أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - تهافت الإسلام التقليدي















المزيد.....

تهافت الإسلام التقليدي


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4733 - 2015 / 2 / 27 - 15:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل قال الله كل ما أراد قـوله في الـقـرآن؟ و هل انـتهى كلام الله عـنـد حـدود لحظة الوحي القرآني؟
بتـفكير بسيط ينطلق من ان الله هو الأصل و القرآن هو الفرع نـنـتهي إلى الإجابة القاطعة ان كلام الله لا يتوقـف عند كتاب معين و لا يتحـدد بما جاء على رسله و إنما لا نهاية له. الم يقـل الله ان كلمات الله أكثر من البحار. إذن فهي لا تـتوقـف و لا نهاية لها مثلما ان الله لا نهاية له.. النهائي دوما هو الإنتاج الإنساني و لكنه النهائي الذي يتجـدد.. و بالتالي فان الله لا يتوقـف عن مخاطبة الإنسان و الانكـشاف في الوجود، و ما القصور إلا في الإنـسان الذي لا يـبحث عن وجه الله و عن نوره و عن نـدائه..
و في الثـقـافة العربية الإسلامية حـدثـت عملية إقصاء متعـمد لعـديد الأحـداث و الأمر لا يخرج عن الإرادة الإنسانية.. و من المعروف ان أساس الثـقـافة الإسلامية ابتـدأ مع تأسيس الدولة الأموية و خاصة مع عبد الملك ابن مروان. ذاك العبقري الذي كان يـدرك بوضوح انه في لحظة تأسيس هـوية شعب و ثـقـافـة و إمبراطورية عالمية ناشئة.. و قـد وجه الاهـتمام المعرفي حـسب ما تـقـتـضيه مصلحة بناء حكم مستـقـر يـوحـد العـرب، و هو على يقين ان هذه الوحدة تستـلزم بناء إيديولوجيا و توجـيها للفكر المتاسس على الـقـدرية و الرضائية و الخضوع و هو ما طبع ما سمي بالإسلام السني. ذاك الإسلام السلطوي و الذي يقابله الإسلام الشيعي الثوري و الذي انطلـقـت من رحابه جميع الثورات على الحكم.. لكن هـذيـن الاسلامين تأسسا على نـفـس منـطـق التـفـكير و هو النـقـل و خلق الأحاديث لتبـرير المواقـف و الرؤى..
المهم ان اللحظة الأساسية الفارقـة كانت في الحجب المتعمد لسيرة الرسول المفكر الذي كان يبحث عن الحقيقة. صحيح ان الجميع يعلم انه كان يعتـزل في غار حراء، و لكن لم يرد اي ذكر أو حتى الاستـنـتاج انه كان يـفكر و يـبحث عن الحقيقة، و بالتالي فـللرسول رحلة وجودية كبرى في البحث عن الحـقيقة. بل هي لحظة متأزمة جدا تجعل إنسانا في واقع الصحراء يترك الناس الذين هم وحدهم موضع الاستـئـنـاس ليـنعـزل في غار من جبل يقضي فيه الليالي وحيدا..
و تم تأسيس مقـولة ان الرسول أمي بمعنى الذي لا يعـرف القراءة و الكتابة بينما الواقع مخالف لذلك و آخرها انه على فـراش الموت طلب ورقـة و قـلما، كما أمر بانعتاق أسرى بدر بتعـليم المسلمين القراءة و الكـتابة و لم تـذكـر السيرة النبوية انه تعلم على أيديهم و الأحرى ان يكون هو الأولى بتعلم القراءة و الكتابة ان كان يجهلها. ثم ان فاقد الشيء لا يعطيه، فان كان عـديم القراءة و الكتابة فانه لا يـبحث عن تملك الآخرين لها.. ثم ان القرآن مشتـق من فعل قرأ و ليس سمع، و ابتـدأ بكـلمة اقرأ باسم ربك و الأرجح ان القراءة المطلوبة هي المتعـلـقـة بالنظر إلى العالم من خلال الله أي التـفكير في العالم من خلال فكرة الله الخالق الواحـد الأحـد الـذي لا تـأخـذه سنة و لا نـوم.. و كل هذا المتن يحمل إرادة التـفكير و التـفكير و البحث الإنساني، أي وجود إرادة إنسانية..
و دليل الإرادة الإنسانية هو تـأكيد جميع الفـقهاء ان للآيات أسباب نـزول، أي واقعات معـينة، أي الزمان و المكان الـذي فـرض وجـود كـلمات قرآنية معـينة. هذا الأمر يعني وجود عـقـل إنساني في الأمر لان العـقـل لا يـفكر إلا في فضاء زمكاني. و من هنا ذهب البعض إلى ان الرسول هو الذي كـتب القرآن، و لكن من جهة أخرى لا يـتـصور ان يمتـلك بـشر مثـل تـلك البلاغة اللغـويــة، كما ان القرآن يـزخـر بعـديد الآيات التي يـبـدو أنها وجهت لهذا العـصر الـذي نعـيش فيه اليوم و هو ما يسمى بالإعجاز العلمي. فعلى سبـيل المثال كيف للرسول ان يصل إلى حقيقة ان أصل معـدن الحـديد نيازك أي غبار من الفضاء الخارجي مثـلما توصل إليه العـلم الحـديث و القران فيه ان الله أنـزل الحـديـد من السماء، و غيرها من الآيات التي لو كان الرسول كاتـبها فما الـداعي إلى ذلك و هل يهم أهل عـصره تـلك المسائل و أي عـقـل خارق يمكنه ان يتـوصل إلى مثل تـلك الأشياء.. من الواضح ان آيات الإعجاز العـلمي تم إدراجها من قـبل الله ليقـول في هـذا العصر ان الله موجـود و يخاطب الإنـسان..
و في ظاهر الأمر ان المسالة تحمل تـناقـضا. فهناك من جهة خطاب ملتـبس بالواقع الإنساني في وقـتـه، و سجل العـنـف الكبـيـر الـذي يحاكي عـقـلية الصحراء و عـقـلية ذاك الزمان كله، و من جهة أخرى يـوجـد ما هو خارج عن عـقـل ذاك الزمان..و لا يمكـننا ان نـفكر في المسالة إلا بالديالكتيك الهيغلي و ليس بالمنهج الأرسطي الـذي يـرفـع التـنـاقـض دوما. أي من منطلق التحام العـقـل الإنساني مع العـقـل الرباني في مواقع و انـفـصاله في مواقع أخرى مع وجود الخيط الرابط بينهما دوما..
فالمسالة متعـلـقة ببدو الصحراء الـذين يتوجب استـنهاضهم لحمل الرسالة لأنهم الأقـدر من حيث الطبـيعة و الرغبة و التـعـلق الكبـيـر بالحـرية المطـلـقـة و التـطور اللغـوي الذي وصلوا إليه، لان الله كلمة و حـقيقة الوجود كـلمات. يتـطـلب هذا الأمر ان تخاطب القوم بما يـفهمون مثـلما قال الرسول ذلك بصراحة، و لكن انـفـتاح الرسالة على العالمين و توجهها إلى الأزمنة المستـقبـلية فـرض إيجاد ما يؤشر بوضوح إلى كلام لا يمكن لبشر ان يخطر له على بال..
و حين نحـرث القرآن مثـلما دعا القرآن إلى ذلك، فإنـنا نـفـكر، و من الواضح ان الله لا يحب الأغبياء أو المتكاسلين فكريا. أي ان وضوح و انكـشاف الإرادة الالاهية لا يعني الـقضاء على الإرادة الإنسانية و مصادرة العـقـل الإنـساني في الـتـفـكير.. فحين يقـول القرآن انظر إلى... فان النـظر هو الـتـفـكير و القرآن زاخـر بالـدعـوة إلى الـتـفـكيـر..
لكن التـأسيـس الثـقـافي الأموي السلطوي أراد إلغاء العـقـل. قامت الثـقـافة الإسلامية على مبدأ أساسي و هو ان الرسول مجـرد وعاء لكلمات الله. و بالتالي فما من وجود لأي إرادة إنسانية في التـفكير و التغيـير للواقع.. طبعا فان هـذا التأسيـس متـناقـض مع ما ذكره نـفـس الفـقهاء حـول بعـض الوقـائع التي تـؤكـد التـفـكير و الإرادة الإنسانية.
فكل عملية تـقـديـس هي عملية تحجـيـر للأفـكار و بالتالي موتها. و كل ما نراه اليوم هو موت للإسلام على أيـدي من يـدعـون حماية الرب و رسالته. فهل خالق الوجـود عاجز عن حماية كلماته أو إنفاذ إرادته؟ أليس الله غالب على أمره و لكن اغـلب الناس لا يعـلمون مثلما ذكر في القرآن؟ ثم كيف لأي كان ان يدعي ان الله لا يـلهم الـفـلاسـفـة و الـشعـراء المـفـكـريـن و الفنان المفكر و العالم؟
ألا يعني نـفي ذلك ان جل ما خـلـقـه الإنسان هو بمفرده و إرادته وحده و بالتالي فان الإنسان وحده هو القادر. ألا يحمل هذا المعنى تـنـاقـضا. فمن جهة يقول المسلم ان كل أمر هو من تـقـديـر رب العالمين، فإذن فان كل انتاجات أوربا العـظيمة من أفكار و علوم و فلسفات و أدب و فنون هي من وحي رب العالمين. أليس الأمر من هذه الزاوية أكثر منطـقية و انـسجـامـا داخـليا فـي الـتـفـكـيـر؟
و لنـذهب أكثر من ذلك. بما ان الله لا نهائي و لا يمـوت فان إرادته التي تـنـكـشـف دوما في الوجود تـتـنـاقـض مع تحـريم البدعة عند المسلمين. أليست البدعة حرام هي مخالفة لإرادة الله في الخلق الدائم؟ أليست إرادة عـبثية في إيقاف سيلان النهر الوجودي العـظيم؟ أليست مسخرة كبرى تـلتـف على نـفـسها بتـنـاقـض رهيب و مخجـل؟
و من قال ان الله لا يـدخـر زمانا لعـودة العـرب إلى الخلق و الإبـداع؟ و ما أدراك ان السياقات جلها تـؤدي اليوم إلى تـوحد الإنسانية، و ألـم يـذكـر ربك في قـرآنـه انه جعـلنا شعـوبـا و قبائل لتـتعارف؟
و بالتالي فان أي محاولة في إيـقـاف الـتـفـكـير الحـر بالـقـول ان الله قال و الرسول قال ما هي إلا تناقض صارخ مع إرادة الله الواضحة في الإنسان المفكر الناضر القارئ باسم ربه.. تلك القراءة الموجهة إلى الانهاية و الا حـدود و إلى اكـتـشـاف ما لم يـكـتـشـف بعـد.. تلك القراءة التي تبحث عن الله دوما.. الله الـذي يكـشـف نـفـسه باستمرار و بطرق مخـتـلـفة و بتجـدد دائـم.. فـلا يمكـنـنا ان نـسبـح في النهر مرتيـن مثـلما قال الفيـلسوف الإغـريـقـي هـيـرقـلـيط..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة هي إكسير الحياة
- دائرة الإسلامي الجحيمية
- انك في عصر الإنسان العالمي
- ماذا يخفي العنوان الداعشي؟


المزيد.....




- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - تهافت الإسلام التقليدي