أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الحامدي - يومبات بنية منتحرة ...














المزيد.....

يومبات بنية منتحرة ...


عادل الحامدي

الحوار المتمدن-العدد: 4735 - 2015 / 3 / 1 - 19:41
المحور: الادب والفن
    


يوميات بنية منتحرة
القسم الثالث .....
ولم تكن بحاجة لتكبد كبيرعناء في سبيل ان تعرف دلك فطريق المنزل بالنسبة لها هو طريق الضجر المحنق والعوز المخنق ..ودلك كان الطريق الوحيد المسموح لها بسلوكه ..صوت شقيقها الاكبر القاسي وصلها كعادته مقرعا مؤنبا : مادا تفعلين هنا ؟؟..اعتقد انها كانت تقضي حاجتها البشرية خلف احدى الشجرات القليلة في دلك الخلاء الاجرد وامتلئت نفسه بالاشنئزاز منها ..كان لم يمض وقت طويل على قيام والدها ببناء مرحاض جهزه تجهيزا متهالكا ولا زالت غير معتادة عليه وهي تشعر بعد بان قضاء حاجتها فوق دلك المرحاض لا يزال يسبب لها عناءا وازعاجا بالغين بسبب ارتجاجه الدائم تحتها وصعوبة صب الماء والريح المندفعة نحوها فهو كان بلا باب واضطرارها لزوم المكان نفسه كل مرة ..لو انها في الهواء الطلق ــ اقول الطلق مجازا فلا وجود لهواء من هدا النوع في هده الارجاء ــ لامكن لها تخير مكان دافئ لا تصله الريح ولا العيون ومعها خالد الصغير يخفي عينيه بيديه الصغيرتين ولدغدغها احساس بتحول غضن الشجرة المتدلية فوقها الى ارجوحة لطيفة تهدهدها هي وخالد الصغير وتاتي على ما يعتمل في داخلها من مخاوف وحسرات بدلا من دلك السقف الدي يوشك ان يخر على رأسها كل مرة تلجه ...سواء قضت حاجتها تحت الشجرة او فوق دلك المرحاض فلا احد يرأف بحالها ولا احد يتركها وشأنها قليلا من الوقت يتيح لها العودة الى نفسها وسرعان ما سبرتفع صوت في البيت او في ساحته يسأل أين هي ومادا تفعل بالضبط ولمادا لا تتوقف عن سلوك "الهملة "..؟؟ وحده خالد شقيقها الاصغر اعتاد ان يندفع نحوها كلما رء اها ويلقي نفسه عليها ويدفن رأسه في صدرها ويستمطرها حنانا أخويا لشد ما صارت عاجزة عن أن تجود به عليه ويروعها هدا الجدب والشح في عواطفها الدي يزحف على كيانها اكثر مما يروعها الجدب المادي الدي تتخبط فيه العائلة ..." أنت اميري الصغير يا خالد العزيز "قالت له دلك اخر مرة عندما جرى نحوها كعادته وألقى نفسه بين دراعيها ..رفعته اليها بحرارة وفي خاطرها ان تلاعبه لعبة الامير الصغير وافعمته بقبلاتها ثم فجأة داهمها احساس بالتيبس يسري في مفاصلها ويجعلها عاجزة عن مواصلة رفعه وأرجحته ..صار بين يديها فجأة مثل قطعة قماش بالية ...من خلال النظرة الغريبة التي القتها عليه لاح لها وجهه مصفرا شاحبا وفي عينيه نظرة قانطة تبغي الفرار من غد سيداهمه دون ريب بكل صور واشكال الحرمان والمهانة ..أنزلته الى الأرض في ما يشبه اسقاط كيس رمل ..رأت في عينيه نظرة متألمة صامتة ولكنه لم يبك .انصرف حزينا وهو لا يكف عن الالتفات اليها عاجزا عن الفهم ..كانت هي التي تبكي ..انعزلت بنفسها بقية يومها ورفضت اكل تاعشاء الدي كان بقية عشاء الامس وغطت وجهها بكراستها وفي روع امها انها كانت منشغلة بالمراجعة ..ولكنها كانت تنظر ولا ترى ....تقرأ ولا تفهم ....تسمع ولا تعي ...تتنفس ولا تحيا ...نامت أخيرا متكومة على نفسها بملابسها ..وصرخات ابيها الغاضبة ومشاحنته المسائية مع امها تستحيل قرقعة في رأسها ..وفي نومها الثقيل داك ...لم تزرها الاحلام الطفولية بل زارتها الكوابيس ..شاهدت والدها ووالدتها وقد اضناهما الجهد وحاجيات العائلة المتفاقمة وغياب المعين وهما يعتزمان ان ينحرا اولادهما وينحرا نفسيهما في اثرهم ..قرأت التصميم الرهيب في عينيهما وقعدت مكانها منتظرة مصيرها المحتوم وهي ترى اخويها خالد وعلي منحوران وراساهما ملقيان على الارض بعد ان انفصلا عن جسديهما ودمائهما تسيل على الارض حتى وصلت اليها واحست بالابتلال في ظهرها الدي كانت مضطجعة عليه ..وفي اللحظة التي هم فيها والدها بان يضع السكين فوق عنقها ساخت الارض تحتها واجتدبتها الى دهاليز مظلمة في اعماقها .ومع دلك ورغم الظلمة كانت ترى بوضوح اخويها مقطوعي الرأس وملقيان امامها وابويها يتخبطان في الحلكة المطبقة بحثا عنهم الثلاثة وهما يطلقان زفيرا وعويلا تتقطع لهما نياط الافئدة... غير مصدقين ما فعلا انهما حقا قتلا اولادهما...ثم لم تلبث ان شاهدت اخويها يتحركان وراسيهما يعاودان الاستواء فوق كتفيهما وابتسامة طفولية تعاود السريان بالتدريج على شفتيهما ..اضاء الدهليز بنور خافت ولكن كاف لتتبين ويتبين الابوان ملامح ولديهما وبغتة كفت الام عن اصدار انينها المؤلم وقد غمرها الاعتقاد بان الله العليم القدير قد منحها فرصة ثانية وانه اعاد ولديها للحياة مع اختهما ..ولكن صوتا خرج من حلق اسماء دون ان تشعر :
ــ نحن اموات يا امي ..وكدلك كنا في حياتنا السابقة فما مغزى هدا الامل المرتسم على ملامحك ؟؟لقد قتلتنا انت وابي مثلما قتلتنا الفاقة من قبل لتتخلصا وتخلصانا من جور الحياة وبؤسها وها نحن كلنا في دهليز مظلم الان ...وما حدث بعد ان تلفظت بتلك الحقيقة انهم ادعنوا كلهم الى شكل مرير ومروع من الوجود :...الام في دورة مفرغة من المجهود العبثي تشعل الطابونة وتصطلي بنارها طوال الوقت لافرق بين ليل ونهار لتكدس الكسرات فوق بعضها اكواما اكواما دون ان تجد مشتريا او تهتم بان يكون هناك مشتريا فهم كانوا في ظلمات الدهليز منعزلين عن العالم الخارجي .وهي ــ اسماء ــ تقضي حينا من الوقت تخبط خبط عشواء بمعية خالد وعلي اللدان يشكوان من اوجاع مزمنة في رأسيهما بين متاهات الدهليزوتعود الى النقطة التي انطلقت منها كل مرة بعد ان ينهكها التعب وتقعي القرفصاء حدو امها وقتا لا تدري مدته فلا ليل ولا نهار هناك وانما مجرد اضاءة خافتة تبين من خلالها شخوصهم كانها اشباح ..والاب يختفي بعربته زمنا طويلا ليعود بها فارغة مثلما دهب بها وينتحي ناحية منعزلا ورأسه متدليا بين يديه ....
يتبع ) .... (



#عادل_الحامدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات بنية منتحرة .من وحي حالات الانتحار التي اقدم عليها ال ...
- يوميات بنية منتحرة ...قصة من وحي حالات الانتحار في صفوف الاط ...
- حتى لا يتحول الى التونسيون الى شعب دهليزى
- حقيقة ام سينما ؟؟
- التائه في سراديب الزهايمر
- فصول من حياة حرفي معاق
- كيف نقتل في اجيالنا الصاعدة روح الاختلاف ونحولها الى ببغاوات
- - احزان سعيدة - رواية حول عمل ومعاناة النساء في االارياف الت ...


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الحامدي - يومبات بنية منتحرة ...