أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - الأيديولوجية الاسلامية وصناعة الإرهاب















المزيد.....

الأيديولوجية الاسلامية وصناعة الإرهاب


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 11:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في أحد حلقات مسلسل "فرقة ناجي عطاالله" للفنان الكبير عادل امام، يخاطب أحد الشباب الذين توسط للإفراج عنه بسبب مظاهرة مناوئة لإسرائيل، حيث يقول له بعد الإفراج عنه وعلى باب مديرية الشرطة: لماذا فعلت هذا التصرف ؟ ليجيب عليه بأن اسرائيل محتلة وعدوانية ووو وكثير من الكلام المستهلك عاطفيا وورقيا وخطابيا، وهنا يسأله عادل امام عن عمره، فيجيب بأنه في الواحد والعشرين من العمر، فينظر إليه عادل امام بكل استغراب فيقول له: انت لم تشهد اعتداءات اسرائيل ولم تخوض حرب النكسة والعدوان الثلاثي..فمن أين أتيت بكل هذا العداء؟؟.. لا شك انها أسئلة وأجوبة تحمل الكثير من الحقيقة وكذلك الكثير من الألم لما نشاهده ونعايشه من تداخل الايديولوجية الدينية في خلق وصنع الاستمرارية في العداء للآخر وبقاء هذه المنظومة تفرخ العديد من المشاهد المتشابهه في التصرف وردة الفعل، نحن هنا لن نقيس وضع اسرائيل او نقارن بينها وبين ردة الأفعال. بل ما جعلني أكتب هذا المقال هو كيفية وقدرة الأفكار الدينية على التغلغل في العقل العربي المسلم لتجعل منه عقلا متكورا وخاضعا للفكر الديني دون أن يستطيع الفكاك من ردات الفعل، بل يحصره ليمارس التجني والكراهية والبغض، لا لشيئ إلا لأن تعاليمه التى تربي عليها وتعلمها دفعته الي اتخاذ مسارات خاطئة تضر بالإنسانية وبالتعامل مع الآخر وخصوصا ممن يطلق عليهم لقب الكفار والنصارى واليهود، ومؤخرا مع الملحدين والمرتدين. ولكي نعطي صورة واضحة عن متن المقال نضع تعريفا هنا لمعني الأيديولوجية حيث تقول أحد التعاريف بأن الايديولوجية "هي مجموعة منظمة من الأفكار تشكل رؤية متماسكة شاملة وطريقة لرؤية القضايا والأمور التي تتعلق بالأمور اليومية أو تتعلق بمناحي فلسفية معينة سياسية بشكل خاص. أو قد تكون مجموعة من الأفكار التي تفرضها".
في المجتمعات العربية، مر التطور الفكري في مدارج تطورها بمراحل تاريخية كان الدين والأيديولوجية الدينية نسقا واحدا لا ينفصلان، مما خلق الفكر السلوكي ذي الطابع الديني المتخذ من القداسة فكرا وعقيدة منهاجا للحياة، فلا نكاد نفصل بين صميم الدين ونمط التفكير والمبادئ الدنيوية الموجهة في التعامل الي أفراد المجتمع وكذلك أفراد المجتمعات الأخرى، فكل من النصوص الدينية والشريعة المفسرة، لها نفس القوة والسلطة والهيمنة، إن على العقل نفسه أو على الآخر والمجتمع. على عكس المجتمعات المتقدمة التى تم فيها الفصل بين الدين والأيديولوجية الدينية، على اعتبار أن الدين كعبادات وطقوس وشعائر لا يمكن اختزالها في مجرد ايديولوجية، تدفع اذا ما كانت متطرفة الي العنف والارهاب باسم الدين والمقدس.
هنا نصل الي السؤال الجوهري في قضيتنا اليوم وهو هل استطاعت الايديولوجية الدينية في رسم صورة للواقع الاجتماعي وتقديم خريطة له وأن تكون محورا لخلق الوعي الجمعي. وللإجابة على هذا السؤال، لابد من أن نلقي نظرة على واقع مجتمعاتنا العربية وحتى الإسلامية، فالدول التى جعلت من الدين مادة أساسية في الدستور أو في القوانين والتشريعات، أستطاعت خلق وعي مؤدلج قائم على التمازج بين الدين والدولة، وبين الفعل وردة الفعل، ولا أصدق من هذا سوى ردات الفعل العنيفة، ومن قبل مختلف الأعمار والفئات، مثلا ضد الرسوم المسيئة للنبي محمد او كما حصل في حوادث شارلي ايبدو وغيرها، حيث أوضحت ردات الفعل أن غالبية العرب والمسلمين تحركهم العواطف والدفاع والغيرة على الدين في صورة متطرفة تخلو من استخدام الوسائل القانونية وتتجه الي الدفاع عن الرموز الدينية بعنف واضح يمثل الهدف من التعليم الديني بغرس المواجهة مع الآخر او الكافر او المرتد متى ما مارس نقد الدين، بينما يغيب هنا ما يتم ممارسته من قبل بعض المسلمين (داعش والقاعدة وحزب الله) من أفعال وممارسات يراها بعض المسلمين بأنها لا تتوافق مع الإسلام، ولكن لم تشهد المجتمعات العربية أي مظاهرة أو ردة فعل ضد هذه التيارات لا لشيء سوى أنهم مسلمين، بينما الآخر كافر ومعتدي. إذن لقد أدى غياب الحدود الفاصلة بين الدين والفكر الديني. أي بين المقدس وأيديولوجية المقدس إلى جعل الثاني أي أيديولوجية المقدس هو ردة الفعل الذي يحتوي الأول ويؤوله وفقاً لشروطه المعرفية، وبحسب درجة فهم منتجيه وظروف حياتهم. إن هذين الاحتواء والتأويل أديا ضمن سيرورة التوظيف إلى جعل الدين في مساره التاريخي، أو الدين في ظهوراته الدنيوية واقعة أيديولوجية بامتياز مازلنا نعاني من تبعاتها الي اليوم من التركيز على جعل الدين ثابت والأيديولوجية مقدسة بينما هي متغيرة بناءا على التطور الانساني والفكري.
إن مستقبل الأيديولوجية الدينية التي تؤمن بها الشعوب العربية يتوقف في تجذرها وتمكنها على مفاهيم الإسلام المعتدل، وهناك احتمالان، الأبعد منهما أن يتم حجم وتقزيم التطرف ليكون مستقبل العنف أشبه بما آلت إليه دولة طالبان تنظيميًّا، ولكن وفق هذا السيناريو ستدخل أيديولوجيا التيارات الجهادية عمومًا في نفق المراجعات كما سبق وحصل مع التيارات الجهادية في مصر وليبيا وسواهما، وهو مالا يمكن أن يسفر عن نتائج ايجابية نحو هذا التصرف وخصوصا بعد برنامج السعودية في المناصحة والذي لم يأتي بثمار ناضجة أو ردة فعل اعتدالية. والإحتمال الآخر وهو الأشد واقعية بدأ مع التيارات الاسلامية المؤدلجة بالعنف الجهادي حين خرجت في حركة معاكسة تمامًا لما جاءت به الثورات العربية، فكانت ردة الفعل على المطالبات السلمية التي جاءت بها الثورات، هو اعتماد التغيير بالجهاد، فأطلقت الأيديولوجية الدينية أقصى طاقتها في هذا المضمار واستعانت بالنسخة الجهادية الأكثر ضرواة وبأقسى صورها، ونعني بها بداية الدعوة الإسلامية وتكوين الدولة الدينية الأولي، فكانت في قمة الدموية وقمة الاستبداد من أجل اقامة دولة الخلافة.
هنا نصل الي الإجابة على سؤال المقال الذي طرحناه أعلاه، فالأيديولوجية الدينية، والدين نفسه بما أنهما، في العقل العربي المسلم نسقا واحدا، أستطاعت بكل اندماج بالدولة والسياسة والتعليم، من بناء أشد الموانع لتحرير الإنسان العربي من ربقة الغيب والقدر والعنف، فغالبية الشعوب العربية والاسلامية ألغت العقل في مقابل أن تعبث بها ثقافة الغيبيات والقدريات والشموليات الدينية والمذهبية، ففي مقابل التعلق بأوهام الخلافة الإسلامية، وفي مقابل التغنّي بأحلام الأمة الإسلامية، وفي مقابل السعي لتطبيق الشريعة الإسلامية، لم يتم الإعتراف بالإنسان كائناً حرا صانعاً لوجوده واختياره وقراره وحريته، بل أرادته الايديولوجية الدينية حطاماً تتفرد به السلطة الدينية ورجال الدين والفقهاء ليفترسونه بتعاليمهم وباعتقاداتهم وبيقينياتهم وبتوجيهاتهم وبشمولياتهم، وذلك مقابل القفز على القانون المدني لأنه بشري وأرضي وقاصر عن الإلمام بكل شيء. إن من يرى في الأدلجة الدينية قوةً وبريقاً وجمالاً أرفع من العقل وأثمن من الإنسان وأكبر من الوطن، سيرى نماذجَ بشرية دينية أصولية ومؤدلجة، إستفرغت في المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي مناخات التعصب الطائفي والديني والقومي والماضوي، وسيرى في النهاية أن عقله وإنسانيته قد تلطخا في أوحال الطائفية والأدلجة والكراهيات.
فحين يصبح الدين دولة. كيف يمكن أن نصوغ في الأزمنة الحديثة دولة من الدين، أليس هذا نقضاً لتطور المعرفة العلمية. إن مشكلتنا مع الدين ليست مشكلة إيمان، ولكن المشكلة تبدأ حين يبدأ الخلط بين الدين والدولة، وننشيء أجيالا وأجيالا تحارب طواحين الهواء وتقتل على الهوية الدينية وتتظاهر كما تظاهر الشاب الذي حكينا قصته في بداية المقال والذي يريد محاربة إسرائيل دون أي قيمة فكرية لمعني تظاهره سوى أنه واقع تحت مخدر الأدلجة الإسلامية.



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن والجنسية الكويتية وحقوق المثليين
- الهوية الوطنية في العيد الوطني
- المرأة العربية وعقبات الدين والمجتمع
- في المعارضة الكويتية وإخفاق الحكومة
- رسالة كويتية الي الرئيس الفرنسي


المزيد.....




- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالعزيز عبدالله القناعي - الأيديولوجية الاسلامية وصناعة الإرهاب