أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - حكايات المعدان عن زهرة التوليب














المزيد.....

حكايات المعدان عن زهرة التوليب


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 25 - 22:20
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما أن يعبر القطار الذاهب من مدينة دوسلدورف الى امستردام مدينة فيلو الهولندية حتى تظهر لكَ حقول ملونة من زهرة التوليب بضوئها المتعدد الألوان واغلبه البرتقالي الذي صار شعارا للملكة الهولندية ولون قمصان منتخباتها الوطنية .
أتت زهرة التوليب الى هولندا من اراض الدولة العثمانية وكان في القرن السادس عشر كيلو غرام من بصيلاتها يساوي سعر طن من الزبدة .
تعرفت على التوليب من خلال زميل معي في ذات المدرسة التي تعينت فيها في الاهوار ، وكان هذا المعلم مغرما بهولندا ويزورها كل عطلة صيفية أيم كان الدينار العراقي يساوي اكثر من 3 دولارات امريكية ، وكان الوصول الى تركيا ومن ثم دول أوربا بقطار طوروس لا يكلف سوى خمسة دنانير.
لم يسمح لي راتبي (33 ) دينار شهرياً أن ارافق زميلي بسبب أن أبي أخذ منه وكيل الخواجه علوة القمح وعليه أن يتدبر اخرى وهو لا يملك من الدنيا سوى تنور خبز يذهب عنا الجوع وبيت بغرفة من الصرائف واثنتين من الطين.
لهذا ومن خلال عشق صديقي لزهرة التوليب كنت اصغي لحكايات ممتعة عن جمال بنات لاهاي وامستردام ولماذا اهدى الهولندي فان كوخ اذنيه الى سيدة ابدت ملاحظة هزلية حول حجمهما ، تلك القصص بخيالها ومتعة صديقي بالحديث عنها دفعت عاملي الخدمة في مدرستنا ( شغاتي وريكان ) الى الطلب من المعلم ومني إن كان بالإمكان جلب بصليلات او بذور زهرة التوليب لزرعها في حقل صغير امام المدرسة ، وحين قال صديقي أن زراعتها يحتاج الى سماد جيد ،اجابا : أن روث الجواميس افضل انواع السماد ، معللين ذلك انهما تولعا بالزهرة وهولندا وحكاية الهولندي الطائر ، فهي تحمل رسائل مثل رسائل نوح ، وايضا استغربت من اصغائها لموسيقى الهولندي الطائر التي صنع منها فاكنر اوبرا شهيرة، وربما شغاتي وريكان اول رجلين من اهل المعدان من يستمعان الى موسيقى أوبرا .
جلبت أبصال زهرة التوليب بعد ان وجدتها في محل لبيع البذور ، وكانت سعادة الرجلين كبيرة عندما بدءا بشتلهما والعناية بهما مع اول ظهور للنبتة من بين التراب ، وهكذا مع مرور الزمن وحكايات زميلنا عن سحر هولندا وجمال نساؤها وحدائقها وعلنية القبلات الغرامية بين العشاق في الباص والقطار والشارع العام ، كبرت زهور التوليب وظهرت بألوان عديدة في حقل صار يهدئ فينا التعب وغضب وفي المساء نضع حوله الكراسي ونستمع لأوبرا فاكنر او اغنية لنجاة او ام كلثوم فيما شغاتي وريكان يفترشان الارض وهما يستمعان بمرح للموسيقى وعيونها تنظر بحنان الى حقل الورد.
كبر الحقل بعدما كانت عناية الرجلين له تزيد من ابصاله وبذوره ، ولينقلا بعضا من تلك الابصال ويزرعها امام بيتهما ، وحين توفي ريكان وفارق صديق عمره شغاتي كانت امنيته أن يزرعوا زهرة التوليب قرب قبره ولقد اوفى شغاتي بما تمنى عليه صديقه أن يفعله ، ولكنه قال لي مرة بحزن : أنا حين اموت اتمنى أن يكون التوليب قرب قبري ،هل تتكرم وتزرعه قرب رأسي النائم.
قلت :بكل امتنان.
الآن أنا اعيش حياة المنفى قرب قبر غوته وازور هولندا بين الحين والحين واتذكر شغاتي وريكان كلما تداهمني حدائق التوليب بجمالها ثم انفث حسرة على عدم وفائي لما تمناه شغاتي مني ،حيث انتقل الى السماء فيما انا اعيش انا صباحات غربتي بعيدا عن سعادته المسائية وهو يستمع الى موسيقى فاكنر وينظر بحنان لزهور التوليب.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السنونو وقميصهُ الأسود
- صابئة الاهوار وأهوار الصابئة...!
- أساطير المطرب نسيم عودة
- الظلُ في الظلِ شمسٌ مُستحية................!
- هموم المعدان وعطاس الجواميس
- التصوف بين السياسة والكياسة
- نصيحة النبي العزير
- داعش لا تأكل النساتل والبيتزا
- فنتازيا الحرف السومري ( بين نينوى وعاشوراء )
- ديميس روسوس ..مراثي الناصرية وكافافيس
- كاظم الركابي وسورية حسين........!
- نجم والي ( دخان المارلبورو وكوفية عرفات وكرايسكي )
- ناصر خزعل ... الناصرية ظل قمرٍ في وجه أم..!
- موناليزا وسحابةُ شِعرْ....!
- ( تعريف لمدينة أسمها الناصرية )
- ( الناصرية ) طينٌ وحنينٌ وآلهة وأيطاليون
- آرب آيدول ( القومية العربية والكردي عمار الكوفي )
- أمير دوشي ...هاملت في أور
- كاظم عريبي ( فاكهة الفكاهة في الناصرية )
- الفولتارين و ( واحد يسأل واحد )...!


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - حكايات المعدان عن زهرة التوليب