أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاة تميم - الغيرية في رواية -هروب الموناليزا، بوح قيثارة-















المزيد.....

الغيرية في رواية -هروب الموناليزا، بوح قيثارة-


نجاة تميم

الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 02:43
المحور: الادب والفن
    


عندما أهدتني الشاعرة بلقيس حميد حسن كتابها. لفتت نظري كلمتا هروب وبوح. فالهروب يقتضي مواجهة المستجدات والبوح يأتي كاعتراف ومحاولة التراضي مع الذات. وعلى إثر هاتين الكلمتين بنيت الرواية على مستويين.

لكن قبل أن تخوض الكاتبة مشروعها، توجهت إلى القارئ في فصل خاص "ما قبل البوح" واتخذت موقفا مسبقا من الآخر. اعتزمت البوح معتبرة نفسها الناطق الرسمي للمرأة "الشرقية"، المظلومة والمحاطة من كل ناحية بسهام التهم ومحاولة الإيقاع بها في كل لحظة. فتقول: "سنبوح أنا وهي، وهن، سنبوح نحن نسل حواء، الخارجات إلى الدنيا من ثنايا أضلاعكم. سنبوج، لكن بوحنا لا تنتظروا أن يكون حقيقيا وتاما." ص11 وتكرر أنها ليست كاتبة روائية، وأنها لا تجيد فنها. و"إنما أنا امرأة تبوح بما عانت، وعانين من عرفتهن لا أكثر، أردت أن تروا حياتكم وحياتنا من أعماقها لتعرفوا ماذا صنعتم بأيديكم.." ص 12
تحتوي الرواية على مقدمة وسبعة وعشرين وتر قيثارة، تتنقل الراوية فيما بينهم من خاطرة إلى أخرى؛ تارة تعلمنا عن طفولتها وتعرضها للتحرش الجنسي وتارة تضعنا أمام واقع قاسي ونهايات مؤلمة لشابات؛ كمصير عدالة العمياء و اعتداء ابن عمها عليها وقتل، غسلا للعار، نورية القاصرة ودويدة المتخلفة عقليا وكاظمية وكريمة وغيرهن كثيرات.
في المستوى الأول، تعلمنا الشخصية الروائية "موناليزا سامي الخطيب" عن تفاصيل هروبها من بطش النظام الحاكم وهي الإنسانة اليسارية الملتزمة والمعارضة لهذا النظام المستبد. وفي نفس الوقت ترجع كل ما آلت إليه إلى ظروف طفولتها في مجتمع ضيق ومغلق على نفسه.
أما المستوى الثاني فيشمل قصة صديقة موناليزا واسمها سومر. هذه الأخيرة تحاول التخلص من عبأ أسرار حياتها وعلاقتها برجل متزوج. فتبوح لموناليزا بقصتها وتطلب منها أن تدونها كرواية. "فسومر، المرأة الشرقية المثقفة والرائعة والفنانة هي "سومر الحضارة الأولى" ص 155 تعاني من الوحدة والغربة والانكسارات في حياتها وتلقي باللوم أحيانا على إهمال حبيبها لها وأحيانا أخرى على الظروف الاجتماعية التي نشأت فيها. وكلاهما تقصان حيوات نساء مناضلات أو عاديات بمعاناتهن وظلم المجتمع الذكوري لهن. لكن قصصهما لا تخلو من شذوذ الرجل وحرمانه الجنسي ومعاناته النفسية التي لا تعيرها أي من الراويتين - موناليزا وسومر- أي اهتمام.

إن الشخصيتين موناليزا وسومر هما وجهان لعملة واحدة. لم تعد موناليزا كما كانت عليه، فبعد الهروب حلت مرحلة مواجهة الغربة وقساوة الوحدة؛ امرأة ولدت من جديد، تعيش في بلد أوروبي متقدم. تحاول إيجاد ذاتها وتكتشف جسدها. امرأة في الأربعين تتحمل مسؤولية طفلة. تعتبر هي أيضا عائقا بالنسبة لاختياراتها في الحياة. فهي التي وجدت الحرية أخيرا في بلد المهجر تقول: "..وأنا اليوم حرة أن أختار أسلوب الحياة المناسب لي والذي يتلاءم مع إمكانياتي دون تأثير من ظرف أو خوف من أحد. آه الحرية.. الآن صار الوقت متأخرا كثيرا. العالم يفتح أبوابه للشباب برحابة وثقة، أما في عمر يقارب الأربعين- وامرأة مع ألحانها المهاجرة، وطفلة صغيرة لا تعرف أحدا سواها- فالفرص تتضاءل". ص27

موناليزا التي تكبدت المتاعب وأنهكها الخوف والرعب من أتباع النظام تنجح أخيرا في الهرب من العراق. لكنها اكتشفت معاناة الغربة والوحدة وصعوبة استيعاب الثقافة الغربية وتعلم اللغة للاندماج في المجتمع الأوروبي. كل هذا عمق غربتها وازداد حنينها إلى الوطن الأم، مما جعلها تتشبث أكثر بانتمائها وهويتها؛ وبذلك تصبح "سومر الحضارة الأولى".

الآخر

بالرغم أن الراويتين موناليزا و سومر شخصيتان تتوفران على ثقافة عامة من خلال استشهادهما بالعديد من الكتاب، استغرب كيف لموناليزا اليسارية والتي تدافع عن حقوق الانسان أن تستشهد بمقولة أرسطو الذي يرى أن العبودية عنصر أساسي من عناصر الاقتصاد: "العبد الحقيقي هو الذي لا يستطيع التصريح بآرائه،" ص16 أو بالأحرى يقول أرسطو: "العبد الحقيقي هو ذلك الذي يستطيع التصريح بآرائه." وفي كل الأحوال، هل هناك عبد حقيقي وعبد مزور؟
وتستشهد الراوية كذلك بمثل انجليزي يقول" ليس المهم أن تعرف سبب الدموع، لكن المهم أن تعرف كيف تمسحها".. أليس من المعقول أن تعي سومر سبب تعاستها وتحلل وضعها لكي تتجاوز محنتها واستحالة علاقتها مع حبيبها ؟ هذا الأخير الذي تربطه بها دهشته" بهذا الاكتمال الأنثوي" وهو يردد قول غوته: "وُجدت لكي اندهش". ص24 إنها "المرأة التي لها دينها الخاص وفلسفتها المستهجنة من مجتمعها"، ص146 لكنها، رغم ذلك، لم تستطع الاندماج في المجتمع الأوروبي ولا مع موسيقاه بالرغم أنها موسيقية وتتساءل إذا كان هذا نقصا حضاريا في تكوينها. "فكل اللواتي دخلن عالمها منذ الطفولة كأحلام وكوابيس وأفلام رعب، كلهن كون شخصيتها." ص164 قتلتها الوحدة واعتقدت أنها أخيرا وجدت شبيها لها رأت فيه لونها ولسانها؛ الحبيب المتزوج من الأخرى المعلنة، الأوروبية، المتسلطة، القوية، الثرية ومن طبقة راقية، طبيبة ومستقلة، والتي علمها مجتمعها الثقة بالنفس وبالآخرين. أما العشيق، والمُهمل لها، فما هو إلا المتلقي حامل عقدة الشرق، عقدة الخواجة، عقدة الضعيف أمام القوي، عقدة التخلف أمام الحضارة. فهو الذي يبوح لها بأن زوجته توصيه:" مارس الجنس معها ولكن لا تحبها." ص215 لقد سمعَت أن الأوروبيين ينامون عراة وأنهم غير مهتمين بالجنس. فبرودة بلدانهم قد تنعكس على رغباتهم الجنسية. لكن هذا الحكم المُسبق ألغته سهير، المتزوجة من أوروبي، والتي سبق لها أن جربت أكثر من خمسين رجلا عربيا وأوعزت عجزهم الجنسي إلى الخوف من الحكومات الذي أمات أعضاءهم. ص211.

كانت سومر تحسب نفسها موضوعية في الحكم على الآخرين. وتستشهد بمقولة سارتر:" الآخر هو وسيط بيني وبين نفسي، هو مفتاح لفهم ذاتي والإحساس بوجودي." ص45 وتتساءل، أحيانا، عن جدوى علاقتها بحبيبها وهي التي تؤمن بمقولة ابن حزم:" المهم أن أمتع روحي منه وهذا غاية الحب، فالحب عنده ليس بالضرورة متبادلا. أحبني أم لم يحبني، روحي تعشقه وتريده هو دون سواه، وأنا وروحي شيء واحد." ص205 لكنها تعود وتسخر من نفسها وتصفها بالغرائزية والأنانية، لأنها لا تحبه هو لذاته إنما تحب ذاتها، وتسترسل: "ولكي أسعدها أراني متحملة هذا الضيم ومستمرة في العلاقة طمعا في سويعات اللذة والسعادة." ص205 وتناجي نفسها، " يا ترى هل العشق في المنفى هو عشق حقيقي؟ أم علاقة مشبوهة بالوهم غالبا؟ ص80 "فهل الحب بهذه الطريقة حب للذات أكثر منه حبا للآخر؟" 86 وهكذا تستمر مناجاتها وتساؤلاتها العديدة والمتعددة:
"فمن يفهمني يا ترى؟"
"ما الذي أذنبته أنا؟"
"أمثلي تستحق هذا؟"
"ومتى سأعرف الحقيقة؟"
"ليتني أجد الإجابة وأرتاح.."
"فالعاشقات، هن، أنا، نحن، ما زال الرجال يقتلوننا يوميا، بشتى الأساليب، كما يقتلني الحب ببطء وصمت." ص 164
لكن شاءت الظروف، أن تكون سومر وابنتها "لقاء" ضحية انفجار فندق في الأردن، عام 2005، وهما في الطريق لزيارة الأهل في العراق.



#نجاة_تميم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشكالية الهوية في الرواية الهولندية ``Bad Boy``
- بين التمرد والرهبنة - الهوية النسائية في قصص أليس مونرو
- الذات والوعي الاجتماعي - السيرة الذاتية لمحمد شكري أنموذجا
- الأسلوب الروائي وهيكلة البنية النصية في رواية الكاتب الهولند ...
- رواية -السجادة الحمراء- تُناقش في نادي الكِتاب في هولندا
- المونولوج الداخلي في رواية -سوق مريدي- لقاسم حول
- فؤاد التكرلي وسرﱠعقدة أوديب
- القرين في سرديات المهجر (3)رواية -صوت أمي- لعبد القادر بنعلي ...
- القرين في سرديات المهجر (2) رواية -صوت أمي- لعبد القادر بنعل ...
- القرين في سرديات المهجر رواية -صوت أمي- لعبد القادر بنعلي أن ...
- ميشيل هولبك بلزاك زمانه
- آخر الكتاب الثلاثة الكبار في هولندا
- الأدب العجائبي:(2) الفانتاستيك الداخلي
- الأدب ألعجائبي: أهو واقع أم خيال؟(1)
- مليون نسخة من رواية -أوروخ- مجانا بالمكتبات العامة في هولندا
- مفهوم الباريسيا وشجاعة قول الحقيقة عند ميشيل فوكو Parrèsia
- Aimé Césaire شاعر الزَنْوجة
- كلود ليفي-شتراوس وعيد ميلاده المائة
- الغيرية في رواية المتجول للكاتب الهولندي أدريان فان ديس
- جائزة- الكونكور- الفرنسية و الميثولوجيا الفارسية


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاة تميم - الغيرية في رواية -هروب الموناليزا، بوح قيثارة-