أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - حول خواتم الحريق السوري















المزيد.....

حول خواتم الحريق السوري


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4736 - 2015 / 3 / 2 - 13:15
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


قبل أن تتطور الأزمة السورية ، وتصل إلى الحرب ، وقبل أن تستبيح الدول الاستعمارية الغربية ، والكيانات العربية الرجعية ، وأداتها المجموعات الإرهابية الكونية ، لسوريا أرضاً وشعباً ، بهذا الشكل من التدمير والتوحش ، كان يتردد في الأوساط السياسية والإعلامية ، أن سوريا تتجه نحو اللبننة ، أو العرقنة ، أو الأفغنة أو البلقنة . وذلك مقارنة بما يجري فيها ، مع هذا البلد أو ذاك من البلدان المذكورة . أو بناء على رغبات ذاتية حقودة ، لتحقيق تحولات بمفعول رجعي للتطور السوري التاريخي الحضاري .
ثم توجهت هذه الأوساط إلى ترديد ، أن سوريا التي نعرفها الآن ، لن تكون بعد انتهاء الحرب على خريطة العالم .
بل إن البعض بات يجزم علناً ، أن البنتاغون .. وحلف الناتو .. والبيت الأبيض .. بل وأباما شخصياً .. قد قرر أن تفكيك الدولة السورية - المتبقي من سوريا - أمر لابد منه . والدليل على ذلك ، أنه نتيجة مفاعيل قرارات ومخططات هذه المراكز المالكة للقوى الأعظم في العالم ، قد صار الاتحاد اليوغسلافي عدة دول ، والسودان دولتان ، والعراق عملياً دولتان مفتوحة على أفق أكثر من دولة أخرى . وقد شجع المناخ الدولي الذي سيطرت فيه الولايات المتحدة على العالم ، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ، شجع مختلف الأوساط على طرح كل هذه السيناريوهات والاحتمالات .

لكن ما أن انقض " حلف الناتو " بقرار دولي مخادع على ليبيا ، باسم حماية المدنيين من دولتهم ، فدمر الدولة والشعب معاً ، وانطلق تحت حمايته حيتان الاحتكارات البترولية الدولية ، وذئاب الإرهاب الدولي ، للعبث بكيان وكرامة ليبيا ، واستباحة ثرواتها ودماء عشرات الآلاف من أبنائها العزل ، أدرك كثير من دول العالم ، أن أمريكا والغرب الاستعماري والصهيونية العالمية ، هي بصدد السيطرة على العالم كله ، وتسخير المؤسسات الأممية ، وحلف الناتو ، وقوى الإرهاب الدولي ، لتحقيق هذه السيطرة . ما أدى إلى انقسام دولي ، بدأ بالتحرك بصورة متصاعدة ابتداء من الأزمة السورية .

وقد لعب الانقسام الدولي دوراً هاماً في تعويق وإفشال مخطط اجتياح البلدان العربية الأكثر تمدناً والأقرب إلى القانون المدني والعلمانية ، وإخضاعها للقوى الأكثر رجعية ذات البنية الموالية لمخططات العولمة الأميركية والغربية ، ولعب دوراً أساسياً في فتح آفاق أخرى في معالجة الأزمة السورية ، وأفشل الرغبات والسيناريوهات التدميرية الكارثية السابقة كحل لهذه الأزمة .
ولملاقاة هذا الفشل ، لجات القوى التي تستهدف سوريا ، إلى آليات وسيناريوهات أخرى ، جعلت من سوريا مسرح صراع دموي كارثي ، محلي ، وإقليمي ودولي في آن ، لم يجر استخدامها في الهجوم الاستعماري الغربي على البلدان الأخرى التي استهدفت ودمرت ومزقت . ولعل أهمها :
= إزاء استحالة استخدام مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع لاجتياح سوريا ، كما حصل في ليبيا والعراق ، استخدمت الهيئة العامة للأمم المتحدة لاستصدار بيانات وقرارات تدين وتشيطن السلطات السورية .
= إزاء استحالة تعبئة شعبية سياسية عالمية ، لاستقطاب فعاليات شعبية في حصار سوريا ، ابتكر اجتماع " أصدقاء سوريا ط الذي بدأ بأكثر من مئة دولة وانتهى بحفنة من الدول الأكثر طمعاً في الكيان السوري .
= إزاء الخواء في الشارع السياسي في البلدان العربية عامة ، استخدمت عشرات المحطات التلفزيونية الفضائية ، للتشويش على حقيقة ما يجري على الأرض ، ولتكوين رأي .. وثقافة عدوانية متعصبة ضد سوريا .
= وإزاء فشل ما سمي " الجيش الحر " في اكتساب قوى جماهيرية كثيفة مقاتلة تمكنه من إسقاط النظام ، واستعصاء إصدار قرار دولي باستخدام الناتو لدعمه ، تم استخدام الحشد الإرهابي الدولي بدعم وإشراف أميركي وغربي وعربي رجعي وتركي وإسرائيلي .

وقد مثل تبلور وظهور " داعش " الذروة ، ليس في الحشد الإرهابي الدولي وحسب ، وإنما بتزويده بقدرات دولة إقليمية كبرى ، عسكرياً ومالياً وسياسياً وإعلامياً ، وزجه في مسرح اللعب بمصير المشرق العربي .. وبداية في سوريا والعراق . ما أعاد المهتمين بصناعة .. ومتابعة السيناريوهات " الصرعات " إعادة رسم خريطة سوريا .. ومصير سوريا .. إلى الصفر . إذ لن يكون هناك حسب المشروع " الداعشي " دولة في سوريا ، أو في لبنان أو الأردن أو العراق .. بل ووضع المملكة العربية السعودية في جدول أعماله الدائر على قدم وساق ، منذراً غيرها من الدول القبلية والعائلية في المشرق والمغرب بنفس المصير ، وإنما ستكون هناك " دولة الخلافة الداعشية " وحسب . وبرهنت انطلاقة هذا المشروع عن قدرته على تجاوز الحدود الدولية القائمة . وفي المشهد الداعشي الافتراضي المتحرك ، إن المشروع يلغي الحدود لدول كبرى .

ورغم القناعة ، حسب المعطيات حتى اللحظة ، أن المشروع " الداعشي " هو مشروع لخلق مناخ دولي متوتر ، يسوغ التدخل الاستعماري هنا وهناك باسم مكافحة الإرهاب ، لإعادة فرض الهيمنة على بلدان عدة ، وإحكام القبضة على تميزها الجغرافي السياسي ، وعلى ثرواتها الطبيعية .. ألخ .. إلاّ أنه أعاد خلط الأوراق في المشرق العربي عامة ، وفي سوريا خاصة ، وساعد على تشكل قناعات جديدة ، بأن سوريا .. وأزمتها .. والحرب الدائرة فيها وعليها .. هي حالة مختلفة . هي أنموذج قائم بذاته .. يشار إليه .. إيجاباً أو سلباً .. حسب المواقع والمصالح .. لكنه لدى كل المواقع هو مختلف .

إن ما حدث ويحدث في سوريا ، ليس تكراراً لما حدث في أفغانستان وغيرها ، وإنما هو ، وإن كان يقارب في بعض تفاصيله هذا النموذج أو ذاك ، لكنه في المسائل الأساسية يخص سوريا وحسب ، ويمنحها الاختلاف عند التعامل مع الشأن السوري . وخاصة في مسائل الحرب وتجلياتها النوعية ومخاطر امتدادها لدول الجوار والعالم ، وفي حجم الكارثة المأساوية مادياً وبشرياً ، التي أرجعت سوريا عشرات السنين إلى وراء . وكذلك في مسائل الدولة السورية ، وتماسك مؤسساتها الرسمية ، والدبلوماسية ، والعسكرية ، والشرعية على خلفية دستورية وتشريعية وقضائية .

وبفعل كل ذلك ، صارت سوريا مثالاً محرجاً .. مرعباً .. عند الآخرين .. الأصدقاء والأعداء .
كل الذين تبدأ عندهم مظاهر التردي ببلدانهم ، مثل التلكؤ والعجز ، في مواجهة الإرهاب ، يحذرون بعضهم بعضاً : ينبغي ألاّ نصبح سوريا ثانية . ولا يذكرون أفغانستان والبلقان وليبيا ولبنان .
من طرف آخر ، صارت سوريا حمالة مثال التصميم على رفض الاستسلام . فيقال لكل الذين يعانون من عدوان الإرهاب على بلدهم ، ويكاد اليأس يدب في قلوبهم : انظروا إلى سوريا .. إنها تقاتل منذ أربع سنوات وما تزال .. ولم تيأس .. أو تستسلم .
وبفعل كل ذلك أيضاً ، إن خواتم الحريق ستكون مختلفة في سوريا عن خواتم الحريق في بلدان أخرى .

ولا غنى هنا عن الإشارة إلى العوامل الداخلية والخارجية ، التي ستؤدي تفاعلاتها الميدانية والسياسية ، إلى بلورة موازين قوى هي التي ستتحكم في التوصل إلى خواتم الحريق السلمية والإنسانية المطلوبة
وأولها ، أن الخارج الحليف ، لما يسمى طرفي الصراع في الداخل ، بات لكونه مصدر رئيس للتمويل المادي والعسكري والسياسي ، بات قادراً على عرقلة أو تسهيل الحوار السوري - السوري ، والتوصل إلى اتفاق يلبي الحاجة السورية ، للسلم والأمان ، وإعادة البناء ، وإعادة اللحمة الوطنية . ومن أسف أن توجه الخارج بهذا الشكل أو ذاك للصالح السوري ، محكوم بالحسم .. أو بالتوافق الدولي ، حول بؤر توتر أخرى في العالم ، هي ذات صلة حيوية بالاقتصاد والمصالح الاستراتيجية الدولية .
وثانيها : أن الداخل ، الذي يجسد الصراع بين " معارضة ونظام " بعد تدخل الخارج .. المتمثل بالإرهاب الدولي والقوى الدولية الكبرى ، لم يعد حصرياً في إطار الداخل وحسب ، بل صار جزءاً من صراع الخارج الإقليمي والدولي .

وهنا لم يبق للمعارضة في صراع الداخل ، رغم استعراض بعضها لقواه المسلحة ، دور وازن . إذ أن هذا البعض لا يستطيع التحكم بالوجود الإرهابي المسلح الرئيس في البلاد ، بل إن هذا الوجود المسلح الكبير هو الذي يتحكم به ميدانياً وسياسياً و " عقائدياً " . بمعنى أن الحرب بين الأقوياء .. الجيش السوري .. و " داعش " و " جبهة النصرة " وغيرها ، قد أخرجت المعارضة المسلحة من مضمار التأثير المباشر في العملية السياسية كما أخرجتها من العمليات العسكرية الميدانية .
بيد أن أن المعاضة غير المسلحة التي أفقدتها هذه الحرب وانعكاساتها الاجتماعية والسياسية الداخلية والدولية القدرة على التأثير الفعال في العملية السياسية ، لكنها لم تفقد دورها السياسي القيمي في حياة البلاد .

إن المرحلة الكارثية الراهنة تتطلب من جميع الأطراف الوطنية في البلاد عامة ، المناط بها عملياً وسياسياً ووطنياً وتاريخياً إنقاذ البلاد ، تتطلب وضع المطالب والطموحات النوعية " الحزبية والفئوية والخاصة " جانباً ، والتمسك عملياً .. على مدار اليوم والساعة .. وعلى طاولة الحوار .. وفي كل منابر الرأي .. بثوابت إنقاذ سوريا وهي .. القضاء على حريق الإرهاب الدولي .. ورفض الطائفية .. وتكريس الوحدة الوطنية .. ووضع سوريا على مسارات .. الأمن والاستقرار .. والديمقراطية .. والعدالة الاجتماعية .

وهذا وحده الذي يؤدي ، إلى وضع خواتم للحريق السوري مغايرة لخواتم الحرائق في بلدان أخرى .. ويكرس نموذجاً .. يليق بسوريا الحضارة العريقة .. كدولة بصورة عامة .. وكأحزاب وشخصيات ومثقفين وإعلاميين يحملون شرف المسؤولية التاريخية والإنسانية ، بمشاركتهم في صياغة وتحقيق هذه الخواتم .



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدوان التركي والمسؤولية الوطنية
- العودة المؤجلة إلى البيت - إلى حسين العلي -
- سوريا .. ثوابت وآفاق
- لن أقول وداعاً
- قبل منتدى موسكو وبعده
- لماذا القلعة بحلب هدف للإرهاب ؟
- لأجل عودة آمنة كريمة للوطن .. إلى الطفولة المهجرة
- الأستاذ
- التعذيب جريمة حرب وجريمة استبدلد
- حلب تصنع ربيعها القادم
- الصراع السوري مع الغرب الآن .. لماذا ؟
- مائة عام من الصراع مع الغرب .. إلى متى ؟
- داعش على ضفاف الراين - إلى ريحانة كوباني -
- في التصدي للوجه الآخر للإرهاب
- طعنة في ظهر ابن رشد
- النقابات السورية والنضال العمالي والحرب
- كوباني .. هذه المدينة البطلة
- ضد الإرهاب وحرب الخديعة الجوية
- بدر الدين شنن - كاتب يساري ونقابي عمالي سوري - في حوار مفتوح ...
- وليمة لذئاب حرب الإرهاب


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - حول خواتم الحريق السوري