أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - السنونو وقميصهُ الأسود














المزيد.....

السنونو وقميصهُ الأسود


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 25 - 16:12
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


السنونو وقميصهُ الأسود
نعيم عبد مهلهل
مرة أحدى محطات القطار بين مدينتي هامبورغ الألمانية ومالمو السويدية حيث تكون اعمدة الكهرباء الخشبية على امتداد الطرق المحاذية لسكة القطار الاكسبريس وهو يتحدى قساوة المناخ الثلجي ليصعد بعجالة وصبر حتى يصل ستوكهولم ، لفت انتباهي خطا اسوداً لامعاً لسرب صغير من طيور السنونو يقف على الاسلاك ويتفرج على لحظة نزول وصعود الركاب وكأنه يشد حنينه الى حقائب السفر لأن هذا السرب تخلف لسبب لا اعرفه عن الالتحاق بأخوته من الاسراب الكبيرة من هذا الطائر في هجرته من مدن البلطيق واسكندنافيا ليقضي شتاءاته الدافئة في مناطق الاهوار الواقعة جنوب ميزوبوتاميا.
تأملت حزن الطيور في صمتها الكئيب وهي تمدُ الى اجفان المسافرين خواطر سفرها الذي تخلفت عنه هذا العام وكأنها تعمدت ذلك لتقيم لي استقبالا يُعيد بعض وفاءها للمكان الذي ولدت فيه عندما تأتي الينا محملة بأجنحة التعب لتستريح في اعشاشها على شناشيل بيوت اليهود واكمة القصب ومنارات الجوامع وبعضها على غير عادة الطيور الاخرى يبني له عشا بين العشب الممتد على ضفاف الاهوار ، ولأن لونها الأسود يرتبط بثياب الحزن الكربلائي عند اهل الجنوب ولأن اسطورة شعبية تداولتها حكايتنا تقول : إن صيد السنونو وذبحها جناية لا يرضى عليها اهل البيت ( ع ) ، لذلك تم تسميتها ( العلوية ).
لم اسمع منذ طفولتي بإسم السنونو يطلق على هذا الطائر الصغير . فلقد كان الجميع يطلق عليه اسم ( العلوية ) ولا ادري لماذا كانت نظرته الحزينة ونحافته ورقوده الطويل على اسلاك اعمدة الكهرباء أو صفنة الظل التي يمارسها منطرحاً في عشه القشي بأحدى زوايا سقوف الخشب في بيوت شارع التوراة في الناصرية ، أتذكر شكل الملايات اللائي كانت أمي تجلبهن ليقرأن في موسم النحيب والعزاء ايام محرم ، يقرأن مراثي مقاتل الطالبيين وموت الحسين ع ، أو عندما أتت واحدة منهن تحمل صراخها العميق وهي تؤجج في النساء حماس البكاء يوم مات اخي الكبير المرحوم ( حسن ) وقد دهسته سيارة.
كل تلك الصور ارتبطت بإيماءة ذلك الطائر يوم رأيته يتأملني مع مسافري القطار الاوربي السريع أو يوم تعينت معلما في مدارس الاهوار ، لتبدأ مع هذا الطائر النحيف ثنائية وتبادل الحلم والمكان حيث كنت اتأمل من خلال نافذة الصف المدرسي وهو يلملم حقائبه في أول بوادر الصيف ليعود الى منازله في أوربا وكنت اتمنى أن اختبئ بين جناحيه ليأخذني الى مدن الاحلام التي كانت تشع شهوة وأنوثة تحت اجفان ممثلات السينما برجيت باردو وصوفيا لورين وراكيل وولش وايزابيل ادجاني.
الآن وقد تم وبقساوة تجفيف الأهوار ، وهاجر اهلها المعدان والقبائل الأخرى ، ليقلَ الماء ويشحَ وجود البشر والجاموس والطير والسمك ، اصبح من النادر أن تشاهد الطيور وهي ترتدي قمصانها السود.
العلويات الطيبات اللائي يمنحن الطبيعة في الجنوب جمالا وهدوءاً وسحر طبيعة.
الآن يتحرك القطار ،اشعر بأن اجنحة السنونو الواقف على اسلاك الكهرباء يلوح لي بالوداع فيما أجفاني تستحلفهُ أن يبدأ الآن رحلته الشتائية الى الاهوار لينقل معه مكاتيب الشوق الى أمي وقبر أبي هناك.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صابئة الاهوار وأهوار الصابئة...!
- أساطير المطرب نسيم عودة
- الظلُ في الظلِ شمسٌ مُستحية................!
- هموم المعدان وعطاس الجواميس
- التصوف بين السياسة والكياسة
- نصيحة النبي العزير
- داعش لا تأكل النساتل والبيتزا
- فنتازيا الحرف السومري ( بين نينوى وعاشوراء )
- ديميس روسوس ..مراثي الناصرية وكافافيس
- كاظم الركابي وسورية حسين........!
- نجم والي ( دخان المارلبورو وكوفية عرفات وكرايسكي )
- ناصر خزعل ... الناصرية ظل قمرٍ في وجه أم..!
- موناليزا وسحابةُ شِعرْ....!
- ( تعريف لمدينة أسمها الناصرية )
- ( الناصرية ) طينٌ وحنينٌ وآلهة وأيطاليون
- آرب آيدول ( القومية العربية والكردي عمار الكوفي )
- أمير دوشي ...هاملت في أور
- كاظم عريبي ( فاكهة الفكاهة في الناصرية )
- الفولتارين و ( واحد يسأل واحد )...!
- أسرار مدينة الناصرية


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - السنونو وقميصهُ الأسود