أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كاظم حبيب - الأجواء الحزينة والغاضبة لمؤتمر -الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ومستقبل الإيزيديين والمسيحيين في العراق- - الحلقة الخامسة - هل من أزمات ما بعد الأزمة؟ تلخيص لبحث السيدة الدكتورة فيان عبد العزيز والأستاذ نهاد القاضي















المزيد.....


الأجواء الحزينة والغاضبة لمؤتمر -الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ومستقبل الإيزيديين والمسيحيين في العراق- - الحلقة الخامسة - هل من أزمات ما بعد الأزمة؟ تلخيص لبحث السيدة الدكتورة فيان عبد العزيز والأستاذ نهاد القاضي


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 12:43
المحور: حقوق الانسان
    


خلال العقود الستة المنصرمة مرَّ العراق وشعب العراق بكل مكوناته القومية ومن ثم الدينية والمذهبية واتجاهاته الفكرية القويمة بمحن وأزمات وكوارث ومآسي يصعب تصور قدرة شعب على تحمل عواقبها السياسية والاقتصادية و الاجتماعية والثقافية والبيئية، يصعب تصور قدرة شعب على خسارة هذا العدد الكبير الهائل من البشر الذي يزيد على مليون ونصف المليون إنسان بين قتيل وجريح ومعوق، وعلى عوامل طرد فاعلة لسكانه يصل عدد اللاجئين والمهجرين قسراً والنازحين بسبب الحروب والاستبداد والإرهاب المتنوع ما يزيد عن أربع ملايين إنسان، وعن خسائر مالية بأرقام فلكية كان في مقدورها أن تجعل من العراق جنة عدن ومن متوسط حصة الفرد الواحد من السكان من الدخل القومي يفوق أعلى متوسط لحصة الفرد الواحد في بلدان متقدمة اقتصادياً، إضافة على الخسارة الكبيرة في حضارته وثقافته بسبب ما حصل له من تطهير عرقي وثقافي مستمرين طيلة العقود المنصرمة. وإذا كانت مصيبة وجود حزب البعث الفاشي في السلطة قرابة 35 عاماً قد خرب ما بناه العراق طيلة الحكم الوطني الذي بدأ في العام 1921 وأتى على بدايات بناء المجتمع المدني، فإن الحكم الطائفي السياسي والمحاصصة الطائفية بين الأحزاب الإسلامية الشيعية والسنية والقومية قد وضع العراق في أسفل السلم بين دول العالم كله وفي جميع المجالات دون استثناء. وزاد في الطين بلِة وهمجية الاجتياح الأخير والاستباحة التدميرية لقطعان داعش وعصاباته المجرمة المنفلتة من عقالها باسم إله المسلمين والإسلام وباسم نبي الإسلام محمد، وباسم الجهاد والفتح الإسلامي.
ومنذ إسقاط الدكتاتورية بقوى خارجية حتى اليوم يواجه العراق أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية مريرة عجزت الحكومات الأربع المتتالية عن حلها، بل كلها وبالتتابع ساهمت في تعقيدها وتشديد تشابكها وتوفير مستلزمات عدم حلها. وكانت فترة حكم نوري المالكي التي دامت قرابة تسع سنوات الأكثر تدميراً للعراق وشعب العراق وأكثر تخريباً لمستقبل العراق. وكانت الأزمة والمحنة الأكثر عمقاً وشمولية واتساعاً بسبب الاجتياح الغريب لعصابات داعش الدولية من بوابة الموصل واستباحتها للمجتمع في نينوى وصلاح الدين والأنبار وديإلى وكركوك وغيرها. وهذه الأزمات التراكمية ليس بسب إرهاب عصابات داعش المجرمة وحدها، بل وبسبب النظام السياسي الطائفي والمحاصصة الطائفية وصراعات قوى الإسلام السياسي والقوى القومية العراقية على السلطة والمال والنفوذ، ومعارك المليشيات الطائفية المسلحة التي مارست وما تزال تمارس الإرهاب والقتل على الهوية القومية والدينية والمذهبية، إذ كانت السبب أيضاً في توفير مستلزمات اجتياح داعش للعراق من بوابة الموصل وقبل ذاك من بوابة الأنبار.
وإذا ما أمكن الخلاص من عصابات داعش الإرهابية، يبقى السؤال المعقد هو كيف يمكن الخلاص من تلك المليشيات الطائفية الشيعية المسلحة التي شكلت القوام الأساسي والنسبة العظمى من الحشد الشعبي، وما يمكن أن ينشأ بعد تشكيل الحرس الوطني السني المسلح. إنها المحنة الكبرى. إن المحزن القول بأن المحن متلاحقة بالعراق وعواقبها متراكمة وهي التي تتسبب في مزيد من العلل والأمراض النفسية والعصبية والاجتماعية، وهي التي تجعل من غير السهل معالجتها، مع واقع غياب مراكز البحث العلمي النفسي وهجرة الكثير من الأطباء والعلماء بسبب تعرض الكثير منهم للموت فعلاً على أيدي مختلف أصناف القتلة. وهذه الحلقة مكرسة لموضوع أزمة ما بعد الأزمة أو الحالة النفسية للذين تعرضوا للمحن، وخاصة الإيزيديين ومن ثم المسيحيين والشبك والتركمان، بل قل الكثير من أبناء وبنات الشعب العراقي.
فقبل فترة وجيزة نُشر على نطاق محدود بحث مهم للسيدة الدكتورة فيان عبد العزيز والمهندس الاستشاري والأستاذ نهاد القاضي تحت عنوان "أزمة ما بعد الأزمة وحقوق جرائم حروب التطهير العرقي" كتب باللغتين العربية والإنجليزية ويراد له أن يترجم إلى اللغة الكردية. وفي مؤتمر "الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ومستقبل الإيزيديين والمسيحيين" تسنى للزميل نهاد القاضي تقديم ملخص مكثف جداً لدراستهما المشتركة التي أحاول هنا التقاط بعض القضايا الجوهرية منها لوضعها تحت تصرف القارئات والقراء الكرام.
بعد أن استعرضا الكاتبين تاريخ الديانة الإيزيدية والإيزيديين والعذابات والآلام والمجازر التي تعرضوا لها طيلة القرون والعقود، بيّنا بوضوح طبيعة وحجم وعمق الكارثة والمأساة الأخيرة التي حلت بهم والتي تشكل جرائم إبادة جماعية وضد الإنسانية وجرائم حرب بكل معنى الكلمة. ومثل هذه الجرائم لا تنتهي بقتل الناس وأسرهم وتهجيرهم فحسب، بل تمتد لتشمل الأوضاع الاجتماعية والنفسية لمن تبقى منهم ممن عاشوا تلك المآسي والكوارث والجرائم. يشير الكاتبان إلى ما يلي:
"إن الأحداث التي مرت بالإيزيديين من البشاعة لا يمكن أن تعقل، وهي إبادة جماعية وتطهير عرقي وثقافي وتغيير ديموغرافي على أساس ديني. لا شك في أن مفهوم الإبادة الجماعية ومضمونها معروف وكذلك تأثيراتها الجسيمة على المجتمع ككل وعلى الفرد ونتائجها السلبية على مستقبل المجتمع والفرد والأسرة، لذا نحن بحاجة إلى التركيز على هذه التأثيرات ودراستها بشكل تفصيلي وتحليلها وتحديد المشاكل الناتجة عنها وعلى مختلف المستويات وضرورة الإسراع في إيجاد الحلول الملائمة من اجل إنقاذ مستقبل أجيال ومستقبل مكون يتعرض إلى الانقراض والمحو من المنطقة التي عاش فيها منذ آلاف السنين، أي أن هناك عملية تغيير ديموغرافي، إضافة إلى تأثير الأحداث على نوع العلاقة بين الإفراد داخل المكون الواحد والعلاقة مع المكونات العراقية الأخرى. المرحلة القادمة ستكون بحاجة إلى تكثيف الجهود على مختلف المستويات والمجالات ابتداء من الحكومة والبرلمان إلى منظمات ومراكز صحية متخصصة ومروراً برجال الدين ومنظمات مجتمع مدني كل من موقعه حيث يستوجب الأمر أن يكون هناك تعاوناً جدياً وحقيقياً وأن توضع خطط واضحة وتتخذ قرارات جريئة متواصلة من اجل إنقاذ المجتمع والفرد. ومثل هذه العملية قد تستغرق سنوات في اغلب الأحيان إذ إن التأثيرات الناجمة عن الأحداث وانعكاساتها قد لا تظهر في حينها إنما بعد مرور سنوات طويلة ،قد تقدر بعشرات السنين. بالإمكان تقسيم المشاكل على مستوى الفرد، الأسرة ، المجتمع، و تأثيراتها الاجتماعية، الاقتصادية النفسية و الدينية وتغيير في مفاهيم العرف و التقاليد." ويتناول الباحثان الدكتورة فيان عبد العزيز والأستاذ نهاد القاضي موضوع الفرد كأساس للبحث والمعالجة ويطرحان القضايا التالية:
الفرد: يمكن أن يقسم إلى شخص تعرض إلى التهجير ، وأخر إلى الاختطاف، وأخر إلى التهديد بالقتل، ومن له من أفراد عائلته قد تعرض إلى القتل أو الذبح أو الاغتصاب أو كان شاهدا على تلك الأحداث. كل من هؤلاء بحاجة إلى معالجة نفسية فورية وان اختلفت طرق المعالجة لان أعراض ما بعد الصدمة ستختلف في شكلها وطرق التعامل معها واستجابة كل فرد تعتمد على تركيبته النفسية والجسمانية والعقلية واستعداده في تقبل العلاج والبيئة التي يعيش فيها وتجاوبه مع الأحداث (نوع الحدث، مدة التعرض له) إضافة إلى عامل الجنس والعمر. إن وصف هذه الحالة التي يتعرض إليها الفرد يطلق عليها الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة. فالشخص الذي عاش هذه الأحداث المأساوية الكارثية لا بد أن تترك لديه شعور بالضعف، بالغدر وعدم الثقة لا يأتمن لأحد، تظهر أعراض على الفرد المتعرض للحدث أو الصدمة خلال فترة قد تكون قصيرة خلال الحدث أو قد تطول إلي عدة سنوات وتظهر أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة بشكل أعراض نفسية، عضوية (جسمانية)، انفعالية وسلوكية.
الأعراض النفسية هي: الخوف والقلق، الكآبة والحزن، الإحباط الذي سيلازم المتضرر لفترات ليست بالقصيرة، العصبية وانفعالات عصبية، عدم القدرة على ضبط النفس.
الأعراض العضوية: التعرق، نوبات الدوار، ارتفاع في ضغط الدم، التنفس السريع.
الأعراض الانفعالية والسلوكية: تشوش في التفكير، عدم التركيز، صعوبة اتخاذ القرار، اضطرابات في النوم، اضطرابات في المأكل."
ويقسم الباحثان "تأثير الأحداث (الصدمة) على الشخص المتضرر إلى ثلاث مستويات والتي تسبب إعاقة في العلاقات بين الفرد الشخصية والاجتماعية والمهنية و تشخيص الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة.
على المستوى الأول من الصدمة التي مر بها الفرد ستظهر بعدة أشكال:
تلاحقه الذكريات والأحداث و تشغل تفكيره بصورة مستمرة، متلازمة معايشة الأحداث كأنها تحدث اليوم نوبات الخوف مصاحبة معها الخفقان والتعرق ونوبات الإغماء.
المستوى الثاني من تأثير صدمة الأحداث على سلوكيات الفرد التي قد تظهر بشكل:
يتجنب الحديث عن الواقعة، يتجنب تذكيره بالأشخاص والأماكن والأحداث المرتبطة بالواقعة
فقدان الاهتمام بالأشياء، الشعور بالانعزال وعدم الانتماء، الإحساس بفقدان المستقبل، عدم القدرة على استرجاع الذاكرة لجوانب مهمة من الأحداث.
المستوى الثالث تأثير الحدث أو الصدمة على الفرد المتضرر تظهر بشكل:
اضطرابات في النوم والأرق، كثرة الأحلام المزعجة والكوابيس، عدم القدرة على التركيز، سرعة التهيج
الشعور بالنحول، التعرض إلى نوبات البكاء، التعرض إلى نوبات الغضب التهيج، عدم القدرة على الحفاظ على وعي أو الاستجابة الطبيعية للمحفزات الخارجية البيئية، العدائية التهجمية وقد تظهر مشكلة الإدمان (الخمر أو المخدرات) ومحاولة الانتحار."
ويطرح الباحثان عوامل تزيد من خطورة الإصابة بالاضطرابات ما بعد الصدمة في حالة التعرض المباشر للحدث / الصدمة، شدة الحدث ومدة التعرض له واستمرار العيش في الحدث، إضافة إلى تاريخ الفرد الصحي في مرحلة الطفولة أن كان قد تعرض للصدمة سابقا أو اضطرابات نفسية عقلية سابقا، وكذلك العوامل العائلية في حالة تعرض الوالدين إلى اضطراب ما بعد الصدمة ووجود حالة الاكتئاب أو القلق في التاريخ العائلي ووجود أمراض نفسية سابقة أو وجود خسارة أو فقدان حاد (من الأهل أو الوظيفة)، أحداث الحياة السلبية بعد الصدمة، رؤية الناس للأذى أو القتل، الشعور بالرعب والعجز، أو الخوف الشديد، ضعف الدعم الاجتماعي أو انعدامه بعد وقوع الحدث ومستوى التعليم العالي يكون أكثر استعدادا لتجاوز الصدمة, ولا بد من الإشارة إلى إن النساء أكثر عرضة للصدمة".
أما العوامل التي يمكن أن تخفف من شدة الصدمة واضطرابات الإنسان فتتلخص بحصول الفرد على الدعم من الأسرة والأصدقاء، أو العثور على الدعم بعد الحدث مباشرة، وكذلك الشعور بالرضا لدى المتضرر من الإجراءات الخاصة في مواجهة الخطر ووجود إستراتيجية المواجهة، أو طريقة التغلب على الحدث والتعلم منه، ثم القدرة على التصرف والاستجابة بفعالية إيجابية على الرغم من وجود شعور الخوف لدى المتضرر".
ثم يطرح الباحثان موضوع العلاج على النحو التالي:
تعتمد معالجة الاضطرابات بعد الصدمة على أركان ثلاثة هي:
1- العلاج الاستماع والحوار : يعتبر جزء مهم وفعال في المعالجة تحت إشراف طبيب اختصاص في علم النفس ويقوم بتشجيع المتضرر أن يسرد الأحداث والصور المروعة التي عايشها بكلماته وتعابيره الخاصة، قد تستمر جلسات الاستماع والحوار ما بين 6 -12 جلسة وقد تحتاج إلى أكثر، ويصاحبها حاجة ملحة إلى دعم من العائلة والأصدقاء المقربين.
2- العلاج السلوكي: الهدف من العلاج هو أعادة المتضرر إلى ممارسة حياة اعتيادية مرة أخرى ودعمه وضمان قابليته لمواجهة الحدث أو المكان وذلك يخضع المتضرر إلى دورات تأهيلية خاصة. يشمل العلاج إلى عدة مراحل وأساليب منها:
أ- علاج المواجهة: يقوم المعالج بتعريض المتضرر إلى أجواء الحدث بطرق مختلفة أمينة قد تكون بالصور أو الكتابة وأحيانا إلى زيارة موقع الحدث ليتمكن المعالج من مساعدة المتضرر في التحكم بمشاعره. هذا تدريب نفسي وسلوكي في مواجهة الحدث الافتراضي وكيفية التعامل والسيطرة الذاتية وتحويل المشاعر السلبية إلى قوة ايجابية تمكن المتضرر من التخلص من جزء كبير من أثار الحدث. يستغرق العلاج إلى سلسة من جلسات نفسية.
ب – علاج إعادة الهيكلة المعرفية: يستذكر بعض من المتضررين الحدث المؤلم بصورة خاطئة أو مشوشة وينتج عنها شعور بالذنب أو الخجل أو العار وهو ليس لهم ذنب فيه، يكون دور المعالج هنا مسعدة المتضرر إلى روية الحدث بنظرة أكثر واقعية.
ج – التدريب على السيطرة على إعراض اضطرابات ما بعد الصدمة من قلق او شد عصبي وغيرها وذلك بمساعدة المتضرر على استرجاع الذكريات بطريقة صحية بعيدة عن التأثير على نفسيته.
3- العلاج بمضادات الكآبة والأدوية: في حالات خاصة قد تستوجب اللجوء إلى تناول مضادات الكآبة أو أدوية نفسية أخرى لتحسين مزاج المتضرر ولمدة قد تتباين بين شهرين إلى سنة وأحيانا تحتاج إلى مدة أطول. إن استخدام هذه المضادات فيها من السلبيات الكثيرة قد تسبب الضرر على الشخص والمحيط الاجتماعي.
من اجل تفادي الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة وخاصة لحدث تعرضت إليه مجموعة كبيرة من المجتمع غالبيته من مكون واحد تعرضوا إلى هجمة إرهابية غايتها إبادة جماعية عرقية، تحتاج إلى إجراءات فورية تبدأ:
1- نقل الضحايا إلى أماكن آمنة وأمينة فيها مستلزمات الحياة الأساسية؛ 2- تقدير عدد المتضررين لمعرفة حجم المشكلة المتوقعة؛ 3- وضع الخطط وتشكيل لجان عمل كافية لتغطية اكبر عدد من المتضررين.
إن خطة المعالجة من اضطرابات ما بعد الصدمة لعدد كبير من الناس تحتاج إلى:
1- تشكيل فرق لتسجيل الأحداث والوقائع كما يذكرها المتضرر، و بالإمكان الاستعانة بمتطوعين من خريجين أو طلبة دراسة في مجال التربية وعلم النفس أو الطبية تحت إشراف لجنة متخصصة في علم النفس من اجل تحقيق الركن الأول من المعالجة وهو الاستماع، حيث يقوم المختص بتحديد الأسئلة والمواضيع التي تطرح على المتضرر حيث يقوم المتطوع بتسجيل كافة ما يقوله و يصفه المتضرر من أحداث ومشاعر وبكلماته الخاصة بدون تغيير. وهي طريقة تتيح المتطوع تحديد المفاصل الأكثر انفعالية في الحدث، إذ أن المتضرر ودون وعي منه، يركز على هذه المفاصل، بما يمكن المعالج من استكشاف نقاط المعاناة الأكثر تأثيرا وتسببا باضطراب صاحبها. هناك صفة مهمة لابد أن يلتزم بها فريق العمل هي المحافظة على سرية وأمانة ما يسمعه وينقله إلى الجهات المعنية فقط لان هذه المرحلة هي مفتاح الأمان للمتضرر وخطوة لبناء أواصر الثقة والتعاون والتعجيل في الشفاء ، حيث أثبتت أغلب الدراسات إن احتواء المتضرر وهو ما يزال في موقع الحدث والمباشرة في علاجه النفسي له تأثير كبير في تخفيف بل أحيانا التخلص من الصدمة أو الحدث وتزول أثاره في المستقبل.
2- مرحلة جمع المقابلات وتصنيفها إلى مجاميع حسب القواسم المشتركة حيث لا بد أن يكون هناك عدد من المتضررين لهم قواسم مشتركة في الوصف، درجة التعرض إلى الحدث، قابلية تقبل واستيعاب الضرر بسبب تجارب سابقة أو تركيبة الشخصية والفئة العمرية وغيرها. يقسم المتضررون إلى مجاميع على ضوء التصنيف، ومن هنا يمكن تحديد طرق المعالجة والتعامل مع المتضررين، حيث تنتقى كل مجموعة على أساس من العوامل والصفات المشتركة قد تكون المجموعة كبيرة او صغيرة وتقدم لها الطرق العلاجية النفسية المناسبة إضافة إلى الإرشادات والنصح. ففي حالة الكوارث الكبيرة بالإمكان تقديم العلاج الجماعي وإن كان طرق العلاج الجماعي لا يعتبر العلاج النفسي الأساسي، إنما هو علاج مساعد يدعم المتضرر في علاقاته العائلية، أو في علاقاته مع الناس، من دون أن يحل إشكالات صراعه الذاتي – الداخلي. في أحيان كثيرة قد يحتاج المتضرر إلى إحالته إلى مركز المعالجة النفسية الفردية بصورة مباشرة.
3- جلسات العلاج الجماعي تحتاج إلى متابعة دورية كل شهرين لمدة 24 شهراً يسجل فيها التطورات الحسية والجسمية، والتأثيرات الاجتماعية والممارسات اليومية وتحديد قياس تأثير الحدث. أي بمعنى آخر 12- 15 جلسة كل جلسة تستغرق 60 -90 دقيقة. الغاية من المتابعة هو تحديد مقدار تأثير الحالة الصحية على نوعية الحياة HRQoL ( Health related Quality of Life ) هناك أساليب ومقاييس علمية تخصصية مختلفة يعتمدها الاختصاصيون النفسيون في تقييم HRQoL حيث تقسم صحة المعالجين إلى ثلاثة مستويات من الشدة :
القادر على الرعاية الذاتية، والقادر على القيام بالأنشطة والفعاليات المعتادة من يعاني من الألم / الانزعاج أو الكآبة / القلق. "
ويرى الباحثان أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع سلباً أو إيجاباً على حالة المصاب بالصدمة والاضطرابات النفسية والعصبة فيشيران إلى ما يلي:
يقوم المجتمع المحيط بالمتضرر بدور كبير في تحديد الصحة النفسية والسلوكية بالسلب او الإيجاب في حياة الفرد وخاصة عندما تتعرض مجموعة كبيرة من مكون واحد لحدث رهيب. بعض من المعوقات السلبية:
تأثير تعليقات المجتمع المستمر الذي يتعرض لها المتضرر وما سيعاني منه (مثال استخدام أمثلة شعبية قد تجرح المتضرر)، سلوك المجتمع غير المتعاطف أو خال من الرحمة في التعامل والأسلوب خلال فترة الأزمة أو الحدث وما بعده، ظهور تمييز في تعامل المجتمع مع المتضررين على أساس الدين أو المذهب أو المنطقة ... مثلا تمييز شخص عن آخر من نفس المحيط أو فئة عن أخرى من نفس المجموعة، الروتين المقرف (البيروقراطية) التي يتعرض لها المتضرر في كل خطوة او أجراء من اجل بناء حياة جديدة، الإهمال الصارخ من قبل الحكومة أو المؤسسات المعنية بقضايا المتضررين
منع أو تقليل من التقارب الاجتماعي مع المتضررين، النظرة الدونية للمجتمع إلى المتضررين دون أن يدري أو بلا وعي، التشريعات الدينية الصارمة غير المرنة من دين كلا الجانبين المتضرر أو المجتمع
ويطرح الباحثان أخيراً سبل المعالجة التي تستوجب تضافر جهود جميع الأطراف في هذه العملية المعقدة والطويلة والمهمة, بما في ذلك القوانين التي لا بد من تشريعها لهذا الغرض بهدف التقليل من الآثار المستقبلية والتعجيل في الشفاء. تأمين إعادة تأهيل واستعادة طاقة بشرية إلى العمل والإنتاج والمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان فيه بدلا من خلق فرد أو فئات مجتمعية مهضومة الحقوق غير منتجة وغير صحية.
لقد حاولت التوسع في طرح بحث السيدة الدكتورة فيان عبد العزيز والأستاذ نهاد القاضي لسببين هما عدم فسم المجال وبالشكل المناسب لطرح هذا الموضوع المهم بالصيغة المطلوبة أولاً، ولأن البحث مهم وبحاجة إلى مناقشة من المختصين بالطب النفسي والعلماء المختصين بعلم النفس الاجتماعي ثانياً. وأتمنى على الباحثين الخوض في هذا الموضوع وأشير هنا إلى أساتذة علم النفس والطب النفسي بالعراق وبالخارج، إذ أن الكاتبين، وأنا معهم، أرى بأن الأزمات القادمة ما بعد أزمة الاجتياح والاستباحة ستكون متعددة الجوانب وأكثر عمقاً وشمولية وأكثر إيذاءً للفرد والمجتمع. ولهذا فالاستعداد لها بصورة فردية وجمعية مسالة ضرورية جداً.
82/2/2015 كاظم حبيب




#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأجواء الحزينة والغاضبة لمؤتمر -الإبادة الجماعية والتطهير ا ...
- الأجواء الحزينة والغاضبة لمؤتمر -الإبادة الجماعية والتطهير ا ...
- الأجواء الحزينة والغاضبة لمؤتمر -الإبادة الجماعية والتطهير ا ...
- الأجواء الحزينة والغاضبة لمؤتمر -الإبادة الجماعية والتطهير ا ...
- هل تمارس المليشيات الطائفية الشيعية المسلحة ما تمارسه داعش ب ...
- دور العراق والمجتمع الدولي في التصدي لقوى الإرهاب بالعراق وم ...
- ماذا يجري بالعراق الغارق في مستنقع الطائفية السياسية؟
- حيدر العبادي والحرب والمعاول الهدامة!
- السعودية هي المعين الإيديولوجي للتنظيمات الإسلامية السياسية ...
- زيارات ولقاءات ودية وحميمة في مدن كردستان الجميلة
- ما العمل من أجل دحر داعش وعودة النازحين قسراً إلى مناطق سكنا ...
- زيارة إلى النازحين في جبل سنجار والمقاتلات والمقاتلين في مدي ...
- الإقليم والنازحون قسراً إليها، مخيم آسيان في ناحية باعذرا - ...
- زيارات حزينة إلى مخيمات سكان النزوح القسري بإقليم كردستان ال ...
- خطيب جامع بأربيل يشتم الشيعة والشيوعية كل يوم جمعة
- أرحل... ارحل انت ومن يحميك من عقاب الدستور والقوانين واترك ا ...
- الأزمة المالية وإشكاليات الفساد والإصلاح الاقتصادي
- هل الظهير الشعبي المجتمعي الذي تحتاجه القوات العراقية في موا ...
- هل الرأسمالية نهاية التاريخ؟ رأي في كتاب -راهنية أفكار كارل ...
- قراءة في رواية -متاهة إبليس- للروائي العراقي برهان شاوي


المزيد.....




- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...
- العراق يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام المثليين
- قيادي بحماس: لا هدنة أو صفقة مع إسرائيل دون انسحاب الاحتلال ...
- أستراليا - طَعنُ أسقف كنيسة آشورية أثناء قداس واعتقال المشتب ...
- العراق ـ البرلمان يرجئ التصويت على مشروع قانون يقضي بإعدام ا ...
- 5 ملايين شخص على شفا المجاعة بعد عام من الحرب بالسودان
- أستراليا - طَعنُ أسقف آشوري أثناء قداس واعتقال المشتبه به
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كاظم حبيب - الأجواء الحزينة والغاضبة لمؤتمر -الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ومستقبل الإيزيديين والمسيحيين في العراق- - الحلقة الخامسة - هل من أزمات ما بعد الأزمة؟ تلخيص لبحث السيدة الدكتورة فيان عبد العزيز والأستاذ نهاد القاضي