أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد بلغربي - -;-الأدب الأمازيغي والحركات الفكرية في شمال أفريقيا القديمة














المزيد.....

-;-الأدب الأمازيغي والحركات الفكرية في شمال أفريقيا القديمة


سعيد بلغربي

الحوار المتمدن-العدد: 4737 - 2015 / 3 / 3 - 23:17
المحور: الادب والفن
    


يبدو جليا أن المؤرخين القدماء لم يكلفوا أنفسهم عناء تدوين الإنتاجات الأدبية الأمازيغية، حتى إن سجل بعضها في صفائح شمعية وألواح حجرية وخشبية وسبائك نحاسية.. فإنها إما تلفت لوجودها في أمكنة غير مناسبة أو بيئات غير ملائمة للحفظ والتوثيق؛ أو نهبت كما هو حال العديد من النصوص التي نقلت من لغتها الأصلية (الأمازيغية) إلى الإغريقية واللاتينية الكلاسيكية وغيرها من اللغات الاستعمارية الأخرى، الممتهنة لسيكولوجيا النصب والاحتيال، في هذا المعنى يقول ابن الرقيق (بداية القرن 11 ميلادي)
مؤكدا: «أن الرومان طمسوا العناوين والحروف القديمة التي وجدوها في أفريقيا عندما احتلوها، ووضعوا مكانها عناوينهم وحروفهم حتى يخلّدوا وحدهم»( لمارمول117)، ويضيف (جعيط) «أنه من بين المصادر الوطنية ينبغي أن نذكر ملاحظات يوبا الثاني وقد استغلها بلين القديم في كتابه التاريخ الطبيعي»( تاريخ أفريقيا العام). وهي نصوص تبرز بوضوح التطاول السلبي الذي مس الفكر والمفكرين الأمازيغ القدماء.
وفي الفترة المسيحية من الحكم الروماني عرفت سنة 303 م إصدار الإمبراطور ديوكلسيان لمرسومه الشهير ضد المسيحيين، حيث أمر بإحراق كتبهم. وتؤكد الكثير من الأدلة على أن هذا الأمر نفذ في كل أرجاء الإمبراطورية.. فقد كان بعض الأساقفة يفضلون الذهاب إلى الموت على الاستسلام لهذا المرسوم.. ولدينا أسطورة تقول إن الأسقف فوتدانوس من نوميديا حظي بحظ أفضل، فقد سلّم هذا الأسقف الكتب المقدسة إلى ممثل السلطة لكي يحرقها، وحين أراد هذا القاءها في النار هطل المطر من السماء الصافية ليطفئ النار وينقذ الكتب المقدسة (الكسندر 105). إلاّ أن العديد من هذه القراطيس واللفائف لم تسلم من لهيب نيرانهم.
إبتداء من عام 305 م، اتجهت أغلبية الطبقات الشعبية من المجتمع الأمازيغي، التي قهرتها سياسة القمع وغياب العدالة بمستوياتها المختلفة وقساوة ظروف العيش التي فرضها النظام الاستبدادي الروماني في ربوع شمال أفريقيا، إلى اعتناق المذهب «الدوناتي» المسيحي نسبة إلى القديس والمفكر الأمازيغي دوناتوس، الذي انتشر بشكل واسع وعلني في أوساط الطبقات الدنيا؛ من المقهورين والمستضعفين والمنبوذين الذين شكلوا ما سمي بـ»ثورة الفلاحين»، للدفاع عن حقوقهم المستلبة، «ومن أعظم أسباب هذا الهيجان العظيم هو النظام الاستعماري الروماني الذي ملك الأرض بيد ثلة منتفعة وحرم منها عامة الناس» ( المدني 115).
ويشار إلى الحركة الدوناتية في كتابات المؤرخين القدماء على أنها حركة دينية مناهضة للسلطة وللكنيسة الرسمية المتواطئة معها، ولقد برزت في صورة تيار ديني مستقل رفض جميع أشكال التعاون مع السلطة، ممتنعا عن الامتثال لأوامر الإمبراطور الذي استغل المسيحية لأغراض سياسية»(التحولات الحضارية في شمال أفريقيا 25). فمعرفتنا للحركة الدوناتية ـ يقول جعيط ـ إنما تعتمد أساسا على تهجمات أكبر مناوئيها القديس أوغسطين (354 ـ 430م).
هذا الأخير الذي كرس جزءا كبيرا من اهتماماته الدينية في محاربة ومجادلة الدوناتيين، ولأوغسطين عدة مؤلفات كتبها ضدهم، ومن أهمها: «أعمال مؤتمر قرطاج» وهو تقرير حول حوار دار بقرطاج خلال عام 411 م بين الضوناتيين والكاثوليكيين. وكتاب «ضد گاودنتيوس»، وهو موجه إلى أحد الضوناتيين الذي كان أسقف تيمگاد التي كانت معقلا للضوناتيين بجبال نوميديا القديمة في الفترة التي عاش فيها أوغسطينوس (بن ميس 199 ـ 200).
إلى جانب مؤلفات أخرى أنصبّت كلها حول آراء نقدية معارضة للفكر الدوناتي.
استَعابَ الأهالي وبأعداد كبيرة هذا التوجه الديني التحرري الذي كانت مبادئه تناهض بشكل صريح الاحتلال الروماني للمنطقة، مما حدا بهذه السلطات إلى استنفار أجهزتها القمعية واصدار مراسيم صارمة تبيح طمس معالمه ومحاربته بأي وسيلة، فسارعت الديكتاتوريات الرومانية إلى «إعلان اللائحة ذات الاثني عشر بنداً التي تحظر على الكُتَّاب التعريض من قريب أو بعيد بالإمبراطورية، أو القادة أو الأغنياء أو الأسر العريقة أو مؤسسات الدولة ( هاملتون: 09.). وذلك من أجل إفشال أفكار كانت تبدو مقلقة للآخرين، وهو أمر يبرره اغتيال وتصفية رواده وإحراق الكتب المحضورة الحاملة للفكر الدوناتي.
ومن أبرز رواد التوجه الدوناتي نجد «الفيلسوف المغاربي القديم المعروف باسم تيكيونيوس الأفريقي، وهو كاتب وفيلسوف ومجادل كبير.. إزداد بأفريقيا البروقنصلية حوالي 330 م. يصفه القديس أوغسطينوس بكونه شخصا ذكيا وفصيحا رغم كونه من أعدائه»( بن ميس:181).
إلى جانب عدد آخر من «المناضلين» والمفكرين الكبار المدافعين عن هذا الحزب الشعبي أمثال: «بارمينيانوس الذي كان أسقف قرطاج (392 م) « (نفسه: 200).
بقطع النظر إلى ما كانت تحويه هذه الكتب الدينية من أفكار وملل، فهي ممارسات تخريبية لا يمكن تبريرها تحت أي تصرف، فالمجازر التي ارتكبت في حقها تعد جرائم إنسانية مست بشكل سلبي التراث الديني والأدبي الأمازيغي القديم، والذي سقط بفعلها الشيء الكثير من تاريخه وذاكرته.

كاتب أمازيغي ـ المغرب

سعيد بلغربي



#سعيد_بلغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع النخبة الأدبية في المجتمع الأمازيغي القديم
- الحياة الأدبية في المجتمع الأمازيغي القديم… الموهبة في خدمة ...
- الأدب والحروب في المجتمع الأمازيغي القديم
- قراءة في كتاب:وراء باب الفناء، الحياة اليومية للنساء الريفيا ...
- شعر الشعب يريد إسقاط الأصنام
- الكتاب الرقمي الأمازيغي في الإنترنيت
- الطفل الأمازيغي و الإنترنيت
- صورة البلد وقصص أخرى
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي/ مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي: مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي: مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية ...
- الإعلام الإلكتروني الأمازيغي / مقارنة وضيفية بين الإعلام الإ ...
- أزمة الحركات السياسية والنقابية التاريخية وإعادة تشكل القوى ...
- رسالة إلى كل المدونين الأمازيغ
- الشاعر الأمازيغي سعيد الفراد: وزارة الثقافة المغربية لا تتجا ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد بلغربي - -;-الأدب الأمازيغي والحركات الفكرية في شمال أفريقيا القديمة