أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - حفلة في غابة














المزيد.....

حفلة في غابة


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 25 - 14:00
المحور: الادب والفن
    




أثناء الاحتفالات التي اقيمت بمناسبة أعياد كريسمس من عام 1997 تلقيت دعوة من مجموعة فنانين استراليين كانوا يعيشون قرب احدى غابات (كاتننك) الواقعة في الجنوب الشرقي لمدينة بيرث في غرب استراليا للاشتراك بمعرض جماعي أقيم في اطراف الغابة وكانت فكرة العرض أن تعلق اللوحات على جذوع الاشجار في العراء.
افتتح المعرض وكان عرض بهي وغير مألوف حضره سكان الغابة حيث ارتديت النسوة والاطفال ملابس زاهية الالوان وبقي العرض لمدة ثلاثة أيام.
و قد استضافني أحد الفنانين في داره طيلة فترة العرض واحتفى بي الاستراليين والذين كانوا جميعهم ينحدرون من اصول انكلو ساكسونية ونادرا جدا ماكان السكان يشاهدون غرباء في غابتهم النائية ربما انا الوحيد الذي استضافوه.. فشعرت وكأني مخلوق قادم من كوكب اخر.
كان بيت الفنان (غراهام) يقع على مقربة من معرض الغابة، وفي ليلة العرض الاولى لم استطع التصالح مع النوم بسهولة وقد دفعني أيضا الفضول لمشاهدة منظر اللوحات تحت ضوء القمر بعد ان خلدت القرية الوديعة للنوم .. برحت السرير بهدوء خشية ان ايقظ العائلة المضيفة من نومها، وتسللت الى الغابة ..و حين تقربت من اللوحات جفلت من حركة سريعة صدرت من شجرة معمرة وارفة الاوراق .. ثم تناهى الى مسامعي نعيق بومة طارت من شجرة (جارا) الضخمة وتوارت في الظلام ..وخطفت انظاري قفزات الكناغر التي جمعها الفضول وهي تتطلع الى اللوحات في غابتهم.
في اليوم الثاني تجمع الفنانين والفنانات في ناديهم وتعرفت عليهم اكثر. وكانوا يدفعهم الفضول لمعرفة تاريخ الفن العراقي الحديث ، وقد نقلت لهم صورة موجزة عن الفن العراقي وحضارة وادي الرافدين ايضاً.
وفي ليلة كريسمس ... كانت الليلة الاخيرة التي قضيتها في الغابة اقيمت احتفالية كبيرة في بيت الفنان غراهام حضرها الكثير من اناس متدينين مسيحيين وغير مسيحيين وملحدين ولادينيين ايضا ..
في الحفلة أثار انتباهي وجود صبيان كانا يشاهدان صورا للاعبي كرة السلة الامريكية .. ويسترقان النظر اليّ فسمعت احداهما يهمس باذن الاخر
-ماذا تظن هذا الضيف هل هو ابيض مثلنا ام أسود؟؟
اجابه رفيقه بتوجس : اعتقد انه أبيض مثلنا لكن الشمس لوحت بشرته كثيرا حتى بات لونه داكن يختلف عن لون بشرتنا الشقراء !!
ابتسمت بود للصبي فشعر بالاحراج بعد ان لكزته امه ويبدو انها وبخته قائلة: لاتتحدث هكذا أمام الضيوف..
بدأ المحتفلون يرددون أغانيهم المفضلة الشعبية (الكونتري) وبعدها رقصوا على ايقاعات موسيقى الروك واغاني الفيس بريسلي ثم سحبني غراهام وزوجته من يدي لمشاركتهم الرقص واحتساء نبيذ الشيراز المحلي الفاخر والذي تشتهر به مزارع العنب في (ماكريت ريفر) القريبة من كاتننك.
وزعت الشمعدانات التي كانت تزين وتضيء زوايا الدار وتتوسط أيضا الطاولات المليئة بانواع الاطعمة والخمور والمشروبات الغازية والحلوى ايضا.
وبعد فاصل الرقص عرفني غراهام على بعض الضيوف وكان من ضمنهم سيدة كانت تحدق بيّ طيلة الحفلة وكأنها تريد انتهاز اي فرصة لبدء حوار .. عرفت فيما بعد انها سيدة متدينة غيرت مذهبها الكاثوليكي الى اللوثري ربما بغية الحفاظ على علاقتها مع شريكها الذي يعتنق المذهب اللوثري.
ففتحت حديثاً عن الديانات والتي عادة ماكنت اتجنب الحديث فيها والخوض بمفارقاتها لاسيما أن اصدقائي يعرفونني انني روحاني ووجودي لاديني ولا أنتمي الى اي ايديولوجية سياسية أو حزبية ايضا.
تقربت مني السيدة اللوثرية ذات الشعر الاحمر والسحنة الايرلندية بوجه ممتليء لايخلو من ابتسامة بلهاء وكأنها تريد استفزازي للمشاركة بالحوار أمام الجميع وكان قصدها أيضاً الاعتداد بديانتها ومذهبها اللوثري الذي انتمت اليه حديثاً .. وبعد أن عرفت اني الشخص الوحيد في الحفلة منحدر من اصول عربية اسلامية وشرق أوسطية
وقالت بصوت مسموع وسط حلقة الضيوف .
-أعتقد ان السيد المسيح برسالته وافكاره قد جاء بكل التعاليم والوصايا الى البشرية اليس كذلك ؟؟
اذن لاداعي لوجود محمد!!!
-ابتسمت بوجهها وقلت لها: ياسيدتي إن النبي موسى أيضاً قد جاء بالتعاليم والوصايا وانبأ القوم برسالته قبل عيسى فلاداعي لوجود المسيح ايضاً اليس كذلك؟؟؟
صمتت السيدة من هذا الجواب الغير متوقع ومما زاد احراجها اكثر هو تصفيق المستمعين للحوار واعجابهم بالرد.

وبعد الحفلة وتناول العشاء . دعانا صاحب الدار الى الجلوس في صالة الدار الكبيرة بعد ان غادر بعض الضيوف وبقي البعض الاخر لاكمال السهرة.
فبدات لعبتهم الليلة المفضلة مسابقات الكارتات الورقية (أسئلة وأجوبة) حيث يطرح سؤال حسب ترتيب الجالسين والمشاركين على شكل دائرة حول الطاولة المستديرة.
سحبت السيدة اللوثرية كارول احدى الاوراق فبانت ابتسامة عريضة على وجهها ثم حدقت
بوحوه الجميع حتى استقر نظرها باتجاهي.
قائلتاً: هذا السؤال موجه للسيد سعد خصيصاً...
توقعت ان هنالك سؤال نزق اخر سوف تسألني به كارول.
-ماهي اسرع رحلة جوية في التاريخ حدثت في الشرق الاوسط وقطعت باقل من
لحظة..؟؟؟
-رحلة البراق التي قام بها الرسول محمد والتي بدأت من مكة وانتهت في المسجد

الاقصى في بيت المقدس .. اجبتها وعلامات الاستغراب كانت تعلو وجهها . هذا ماخطر
على بالي من جواب ولم اكن متاكدا تماماً من الاجابة .. لكنها هزت رأسها بالايجاب وقد

حصلت على تصفيق اخر من الحضور هذة الليلة وللمرة الثانية.

وفي نهاية الحفلة غادر الجميع وصافحتني السيدة كارول أيض

وأخبرتها مازحاً: اذا كان لديك سؤال اخر ياسيدتي قبل المغادرة فلا بأس بذلك .. ضحك

الجميع بود وودعوني بعد ان عرضوا عليّ دعوة لزيارتهم مرة أخرى .

وقبل ان اذهب الى غرفتي الانيقة في بيت غراهام وزوجته الطيبة اليزابيث

-اعتذرا لي عما بدر من اسئلة كارول البلهاء ربما لم تكون لائقة .

-شكرا لضيافتكم الحميمة اخبرت المضيفان ثم غادرت الصالة.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغراب وشجرة الصمغ الاحمر
- تجليات الفانوس
- يوميات الارصفة والمقاهي
- حكايات البخلاء
- قراءة الكاتب رضا الاعرجي حول تجاربي الفنية
- ليس للمقامر مايخسره
- جار وحديقة
- مكالمات هاتفية عابرة في هذا الصباح
- مابيني وبينك كان أكثر من عناق
- ليس للمزاميرِ مواسمُ للرقصِ
- تأملات في أبجديات الحرف والطين واللون
- مرثية الرماد والرصيف
- قارب الموت
- نهاية شرهان وقدره المأساوي
- وكأنك ليس سوى أنا
- ثلاثية العشق والجنون
- مذبحة سبايكر
- غزوات ضد الفن
- اغتيال الطفولة في قبائل العنف
- الحرب تصادر أرصفة الاحلام


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - حفلة في غابة