أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بقلم كامل حسن الدليمي - الزندقة معناها ومبناها















المزيد.....


الزندقة معناها ومبناها


بقلم كامل حسن الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 4736 - 2015 / 3 / 2 - 02:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الزندقة معناها ومبناها :
من كتابنا " إسلام الموت أم موت الإسلام " 2
كامل حسن الدليمي
قبل الدخول في مضمار الابحث في مفردة الزندقة وأبعادها لا بد من الإشارة إلى أن الديانات الوضعية التي سادت العالم كالهندوسية والبوذية والزرادشتية وغيرها قد سعت جاهدة إلى الإصلاح الإنساني من حيث الاهتمام بالأخلاقيات وبناء العلاقة الكاملة والمنسجمة بين الإنسان والرب وبين الإنسان وأخيه ومن هذه الديانات ما استطاع أن يخلق مجتمعا منسجما كما حدث ذلك في بلاد الهند فقد وضع بوذا تعليماته وإرشاداته وتمكن من بناء منظومة أخلاقية عامة منطلقة من البعد الديني واعتبار أن (ابراهاما ) هو الرب الأكبر والذي منه ينطلق الخير ويعم الصلاح لمن اخلص له وتعلم من الدرس وهكذا الزرادشتية والهندوسية واديان أخرى ظهرت في مختلف أصقاع الأرض لكن هناك ديانات قد ذكرها صاحب كتاب الديانات العتيقة( )قاصرة من حيث الفكرة ومحددة من حيث الشيوع ومختصة بمجموعة من الناس ليس بالضرورة ان تكون تعليمات هذه الديانات هي تعليمات صالحة وقائمة على أساس بناء الأخلاق الإنسانية وبعد ظهور الإسلام بقيت معظم هذه الديانات الوضعية سائدة ومتغلغلة في النفوس وان كان قد ظهر الإسلام على الخلق فان المضمر هو الطامة الكبرى وهو من شكل خطرا على بنية الإسلام اصلا ولا نريد الاستغراق كثيرا في ذلك لان الموضوع شائك ويستحق الملاحقة التفصيلية مما يستغرق الكثير من الوقت والجهد وباختصار شديد فان ضمور الكفر في النفوس وإعلان الإسلام في الظاهر كان هو السائد عند العرب قبل أن تسود في الأمم الأخرى ولسنا مغالين في ذلك فقد ظهر من العرب من هم اشد خطرا على الاسلام من بقية الأمم الأخرى المناوئة للعرب فالحفر في الأسس التي وضعها الاسلام من العرب انفسهم هو اخطر من الحفر من قبل اعدائها


والسبب في ذلك يعود إلى أن الأسس الإسلامية قد بنيت على مسمع ومرأى من العرب فهم يدركون جيدا على ماذا وبماذا وكيف بنيت هذه الأسس في الوقت الذي تجهل الأمم الأخرى ذلك ولعل خطر العرب على تهديم بنية الإسلام هو أكثر من خطر اليهود أصحاب الديانة اليهودية والعارفون أصلا بظهور محمد في الجزيرة العربية بدين عام وشامل يسقط في مضامينه بقية الأديان ويلحقها به ولسنا بصدد ملاحقة من اساءوا لأسس الإسلام من العرب بقدر ملاحقتنا لخطر المد الوهابي والزندقة وفيما بعد الماسونية التي شكلت كل منها منظومة مفاهيمية متكاملة ومغلقة لا يستطيع الولوج في حيثياتها إلا من أجهد نفسه في البحث والتحليل لأبعادها وأهدافها ومنظريها ونقاط انطلاقها من حيث الجغرافية والتاريخ ذلك أن جغرافية هذه الحركات منها ما وفد من خارج الجزيرة العربية وليس لها أصل في ثقافة العرب كالزندقة و (زنديق) جاءت من الكلمة الفارسية (زنده كَرْد) التي تعني ان يبطن الايمان بماني ويظهر الإسلام، عليه فإن البعض يعرف (الزندقة) بالشخص الذي يعتقد الكفر يُظهره كلما سنحت له الفرصة لكن إذا أكتشف امره فانه لايمانع ان ينكر إلحاده بهذا يختلف عن (المنافق انما هو شخص يتستر على كفره في باطنه إي بينه وبين نفسه. هناك عند البعض تقارب بين الزنديق و المنافق).فيعرف البعض (الزنديق) تعريفا مشابها لـ (المنافق)( )
فالزندقة اذا بمعناها المبسط هي اظهار شيء وإخفاء عكسه كإظهار الإيمان وإخفاء الشرك وإظهار الإسلام وإخفاء الكفر وإظهار المحبة وإخفاء الحقد .... الخ .
وبهذا الوصف العام تكون الزندقة غير محددة بموضوعة واحدة بل تشمل معظم تصرفات الانسان وما تنطوي عليه سريرته وتختلف عما يظهر عليه فان الزنادقة لا حصر لهم اذا كان تعريف الزنديق كما ذكرنا في اعلاه لان الاغلبية من الناس يتزندقون فهم يظهرون شيء ويخفون عكسه وعلى اية حال فان المتعارف عليه ضمن مجالات البحث عن الزندقة ان الزنديق (المنافق، الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر)، وهناك معنى اخر للزندقة كصفة فارسية معناها متتبع (الزند) أي الشروح القديمة لـ لأفستا كتاب (زرادشت) مؤسس الديانة (الزرادشتية). ( )
ولعل ظهور (الزندقة) في الإسلام هو من الموضوعات التي لم ينفض الغبار عنها كليا إلى الآن رغم ما تشكله من خطر كبير على مجمل ما جاء به الإسلام فلم تتوقف ثقافة الزنادقة على الاطلاق من البحث عن وسيلة لتهديم بنية الاسلام من داخله ونسف الإسلام من المسلمين والاستعانة بأي سبب من الأسباب يوصل المنظرين للزندقة ويمكنهم من هزّ القواعد للدين الحنيف وان تغيرت المصطلحات فان الاهداف تظل هي هي والغايات مستمدة من قدرة الزنديق على تغيير لباسه ومظهره وقدرته على التحول بحيث انه يجاري من امن بالإسلام على إسلامه وينتهز الفرصة لتوريطه من خلال مدخل معين يتمكن من خرقه والولوج الى المفردات الأساسية التي يؤمن بها ذلك المسلم المهزوز وان القدرة الفكرية التي يتمتع بها الزنديق هي بالضرورة تملك الحجة والبيان والبلاغة والفهم المسبق ووسيلة الاقناع والاسلوب كما يفعل الوهابيون اليوم تماما حتى توصل المسلم في الوقوع في شرك الكفر من حيث لا يدري وبقصد التوضيح وتسليط الضوء الكاشف على نقطة انطلاق الزندقة وجغرافية انطلاقها وتاريخها لا بد من استعراض دقيق واحداث مقاربة تاريخية لذلك من خلال ما يلي :
أولا:جغرافية الزرادشتيه:
لا شك ان زرادشت هو مؤسس الديانة الزرادشتية انطلق من اذربيجان وكردستان وايران بقيت تعاليمه سائدة في تلك المناطق حتى ظهور الاسلام ( )
وزرادشت هذا هو ابن اسبتمان وهو في الانكليزيةzoroaster" "اما في اللغة الافستائية فهو زرا وسترا وفي الفارسية (زرادشت) وفي الكردية زرادشت ومعنى اسم زرادشت في معظم المعاني مركب من كلمتين معناهما معاكس الجمل لانه كان في صباب يعبث بالجمال ويذهب البعض الى ان اسمه يعني ذهب الصحراء فيما يرى البعض انه يعني قيادة الجمل وعلى اية حال فلسنا معنيين بما يعنيه اسمه فالمصادر قد تحدثت عما يعنيه اسم زرادشت ( )
وقد ولد زرادشت في مدينة اذربيجان وقيل برزو هازيوا ووالدته لوغدما وهما من قبيلة سبيتاما وتتحدث الكتابات التاريخية عن معجزة ميلاد زرادشت وملخص هذه القصة ان والده كان يرعى في الغنم وقد ظهر له شبحان وأعطاه غصنا من نبات الهوما المقدس وأمره ان يقدمه لزوجته فقام بمزج الغصن مع النبات وشربه هو وزوجته فحملت زوجته وحلمت بسحابة سوداء قد احاطت بيتها وانتزعت طفلها من رحمها وحاولت قتله ثم صرخت المرأة فجاء شعاع من السماء ومزق السحابة وظهر من الشعاع شاب يشع بالنور وعاد الطفل الى امه ونبأها بانه سيكون نبيٌُ وحينما ولدت الطفل لم يبكي مثل الاطفال بل ضحك بصوت عال اهتز له البيت الذي كان مليئا بالنور الالهي وهربت الارواح الشريرة ( )
وقد وضعت الكثير من الاساطير التي تحدثت عن ميلاد زرادشت من بين ابرز هذه الاساطير هي اسطورة كبير سحرة ايران (دور سورو) حيث تنبأ بانه سيقضي على الارواح الشريرة والوثنية واحضروا زرادشت في معبد النار وكان طفلا ووضعوه في النار ولما جاءت والدة الطفل ذهبت الى معبد النار ودعت الالهة ان تعيده سيرته الاولى وتواصلت محاولات السحرة للقضاء عليه الا انها باءت بالفشل( )
وكل هذه الاساطير التي نسجت عن ولادة وطفولة زرادشت انما هي تصب في حقيقة واحدة مفادها ان لهذا الرجل شأن وانه سيكون نبيا وفقا لما اعد له من دور مستقبلي وعند بلوغ زرادشت سن السابعة ذهب ليدرس على يد حكيم اسمه بورزين كوروس وظل يدرس معه ثمانية سنين درس العقيدة والزراعة وتربية المواشي وعلاج المرضى ثم عاد إلى بلده مرتديا القميص المقدس والحزام وهذا هو رمز لتعميده في عمدة شعبه وهو في هذه السن حدث غزو النورانيون إلى إيران من الإقليم المجاور فكان زرادشت من بين المتطوعين لميدان القتال في معالجة جرحى الحرب وبعد الحرب انتشرت المجاعة في ايران واشتد المرض فتطوع زرادشت لخدمة المرضى والمحتاجين وعمل متطوعا خمس سنين ثم عاد الى منزله وطلب من أبوه ان يترك عمله التطوعي ويتزوج فتزوج من امرأة اسمها هافويه انجبت له بنتا وولدين وواصل عمله عشرة سنين اخرى ثم بدأت الاسئلة الروحية تدور في خلده وبدأ يميز بين الخير والشر وتمنى ان يحقق السعادة للناس كلهم ويوجد خلاف كبير حول موضوع نزول الوحي على زرادشت فالبعض يقول ان الوحي قد نزل عليه في سن العشرين وقال البعض في الثلاثين وقال اخرون في الاربعين ( )
وبشكل عام فان هناك اعتبارين لزرادشت الاعتبار الاول ان الوحي قد نزل على زرادشت فلقنته تعالميه والاعتبار الثاني انما جاء به زرادشت هو من عندياته وليس هناك أي اساس للوحي وزرادشت هو مؤسس الزرادشتية في المنطقة الجغرافية المحصورة بين هضاب اسيا الوسطى وشمال وشرق ايران منذ سنة 628هـ حتى سنة 551ق. م ، غير ان بعض الباحثين يقولون بل من 1400 الى 1200ق. م.( )
فيما ذهب بعض الباحثين الى ان زرادشت ولد في منطقة صحراء توركمان (وهي تركمانستان حاليا) وهي منطقة واقعة في شمال شرق ايران وهو من اصول اوغوزية ولغرض بيان نسب زرادشت واسمه الحقيقي نقول ورد انه : (زرادشت بن بورشب من قبيلة سبتياما وكانت امه لابيه من اذريبيجان اما امه الحقيقية فمن ايران واسمها دغدوبه ولد في القرن السادس قبل الميلاد واختلف في يوم ميلاده غير ان من المؤكد ولد حينما انتشرت الهمجية في ايران وانتشرت عبادة الاصنام والسحرة والمشعوذين ولسنا معنيين في الخوض في شروحات كثيرة عما يكتنف حياة هذا الرجل من غموض غير اننا نضع مقاربة بين الاسلام وبين الزرادشتية ومفاد هذه المقاربة ان هناك عشرة وصايا لزرادشت يدعو فيها الناس الى (الرأفة بالحيوانات والتعاون معها على اساس انها كائنات لها ارواح وخلفها الله لمنفعة الانسان كذلك احترام الناس وعدم الاعتداء على الاخرين والرأفة بالضعيف واحترام العلاقات بين القبائل والاقوام وكل هذه الدعوات هي قريبة من فلسفة الاسلام غير ان ما يعتقده بعض الفلاسفة ان زرادشت ما هو الا امتداد لفلسفات دينية قديمة سبقته كانت رائجة في الهند والصين ويقصدون في ذلك الهندوسية والبوذية وقد ظهرت بعد زرادشت الاديان السماوية ( )
يبدو ان ما جاء به زرادشت من تعاليم يقترب كثيرا مما جاء به بوذا وسواه من الحكماء الذين ظهروا في شعوبهم على اساس الاصلاح وليس على اساس انهم مبعوثون كانبياء فلم يدع بوذا بنزول الوحي غير ان زرادشت ادعى ذلك وان لم يكن قد ادعى بنفسه فالذين تحدثوا عنه ذكروا انه انما يوحى له والتعاليم التي يعطيها للناس هي تعاليم من الرب .
واسبقت زرادشت في هذه الفلسفات الدينية تؤشر لنا ما يلي :
1- انتشار الجهل والسحر والشعوذة في بلاد ايران في القرن السادس قبل الميلاد كان دافعا من دوافع توجه زرادشت للاصلاح الذي غالبا ما يبدأ اصلاحا روحيا منطلقه من الدين .
2- ما حمله زرادشت من تعاليم يكاد ان يتشابه مع تعاليم بوذا .
3- لعب جهل المجتمع في ايران انذاك دورا كبيرا في الترويج لزرادشت واحترام تعاليمه والالتزام بها .
4- ليس للاجيال التي اعقبت زرادشت بدا من الالتزام بتعاليمه لعدم ظهور رجل بمستواه .
ومع هذا وذاك فان زرادشت وفقا لآراء معظم الباحثين لم يكن الا مصلحا ظهر نتيجة الجهل الذي اصاب مجتمعه وشيوع عبادة الاصنام واتباع السحرة الامر الذي فرض كنتيجة لتلك الامور والشك قائم على ان زرادشت هو مجرد حلقة مكملة من حلقات الفلسفات الدينية القديمة التي ظهرت في الشرق الادنى
من هذا الموروث للديانات العتيقة في ايران ظهرت الكثير من التوجهات الدينية التي تهدف الى الاصلاح ومنها ما ظهر متطرفا والارث الديني في ايران يحسب نفسه انه الاسبق من العرب في وضع تعاليم تقترب من تعاليم الدين الاسلامي وعلى هذا الاساس نزعم ان ظهور الاسلام بتعاليمه الجلية الواضحة لا بد ان يغيض اتباع زرادشت وسواهم من المزدكية والمجوسية وغيرها .
وعلى هذا فان جغرافية الزندقة هي جغرافية الزرادشتية ذاتها أي انها ظهرت من ايران حصرا ، وكما سيرد ذلك في الصفحات اللاحقة.
ثانيا: الزندقة كما اوردتها المعاجم اللغوية :
ورد لفظ الزندقة في الثقافة الفارسية اصلا وليس له في المعجم العربي اساس بل انه عرَّب فيما بعد حتى صار في المعاجم معرف بكونه لفظ اعجمي معرب اخذ عن كلام الفرس بعد ظهور الاسلام وعرف وعرب ( )
وقد تضمنت المعاجم العربية ذات المعنى ولم تتطرق الى ان في لغة العرب مفردة زنديق) بينما يقول الحافظ بن حجر عن اصل الزنادقة هم اتباع ديصان ثم ماني ثم مزدك( )
ولفظ زنديق لفظ غامض في اللغة وقد اطلق على عدة معاني مختلفة فقد كان يطلق على :
1- من يؤمن بالفكر المانوي (النور والظلمة)
2- اسم اطلق على صاحب بدعة وملحد( )
3- يطلق على من يكون مذهبه مخالفا لمذهب اهل السنة .
4- من عاش حياة قصف ومجون من الشعراء والكتاب .
وعلى هذا الاساس فان المعجم العربي لم يورد بين طياته ابعاد مفردة زنديق بل ان بعض البحوث قد تطرقت لمعانيها فقيل ما اوردناه في الصفحات السابقة بانها مركبة من مفردتين فارستين هي (زنده كرد) التي تعني اضمار الكفر واظهار الاسلام وقد وردت مفردة الزندقة اصطلاحا عند معظم المؤرخين بان زرادشت لما اتى بكتاب (البستاه) فمن عدل واعرض وذهب الى التأويل هو الزند بل قالوا الزندي وجاءت العرب بعد ذلك فاخذت المعنى من الفرس وعربوه وقد اورد الملطي الزنادقة (هم اول الطوائف افتراقا ثم عدد فرقهم فقال :
ثانيا:أول من افترق من هذه المذاهب:
1- هم خمسة فرق (المعطلة ، المانوية ، المزدكية ، الهيدكية ، الروحانية)( )
ورأى الجاحظ ان الزندقة فشت اول الامر في النصارى فقال ودينهم يضاهي الزندقة ويناسب في بعض الوجوه قول الدهرية وهم من اسباب كل حيرة وشبهة والدليل على ذلك انا لم نر اهل ملة اكثر زندقة من النصارى ولا اكثر متحيرا او مترنحا منهم ( ) . وليس في لغة العرب مفردة زنديق وقد عربت المفردة اصلا في زمن الساسانيين قال المسعودي يطلق لفظ الزنديق على من اعتنق مذهب المانوية ولعل المسعودي هو اكثر المؤرخين وضوحا واقدمهم في ربط الزندقة بماني من خلال قوله (وفي ايام ماني هذا ظهر اسم الزندقة وكانوا يقولون بالنور والظلمة ) ( )
وقد ظهر ايضا مذهبين هما المزدكية والزرادشتية فالزرادشتية ايضا قالت بالنور والظلمة اما المزدكية فقد ادعت صاحبة النبوة الاباحة حتى في النساء ( )ثم اتسع معنى اللفظ حتى اطلق على كل ملحد مبتدع ثم تطور مرة اخرى فاصبح يطلق على كل من كان مذهبه مخالفا لمذهب اهل السنة .( )
ثالثا:الزندقة في القرآن والسنة النبوية :
لم ترد في القرآن الكريم مفردة زنديق على الاطلاق كذلك هي لم ترد في السنة النبوية الا مرات قليلة فقد روى الامام احمد بن حنبل حديثا للنبي (ص) قوله (سيكون في امتي مسخ وقذف وهو من الزندقية والقدرية)( )
وروى الامام الغزالي حديثا اخر لرسول الله (ص) ترد فيه كلمة الزندقة وهو قول رسول الله (ستفترق امتي بعضا وسبعين فرقة كلهم في الجنة الا الزنادقة) ( )
ولعل المقصد من الحديثين اعلاه هو ان بعضا سيقوم بادخال اشياء في الدين تمسخه وتشوهه وتعمل على اضعافه وهدمه وتفريق قوة المسلمين ووحدتهم فهؤلاء جميعا خارج دائرة الاسلام .
ان قضية الاحداث في الدين هو التأويل الاجتهادي الخاطئ الذي يضعه البعض بغية الوصول الى اهداف سياسية دنيوية يصلون من خلالها الى اقناع الاخرين بدلالات الايات القرآنية ومقاصد الله سبحانه وتعالى بما يقولون به هم خارج دائرة الموضوعية على اننا نجد اليوم ان هناك تشابها كبيرا بين الزندقة في بداية الاسلام والزندقة التي يظهرها بعض من الواجهات الدينية المتطرفة والتي عرفت بانها تعمل بموجب لي عنق النص القرآني لما يحقق مصالحها ومعظم هذه الافكار والنظريات قد انطلقت بدعوى انها ناشئة من رحم الاسلام منها ما هو حديث ومنها ما هو قديم فالفكر الوهابي مثلا يعتمد اساسا على الانطلاق من القرآن الكريم لترسيخ قناعات لدى مريديه بان منهجه هو المنهج الصائب ولضرورة البحث العلمي لا بد من التعريف بابرز النظريات الاسلامية الحديثة التي ظهرت وهي تقصد الاساءة الى الاسلام وتهديمه واضعافه كما نصت عليها الاحاديث التي اوردها احمد بن حنبل عن رسول الله (ص) ومن الاهمية بمكان ان نعرج على المذهب الوهابي الذي نتجت عنه فرق اسلامية متشددة متعصبة لا تمت الى الاسلام بصلة ليس لها مبادئ لا تقف عند حدود الانسانية بل انها توغل كثيرا في ايذاء الانسان والاساءة الى الانسانية .
المواضيع الغامضة التي لم يسلط عليها اهتمام يذكر من قبل المؤرخين بالرغم من قدم الحركة التي ترجع إلى زمن العباسيين. هناك كتب تأريخية تتحدث بصورة سطحية عن أشهر (الزنادقة) والمحاربة الشديدة التي تعرضوا لها في زمن الخلافة. ( )
ولم يتضح الى الان تاريخ الزنادقة بشكل قاطع، و للزندقة في الإسلام تاريخ شائق، عُني المستشرقون بدراسته عناية فائقة ،قبل العرب، فكتبوا فيه الرسائل القصيرة أو المقالات الطويلة المستفيضة التي تظهر باستمرار و أغلب ما فيها جديد طريف. لكنهم لم يبلغوا من هذا كله شأوا بعيدا ، و لم يستطيعوا حتى اليوم أن يلقوا ضوءا قويا ساطعا على كل خباياها. ( )
عنوا بدراسة هذا التاريخ لأنه بدون إيضاحه و تعمقه لن نستطيع أن نفهم كيف نشأت بعض النظريات في علم الكلام بل بعض المذاهب الكلامية التي ازدهرت خصوصا في القرنين الثاني و الثالث للهجرة ، إذ أن الكثير من نظريات مذهب كمذهب المعتزلة لا يمكن أن يفهم بدون معرفة هذه الخصومات الكثيرة العنيفة التي كانت تقوم بين كبار المعتزلة و بين الزنادقة ، و التي كان يثيرها هؤلاء الأخيرون فيضطر أصحاب الاعتزال إلى أن يتخذوا موقفا بإزائها خاصا. حتى إنه لو أتيح لنا أن نبحث في تكوين النظريات المختلفة التي يشتمل عليها مذهب المعتزلة بحثا دقيقا ، يتابع تطوره و يرسم المنحى الذي عليه سار ، إذا لوجدنا للزندقة أكبر الأثر و أعظم الخطر في هذا التكوين. ( )
كما أننا لا نستطيع أن نفهم أيضا تلك الحركة السياسية التي ظهرت خصوصا في أوائل حكم العباسيين ، و أعني بها حركة الشعوبية التي رافقت الزندقة ، و دون أن نذهب إلى ما يذهب إليه الدكتور طه حسين في كتاب ( حديث الأربعاء ) من إرجاع حركة الزندقة كلها أو معظمها إلى حركة الشعوبية ( )، نستطيع أن نؤكد على أقل تقدير أن بين كلتا الحركتين صلة قوية وثيقة ، حتى كان بعض أنصار العربية ضد الشعوبية يتخذون من الشعوبية وسيلة للدلالة على الزندقة كما سنرى ذلك لاحقا.و إلى جانب هذا كله لا يمكننا أن ندرك التطور الروحي في بلاد الإسلام و الحياة العقلية عامة على حقيقتها إلا إذا نظرنا إلى حركة الزندقة بحسبانها عاملا من أخطر العوامل التي لعبت دورها في ذلك التطور و تلك الحياة: فسيرّت الأول في اتجاه معين ، و حددت له خطوطا رئيسية مشى فيها ، و كيفت الثانية تكييفا محددا.و صبغتها بصبغة خاصة لم تبهت على مر الزمان. ( )
1- فلهذه الأسباب كلها و لغيرها من الأسباب وجه المستشرقون عنايتهم إلى هذه الدراسة ، لكن دراستهم لا تزال حتى اليوم ناقصة ، فيها الكثير من التشويه و اللبس. و ذلك راجع إلى أن تاريخ الزندقة في الإسلام موضوع غامض كل الغموض ، مضطرب كأشد ما يكون الاضطراب ،( ) يشق على الباحث فيه الامر.( ) فلفظ " زنديق "( ) لفظ غامض مشترك قد أطلق على معان عدة ، مختلفة فيما بينها على الرغم مما قد يجمع بينها من تشابه. ( ).
وأقول أن اليوم قد أضيف لهذه العناوين والأطر ما هو ادهي فالاستشراق مثلا تنوع حتى صار منه ما يهدد البنية الإسلامية ويضربه في الصميم وان القراءة لنصوص الإسلام من قبل العالم الغربي قراءة مجتزأة لم تصل لفهم مشترك لذا بقيت محاولات التقارب ونداءات الحوار بين الأديان محاولات خجولة لم تأت أكلها حتى اليوم . وهذا ما يؤكده الواقع وتفرضه الأحداث على الساحة الإسلامية عموما.



#بقلم_كامل_حسن_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السرد الروائي بين الحقيقة والخيال


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بقلم كامل حسن الدليمي - الزندقة معناها ومبناها