أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بنطاهر - فكر بهدوء واضرب بقوة: صدفة المولد ومشترك الضرورة















المزيد.....

فكر بهدوء واضرب بقوة: صدفة المولد ومشترك الضرورة


محمد بنطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 4737 - 2015 / 3 / 3 - 01:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تحية طيبة لكل أولئك الذين يدينون بفكر الانسان، بأخلاق الإنسانية، بالفكر الحر، الذي يجمع المختلف ضمنه دون إساءة لطرف أو إقصاء له. فكر لا يغيضه المختلف ولا يبغضه المعترض ولا يفسد من وده شيئا، إنه ذلك الفكر المدافع عن الاخر عن الخاطئ عن التعدد والاختلاف، والمحارب للخطيئة للخطأ للنسخة للنمطية للتعصب للتطرف. مرحبا بهذا الفكر وبأنصاره، ودعوتنا هاته ليست تحيزا ولا إقصاء، فقط هي تريد الكل، ولا يمكن أن ترفض الكل لترضي الجزء، هاته هي قناعتنا، ولعل دعوة كهاته في حاجة صراحة لمنبر، لمكبر صوت تجهر به ومن خلاله، ولعلنا نعتبر كل المنابر الحرة مسكنا لنا، نبث من خلاله رسالتنا هذه.
إن ما يمكن أن أقوله مسترشدا بالعنوان الذي افتتحت به المقال، أنني وأنا أهم لمقاربة فكر العمومية، لابد من المنطلق المعبر عن هذه العمومية، وهي الذات، التي تتخذ بعد الخاص من منطلقين، مفهوم شخصي، واخر قومي أو اثني أو وطني أو قبلي... ولعل هذا البدء المحدد لمكتوب المقال، يضطرني حتى أكون ملتزما في التحليل ودقيقا في المعالجة، وغير متحامل في تناول الموضوع، أن أنطلق من واقع الخصوصية الذي أنتمي إليه، ثم أطوعه للمقارنة مع بنى أخرى، وأمدده بعدها لينصب في العمومية. ألخص كلامي، منطلقا في الموضوع المرغوب معالجته، من زاوية نظر ضيقة أحصرها في الجانب الديني، والدين الاسلامي خصوصا، وهو حصر لا يمليه أي تحامل على هذا الدين أو أي ضغينة تجاهه، ولا ينطلق من فهم يجعل الدين المحدد الأساس لواقع الاجتماع البشري وصراعاته ومشاكله، ولكن لأن طغيان الديني وتغليبه في واقع الخصوصية الذي أنتمي إليه هو ما يدفعني إلى تناوله بالدرس في هذا المقال، وأقول: إن النظر في بنية الدين الاسلامي ذلك الدين الممتد بين زمن ظهور الاسلام، ولحظة المعيش اليوم، تعد مدة زمنية غير يسيرة، لها من الشروط والامكانات على تخليف موروث ثقافي، يسيجه مكبوت سيكولوجي، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون في كليته صافيا في متنه وصادقا في معيشه وسليما في مالاته، وهنا تتعقد الأمور وتفرخ المشاكل، إن نحن علمنا أن هذا الموروث صار هو المحدد لمصداقية المنبع، بعيدا عن أي قراءة نصية أو تفحصية أو تمعنية، بل صار فعل القراءة ذاته خاضعا لسلوك التحريم، الذي صار يستثقل ممارسة المجتمع الاسلامي، وما أكثر المحرم في الدين الاسلامي المفتقد لتبرير النص. حتى صار الديني الأخروي متعاظما لدرجة تحريمه للدنيوي، وصار هذا الاخير بطاقة عبور مضمونة للفوز بنعيم الأخروي. فضلا عن هذا ونحن نسائل الان هذا الديني الشائع في يومنا، من منا يستطيع المجادلة في أن الدين السائد بين الناس ليس إلا دين إرث أفراد توارثوه أبا عن جد، ومن خلاله يجادلون ويحكمون ويكفرون ويبررون، وأحكام كثيرة في هذا الشأن كموقف الناس من المرأة ومن الاخر ومن المخالف للدين من الديانات الاخرى... ومن موضوع رسم الرسول.
لعل ما أريده نقطا تترسخ لدى المتتبع، أن الدين كممارسة ثقافية، تميز الكائن البشري، إلى جانب ممارسات أخرى، هو تميزه بالخصوصية، وخطورته أنه يتميز بالاطلاقية والقداسة في كلامه، والاخطر من هذا أنه يستغل بخصائصه هاته ليصير إطارا تشريعيا اجتماعيا وسياسيا، يتم من خلاله قيادة الافراد وتنشئتهم، ومن ثم يتم النظر إلى المعيش اليومي وما يحيط به من معيشات أخرى، من منطلق التشريع السائد في المجتمع المنتمى إليه، لا من منطلق المشترك الإنساني. وهذا هو الغائب في المجتمع الإسلامي المثبت تحت مفارقات كبيرة وخطيرة تنحو نحو التطرف والتعصب، بحيث يكاد أفراد المجتمع الاسلامي كلهم مؤهلين لأن يصيروا ذوات "داعشية" إن صح التعبير، (لأنه من منظورنا ونحن ننظر للظاهرة الداعشية لا نبحث في منشئها بل في تقبلها، ولا نتناولها من منطلق الانجراف وراء سياق العبارة والحدث، بل لما نراه في العبارة من امتلاكها وتلخيصها للمضمون الذي نسعى إلى التعبير عنه وبسطه. والسؤال المطروح على هذه الظاهرة، وخصوصا على الناس القائلين بأنها ليست اسلامية، وليست في الاسلام من شيء. لماذا وجدت لنفسها شروط النجاح بالضبط في المجتمع الاسلامي، ووجدت لها اتباعا وأشياعا من أناس عاديين؟ هل كان من الممكن أن تنجح في السويد؟ الاجابة تكمن في أن الظاهرة الدينية الموسومة الان "بداعش" ليست إلا بذرة وسط "أرضية استنبات" هي من تغذيها وتضمن استمراريتها سواء في اسم القاعدة أو داعش أو اسماء أخرى ستليها بعد استنفاذ فزاعة داعش لامكاناتها ومبررات وجودها) لأن الفرد الاسلامي وإن كان يرى نفسه منفتحا، إلا أنه ينطلق من كونه أفضل البشر لأنه مسلم، يفرح ويطبل لدخول الاخر للإسلام، ويغضب وينبذ الخارج منه، يقنعه خطاب المظاهر صاحب اللحية والعباءة، ويستنكر الخطاب العقلي الصادم لمكبوته الديني، الذي لا علاقة له حتى بما يدين به، يستصغر ويحتقر المتبرجة ويقدر المنقبة المتلحفة، وإن كانت في داخلها على خلاف الاولى دنيئة، يكره الكفار وينبذهم ويقزمهم، وتراه يهاجر لبلادهم ويستعمل وسائلهم، بل ويفجرهم بأفكارهم، يستنكر الدعارة والجنس، ويمارس أشذ أنواع الجنس على زوجه، يدعي الاخلاق والكرامة واحترام الانثى، ويرمي بنته القاصر وأنثاه فلدة كبده بين يد رجل متسلط مكبوت، بدعوى أن المستقر الحقيقي للأنثى بيت زوجها، يدعي المساواة ويفاضل بين أبنائه من الذكور والإناث. يسمي غزوه لأراضي الاخرين فتحا، ويسمي دخول الاخر لأرضه، كما هو الحال مع اسرائيل في فلسطين وأمريكا في العراق غزوا. يسمي ما يفعله الجنود الاسرائيليون بالمدنيين جرائما في حق البشر، ويفرح لقتل الناس في فرنسا وامريكا وغيرهما. يقول أن القتل حرام وروح الانسان عزيزة عند الله، ويقتل الناس صارخا في وجوههم الله اكبر. يدعي أن الله وحده العارف بمصير الناس، وتجده يضرب أعناق الناس، ويتدخل في أمر بعضهم، ويراقب شعور الناس وقناعاتهم باسم الدعوة ونشر الدين والجهاد. يسمي قتاله للآخر جهادا ويسمي قتال الاخر له عدوانا، يستنكر عدم احترام الاخر لحقوق الانسان، ويحرم حق الاعتقاد والتعبير والجنس والحرية، يريد بناء المساجد وتأدية صلاته في أرض الاخر، ويرفض أكل الاخر في رمضان على أرضه، مدعيا أن حرية الاخر تنتهي عند ابتداء حريته وحقه، متناسيا أو جاهلا أو متغافلا أن هذه القاعدة --;-- تعني أن يمارس كل منا ما يشاء، شرط عدم التدخل في غيره، مثلا: قد تكون أنت في صلاتك وأنا في لحظة شرب، وليس في الأمر أي مشكل، إلا حينما أمنعك من صلاتك أو تمنعني أنت من شربي. يرفض أفكار اليهود الصهاينة وتعصبهم لجنسهم وعقيدتهم، ويبرر تعصبه لدينه وجلدته بتميزه بنعمة الاسلام ....
مفارقات كثيرة، هناك ما هو أفظع منها، لا يسعني إلا أن أقول إزاءها أن هذا لا يعني ضرورة، احتراما لشعور الناس، أن الدين فيه تناقض أو خاطئ، لأن هذا ليس بيت القصيد ولا يهمني من وجهة نظري إثبات صحته أو العكس. ولكن عمق الامر بالنسبة لي، يكمن في أن الدين باعتباره بعدا إيمانيا، يجب أن يظل ضمن هاته العلاقة وأن لا يسيد خصوصيته وقناعات أتباعه على الاخرين. يجب البحث عن المشترك. لأنه بقدر ما أنت تنتصر لدينك، فالأمر سيان بالنسبة للأخر، لهذا فإن أي محاولة للتوفيق بين الأديان أو تبيان التفاضل بينها، سيكون محاولة سيزيفية ، لأن لا توافق بين المطلق. لكن الممكن تحقيقه هو نسج توفيق بين البشرية --;-- أي بين المشترك الانساني الموحد لها. لان السؤال الحقيقي، ما الذي يجعلك ترفض الاخر وتستنكره؟ الجواب يعود إلى المكان أو الموقع الذي ستجيب منه. خمن معي لو كنت تجيب الان ليس من موقعك كمغربي متشبع بالإسلام، بل كشخص تنشأ في اليابان. كيف كانت ستكون إجابتك؟. يقول سقراط: "أنا يوناني بالصدفة وإنسان بالضرورة". إن العالم اليوم يتصارع انطلاق من صدفة المولد ولا يتجادل من موقع الضرورة، لأنه لو انطلق منها لما كان هناك في الأصل صراع، ولانعدمت هاته الوحشية التي كانت عبر تاريخها منتشرة بشكل لا واع بمبررات كثيرة إما باسم المأكل أو المشرب أو الجنس أو الأرض.... وها هي اليوم تعيد نفسها بشكل أكبر احتدادا وانتشارا باسم الدين، وإن كان المشترك في هذه المسميات، أنها كلها في حقيقتها ذات قاعدة مادية اقتصادية ليس إلا .
هذا الفهم البسيط الذي حاولت بسطه ضمن هذا المقال، أعده الرد الانساني والأخلاقي والإديولوجي لكل إقصاء أو استصغار أو عزل أو مواجهة أو دفاع عن النفس، لأنه الطريق الكفيل بوأد النزاع والخلاف، وإشاعة الحق في الاختلاف ضمن مشترك موحد وهو الانسانية، ولعل هذا يعد بالنسبة لي الضربة القوية لكل جاهل ومتعصب متطرف. لنفكر بهدوء حتى نعرف ما يخدم قضية الانسانية.



#محمد_بنطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرقية شرقية
- لازال طفلا
- الفلسفة بين -كناشي الفلسفة -و-أصدقاء الفلسفة-
- يا ثوار التاريخ
- حق البكاء
- يا وطني
- درهم وكرامة
- سيدتي
- -المصدق- يشرح الجامعة داخل -الغابة السوداء-
- شيئي في شيئها
- من خواطري: أنا كافر
- أنا كافر
- قُرْ قُرْ قُرْ قُرْ
- أنا جائع
- آخر الكلام
- خبزا وصمتا


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بنطاهر - فكر بهدوء واضرب بقوة: صدفة المولد ومشترك الضرورة