أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - انك في عصر الإنسان العالمي














المزيد.....

انك في عصر الإنسان العالمي


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 25 - 16:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هناك انـقـسام حاد في الوعي يظهر بوضوح عند الإسلاميين بكـل أطيافهم و كـلما توغلنا في ظلماتهم كلما تبين الشرخ الهائـل الـذي يقـسمهم نصفين. فكأنهم جـسد مفارق لعـقـل كاسفنجة جافة يعـتمر رأسهم كعمامة. و من قال ان العمامة بهاء و هيـبة فهو كاذب و إنما هي مجـرد رفع للعـقل عن الوجـود. لن نصف الوجود بأي وصف كان لان الوجود وجود. انه ما يـظهر و ما يخـفى. و تلك المحاولات الرديئة منذ أفـلاطون إلى اليوم و الرامية إلى رهن الظاهر بالمخـفي هي التي أبعـدتـنـا عن ملموسية حياتـنا و وعينا برغم انجرارنا حتما إليها. و يـقـف الـفيلسوف الألماني "هيدغـر" كصرخة مدوية ضد كل ذاك البناء الميتافيزيقي الرهـيب الـشاهـق حتى انه مال إلى الأرض و انه على أهبة السقـوط أرضا..
السقوط أرضا وصف ميتافيزيـقي أفلاطوني الـرائحة هو كـذلك. وصف مرتبط باعتبار الأرض موطن النجاسة و الدنـس في مقابل طهارة السماء و نـقـائها. ربما نـقـاء السماء في النظر أما الأرض فموطن السكن. سماء الرؤيا و ارض العيش.
من هنا كـذلك انبنت جل الأوصاف التمجـيـدية بما فيها مقولة النـقـاء الثوري التي تعتبر أيقـونة اليسار الثوري. اليسار الذي من المفـتـرض انه قـاطع مع الميتافيـزيقا الـقـديمة. اليسار المنطلق من صراع اجتماعي اقـتـصادي حول ملكية وسائل الإنـتاج. هو كذلك لم يكمل بناءه. هو يستـنجـد و يهادن بمقـولات ضمنيا هي رجعية. و الأرض ما بعـد "نيـوتـن" غـدت مصدرا للجاذبية و ليس للـسقوط و شتان بين الوصفـين. الجاذبية التي توحي باللـذة و الحب و الارتماء بين الأحضان و الاتحاد بالرحم الأول، بينما السقوط فـتوحي بالرذالة و الـدنـس و الهـزيمة. وصف الجاذبية أنـثـوي و السقـوط ذكوري. فهل من يعانق الأرض مهزوم؟ ثم في النهاية ستغـلفـك الأرض في رقـدتـك الأبدية و أنت عاري. و يا لها من رحلة عبثية صاخبة عبر القرون في الـتـنكر للأرض و للموت و للحياة..
و يظهر الإسلامي اليوم عالميا كأكبر تجلي للمهووس المجنون الذي فـقـد رأسه تماما. لذلك أجـل ما يشتهي هو قـطع الرؤوس. رأسه يثـقـل عـليه فـيقـطعه عبر الرأس الآخر. فالآخر ما هو إلا أنا في نهاية الأمر. انه الرأس المثـقـل بالعالم الـقـديـم. و ما هي رقصات الداعـشية الدموية و الاخوانية و الاسلاموية برمتها إلا رقـصة الـديـك المـذبوح. إنهم أوهن من خـيـط العـنكبوت. فالتيار الإسلامي بـرمته كالجراثيم التي لا تـنـتـعـش إلا في واقع معـفـون. تمكنوا في العراق مثلا لـفـساد المنـظـومة العـسكرية و الأمنية و الحكم الطائفي الظالم المقـيت. إنهم يهرولون في سوريا إلى حتـفهم ما أن تم التصدي لهم بجـدية..
إنها رقصة سقوط البناء الميتافيزيقي القـديم.. و إنهم يقولون أنهم يحـرسون الله و حاكميته بينما لا يحرسون إلا معبدهم المتهاوي. معبدهم هو العالم الـقـديم البالي الذي انـتهى إلى الأبـد.
حين ظهر التـنوير الكهربائي تـنادت أصوات رجال الدين بتحـريمه لأنه بـدعـة من الغـرب الكافـر، و انـتـشـر التـنوير الكهربائي غـصبا عن تكـفيـرهم و غـلهم تجاه كل جديد. بل إن شخصا عراقيا أيام الحصار حين كان الكهرباء ينـقـطع باستمرار انـتـفض غاضبا و قـال أن "آديـسـون" مختـرع الـتـنـويـر الكهربائي نبي من عند الله.. ظهر التـلفـون الكافر بكل محمولاته الواقعية و الرمزية من حرق للمسافات في التواصل مع الآخر و في افـتـتاح المكالمة بآلو العالمية و لكنه انتـشـر، و ظهر الراديو الكافر و لكنه انـتـشـر، ثم التلـفـزيون ثم الفضائيات التي حاولوا الالتـفاف عـليها لأنهم شرعـوا وهـنهم تجاه العـقـل الأوربي الجبار الكافـر. ثم الهاتـف الجوال و الانترنت ووو... يا له من موت البدعة في النار و يا له من إنسان عالمي يـولـد..
هو الهاتـف الجوال و عن طريـق سماعته التي تمتـد منه إلى الأذن لتـستمع أغـنية حـقـيـقية و موسيقى رنانة في الأذن و الوجدان، فان الوجـود قـد تغيـر أو بالأحرى فانـك أمام ميتافيـزيـقا أرضية بواسطة التكنولوجية.. الهاتف الراديو الانترنت الذي يصلك بالعالم.. الجهاز الصغير بين يـديـك يعمر خيالك بالملموس ليصفع تاريخ الجن و العفاريت و الأشواق التائهة بلا حـدود.. الهاتـف الصغيـر يـنجـز هاتـفـيـته القصوى من خلال ربـطـك بالعالم و أنت على فـراش نومك تـنـتـقـل من المشاهـدة الانـتـرناتية إلى الاستماع الراديوي ثم تـنام و إيـقاعات الموسيقى الحية تـسافـر بك عبر الذكريات و أشواق الحب و أمنيات القـلب..
لماذا لا تـقـف هنا و تـقـول انـك كائـن جـديد ذو خيالات ملموسة محايثة تماما لواقعـك أنت؟.. خيالات لا تهـرب بك إلى الامعـقـول.. لا ترميـك في لجـج المجهـول الذي صاغـته خيالات الأولين الذين حـقـقـوا نـفـس النـزعة في التـواصل مع العالم، و لكن بدون هاتـف جوال و بدون انـتـرنت و بـدون موسيقى حاضرة لـديه بإيـقـاعاتها الحية متى شاء و أراد.. لـذلك اختـرع الجن و الكوابـيس و العـفاريت.. أما أنت فعاجز عن دخـول مملكة العـفاريت و الجن و الزبانية و الملائكة فـلتـكن عاجزا عن الاعتـقـاد فيها..
و أنت في الشارع ممـسـك بهاتـفـك الجـوال تـتـكـلم أو في أي ركن من العالم و إن كـنت في المرحاض، فان إنسان الأمس لو رآك لأفـزعـتـه لأنه رأى جنا و ليس إنسيا.. و ربما نحن جميعـنا اليوم بطريقة حياتـنا جـلها.. السيارة و الطائرة و القـطار و التـلفـزيـون الفضائي المنـفـتـح على العالم و الراديو و الهاتـف و الانترنت.. لـسنـا إلا جـن الأمـس و عـفـاريـتـه..
يجب ان نـدرك النور لأن العـتمة غـلبت المكان. لنجعل وجودنا يكـشف عن بهائه و جماله.. لنـقم جنازة تـليـق بالرؤوس المقـطـوعـة سواء التي تـقـاطـر منها الـدم أو التي جـفـت و انـتهت بانـتهاء العالم القـديم.. لـنـقـم حـفـلا راقـصا كـرنـفـالـيا عـظيما بمناسبة هـذه الجنازة العـظيمة، تـتراقـص فيه الأجـساد المتعـارية المتأرضية المتحـركة بخـفة المتخـلص من ركام القرون و الأشباح.. انـك في عصر الهاتـف الجـوال الراديوي الانترناتي..انـك في عـصر الإنـسـان العـالــــمــي..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يخفي العنوان الداعشي؟


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هيثم بن محمد شطورو - انك في عصر الإنسان العالمي