أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - أنامل عاهرة















المزيد.....

أنامل عاهرة


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4728 - 2015 / 2 / 22 - 22:22
المحور: كتابات ساخرة
    


لماذا تكتب؟؟..لعل هذا السؤال هو من أصعب الأسئلة التي قد تواجه أي شخص يتخذ من الكتابة هوايةً له ليزعج بها من هم حوله..و لو تمعنت قليلاً في الإجابات التي قد تخطر على بالك -كإجابةٍ له- ستجد أن البعض يكتب لكي يحصل على تمجيدٍ شخصي بينما يفعلها البعض الآخر لكي يُرضي عن طريقها طرفاً ما و كلمة "طرف" هنا قد تشمل كل ما قد يتخذ السياسة أو الدين كهويةٍ تتلون بها أفكاره..و لكنك قد تجد من جهةٍ أخرى أن البعض يكتب لكي يشعر أنه يصنع فارقاً ما في عقل من يقرأ له كما ستجد في ذات الوقت أن هناك من يكتب لتزداد عدد الخانات الرقمية في حسابه البنكي..ماذا عن إجابتي أنا؟؟..حسناً القليل من الصدق لن يضرني كثيراً لهذا سأخبرك أني أكتب لأصبح "تلك" العاهرة!!.

بالنسبة إليَّ لم أصبح عاهرة إلا بعد أن بدأت التدوين منذ عدة أعوام..لا أعني بالطبع أني أصبحت كذلك حرفياً من وجهة نظري بل من وجهة نظر بعض من يتلصَّصون على ما أكتب..و هكذا و بعد أن أصبحت تلك العاهرة الافتراضية تعرفت على تلك الحقيقة المُرَّة و التي مضمونها هو أن الأنثى حتى في عالمها الافتراضي لا تمتلك ترف اختيار الخيار الثالث لتحديد هويتها الفكرية فهي دوماً ما سيتم حشرها كيفما اتفق في تلك المساحة الضيقة و الواقعة بين خيارين فقط لا ثالث لهما على الأغلب.

فالخيار الأول الذي سيواجهها هو أن تذعن موافقةً على كل رأي يتخذه نيابة عنها ذكرٌ ما حتى لو كان ذلك الرأي الذي يُصرح به يتجاوز الأمور العامة التي تشمل الجميع ليتجاوزها إلى الأمور التي تخصها هي وحدها كأنثى!!..أما الخيار الثاني فهو أن تتحدث عن ما تؤمن به سراً فلا يصغي إليه إلا هي و هي و لا يجب أن يكون الرب ثالثهما و دون أن تلتفت كثيراً لفكرة أن تكون صادقة مع نفسها فلم يعد هناك من يكترث كثيراً لذلك الهراء الروحي..و هنا يصبح الخيار الثالث و هو أن تكون هي كما وُجدت و بكل تفاصيلها الصغيرة و الهامشية ترفاً لا يحتمل وجوده أحد..فالأقنعة هي ما تروق للآخرين و هي ما ينشدون من الأنثى ارتدائه..تلك الأقنعة التي أرتدي أحدها الآن و أنا في مقر عملي أمارس الملامح الفكرية لشخصٍ لا يمت إليَّ بصلة و لكنه ينتمي إلى هذا المجتمع و لأفكاره و بشدة!!.

و لكن لأكن صادقة و أعترف أنه لم تغضبني يوماً كلمة عاهرة..فتلك الكلمة التي تثير خوف معظم الفتيات منذ أن لُقن معناها و الذي أُريد له أن يكون بشعاً لم تثر في نفسي يوماً أي تقزز أو تخوف..ربما لأني أجد أني لا أرغب بالكذب على الآخرين فأدعي أموراً لا أؤمن بها حتى و لو كان ذلك الأمر يعني حصولي على طٌهر ما فهو في نهاية الأمر سيظل طُهراً يمتلئ بالزيف..أو ربما لأني أعرف أن وصف البعض لي بتلك الكلمة لا يعني أني كذلك بالضرورة فلا يمكن لأي شخص محاكمتي يوماً ما بسبب أفكارٍ تتوارى خلف اسمٍ مستعار و لكنه يستطيع محاكمتي بسبب فقداني لعذريتي بسبب تلك الأفكار..لهذا أجد أن كلمة عاهرة هي فعلياً وصفٌ لا يمكن أن يسبب ذلك النوع من الأذى الجسدي لي طالما أنه وصفٌ أجوف قيل من قبل شخص أحمق يعيش في مجتمعٍ لا يوجد بينه و بين الماخور أي فوارق ظاهرية لدي!!.

و لكني و بسبب تلك الكلمة أدركت أيضاً كم أن الذكر الشرقي جبان في أصل تكوينه لهذا فهو يعتقد و لعله يؤمن أنه باستخدام تلك الكلمة الجوفاء كثيراً تجاه أي أنثى تتمرد على السير فوق تلك الخطوط البيضاء المرسومة على أرضية حياتها سلفاً فإنه سيثير رعبها و ربما سيجعلها تتوقف عن التفكير لكي تعود تائبةً فتسير بانتباهٍ أكبر على تلك الخطوط البيضاء مع ظهرٍ منحنٍ نحوها بشكلٍ أكبر..نعم تخيلي أنك تحتاجين فقط لبعض التراجع عن أفكارك و مواقفك المستفزة لهم ليعود غشاء بكارتك من جديد للتموضع بين ساقيك و كأنك لم تفقديه يوماً!!.

و لهذا ستجدين أن شعوباً عربية عديدة عندما تمارس فيها أي أنثى القفز الحر على تلك الخطوط البيضاء ستكون ردة فعل السلطة -و بغض النظر عن نوعها- و التي ترغب في قمعها هي أن تحاول أن تتأكد من عذريتها فور إلقاء القبض عليها!!..هل تستشعرين مدى الرعب من أفكار النساء!!..فبالنسبة لتلك المجتمعات الغارقة في وحل الذكورة أصبح امتلاكك لعدة أفكارٍ مجردة سبباً كافياً لفقدانك لعذريتك!!..و لعل سبب اكتراثهم دوماً بما تفعله الأفكار بجسدك لا بعقلك هو أن الأول لا الثاني هو ما يؤمنون بأنه أمرٌ خاضع للمنطق الاشتراكي فلا يحق لك التصرف به دون الرجوع إلى بقية شركاءك الآخرين فيه.

لهذا أشعر أحياناً بالشفقة على من يصفني بذلك الوصف بل أني ربما و دون وعيٍ مني أعمل على تحريضه على أن يحاول جاهداً في محاولته لقمعي..نعم فلا بأس من تحريض الآخرين على القمع لأنك هكذا ستتعلمين طرقاً جديدة للتسلسل و لممارسة الحرية من بين سطور كلماتهم و محاولاتهم المستميتة لتأطيرك بشرفٍ فقدته أو ستفقدينه..فالحرية تحتاج إلى تمرينٍ مستمر لكي تنجحي في رفع سقفها المرتطم دوماً برأسك كأنثى و إلا سيصبح أقصى ما سيصل إليه خيالك عند الحديث عنها هو ممارسة الانفلات -بغض النظر عن نوعه- دون أن يكون هناك أية عواقب قانونية أو اجتماعية أو حتى دينية.

نعم قد أكون عاهرة لأن الكتابة بالنسبة لي هي كممارسة الجنس..فهي أمرٌ لا يقبل التفاوض على تفاصيله أو ملامح خطواته..أمرٌ لا يمكنني القيام به تجاه أي شخصٍ عابر كما كتجاه أي فكرةٍ عابرة..فيجب أن تدوخني تلك الفكرة و من ثم تأسرني لتغريني بالوقوع تحت سلطتها لكي أكتب عنها كما لو كنت أتنازع معها على السرير أينا يعتلي الآخر!!..و لكني في ذات الوقت سأقطع لها عهداً بأني سأحاول ألا ألقيها بعد أن أفرغ منها لأن الأفكار خُلقت لكي نتوحد معها لأطول فترةٍ ممكنة لا لنؤمن بها مؤقتاً حتى نقضي منها وطراً.

و لكني لا أنكر أنه في كل مرةٍ تُقال لي فيها تلك الكلمة أتمنى لو أن قائلها -و الذي يكون ذكراً على الأغلب- منحني و لو القليل من الوقت لأعترف له بأني عاهرة كما هي تلك الأفكار التي تداعبني كل مساء لأهمَّ بها و تهمَّ بي و لأخبره بأني لا أرغب في أن أفقد يوماً -و دون أن أدرك- ذلك الشغف الذي تسببه فتيات الهوى في أرواحنا و الذي تشعر به أناملي تجاه الكلمات كما الأفكار..فهي -لحسن حظي أو لسوئه لا أعلم حقاً- تأبى الكفَّ عن عُهرها و لعل هذا هو قدرها -كما قدري- حتى حين.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لائحة اتهام
- الكتابة بمدادٍ من نار
- رجل الستة ملايين دولار
- أن يكون مُسلماً
- من بدَّل دينكم فاقتلوه
- وُلِدوا من العدم!!
- كل عام و أنتِ قُبلتي
- اللعنة على اليهود
- تفاصيل من الماضي التعس
- إجماع
- نقاب
- إذن بالسفر
- و ثالثهم الله
- أستار الكعبة
- رجل الكهف
- قصة اغتيال نمطية
- هلوساتٌ في حوض ماءٍ ساخن
- القطعة الناقصة
- سيارة للدعارة
- خطأ إملائي


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زين اليوسف - أنامل عاهرة