أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الحامدي - يوميات بنية منتحرة .من وحي حالات الانتحار التي اقدم عليها الاطفال مؤخرا في مدينة القيروان














المزيد.....

يوميات بنية منتحرة .من وحي حالات الانتحار التي اقدم عليها الاطفال مؤخرا في مدينة القيروان


عادل الحامدي

الحوار المتمدن-العدد: 4735 - 2015 / 3 / 1 - 00:09
المحور: الادب والفن
    


ثبتت في حاشية الافق الشمالي غيمة مثقلة رفضت ان تتلاشى مثل بقية السحب التي عربدت صباحا في السماء ثم شتتتها الرياح النافخة ..امتلئت صفحة السماء بصفاء عجيب كأنما غسلت غسلا بفعل تيارات البرودة المنتشرة وفي المقابل اربدت الارض من حولها بالغيوم ..لم يعد مجديا التطلع الى زرقة السماء التي صنعت تباينا صارخا مع قتامة الارض ولكن على مسافة قريبة منها وفي خضم الغيوم التي ملئت الارض امكن لها ان تصغي الى المشاحنة المعتادة بين والديها وكلاهما يكيل الاتهامات الى الاخر ويحمله مسؤولية الافلاس الذي تتخبط فيه العائلة بفعل تبذير زائد عن الحد يمارسه كلاهما :يا للهول ....بال5د التي يجنيها هو من عمله كبائع متجول وبال3د التي تكسبها هي من بيع الكسرة يتعين عليهما ان يوفرا كافة مستلزمات العائلة ذات ال6 افراد من اكل ولباس وسكن ودواء وادوات مدرسية ومعاليم كهرباء واداءات ..اما الماء فقريبا منهم البئر المالحة يعبون منها مثل خلائق كثيرة تعيش حولهم وتعب منه ولا تبالي ويتسرب ملحها من الحلوق ليستحيل وجوها مشققة وكلاما مستسلما تنفثه الشفاه ياتي دوما بتلك الملوحة التي تستحيل مرارة خانقة كلما تحدث احدهم عن حاله : دوما يتشاحنون ..هكذا تعجبت اسماء الصغيرة التي وعيها فاق سنها ولا يتفقون على شئ بل ربما يتشاحنون ــ هكذا خلصت اسماء الى قناعة ــ ليفروا من حاجتهم الماسة والمصيرية الى الاتفاق على عمل جماعي مشترك فقد ظهر جليا ان المحاولات الفردية لكل منهم لتغيير حاله ستنتهي لا محالة بانقصام ظهره ..وهكذا بالتشاحن المستمر وتبادل الاتهامات يفرون كل من نفسه ومن غيره ويفرون من كل عمل جماعي قد يفضي الى ولادة واقع جديد لم يعهدوه ويفرون من كل عمل فردي قد يتطور وتتسع دائرته ليشمل صاحبه واخرين من حوله ولا يستطيعون في النهاية الافلات من انهيار حياتهم على كل الاصعدة ..تركت اسماء ابويها تبتلعهما غيوم الارض المتراكمة وادارت وجهها شطر الجهة الشمالية من السماء ...هماك حيث علقت تلك الغيمة التي رفضت ان تنقشع .حاولت ببصرها ان تخترق كتلتها لترى ما وراءها من عالم بعيد مخفى وتساءلت بقنوط ان كان يمكن للقليل من ذلك السحر والرخاء اللذان يعمان ذلك العالم ان ينتقل الى عالمها ويخفف من وطأة الكأبة المخيمة عليه ..عاودت الاطلال برأسها من خلال الباب بعد ان تاكدت من خمود المشاحنة بين ابويها وانصراف كل منهما لشأنه وثبتت عينيها في الناحية الصافية من السماء وبغتة خيل اليها ان خيوطا بينها وبين الارض تسري بلا انقطاع بالوان لا نهاية لتعدادها وانها ترى وجهها منعكسا في الغيوم الثقيلة المنعقدة أمامها التي تحولت الى مرأة شفافة ترى فيها وجهها وقد تخضب بتلك الالوان التي لا نهاية لتعدادها وهي تمد يديها محاولة الامساك بالبعض من تلك الخيوط السحرية ووضعها في جيبها ولا تغنم غير تلوينات لا عد لها لاصابع يديها وخصلتي شعرها اللتان عاودتا التهدل على صدرها ..اندفعت الى الامام متحدية للبرد اللاسع مسحورة بالالوان الخلابة مصرة على ان تقبض عليها وتعرف سرها حتى ابتعدت عن الدار مسافة طويلة وشرعت تتعثر في الحجارة والحفر وبصرها مثبت في الخيوط الموهومة أمامها وهناك في الخلاء الاجرد الذي يحد المنطقة التي تعيش فيها عندما بلغته انزاحت الاوهام وتوقفت السماء عن امطارها بالوانها وداهمت صفحتها سحب قاتمة السواد ومن خلال ذلك السواد ومن تلك المسافة الهائلة بين الارض و ذلك الفراغ الذي نسميه سماء بدا لها ما يشبه الاشباح الهائلة تلوح بقبضاتها الضخمة وملامحها المريعة في اتجاهها مهددة متوعدة ..ياالله ...يا الله ..يا الله ..يا الهي يا الهي أعني وساعدني ...تمتمت مرتجفة وقد غمرها الرعب من اعلى رأسها الى أخمص قدميها.... ولت هاربة متعثرة وهي تحاول تبين طريق العودة الى المنزل من خلال العشي والانشداد اللذان اصابا مقلتيها وعتما بصرها .......



#عادل_الحامدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات بنية منتحرة ...قصة من وحي حالات الانتحار في صفوف الاط ...
- حتى لا يتحول الى التونسيون الى شعب دهليزى
- حقيقة ام سينما ؟؟
- التائه في سراديب الزهايمر
- فصول من حياة حرفي معاق
- كيف نقتل في اجيالنا الصاعدة روح الاختلاف ونحولها الى ببغاوات
- - احزان سعيدة - رواية حول عمل ومعاناة النساء في االارياف الت ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الحامدي - يوميات بنية منتحرة .من وحي حالات الانتحار التي اقدم عليها الاطفال مؤخرا في مدينة القيروان