أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دينا وادي - التعبير عن الرأي.. من الجدران إلى السيارات















المزيد.....

التعبير عن الرأي.. من الجدران إلى السيارات


دينا وادي

الحوار المتمدن-العدد: 1320 - 2005 / 9 / 17 - 08:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عرفت الشعوب العربية طرقا عدة للتعبير عن ارائها في الحياة العامة او في حكامهم او فيما يمر به العالم من احداث سياسية واقتصادية بالاضافة الي السعي وراء طلب الرزق وابتكرت الطبقة الكادحة من هذه الشعوب طريقة " الهتاف الصامت" دون صوت او ازعاج مثل الكتابة علي هياكل المركبات وما يكتبه سائقو السيارات والاتوبيسات واللوريات والعربات من عبارات مختلفة في الشارع المصري تعكس اراء هذه الطبقة.
فعندما تتعقب خلفية احدي هذه المركبات ستجد عبارات اما سياسية او طلبا للرزق او درءا للحسد او رجاء الوقاية من المجهول وهو الهدف الحقيقي لهذا الهتاف الصامت.
اما الشعب الفلسطيني الذي طالما هتف بصمت منذ بدء الاحتلال عن طريق اعلان غضبه علي جدران الشوارع وابواب المحال واحيانا علي الاسفلت نفسه، هذه العبارات التي اذا ماجمعت فأنها تعتبر وثيقة لمطالب هذا الشعب موجهة الي العالم عبر الفضائيات التي توضح هذا جيدا للمتابع لها،فمن السهل ان تشاهد هذه العبارات اثناء متابعة بعض مما يجري من احداث من خلال نشرات الاخبار وفي خلفية أي حدث يجري وتنقسم هذه العبارات الي نوع اخر فهي ليست فقط للمحتل انما توجه بعض العبارات التي تعلن عن رأي الشعب الفلسطيني في قرارات ساسته ومفاوضي القضية وهذا بعد خبرة طويلة المظاهرات المظاهرات والهتافات التي تؤدي الي نتيجة قدرية واحدة فاحيانا يكون الصمت ابلغ من الكلام.
وبالانتقال الي العراق وما يحدث فيها نجد ان شعبها ايضا اتجه الي هذه الظاهرة من الهتاف الصامت بعدان ظل لمدة 20 عاما لايهتف ولايكتب في ظل النظام السابق له والان يواجه احتلالا يحاول مقاومته بشتي الطرق فاقترض لغة الصمت من الشعب الفلسطيني كتجربة سبقته الي الاحتلال.
واذا ما تأملنا هذه الطريقة سنجدها انتشرت في العالم كله خاصة في الحقب المظلمة والتي يريد الشعب فيها التعبير عن رأيه والمطالبة بحريته فوجد ان الجدران ثابتة وكلماتها ثابتة بينما المارة هم اللذين يتحركون بعكس الورق والكتابة عليه فتأثير الجدار اكبر خاصة ما يكتب باللون الاحمر ليكون واضحا لمن لايريد ان ينظر اليه او يقرأه فالرسالة ستصله في كل وقت يمر به بجانب الجدار والتكرار له فائدة كبيرة علي الانسان.
اما المصريين فقد اختاروا مواجهة المجهول في مستقبلهم بالكتابة خلف المركبات باختلاف انواعها سواء سيارات التاكسي او الباصات او سيارات النقل وكذلك ما يسمي بالميكروباص وربما الوسيلة الوحيدة التي لايكتب علي خليفاتها هي "المترو" لكن يكتب علي جدرانه الداخلية واغلبها عبارات دينية.
وبدأت هذه الظاهرة اواخر الستينيات وبخاصة بعد عام 1967 بالتحديد ونتيجة للتأثيرات علي اوجه الحياة العامة واختلاف التركيبة الاجتماعية للمجتمع والاحوال الاقتصادية للافراد وحالات الاحباط واليأس والفضول لمعرفة ماسيجري في المستقبل ولايعلم من بدأ هذه الظاهرة انها ستمتد حتي وقتنا الحالي بعد تطورها لتناسب العصر الذي نعيشه والكثافة السكانية التي تواجهها مصر يوما بعد يوم وبالتالي يترتب عليها ازدحام شديد في مرور السيارات والبشر الذين يخرجون كل يوم من منازلهم سعيا وراء طلب الرزق والذين يكتبون هذه العبارات يكتبونها بكامل ارادتهم فهم في حقيقة الامر يحاولون ان يسمعوا اصواتهم دون ان يراهم احد كأحد وسائل التعبير لدي الصامتين من المجتمع المصري خاصة المجتمع العربي عامة.
فهم يعبرون عن طريق هذه الوسيلة عن اناتهم وامالهم وافراحهم واتراحهم واستسلامهم ودعاباتهم بالصمت الذي قد يخرج عن حدوده ويتحول الي صوت مرتفع اثناء الصلاة وعند الدعاء وفي حلقات الذكر في رحاب المساجد والكنائس ويجلجل ويرتفع الي الافاق في ملاعب الكرة اثناء المباريات واثناء الاستماع الي الغناء في احيان اخر ويعد اسلوب الكتابة علي هياكل المركبات او علي الجدران بمثابة جهاز اعلامي شعبي يعكس امال وطموحات واراء هذا الشعب الذي يطالب بمضاعفة ساعات اليوم حتي يستطيع ان يواكب العصر وماحدث فيها من تقدم علي جميع المستويات.
ويبدو ان المجهول يعتبر شيئا مخيفا للشعب المصري لان عبارة او دعاء "ربنا يكفينا شر المخبي" والمخبي هو المجهول هو من اكثر الادعية المكتوبة علي هياكل " الميكروباص" بالتحديد كذلك العبارات التي تقي من الحسد مثل " العين صابتني ورب العرش نجاني" و" الحسود لايسود".
ومن الالفاظ الشائعة علي هياكل المركبات في الشارع المصري لفظ الجلالة او مشتقاته ورسم العين وعبارات الحب ومشتقاتها والسلامة او الستر والصبر ومشتقاته وكذلك كتابة اسماء اولياء الله والقديسين والحمد والشكر والتوكل علي الله ومشتقاته والحسد والرزق والقضاء والقدر والقناعة مما يعكس توجهات واراء الشعب المصري وسلوكه المنشغل في طلب الرزق والسلامة والشكر لله والتوكل عليه وعبارات الحب التي تؤكد ان الشعب المصري لازال كما هو عاطفيا كما اشتهر دائما كصفة اساسية ذات حدين احدهما ايجابي والاخر سلبي.
ولازالت اكثر العبارات انتشارا منذ بدأت الظاهرة هي عبارة " يارب سترك" اما اكثر الالفاظ انتشارا فهي لفظ الجلالة ومشتقاته يليها رسم العين ويقع الحب ومشتقاته من الفاظ في المرتبة الثالثة مما يعكس اولويات هذه الفئة من الشعب المصري في اسلوب ادارتهم لحياتهم.
اما اسماء الاغنيات فتطورت من اسماء اغنيات محمد قنديل وليلي مراد وليلي نظمي وعايدة الشاعر وعبد الحليم وشادية وعبد الوهاب وايضا سيد درويش الي نانسي عجرم وعمرو دياب والكثير من الاغنيات للنجوم الحاليين علي الساحة لكن الوحيدة التي استمرت اسماء اغنياتها مكتوبة علي هياكل المركبات هي سيدة الغناء العربي "ام كلثوم" فلازالت اغنية "اروح لمين" و"انت عمري" و"انما للصبر حدود ياحبيبي" و"طوف وشوف" من اشهر مايكتب علي المركبات وهي تسير ويقرأ من يتعقبها هذه الاغنيات لتذكره ببعض الذكري او يفهم ماوراءها من معني.
ويوجد العديد من العبارات الشعبية الطريفة المرتبطة بثقافة الشعب المصري مثل " ان خلص الفول انا مش مسئول" و"ان خلصت الكراسي انا ماشي" و"اوعي العربية تدوسك".
وللامثال الشعبية المصرية نصيب من تلك العبارات مثل " اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب" وهي عبارة تظهر قيمة النقود الحقيقية كوسيلة وليس كهدف وكذلك " اللي مكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين" والتي توضح حتمية القدر وعدم الفرار منه مهما حدث.
وللعبارات السياسية نصيب مما يعكس اراء هذه الطبقة من الشعب المصري مثل "النصر للعرب" ومن الايات القرآنية ذات الدلالات السياسية "واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا" وكذلك "واعدوا لهم مااستطعتم من قوة" وعبارة " النصر لفلسطين".
كما يسمي بعض سائقي المركبات المركبة باسم بشري وتطورت هذه الاسماء من " زوبة" و" ريا وسكينة" الي اسماء تناسب العصر الذي نعيشه مثل هايدي وتامر وهذا كنوع من التقدير للمركبة واعطائها اسما جميلا لانها صديقته الوحيدة التي يعتمد عليها في جلب الرزق.



#دينا_وادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهندس الضحك
- عالم الكومبارس : ما الدنيا إلا مسرح كبير
- عمار الشريعي : الموسيقار
- باب الشمس :حينما تتحول المأساة الفلسطينية الى سينما
- الفلسطيني في السينما الإسرائيلية لا يجد من يكاتبه
- الباشا :يحيي الفخراني
- السينما الفلسطينية بين مطرقة الاحتلال وسندان التمويل
- أخت القمر
- احمد زكي : اضحك الصورة تطلع حلوة


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - دينا وادي - التعبير عن الرأي.. من الجدران إلى السيارات