غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4738 - 2015 / 3 / 4 - 20:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غــضــب حـقـيـقـي.. وتـسـاؤلات مـشـروعـة...
عندما شاهدت وسمعت جواب السيد لوران فابيوس Laurent Fabius وزير الخارجية الفرنسي الحالي على سؤال عدد من النواب الفرنسيين عن مصير المسيحيين, بكل من سوريا والعراق, تجاه فظائع " داعــش " قائلا بكل هدوء وثقة واتزان, دون أن يرتجف صوته " نحن من سنوات عديدة نتابع أوضاع المسيحيين بالمنطقة ونسعى باستمرار لحمايتهم وخاصة لبقائهم ببيوتهم وقراهم ومدنهم وفي أوطانهم."
كاد رأسي يلطم بسقف مكتبي, امتعاضا واعتراضا واستنكارا, من هذا التصريح المخادع الكاذب. لأن سياسة هذا (المسؤول) لم تتغير شعرة عن سياسة من سبقوه من حكومة ساركوزي اليمينية. بل فاقتها باتجاهها الصهيوني المفضوح, والذي أكد ــ شخصيا ــ على توجيهها نحو المعارضات (السورية) التي تتلقى أوامرها وتمويلها من جدة والدوحة وأنقرة, والتي فتحت جميع الأبواب والنوافذ لجميع المقاتلين الداعشيين وأبناء عمهم وشركائهم الإسلاميين المستوردين من البلدان العربية وبقية أنحاء العالم. دون أن ننسى أن عدد الذين قدموا من زنانير المدن الفرنسية, بتعام مقصود كامل من الحكومات الاشتراكية الفرنسية, تجاوز عدة آلاف حتى اليوم... ولا حاجة للتذكير عن مشاركة هؤلاء المقاتلين الداعشيين العرب والأوروبيين والفرنسيين الذين شــاركوا بمذابح القرى المسيحية في سوريا والعراق.. والفيديوات التي رافقت هذه المذابح والفظائع العلنية...
واليوم يبيض علينا السيد فابيوس, محاولا بيعنا تصريحاته المخادعة بحماية المسيحيين... وآمل ألا يصدقه بجميع الانتخابات الفرنسية القادمة, كل أحــرار فرنسا من معتنقي كل الديانات.. ومن العلمانيين أو الغير ملتزمين بأية ديانة... ولا تنسوا المثل الذي يقول " المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين !!!..."
*************
وبعد تصريحات السيد فابيوس.. هل رأيتم كامل الكونغرس الأمريكي وقوفا ٍStanding Ovation يصفقون للسيد ناتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي, الذي دعا نفسه لحضور جلستهم الأخيرة البارحة, طالبا منهم التوقف عن المفاوضة مع إيران ومشروعها النووي, والاعتراض على كل اقتراحات الرئيس أوباما (المعتدلة) بهذا الشأن. عجيبة غريبة هذه الجلسة, ببرلمان أقوى دولة بالعالم تنحني بانصياع لأصغر دولة استعمارية عنصرية, عمرها سبعة وستون عاما فقط, محمية منها منذ خلقها, تفرض ديكتاتها على سياسة هذه الدولة, داخل برلمانها.. دون أي اعتراض.. سوى من بعض أحزاب اليسار الإسرائيلي, وبعض المنظمات الدينية اليهودية الأرثوذكسية التاريخية... تصفيق حاد من كامل البرلمان الأمريكي, وقوفا.. دون أي اعتراض أو استثناء من برلماني أمريكي واحد...
هل تساءلتم يا مسلمين وعددكم في العالم مليار وثلاثمئة مليون.. حسب آخر إحصائيات سنة 2013... من 20 إلى 25% منكم (فقط) يتكلمون العربية.. يعني أكثر من 400 مليون بشري.. 400 مليون أو 450 مليون. ومع هذا ما زلتم بقعر الجهل والجهالة.. بقعر سواد نفطكم.. وما زلتم ترددون أنكم أفضل أمة عند الله... بينما " داعــش " تنهش رقابكم وقلوبكم, لتعيدكم لأعماق الصحاري والجاهلية التي أتيتم منها..وإسرائيل تخطط وتلعب بمصيركم وحياتكم ووجودكم.. وما زلتم تتعنترون بخطاباتكم التنكية, وأنتم تدافعون عن الله الذي تخلى عنكم من زمن بعيد, وما زلتم تدعون أنكم تقتلون وتتقاتلون باسمه.. بينما تتعنترون أنكم سوف تعيدون الأندلس والقدس والجولان.. تلك الدولة الصغيرة التي تبلور عقولكم وتصيغها على هوى مخابراتها وسياساتها البعيدة.. تتوسع وتتطور وتملك أفتك الأسلحة الجهنمية والنووية, والتي تبيع ما يعتق منها لكم حتى تتقاتلوا بها.. ويــنــهــار كل ما تبقى من أحلامكم وعروبتكم.. وتبقون قابعين وراء صلاتكم خمسة مرة في اليوم.. وبانتظار ليلة القدر.. تمضغون قات ابتهالاتكم.. وترديد أن العالم كله يوما سيعود إلى إســلامـكم... بالسيف والانصياع!!!.......
نــاتــانــيــاهو يملي رغباته وديكتاته بالكونغرس الأمريكي... وأنتم ترشقون مليارات دولاراتكم وعزتكم وكرامتكم تحت حذاء الأمريكي الذي يذلكم ويحتقركم.. وتطلبون المزيد.. وتطلبون المزيد... وتبقون بأذناب البشرية مثال السادو ــ مازوخية البشرية, وأبشع صورة على مــرآة الإنسانية.
لن أطلب منكم بعد اليوم أن تستيقظوا... لأن ما تتخدرون به عمره آلاف السنين.. وما من شــيء بعد اليوم يمكن أن يوقظكم... ومناظر الآلاف منكم على أبواب السفارات الأوروبية والأمريكية والأسترالية.. محزن, مؤسف, جرح بقلب كرامة كل شعب من شعوبكم, وشتيمة مفتوحة وبصقة بوجه حكوماتكم وملوككم وأمرائكم, وشيوخ باندوستاناتكم المتفجرة المقسومة المنطوية.. ولم أعـد أجد الكلمات الواضحة التي تنسب إليكم, لكل ما عملتكم لتاريخ شعوبكم خلال الستين أو السبعين سنة الأخيرة من تاريخ شعوبكم.. حتى أنني غالبا أعود لعمق تاريخ عمره خمسة عشر قرن, حتى أفقد انتسابي لكم وأعزل كرامتي من تاريخكم.. بعدما أغرقتم التاريخ بقتل بعضكم البعض.. وزورتم التاريخ والشريعة التي تــتــعــربــشــون بها, راغبين حكم العالم كله بها.. ولم يعد بالعالم المتحضر إنسان واحد, يصدق ما تلفظون من كلمات فارغة.. كطبول تاريخكم...
***********
عــلــى الــهــامــش :
ـــ كلماتي هذه ليست فشة خلق أو غضب.. أو خلافا لما يذكرني به صديقي (المعترض) المحلي. كنرديده وقوله أنها غير مثبتة علميا.. أو حسب الوثائق الأمريكية التي يتشدد هو شخصيا من سنوات على التمسك بها.
هل تريد يا صديقي, مزيدا من مئات آلاف القتلى في سوريا والعراق, وملايين إضافية من المهجرين.. وبفلسطين مزيدا من التقسيم والتشتيت لمن تبقى من شعب فلسطين.. وفي ليبا واليمن.. وفي لبنان.. ماذا تريد؟ مزيدا من التقتيل بين بعضنا البعض.. وفي مــصــر مزيد من الانشقاق.. وآلافا من أذناب مرسي وأتباع مرسي؟.. وفي السعودية مزيدا من الجهل والعودة إلى صحاري العتمة.. وفي قــطــر مزيدا من الخيانة والتآمر والاستزلام لأمريكا وإسرائيل... ماذا تريد من براهين؟؟؟... ألا ترى المهاجرين السوريين الذين يموتون بالآلاف آملا بالوصول إلى مرفأ Lampedusa بإيطاليا؟؟؟...
إســمــح لي تذكيرك مـرة أخرى, أنك إنسان لامع ناجح بالتجارة بهذا البلد الذي نعيش به من سنين طويلة.. ولكنك تفرغت أنت للتجارة وجمع الثروة.. بينما أنا تفرغت لدراسة المجتمع والسياسة.. ولم أهتم بأي شــيء آخر سوى بالسياسة... دون أن أخزن سنتيما واحدا... ولكنني تعلمت بعد سنين طويلة متابعة الاستفسار والتساؤل.. والــشــك...
بـــالانـــتـــظـــار
للقارئات والقراء الأكارم الأحبة.. هناك وهنا.. وبكل مكان في العالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق تحية عاطرة مهذبة...
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟