعتقد، وفيما يفكر.. وأن يبحث عن اصل الخلل في أركان نظريته .. ولكن إذا أصرّ على صحة تلك النظرية المقدسة لديه ، رغم وجود تجربة - ولو واحدة- تُخطأها ، ازداد المُصرُّ ابتعاداً عن العقل العلمي والتجريبي القويم على حد تعبير كارل بوبر.. وأما إذا وصل الأمر إلى العناد والإيغال في الاعتقاد المطلق بالنظرية والهروب من خطأ التجربة، والدعوة إلى انتظار الواقع المناسب للنظرية كي تتحقق.. عند ذلك سيقع المرء بالتفكير الساذج والمضلل، وتنقلب النظرية ديناً جديدأ، ونسقاً فكرياً مغلقاً يستعص على الفهم والعقل، ويطلق على مريديه أهل الايمان والنقل، حتى ولو ادعوا البحث العلمي أو اختبئوا وراء عقلانية برّاقة .. ويصبح موضوع الإيمان لديهم ، عائقاً آخراً أمام الحقيقة كي تظهر، وأغلالاً جديدة تخنق العقل الانساني وتمنع عنه دهشة السؤال ، وهو المثقل أصلاً بتاريخٍ مضنٍ للطبيعة البشرية وتطورها ..
تاريخياً ، ظهر الفكر النقدي في التاريخ الاسلامي ، في بداية القرن الرابع الهجري، حيث نشأ ما يسمى الحركات الفكرية العقلية كالمعتزلة ، التي غلبّت العقل على النقل في فهم الكثير من أركان العقيدة الإسلامية.. وشكّل الفكر الإعتزالي، برأي، محاولة حقيقية أولى لحل الإشكال الذي يسببه النص الإسلامي (القرآن)، في الافتراق عن الواقع ، وكان إدراكهم العبقري والجريء آنذاك، أن الحرفية في التطبيق والفهم النقلي للقرآن، مفارق للحقيقة ويعتبر مخالفة واضحة لأبسط قواعد المنطق، وسيتسبب بالضرورة يوماً ما هذا بالإرباك الفكري أو البلبلة العقلية للمؤمنين بهذا النص .. مما سيبعدهم عن فهم حال العلم وأحوال العالم.. ويجعلهم محط سخرية الأمم. وبرغم أن أصحاب الاتجاه العقلي من المسلمين، لم يستطيعوا أن يحققوا انتصاراً مطلقاً، على أصحاب الفكر النقلي، بمن فيهم، الذين سُموا زوراً بالفرقة الوسطية من الأشاعرة . إلا انهم وبحق، استطاعوا ترك أثراً هاماً في مسار الفكر الديني الاسلامي ككل..
الآن وقد أصبح المسلمون على أعتاب القرن الحادي والعشرين بتعداد يفوق المليار، وبعد ان وصل حال المسلمين إلى ما وصل إليه، من تخلف واضح عن ركب الحضارة والعلم، ومن إنقسامات وتشظ إلى ما يفوق الاثنتان وسبعون فرقة ، تكفر بعضها بعضاً .. وتسابق كل فرقة أختها في الغلو والتطرف أو في إصطناع الأوهام والتخلف ..إلى درجة بدا وكأن المسلمون يعادون البشرية قاطبة .. وأن العالم مقبل لا محالة على معركة (أهرمجدون ) حاسمة ، ضد أتباع الدين الاسلامي ..
الأمر الذي يتطلب من كل ذي عقل رشيد ..الالتفات إلى السؤال الذي يؤرق دوائر البحث الثقافي في المشرق والمغرب ..هل الاسلام يشكل سداً منيعاً أمام أتباعه كي يلتحقوا بركب الحياة الإنسانية المعاصرة..؟ وهل القرآن (مصحف عثمان) وصحيح الحديث من السنة النبوية.(بخاري ومسلم) يطبق كله كما هو حرفياً..؟ أم لا بدًّ من تفعيل آلية التأويل العقلي ..؟ وهل يا ترى يكفي التأويل العقلي مع آيات بعينها تسيء للعلاقة بين المسلمين من جهة وبين المسلمين والعالمين من جهة أخرى...؟ مثل آيات الجهاد والقتل والذبح والغنائم والنكاح ...الخ
والتي يظهر للعيان تمظهرها في سلوك الجماعات الاسلامية الجهادية (دولة الاسلام والقاعدة ) فمثلاً لو تفحصنا بإنصاف الأسباب البعيد في المعاملة اللاإنسانية للموتى من الأعداء من قبل المسلمين الملتزمين بأصول الدين، تعود إلى أصول العقيدة الحرفي من آيات وأحاديث غرست في وعيهم الإيماني، والتي جعلت هذا المسلم المتشدد يميل إلى اعتبار أعضاء مجتمعه الخاص (المسلمين) ومعاملتهم على أنهم كاملو الإنسانية ، والشعور بأن أغلب الجنس البشري من الغرباء أقل إنسانية على نحو ما، وهم بناءً على ذلك لا يستأهلون تماماً أن يتمتعوا بالحقوق الإنسانية الكاملة.. لأنهم من أولاد القردة والخنازير.. وهم كما وصفتهم فاتحة الكتاب بالمغضوب عليهم أو هم من الضالين ..حسب النص الذي يردده خمس مرات على الاقل يومياً ثم يفيد الحديث الصحيح والمفسرين (الطبري وابن كثير والسيوطي وغيرهم) أنهم الكفار من أهل الذمة (المسيحيون واليهود) وكل من هم غير مسلم..
وهنا يبدو المسلمون المعتدلون هم من يحرّفون الكلم عن مواضعه، بينما المسلمون الحرفيون أو كما يطيب للبعض تسميتهم بالمتشددين، هم من يلتزمون بفحوى النص القرآني والسنة النبوية.. وهم الذين يتجلى في سلوكهم ذاك المبنى والمعنى للآيات وصحيح الحديث.. وما رفض المعتدلين لهم ولسلوكهم وفهمهم لحقيقة الإسلام سوى تفكير وهمي مرده إلى أمرين : أولهما التفكير الرغائبي والتمني بأن لا يكون الدين هكذا.. وثانيهما : أنه أي المعتدل ، جاهل بدينه ولا يعرف عنه سوى بعض المرويات الشفهية من هنا وهناك . وفي الحقيقة ، غالباً ما تكون حججه هشة وعباراته انفعالية جاهزة مثال: الدين لم يقل هذا، ولا يقصد هكذا .. وبالتالي الهروب من مواجهة حقيقة الامر ..ومن ثم تأخير لحضور قاطرة الاصلاح والتطور لهذا الدين والعقيدة ...ومن ثم عدم الاعتراف بالمشكلة..
لكن لماذا تفاقمت هذه المشكلة الآن ..؟ ولماذا في الدين الاسلامي بالذات ..؟ الاجابة ببساطة العجالة ، وبعيدأ عن الكوامن السياسية الحقيقية للمسألة : لأن الاسلام يعتبر أكثر الاديان الابراهيمية شمولية، التي يبلغ تأثيرها إلى تغيير الجبلّة والطباع، وهو أي الاسلام عقيدة خطرة جداً، على فكر معتنقيها، لسبب أنها تقدم القرآن أنه كلام الذات الآلهية مبنى ومعنى، وبالتالي يصبح كل مسلم مؤمن بهذه الحقيقة الاسلامية أصولي بالضرورة ..على حد تعبير حنا أرندت.
وكلما أوغل الدين في الشمولية السلطوية على حياة معتنقيه كلما ابتعد هؤلاء أكثر عن تقبل العلم أو الحداثة سواء الفكرية أو الثقافية بل حتى الأخلاقية ..وصَعّبَ بالتالي ولوجهم إلى رحاب التقدم والتنوير ، وهو حال دين المسلمين، إذ أن الاسلام- كما قلنا - دين شمولي بامتياز، لا يترك شاردة ولا واردة في حياة الانسان المسلم، الا ويدلي بدلوه فيها. بدءاً من استيقاظه مروراً بمأكله ومشربه وكلامه وتفكيره ونكاحه وغسله ونتفه وقضاء حاجته... حتى غفوته .
ومعلوم أن مؤسسوه و فقاءه يقدمون حقائق فهمهم على أنها عين الحقيقة وسدرة المنتهى في الرأي الصواب ..اذ يكفي ان تذكر من صحيح الحديث حتى يلجم عقل السامع وتخر عاقليته صرعى أمام أية حقيقة ذكرت في الكتاب أو السنة.. وأما عن الرأي الثالث عند أولئك الفقهاء فهو مرفوع بشدة لديهم، ولأنه دين وليس تين، كما كان مشايخنا الأكارم يعبرون عن امتعاضهم من أي تساؤل أو نقد.. فالعاقل أما شاكرا واما كفورا .. والاجتهاد في ابسط الامور امر عسير للغاية اذا ما ابتغى الانفتاح والحياة الأفضل، ويصبح أي الاجتهاد سهل جداً، لطالما يفضي الا تشدد وانغلاق أكثر ..
إلى متى ستبقى تلك النصوص بعيدة عن الانتقاد أو التفنيد والتمحيص . وتختبئ وراء عقول المؤمنين بين مفسّرٍ ومبرّرٍ أو بين مكذب ومدجل .؟
أما آن أن نعلم أنه غير المعقول أن يستمر دراسة وتلقين النصوص الاسلامية الحالية، وأن يبقى العقل سوياً.. وأنه لطالما بقيت تلك الأصول النصية بعيدة عن أي تغيير يجعلها تناسب ما وصلت إليه قيم العصر الانساني الحديث من تكريم ومساواة لجميع بني الإنسان.. ولطالما بقي المسلمون يبددن طاقاتهم في التصدي لحقائق العلم، التي تتوضح محالفتها للدين أكثر فأكثر ، ولطالما بقيت تلك النصوص في عقول المؤمنين بها تحارب ما وصل إليه الوعي الانساني من فهم لحريات وحقوق الانسان وفي مقدمتها حرية التعبير والإعتقاد وحرية المرأة ..الخ
فلن تقوم للمسلمين قائمة، بل على الأغلب لن يكون لهم موطئ قدم في صدارة الأمم.. وربما يواجه أي المسلمون، خطر الانتحار الأكيد، بمواجهتهم لكل شعوب الأرض ومللها ، كما يحدث اليوم..
الكلمات الأخيرة : الأديان تموت والأفكار والنظريات العلمية تموت أيضاً ،لكن الفارق بينهما، أن النظريات العلمية والافكار تتبدل، ويتخلى عنها العلماء برضى وسهولة، أما بإضافتها وأما باستبدال تام لها ضمن سمة تراكمية مفتوحة .. لكن الدين نسق مغلق، ينهض على الإيمان وعقلنته.. وهنا تكمن خطورته على حياة المؤن به.. ولابد من القول أن الأديان التي تأبى أن تتجدد أو تفتح النوافذ ليستنشق الإنسان هواء الواقع النقي غالباً ما تأكل مؤمنيها قبل الفناء ..
أيها السادة العقلاء من المسلمين..!! نحن نواجه أزمة نص لا أزمة شخص.. وعلينا التجرؤ في مواجهة الخلل، إذا ما أردنا كمسلمين أن نبقى في عربة قيم العصر الانسانية.. .
zakariakurdi



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زكريا كردي - المسلمون يواجهون ...أزمة نص لا أزمة شخص..