أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف رزق - النَّثرُ الشِّعريُّ















المزيد.....



النَّثرُ الشِّعريُّ


شريف رزق

الحوار المتمدن-العدد: 4728 - 2015 / 2 / 22 - 00:03
المحور: الادب والفن
    


النَّثرُ الشِّعريُّ

.. بدايَةُ التَّدفُّقِ البَاطنيِّ الحُرِّ لمصْهُور الشِّعر وَالنََّثر..




" مَنْ مِنَّا لمْ يحلُمْ يومًا بمعْجِزَةِ النَّثرِ الشِّعريِّ
نَثْرٌ يَكُونُ مُوْسِيقيًّا بِلا وَزْنٍ وَلا قَافيَةٍ
طبعا غَيْر مُتَصَلِّبٍ
لِكي يَتَوافَقَ مَعَ الحَرَكَاتِ الغِنَائيَّةِ لِلرُّوحِ
وَمَعَ تموُّجَاتِ الأحْلامِ وَرَجَفَاتِ الوَعْي ."


بودلير
سَأَم بَارِيْس – ص : 12 .





تَمْهيْدٌ
جَاءَتْ حَرَكَةُ النَّثرِ الشِّعريِّ Poetic prose ثَوْرَةً على قُيودِ القَصيدَةِ العَربيَّةِ الكلاسِيكيَّةِ ، وَعلى قُيودِ النَّثرِ الفَنِّيِّ المَسْجُوعِ ؛ المُثْقلِ بِالزَّخَارفِ البَلاغيَّةِ ، وَاقْترَاحًا لشَكْلٍ نَثْريٍّ حُرٍّ ، تَتَدَفَّقُ الشِّعريَّةُ في خِطَابِهِ ، عَبْرَ التَّخييْلِ وَالتَّصويْرِ وَالأدَاءِ الغِنَائِيِّ المُجَنَّحِ وَالمُنَاجَيَاتِ وَالتِّكرَارَاتِ ، في تَجاربَ وِجْدَانيَّةٍ رَهيْفةٍ وَسَيَّالَةٍ .
وَقَدْ سَاهَمَتْ عِدَّةُ عَوَاملَ في الوصُول إلى مَلامِحِِ هَذَا الشَّكلِ ؛ مِنْهَا : الاطِّلاعُ على نَمَاذِجِ النَّثرِ الشِّعريِّ، في إبْدَاعَاتِ الرُّومَانسيَّةِ الفَرنْسيَّةِ ؛ الَّتي شَرَعَتْ ريَاحُهَا تَهبُّ على الأدَبِ العَرَبيِّ مُنذُ أوَاخِرِ القَرْنِ التَّاسِع عَشَر ، وَمِنْهَا : اسْتِفَادَةُ كُتَّابِ الرَّابطَةِ القَلمِيَّةِ - الَّذين كَانُوا طَليْعَةَ المُؤسِّسيْنَ لِهَذَا الشَّكلِ ، في مَشْهَدِ الأدَبِ العَربِيِّ - مِنْ شِعريَّةِ الأدَاءِ في تَرْجَمَةِ أسْفَارِ التَّورَاةِ وَالمَزَاميْرِ وَالأنَاشِيْدِ ، وَمِنْ طَرَائقِ أدَبِ الطُّقوسِ الكَنَسيَّةِ المَسِيْحِيَّة (1) ؛ حَيْثُ كَانَ أعْضَاءُ الرَّابطَةِ القَلَمِيَّةِ العَشَرَةِ ؛ اللبنانيُّونَ المُهَاجِرُونَ إلى الشَّمَالِ الأمريكِيِّ ، مَسِيْحييْنَ ؛ بَعْضُهُمْ كَاثُوليْكَ ، وَبَعْضُهُمْ أرْثُوذُكس ، وَهُمْ : جُبران خَليل جُبران – مِيخَائِيل نُعَيمه – نسيب عُرَيْضَة – وليم كاتسفليس – إيليَّا أبو مَاضِي – عبد المَسِيح حَدَّاد – رَشِيد أيُّوب – ندْرَة حَدَّاد – وَديْع بَاحُوط – إليَاس عَطَا الله .
وَالأرْجَحُ أنَّ رَأسَ هَذِهِ الجَمَاعَةِ : جُبران خَليل جُبران ، قَد اهْتَدَى إلى آليَّاتِ شِعريَّة الأدَاءِ في تَرْجَمَةِ الكِتَابِ المُقَدَّسِ ؛ مُتأثِّرًا بِالمَفْهُومِ النَّظريِّ للنَّثرِ الشِّعريِّ ، أثنَاءَ وُجُودِهِ في فَرَنْسَا (1908- 1911) لِدرَاسَةِ فنِّ التَّصويْرِ ، أوْ في نيويورك ؛ الَّتي انْتَقَلَ إليْهَا بعدَ فَرَنْسَا ؛ حَيْثُ لَمَسَ تَأثُّرَ عَديديْنَ - مِنْهُمْ : وَالَتْ وَايتمَان ، في شِعْرِهِ الحُرِّ - بِآليَّاتِ الأدَاءِ الفَنِّيِّ في الكِتَابِ المُقَدَّسِ .
وَالمُرَجَّحُ - أيْضًا - أنْ يَكونَ أمين الرِّيحَانِي - الرَّائدُ المُشَاركُ لِجُبرَان ، مِنْ خَارجِ الرَّابطَةِ القَلمِيَّةِ ، في رِيَادَةِ النَّثرِ الشِّعريِّ ، وَالشِّعرِ المَنْثورِ، قَد اهْتَدَى إلى مَفْهُومِ النَّثر الشِّعريِّ نَظَريًّا وَإبْدَاعيًّا مِنْ اطِّلاعِهِ المُبَاشِرِِ على النَّثرِ الشِّعريِّ الفرنسيِّ .
وَقَدْ اكْتَسَبَ النَّثرُ الشِّعريُّ دَفْعَةً كُبْرَى ، بِمَا أنْجَزَهُ قُطْبَا النَّثرِ الشِّعريِّ، في المَشْهَدِ المِصْريِّ ، مُصْطفى لُطْفي المَنْفَلُوطي ، وَمُصْطَفى صَادِق الرَّافِعيُّ ؛ حَيْثُ صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلامَةً على تَيَّارٍ مَرْكزيٍّ ، يَسْتَثْمِرُ مَخْزُونَ الأدَاءِ التُّراثِيِّ ، اسْتِثمَارًا يَتَخَطَّى آليَّاتِ الصِّنَاعَةِ الفَنِّيَّةِ في النَّثرِ الفَنِّيِّ ، وَلا يَخْلُو تَمَامًا مِنَ الزِّينِ اللفظِيَّةِ ؛ لِلتَّعبيْرِ عَنْ تَجَاربَ رُومَانسِيَّةٍ شَاعريَّةٍ جَديدَةٍ .
وَتَكمُنُ أهميَّةُ النَّثرِ الشِّعريِّ في كَوْنِهِ ، بدَايَةً لِسلْسِلةٍ مِنَ الحَلَقَاتِ المُتَوَاشِجَةِ ، المُتَعدِّدَةِ التَّجليَّاتِ وَالمَلامِحِ ؛ حَيْثُ سَيَتَوَلَّدُ عَنْهُ الشِّعرُ المَنْثورُ ؛ الَّذي سَتَتَعدَّدُ تَجليَّاتُ حُضُورِهِ الشِّعريِّ في حَلْقاتٍ تَاليَةٍ ؛ بِالتَّحديْدِ في حَلْقَتيْنِ أسَاسِيَّتيْنِ هُمَا الشِّعر الحرّ ، وَ قَصِيدَة النَّثر . وَبِهَذَا كَانَ النَّثرُ الشِّعريُّ ، بِحَقٍّ ، أوَّلَ إعْلانٍ لِلفِكْرَةِ الخِصْبَةِ القَائلَةِ ، بِأنَّ النَّثرَ قَابلٌ لِلشِّعرِ ، وَبِهَذَا سَنَنْتَقِلُ مِنَ النَّثرِ الشِّعريِّ ؛ الَّذي لايَزَالُ نَثْرًا ، إلى قَصِيدَةِ النَّثرِ ؛ الَّتي هِيَ - قَبْلَ كُلِّ شَيءٍ -" قَصِيدَةٌ . وَالنَّثرُ الشِّعريُّ هُوَ الَّذي هَيَّأ لِمَجِيءِ قَصِيدَةِ النَّثرِ ؛ بِاعْتبَارِهِ أوَّلَ طَابعٍ للتَّمَرُّدِ على القَوَانيْن القَائِمَةِ وَالطُّغيَانِ الشَّكليِّ ، وَعَبْرَ الخُصُومَاتِ الَّتي وُلِدَتْ بشَأنِهِ ، تَعَزَّزَتْ فِكْرَةُ الفَصْلِ الضَّروريَّةِ بَيْنَ "الشِّعرِ" وَفَنِّ نَظْمِ الشِّعرِ."(2)


المَفْهُومُ النَّظريُّ لِلنَّثرِ الشِّعريِّ

" النَّثرُ الشِّعريُّ مُصْطَلَحٌ فَرَنْسِيٌّ ، يُقْصَدُ بِهِ نَوْعٌ مِنَ النَّثرِ قَريْبِ الشَّبَهِ بِالشِّعرِ ، وَلا سِيَّمَا الإصْحَاحَات الشِّعريَّةَ في الكِتَابِ المُقدَّسِ ."(3)
وهو شكلٌ إبداعيٌّ حرٌّ وانسيابيٌّ يجمع بين تدفُّق (النَّثر) ، وَخَيَالاتِ (الشِّعر) ، وَحَالاتِهِ المُحَلِّقَةِ ، وَتَصَاويرهِ ، وَرُؤاهُ ، وَإيحَاءَاتِهِ ، وَ" لَيْسَ لِلنَّثرِ الشِّعريِّ شَكْلٌ بِنَائيٌّ ، وَسَيْرٌ في خَطٍّ مُسْتَقيْمٍ ، لَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ ؛ لِذلكَ هُوَ رِوَائيٌّ أوْ وَصْفِيٌّ ؛ يَتَّجِهُ غَالبًا إلى التَّأمُّلِ ، أوْ المُنَاجَاةِ الغنَائيَّةِ ، أوْ السَّردِ الانفِعَاليِّ ، وَلِذلكَ يَمْتَلِئُ بِالاسْتطرَادَاتِ وَالتَّفاصِيْلِ ، وَتَتَفَسَّحُ فيْهِ وَحَدَاتُ التَّنَاغُمِ وَالانْسِجَامِ ."(4)


آليَّاتُ شِعْريَّةِ النَّثرِ الشِّعريِّ

نَشَأ النَّثرُ الشِّعريُّ في مَشْهَدِ الأدَبِ العَربِيِّ ، مَعَ وِلادَةِ الوَعْي الرُّومَانسِيِّ ، مَعَ فَجْرِ القَرْنِ العِشْريْنَ ، وَتَأسَّسَتْ شِعْريَّتُهُ على عِدَّةِ مُرْتَكَزَاتٍ ؛ تَحَدَّدَتْ بِِهَا مَلامِحُهُ ، وَأهَمُّهَا: التَّدفُّقَاتُ الوِجْدَانيَّةُ المُجَنَّحَةُ ، وَهَيْمَنَةُ الصُّوتِ البَاطِنيِّ المُضَمَّخِ بِأمْوَاجِ الرُّوحِ ، وَالمُنَاجَيَاتُ الغِنَائيَّةُ المُسْتَرْسِلَةُ ، وَالصِّورُ الكُلِّيَّةُ ، وَشَاعريَّةُ الرُّؤى، وَالتَّرمِيْزُ، وَرَهَافَةُ الحَالَةِ الوجْدَانيَّةِ ، وَالتِّكرَارَاتُ ، وَالشَّكلُ المَقْطَعيُّ ، وَالتَّناظُرُ بَيْنَ المَقَاطِعِ ،وَالتَّوازيَاتُ ، وَالتَّكثيْفُ ، وَالنَّزعَةُ الصُّوفيَّةُ ؛ الَّتي تَمَثَّلتْ في: تَوَقُّدَاتِ الذَّاتِ الجَامِعَةِ ، وَالتَّجريْدِ ، وَالرَّوحَانيَّةُ ، وَالاحْتِفَاءُ بِتَجَاربِ الوَحْشَةِ ، وَالحَيْرَة ، وَالاحْتِفَاءُ بِالطَّبيعَةِ ، وَالثَّورَةِ على النَّزعَةِ المَاديَّةِ ، وَيَتَبَدَّى الإيقَاعُ المَنْبُورُ المُتَدَفِّقُ ، في كِيَانٍ نَثريٍّ تُضَمِّخُهُ الرُّؤى الشِّعريَّةُ .
الإيقَاعُ هُنَا شَخْصِيٌّ تَمَامًا ؛ لأنَّهُ إيْقَاعُ الذَّاتِ المُبْدعَةِ ، وَهِيَ تَتَحَرَّكُ في أجْوَاءِ التَّجربَةِ ، إيقَاعٌ يَتَنَامَى مَعَ حَرَكَةِ الشُّعورِ، وَيَتَشَابَكُ ، وَيَنْزَعُ إلى الانْتِظَامِ ؛ وَبِالتَّالِي يُبْرِزُ المُسْتَوَى التَّخييلِيَّ لِلغَةِ ، وَيَعْتَمدُ الإيقَاعُ هُنَا على مَجْمُوعَةٍ مِنْ آليَّاتِهِ : كَالنَّبرِ وَالتَّوزيْنِ وَالتَّوازي وَالتِّكرَارِ وَالتَّفقِيْرِ، وَهُوَ يُؤسِّسُ أفقًا غِنَائيًّا مُنْضَبِطًا مَعَ حَرَكَةِ التَّجربَةِ .
يَتَأسَّسُ النَّثرُ الشِّعريُّ ، إذًا ،على خَاصيتيْنِ أسَاسِيتيْنِ مُتَوَاشِجَتيْنِ تُحَدِّدَانِ ، بِتَفَاعُلِهِمَا ، هويَّتَهُ الإبْدَاعيَّةَ ، وَهُمَا : خَاصيَّةٌ نَثْريَّةٌ: السَّرديَّةُ ، وَخَاصيَّةٌ شِعْريَّةٌ : الغِنَائيَّةُ ، وَهُمَا تُشَكِّلانِ، مَعًا ، نَسِيْجًا عَابرًا لِلْحدودِ الأجْنَاسِيَّةِ ؛ ثَمَّةَ تَدَفُّقٌ وَتَكْثِيفٌ مَعًا ، اسْتِرْسَالٌ وَإيْجَازٌ مَعًا ، وَيَتَجَاوَزُ السَّردُ الحُرُّ هُنَا مَفْهومَ السَّردِ التَّقليديِّ ؛ حَيْثُ يَتَدَفَّقُ وِِفْقَ إيقاعَاتٍ دَاخليَّةٍ ، وَلُغَةٍ مُكثَّفةٍ تَبَعًا لِحَرَكَةِ الإيقَاعِ ، إنَّ التَّشكِيْلَ السَّرديَّ يَظَلُّ خَاضِعًا لِحَرَكَةِ الإيقَاعِ ؛ الَّتي تُحَدِّدُ حَرَكَةَ اللغَةِ وَتَرَاكِيْبِهَا، وَتُكَثِّفُ عِبَارَاتِهَا وَتَشْحِنُهَا .
وَإذَا كَانَ النَّثرُ الفَنِّيُّ قَدْ اعْتَمَدَ على ضَوَابِطََ إيقاعِيَّةٍ؛ هَنْدَسِيَّةٍ خَارجِيَّةٍ(مِنْ: سَجْعٍٍ وَازْدِوَاجٍ) ، فإنَّ النَّثرَ الشِّعريَّ قدْ اعْتَمَدَ على مَوْجَاتِ الإيقَاعِ الحُرَّةِ ، المُتَدَفّقةِ مَعَ التَّجربَةِ الإنْسَانيَّةِ ؛ وِفْقَ حَرَكتِهَا الدَّاخِليَّةِ .
وَاقْتَرَبَ النَّثرُ الشِّعريُّ بِهَذَا ، مِنْ جُوَّانيَّاتِ الشِّعرِ وَبَاطِنيَّتِهِ وَحَمِيْمِيَّتِهِ ؛ فَبَرَزَتْ - بِقُوَّةٍ - فَاعِليَّةُ التَّدفُّقِ الوجْدَانِيِّ ، في حَالاتٍ شَاعريَّةٍ مُجَنَّحَةٍ ، وَفُيُوضَاتٍ مِنَ" التَّدَاعِيَاتِ ، وَالمُنَاجَِيَاتِ ، وَالفَضَاءَاتِ الصُّوريَّةِ ، وَبَلاغَةِ العِبَارَةِ ، وَالصِّيَاغَاتِ المُجَنَّحَةِ ؛ المتميِّزةِ بِسَيْلٍ مِنَ الهَيَجَانَاتِ اللغَويَّةِ وَالعَاطِفيَّةِ وَالخَيَالِيَّةِ ."(5)
وَبِهَذَا تَجَسَّدَتْ شَخْصِيَّتُهُ الشِّعريَّةُ مِنَ الحُضُورِ الشِّعريِّ الدَّاخليِّ في بُنْيَانِهِ النَّثريِّ ، وَيُلْفِتُ النّظرَ هُنَا أنَّ مَجْمُوعَةً مِن أبْرَزِ كُتَّابِ النَّثرِ الشِّعريِّ ، قَدْ كَتَبَتْ القَصِيدَةَ الكِلاسِيكِيَّةَ ، وَكَانَتْ مِنْ أعْلامِهَا ، وَمِنْهَا : جُبْرَان خَليل جُبْران (1883–1931) ، وَإيليا أبُو مَاضِي (1891-1957) ، وَمُصْطفى صَادق الرَّافِعيّ (1880– 1937) ؛ وَفي هَذَا دَلالَةٌ وَاضِحَةٌ على أنَّ الشَّكلَ التَّقليديَّ المَوْرُوثَ لِلْقَصِيدَةِ العَربيَّةِ ، لَمْ يُسَاعِدْهُمْ على اسْتِيعَابِ هَذِهِ النَّوعيَّةِ مِنَ التَّجاربِ ؛ بَلْ ضَاقتْ حُدُودُهُ عَنْ احْتِواءِ مِثْلِ هَذِهِ الحَالاتِ ، وَلَمْ يَكُنْ بِالإمْكانِ ضَغْطُهَا في حُدودِ هَذا الشَّكلِ ؛ وَبالتَّالي عَكَسَ هَذَا الإنتَاجُ المُزْدَوَجُ لِهؤلاءِ المُبْدعيْنَ ، حَاجَةً مُلِحَّةً إلى شَكْلٍ آخَر يَكُونُ أكْثَرَ مرُونَةً وَطَواعيَةً ؛ لِيَسْتَوْعِبَ تَجَاربَ جَديدَةً أكَثْرَ تَشَابُكًا وَتَدَفّقًا وَتَحَرُّرًا .
وَعَنْ النَّثرِ الشِّعريِّ انْبَجَسَ الشِّعرُ المَنْثورُ ، وَاخْتَلَطَ بِهِ في مَفَاهِيْمِ مُبْدعيْهِ وَنَاقديْهِ ، في أحْيَانٍ كَثيْرَةٍ ؛ فَقَدْ كُتِبَ بَعْضُ النَّثرِِ الشِّعريِّ على طَريْقَةِ الشِّعرِِ المَنْثورِِ في سُطُورٍ حُرَّةٍ مُتَفَاوتَةِ الطَّولِ ، كَمَا أنَّ بَعْضَ الشِّعرِ المَنْثورِ قَدْ كُتِبَ على طريقَةِ النَّثرِ الشِّعريِّ ، في سُطُورٍ كَامِلةٍ، بَلْ إنَّ بَعْضَ النَّثرِ الشِّعريِّ قَدْ قُُدِّمَ على أنَّهُ " قَصِيدَةٌ مَنْثورَة"(6) ، وَهَذَا يُوضِّحُ لَنَا قِمَّةََ التِبَاسِ الشَّكلَيْنِ المُتَجَاوريْنِ، وَالجَامِعيْنِ خَصَائِصَ الشِّعرِ، وَخَصَائِصِ النَّثرِ، على البَعْضِ ، مَعَ أنَّ الفَارقَ بَيْنَهُمَا قَائِمٌ ؛ وَيَتَمَثَّلُ في تَقَدُّمِ الخَصِيْصَةِ النَّوعيَّةِ الأسَاسِيَّةِ لِلنَّصِّ ؛ سَوَاء كَانَتْ خَاصيَّةُ النَّثرِِ، في حَالَةِ النَّثرِ المَنْعوتِ بِالشِّعرِ ؛ النَّثر الشِّعريِّ ، أوْ تَقَدُّمِ خَاصِيَّةِ الشِّعرِ، في حَالَةِ الشِّعرِ المَنْثُورِ ، وَقَدْ اتَّسَمَتْ تَجَاربُ النَّثرِ الشِّعريِّ - بِشَكْلٍ عَامٍ - بِالنُّزوعِِ الرُّومَانسِيِّ الغِنَائِيِّ ، وَدَلَّتْ - بِتَعَدُّدِ مُبْدعِيْهَا - على أنَّها لَمْ تَكُنْ نِتَاجًا لِنزُوعٍٍ فَرْدِيٍّ أوْ مِزَاجٍ شَخْصِيٍّ ؛ بَلْ كَانَتْ تَوَجُّهَ مَرْحَلةٍ ؛ مُنشَقَّةٍ عن الاسْتِحكَامِ الكلاسِيكِيِّ الآليِّ ، وَمَدْفُوعَةٍ إلى تَخْليْقِ منَاخَاتٍ شَاعريَّةٍ حُرَّةٍ وَمُجَنَّحَةٍ بِأداءٍ غنَائِيٍّ مُتَدفِّقٍ .
وَعلى الرَّغمِ مِنْ أنَّ الشَّاعريَّةَ كَانَتْ طريقًا إلى الشِّعريَّةِ ، فَإنَّ التَّعامُلَ مَعَ اللغَةِ ، لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا ، في مَشْهَدِ النَّثرِ الشِّعريِّ ؛ فَبَيْنَمَا نَرَى الرِّيحَانِيَّ ذَا لُغَةٍ بِهَا شَيءٍ مِنَ الجَزَالَةِ وَالرَّصانَةِ وَالرَّنيْنِ الفَخِيْمِ وَالتَّأنُّقِِ اللفظيِّ ؛ وَهِيَ لُغَة ٌذاتَ صِلَةٍ عَميْقَةٍ بِالحُضُورِ الصَّوتيِِّ لِلغَةِ القُرَآنِ وَالنَّثرِ الفَنِّيِّ ، نَجِدُ أنَّ لُغَةَ السَّردِ أوْ الإنشَاءِ عِنْدَ جُبْرَان ذَاتَ وَشائِجَ قَويَّةٍ بِطَبيعَةِ الأداءِ الإبداعِيِّ في أسْفَارِ الكِتَابِ المُقدَّسِ ، بِعَاطِفيَّتِهَا وَتَدَفُّقاتِهَا وَتِكْرَاراتِهَا ؛ وَلذَا تَنْزَعُ إلى الشِّفَاهيَّةِ وَالتَّدفّقِ ، وَهَذَا مَا سَاعَدَ جُبْرَان على مُزَاوَلَةِ التَّصويْرِ- وَهُوَ الرُّكنُ الأسَاسِيُّ الَّذي يَعْتَمدُ عليْهِ - مَعَ التَّنغِيْمِ ، وَعلى طَريقَةِ جُبْرَان افْتتنَ الكَثِيرونَ مِنَ المُبْدِعِيْنَ ، وَمِنْهُمْ زُمَلاؤهُ في الرَّابِطَةِ القَلَمِيَّةِ ، وَمِنْ خَارجِهَا ، وَمِمْنْ افْتَتَنَ بِآليَّاتِ جُبرَان العَامةِ - مِنْ خَارجِ الرَّابِطَةِ القَلَميَّةِ -: مَيُّ زيَادَة ، غيْرَ أنَّهَا عَبَّرَتْ بِلُغَةٍ رَصِيْنَةٍ مُنْتخَََبةٍ بِعِنَايَةٍ شَديدَةٍ ، وَهِيَ لُغَةٌ - في مُعْظَمِهَا - ذَاتَ صِلَةٍ كَبيْرَةٍ بِالمَوْرُوثِ الأدَبيِّ العَتِيْقِِ ، دُونَ أنْ يُؤَثِِّرَ ذَلكَ على شَفَافيَّةِ الأسْلُوب ؛ حَيْثُ تَصْطَبِغُ اللغَةُ بِأجْوَاءِ الذَّاتِ المُبْدعَةِ ، وَهُوَ مَا نَجدُهُ كَذَلكَ في النَّثرِ الشِّعريِّ لإيليَّا أبِي مَاضِي ؛ حَيْثُ احْتَفَظَ بِشَيءٍ مِنَ الرَّصَانَةِ وَالرَّنيْنِ وَجَزَالَةِ التَّعبيْرِ ؛ نَظَرًا لِنَشْأتِهِ بِمِصْرَ ؛ الَّتي كَانَتْ تَشْهَدُ حَرَكَةَ إحْيَاءٍ قَويَّةٍ حِيْنَئذٍ (7) ، غَيْرَ أنَّ جُمْلَتَهُ - بِصِوَرِهَا وَتَرَاكِيبِهَا وَرَنِيْنِهَا التَّاريخِيِّ - كَانَتْ مُطَوَّعَةًً تَطْويعًا شِعْريًّا وَاضِحًا " لِشَاعريَّتِهِ ، وَلِمَيْلِهِ إلى أنْ يَسْتَخْرجَ بِالأنْغَامِ مَا يَجُولُ في نَفْسِهِ مِنْ انْفِعَالٍ قويٍّ (8) ، أمَّا نُعَيْمَه فَقَدْ تَعَامَلَ مَعَ اللغَةِ بِالرَّهَافَةِ الجُبْرَانيَّةِ ذَاتِهَا،غَيْرَأنَّ تفلْسُفَهُ - أحْيَانًا عَديدَةً - كَانَ يَقِفُ عَثَرَةً ، أمَامَ تَدَفُّقِ شَاعريَّةِ نَصِّهِ ، وَيُخْرجُهُ مِنْ حَرَارتِهِ العَاطِفيَّةِ إلى دَوَائرِ التَّأمُلِ ،الأمْرُ ذَاتُهُ يُلاحَظُ على النَّثرِِ الشِّعريِّ لَدَى مُصْطفى صَادق الرَّافِعيِّ ؛ حَيْنَ يُحَاولُ التَّفلْسُفَ ، بِالإضَافَةِ إلى إشْكَاليَّةٍ أخْرَى ، تَتَبَدَّى نَتِيْجَةَ تَقْديمِ الأدَاءِ اللغَويِّ على تَيَّارِِ الوِجْدَانِ ، وَتَبْدُو المُفَارَقَةُ مِنْ جَزالَةِ اللغَةِ المَصْنُوعَةِ ، حَتَّى في أشَدِّ التَّجَاربِ وِجْدَانيَّةً وَرَهَافَةً ، وَفي الوَقتِ الَّذي شَدَّدَ فيْهِ التَّيَّارُ الجُبْرَانِيُّ على التَّخَفُّفِ مِنَ الصَّنَاعَةِ اللغَويَّةِ ، وَتَقْديْمِ التَّدفُّقِ الوجْدَانِيِّ الحُرِّ، في خِطَابٍ يِتَوَاشَجُ فيْهِ المَنْظُورُ الرُّومَانسِيُّ وَالأدَاءُ الرُّومَانسِيُّ ، وَشَاعريَّةُ الرُّؤى ، وَالتَّهويْمَاتُ العَاطِفيَّةُ المُجَنَّحَةُ ؛ تَمَثُّلاً لِشِعْريَّةِ تَرْجَمَاتِ الكِتَابِ المُقَدَّسِ ، وَقَدْ بَرَزَ الحُضُورُ اللغَويُّ التَّاريخِيُّ جَديْدًا في المَشْهَدِ المِصْريِّ ، عَبْرَ تجربتيْنِ مركزيَّتيْنِ ، بأدَاءَيْنِ مختلِفَيْنِ ؛ هُمَا تجربَةُ مُصطفى لطفي المنفلوطِي ، وتجربة مصطفى صادق الرَّافِعِي ، وفي الأُوْلَى بَرَزَتْ عَاطفيَّةُ الأدَاءِ ؛ عَبْرَ تَشْكيلاتٍ لُغَويَّةٍ وَمُوسِيقيَّةٍ وَتَصْويريَّةٍ ، في خِطَابٍ يَنْزعُ إلى التَّدفُّقِ الوِجْدَانِيِّ الرُّومَانسِيِّ ، وَالتَّوَازيَاتِ الدَّلاليَّةِ وَالإيقاعيَّةِ ، بَيْنَمَا نَزَعَتْ تَجْربَةُ مُصْطَفى صَادق الرَّافِعي إلى التَّشديدِ على الحُضُورِ اللغَويِّ التُّرَاثيِّ ؛ الَّذي كَانَ يَعْلُو على الحُضُورِ الوجْدَانِيِّ أوْ يُغَلِّفُهُ أحْيَانًا ؛ فَقَدْ أوْلَى اللغَةَ عِنَايَةًَ كُبْرَى بِاعْتِبَارهَا مَادةً مُقدَّسَةً في حَدَِّ ذاتِهَا ، وَتَعَامَل مَعَهَا بِوَعْيٍ كِلاسِيْكيٍّ رَصِيْنٍ ؛ فَجَاءَتْ لُغَتُهُ المُنْتقَّاةُ ، مُحَمَّلَةً بِتَرَاكُمَاتِهَا التَّاريخيَّةِ وَوَسَائِلِهَا البَلاغيَّةِ ؛ الَّتي لَمْ تَتَجَاوزْ- في كَثيْرٍ - عَطَاءاتِهَا الدِّلاليَّةَ السَّابِقَةَ ، وَالوَاقعُ أنَّ أدَاءَهُ اللغَويَّ قَدْ وَقَفَ - في كثيْرٍ - حِجَابًا أمَامَ تَوقُّدِ الأجْوَاءِ الشُّعوريَّةِ ، وتَدَفُّقَاتِهَا وَتَحَوُّلاتِهَا المَوَّارَةِ ، وَعلى الرَّغْمِ مِنْ أنَّ شَكلَ النَّثرِ الشِّعريَِّ كَان وَليْدَ الانْبِعَاثَةِ الرُّومَانسِيَّةِ ، في مَشْهَدِ الأدَبِ العَرَبِيِّ ، وَفَاتِحَةً لِحَدَاثَةِ الخِطَابِ الأدَبيِّ ، فَقَدْ حَاولَ الرَّافِعيُّ وَصْلَهُ بِمَاضِي الصِّنَاعَةِ الفّنيَّةِ في النَّثرِ العَرَبيِّ .
وَالسِّمةُ الأسَاسِيَّةُ العَامةُ في مُنْجَزِ النَّثرِ الشِّعْريِّ هِيَ التَّشديْدُ على التَّدفُّقِ الوجْدَانِيِّ الرُّومَانسِيِّ ، في نَقَاوةٍ لُغَويَّةٍ ، وَإيْقَاعٍ بَاطِنيٍٍّ خَافِتٍ يَنْزَعُ إلى الانْتِظَامِ ، وَأدَاءٍ لُغَويٍّ يَتَخَفَّفُ - في مُعْظَمِهِ - مِنْ هَيْمَنَةِ الصِّنَاعَةِ الأدبيَّةِ التُّراثيَّةِ ، وَيَتَنَوَّعُ مَعَ التَّدفُّقِ الوجْدَانِيِّ ، وَتَتَبَدَّى فيْهِ كَثَافةُ التَّعبيْرِ، وَجُنُوحٌ إلى أنْسَنَةِ الطَّبيعَةِ وَأسْطرتِهَا ، وَرَمْزيَّةٌ شَفيْفَةٌ ، وَهَوَ مَا تَكْشِفُ عَنْهُ تَجَليَّاتُ النَّثرِ الشِّعريِّ التَّاليَةِ :


مَلامِحُ مِنَ النَّثرِ الشِّعريِّ

تَتَجلَّى مَلامِحُ شِعريَّةُ النَّثرِ الشِّعريِّ - بِوُضُوحٍٍ - بِمُعَاينَةِ بَعْضِ تَجَاربِهِ البَارزَةِ ، في مَشْهَدِهِ الإبْدَاعِيِّ ، وَمِنْهَا هذَا المَقْطَعُ ، مِنْ مُنَاجَاةِ أمين الرِّيحَانِي(9)(1876–1940) ، لأرْزِ لُبْنَان :

" رَفعْتُ حَجَرًا مِنْ حِجَارَةِ الطَّريقِ إلى فمي ، فقَبَّلتُهُ وَرَعًا حامِدًا آمِلاً ، قبلَ أنْ دَخَلتْ الظِّلالُ القُدسِيَّةُ .
" وَاسْتَغْفَرْتُ الأرْزَ لامْتهَانِي حُرْمَةَ عُزلتهِ ، هَذِهِ العُزْلة الفَريْدَة في أعَالي الجبَالِ فوْقَ وَكْرِ النُّسورِ ، وَرَاءَ حُجُبِ الآفاقِ .
اسْتَغْفَرْتُ الأرْزَ لأنِّي جئْتُ أشُقُّ أستارَ كعْبَتَه ، جئْتُ أسْتَكْشِفُ مَكنُونَ سِرِّهِ
" إيْه رَبَّةَ الأشْجَار ، وَسَيِّدةَ الجَبَلِ ، أنْتِ الرَّافعةُ أعْلامَكِ الخَضْرَاءَ ، بيْنَ هَذِهِ الصُّخورِ الدَّكناءِ ، بنْتُ الجَديْدَيْنِ ،وَأخْتُ القَمَرَيْنِ ، حَدِّثيْني ، حَدِّثيْني ، وَعَلِّميْني وَارْفَعي بي إلى عَليَاءِ إيْمَانكِ .
" قَدْ جِئتُكِ مُسْتَعِلمًا ، مُسْترفِعًا ،مُسْتمِدًّا مِنْ ينبوعكِ العَالي القُوَّةَ وَالحِكْمَةَ ."(10)
وَمِنْهَا هَذَا النَّصُّ ، لِجُبْرَان خَليْل جُبْرَان(11)( 1883 – 1931 ) :

" هُناكَ في وَسَطِ الحقلِ على ضَفَّةِ جَدْولٍ بلّوريٍّ ، رَأيْتُ قفصًا حَبَكَتْ ضُلوعَهُ يدٌ مَاهرَةٌ، في إحْدى زَوايَا القَفَصِ عُصْفورٌ مَيِّتٌ ، وَفي زَاويةٍ أخْرَى جُرْنٌ جَفَّ مَاؤهُ وَجُرْنٌ نَفَدَتْ بُذُورُهُ . فَوَقَفْتُ وَقَدْ امْتلَكَتْني السَّكيْنَةُ ، وَأصْغَيْتُ صَاغِرًا ، كَأنَّ في الطَّائرِ المَيِّتِ وَصَوْتِ الجَدْولِ عِظةٌُ تَسْتَنْطقُ الضَّميْرَ وَتَسْتَفْسِرُ القلبَ ، وَتَأمَّلتُ ، فَعَلْمتُ أنَّ ذلكَ العُصْفورَ الحَقيْرَ قَدْ صَارَعَ المَوْتَ عَطَشًا ، وَهُوَ بجانِبِ مَجَاري الميَاهِ ،وَغَالَبَهُ جُوعٌ ، وَهُوَ في وَسَط ِالحُقولِ ، الَّتي هِيَ مَهْدُ الحَيَاةِ كَغنِيٍّ أقْفلَتْ عليْهِ أبْوَابُ خَزَائنِهِ ، فَمَاتَ جُوعًا بَيْنَ الذَّهبِ . وَبَعْدَ هُنَيْهَةٍ رَأيتُ القَفَصَ قَدْ انْقلَبَ فَجْأةً ، وَصَارَ هَيْكلَ إنْسَانٍ شَفَّافًا ، وَتَحَوَّلَ الطَّائرُ المَيِّتُ إلى قلْبٍ بَشَريٍّ ، فيْهِ جُرْحٌ عَميْقٌ يقْطُرُ دَمًا قُرْمزيًّا ، وَقَدْ حَاكَتْ جَوَانبُ الجُرْحِ ، شَفَتَيْ امْرَأةٍ حَزيْنَةٍ ."(12)

وَمِنْهَا هَذَا المَقْطعُ ، مِنْ نَصِّ : مُسَاجَلَةِ الرِّمَالِ ، لِمَيِّ زيَادَة(13)(1886– 1941) :
"- الظَّلاُم يُولِّي هَاربًا، وَعَمُودُ الفَجْرِ يَكَادُ يَنْشَقُّ ، عَمَّا قليلٍ تُشْرقُ الشَّمسُ ، فَلا يَلبَثُ قُرْصُهَا أنْ يَنْقلِبَ أتُونًا يُصْليْنَا نَارَ السَّعيْرِ .

" - سِيَّانِ لدَيْنَا الليلُ وَالنَّهَارُ ، كُلّ يومٍ نَنْتَظِرُ مِنَ الظَّلامِ عُذوبةً تَحْتَ أنْوَارِ الكَوَاكبِ الوَاهيَةِ ، وَلَكنَّ حَرَارَةَ الشَّمْسِ تَظلُّ مُسْتَوْدَعةً في كيانِنِا فَنَلْبَثُ في اتِّقادٍ وَاضطرَامٍ يَوْمًا بَعْدَ يَوْم ٍ، وَلَيْلةً بَعْدَ ليْلةٍ .

"- إنَّمَا جَعَلَتْنَا الأقْدَارُ مُتَحَاذيَاتٍ مُتَلاصِقَاتٍ ؛ لِنَفْرِشَ هَذِهِ الأرْضَ ، وَتكوِّنَ مِنْهَا الصَّدأةَ المُحْتَرقَةَ ، يَتَّهمُونَنَا بأنَّ لَمْسََنَا يَشْوي اليَدَ وَالقَدَمَ شَيًّا ،وَلكِنْ ألَسْنَا نُعانِي في كيانِنَا المَقْدُورِ عَلَيْنَا مِنْ عَذابِ السَّعيْرِ؟ ، وَدَدْتُ لَوْ أنَّ لي دَمْعًا أذْرفُهُ مِنْ فرْطِ السَّآمَةِ وَالحَنَقِ وَالألَمِ ! .

" - طَالَمَا شَهِدْنَا الخَلائقَ تَهْبطُ عليْنَا ، وَقَدْ أضْنَاهَا التَّعبُ وَالوَصَبُ ؛ فنَفَقَ الحَيَوانُ على صَدْرِنَا ، وَمَاتَ الإنْسَانُ بَيْنَ يَدينا ، وَوَجَدَ كلٌّ مِنْهُمَا عِنْدَنا مَلْجَأً طبيعِيًّا يتلقَاهُمَا وَيَضُمُّهُمَا إليْهِ ،وَنَحْنُ الجَائعَاتُ الظَّامِئاتُ المُتْعَبَاتُ على الدَّوَامِ ، لَيْسَ لنَا مَنْ يَرْثِي لحَالنَا وَيَسْمَعُنَا ، نحنُ التَّائقاتُ إلى التَّفلُّتِ مِنْ حَالتِنَا الرَّاهِنَةِ ، لَيْسَ لنَا أنْ نَمْضِي في علومِنَا وَنَهْبطُ في مُسْتَقرٍّ غَيْرِ هَذَا، وَأتْعَبَنِي مِنْ هَذَا الوجودِ القاحِلِ في دَيْمُومَةِ السُّكوتِ وَالجُمُودِ ! .

" - كَمْ مِنْ حَرَكةٍ مُفَاجئَةٍ خَبرْتُ ، عنْدَمَا عَصَفَتْ بيَ السَّمُومُ في النَّهَارِ، أوْ الحَرَورُ في الليْلِ ،زَعَازعُ وَأنْوَاءٌ انْتَزَعَتْني في عُنْفٍ من مَقرِّي ، إلى مَقَرٍّ آخَرٍ ؛ فمَا كُنْتُ مُنْتَقلَةً إلاَّ مِنْ الرَّمضَاءِ إلى حَيْثُ السَّعيْرِِ دَائمٌ وَالأُوَارُ مُقِيمٌ ."(14)

وَمِنْهَا هَذَا المَقْطَعُ مِنْ نَصِّ : في العَاصِفَةِ ، لِمِيخائِيْل نُعَيْمَه(15)(1889 – 1988) :

"يَا اللهُ !
أمْسِ جَاءَني رَسُولُكَ نيْسَانُ وَعَلَى حِقْويْهِ مَنْطقةٌ مِنْ شَقائِقِ النُّعمَانِ وَالأُقْحُوانِ ، وَعَلى رَأسْهِ إكْليلٌ مِنَ النِّسريْنِ وَالوَزَالِ ، وَقَدْ لَفَّ ذرَاعيْهِ بالوَرْدِ وَاليَاسَميْنِ وَالرَّيحَانِ ، وَسَاقيْهِ بِالأرٍْز وَالسِّروِ وَالسِّنديانِ . وَكَانَ جَبيْنُهُ سَمَاوَاتٌ صَافيَةٌ زُرْقًا ، وَفي عيْنيْه شُمُوسٌ وَكَوَاكبُ وَأقْمَارٌ ، وَفي فيْهِ بَلابلُ وَحَسَاسِيْنُ وَشَحَاريرُ وَهَمْهَمَاتُُ ميَاهٍ كثيْرةٍ ،وَعَلى صَدْره بُحَيْرَاتٌ وَمُرُوجٌ ، وَفي رَاحَتيْهِ جَواهرُ
لاتَزَالُ مُغَلَّفَةً بالأسْرَار ، وَعَجَائبُ مَا بَرَحَتْ في الأكْمَامِ ، وَقدْ تَدَلَّتْ مِنْ أطْرَافِ بَنَانِهِ عُقُودٌ مِنَ الآمَالِ الخُضْرِ تُدغْدغُهَا وَشْوَشَاتُ نَسَمَاتٍ بلِيْلاتٍ . فمَا إنْ وَطِيءَ عَتَبةَ دَاري حَتَّى أعْشَبَتْ عَرَصَاتُهَا وَاخْضَلَّتْ ، وَكَانَتْ قبْلُ جُرْدًا وَيابسَةً . وَمَا إنْ اجْتازَ العَتَبةَ إلى الدَّاخِلِ حَتَّى أشْرَقتْ دَاري وَكَانَتْ عَابسَةً ، وَرَقَصَتْ حجَارَتُهَا وَكانَتْ جَامِدةً ، وَعبقَتْ بالطِّيبِ وَكانَتْ مَعْفُونَةً . وَمَا إنْ صَافحْتُهُ حَتَّى مَاعَ قلبي في دَاخِلي نِعْمَةً وَحُبُورًا.
" لَقَدْ وَدِدْتُ لَوْ يُقيْمُ الرَّسُولُ عِنْدي إلى الأبَدِ ، لكِنَّه كَانَ على سَفَرٍ، فمَا كَادَ يُسَلِّمُ حَتَّى رَاحَ يُودِّعُ . وَإذْ وَدَّعَني نَاوَلَني كَأسًا مِنْ المَاءِ الزُّلالِ وَقالَ :اشْرَبْهَا ؛ ففي شُرْبهَا الرِّيُّ كُلُّه .
وَانْصَرَفَ .
وَحيْنَمَا رَفَعْتُ الكَأسَ إلى شَفَتَيَّ ألْفَيْتُهَا مِلْحَةً كالدُّمُوعِ . فَوَضَعتُهَا جَانبًا . وَسَألتُكَ بحُرْقةِ العِطَاشِ وَحَيْرَةِ التَّائهيْنَ :
"دُمُوعُ مَنْ في الكَأسِ يَا اللهُ ؟"
"فمَا أعْطَيتَني جَوَابًا."(16)

وَمِنْهَا هَذَا النَّصُّ، بِعُنوان: لِمَاذَا تَذْهَبيْنَ إلى المَصِيْفِ، لإيليَّا أبي مَاضِي(17)(1891-1957) :
" إذَا خَرَجْتِ مِنْ المَدينَةِ فانْفضِي غُبَارَهَا عَنْ حِذائِكِ ،وَأطلِقي رُوحَكِ مِنْ سَلاسِلِ التَّصَنُّعِ وَالرِّيَاءِ وَالتَّكلُّفِ فيْهَا ، سَلاسِلِ المُجْتَمَعِ المَغْلوبِ على أمْرهِ ، المَأخُوذِ بسِحْرهِ المُدمِنِ الشُّربِ ؛ لئلاَّ يَصْحوَ مِنْ سُكْرهِ ... وَإذَا صِرْتِ في الخَلاءِ الحُرِّ تَحْتَ السَّمَاءِ الضَّاحِكةِ، فاسْتَقبلِي الهَوَاءَ وَالنُّورَ بمِلْءِ صَدْرِكِ ، وَبكُلِّ جَوَارحِكِ ، وَلا تَخَافي أنْ تَسْتَوْهِبي الطَّبيعَةَ الكثيْرَ مِنْهَا ؛ فلَيْسَ أحَبُّ إلى الطَّبيعَةِ مِنْ العَطَاءِ .
" عَرِّضِي وَجْهَكِ لِلشَّمسِ تَسْكُب عليْهِ ذَوْبًا سِحْريًّا .
"وَافْتَحي رِئَتيْكِ في الخَلاءِ الفَسِيْح تَمْتَلئَا هَوَاءً نَقيًّا .
" وَامْشِ بَيْنَ الأعْشَابِ البَليْلةِ وَالأزْهَارِ الجَميْلةِ ؛ فتَفيْض على أثْوَابكِ وَفي نَفْسِكِ عِطْرًا زَكيًّا .
" وَاصْغِي إلى هَمْسِ الجَدَاولِ وَخَريْرِ السَّواقي ؛ تَسْمَعِي وَحْيًا عُلويًّا
" وَلا تُهْمِلي الإصْغَاءَ إلى شَدْوِ الطُّيورِ عِنْدَ الأصِيْلِ ، وَزُرْقَةِ العَصَافيْرِ عِنْدَ الفَجْرِ ، فإنَّ لِلطُّيور لُغةً كُلّها شِعْرٌ وَكُلّها سِحْرٌ ."(18)

وَمِنْهَا هَذَا النَّصُّ - في وَصْفِ الصَّبَاحِ - لِنَسيْب عُرَيْضَة(19)( 1887 – 1946 ) :

"سَبَحَتْ خَيَالاتُ الصَّبَاحِ في أوقيانُوسِ الجَوِّ ، وَمَدَّتْ الشَّمْسُ يَدَيْهَا بآلافٍ مِنَ الأشِعَّةِ لعِنَاقِ جِسْمِ الأرْضِ ، فتَمَوَّجَتْ لُجَجُ الأثيْر بَيْنَ مَدِّ الألوَانِ وَجَزْرهَا، وَبَكَتْ الأرْضُ شَغَفًا وَسَعَادَةً لِلقَاءِ الشَّمْسِ ، فتَلألأتْ دُمُوعُهَا نُقَطًا ألمَاسِيَّةً مِنْ النَّدَى المُسْتلقيَّةِ على أرَاجيْحِ الأوْرَاقِ وَالبَرَاعمِ ، وَبَسَطتْ الظِّلالُ طنَافسَهَا المِخْمَليَّةَ تَحْتَ أرْوقَةِ الأشْجَارِ ، وَهَبَّ النَّسيمُ عَليْهَا مُتدفِّقًا آتيًا بسُرْعةٍ مِنْ الغَرْبِ كسَاعي بريدٍ مُسْتَعْجلٍ ؛ فأبْلغَ رَسَائلَهُ العِطريَّةََ المُرْسَلةَ مِنَ القمَمِ إلى السَّهلِ ؛ فَطَيَّبَ بأرِيْجِهَا الآفَاقَ . فلمََّا تَنَشَّقتْ البَلابلُ رَائِحَتَهَا نَاغَتْ وَسَبَّحَتْ بأصْوَاتهَا ؛ فهَزَّتْ أشْجَارَ الحُورِ رُءوسُهَا بعَظمَةٍ وَسَمَعَتُ في حَفيْفهَا أنَّاتِ طَرَبٍ وَحَنيْنٍ ، كَأنَّ في أصُولهَا تَحْتَ الثَّرى رُوحٌ طَرَوبٌ وَلوعٌ بالغِنَاءِ يَصْرُخُ مُسْتَعيدًا النَّشيدَ ، وَيَسْتَحلفُ الشَّادي ألاَّ يَكُفَّ ."(20)
وَمِنْهَا هَذَا المُجْتَزَءُ ، لِمُصْطَفى لُطْفِي المَنْفلُوطِي(21)(1872-1924) ، مِنْ نَصٍّ بِعُنْوَانِ : أرْبَعُون :
" سَلامٌ عليكَ أيُّهَا المَاضِي الجَميلِ ، لقَدْ كُنْتَ ميدانًا فسيحًا للآمَالِ وَالأحْلامِ ، وَكُنَّا نَطيرُ في أجْوائِكَ البديعَةِ الطَّلقةِ غَاديْنَ رَائحيْنَ طيَرَانَ الحَمَائِمِ البَيْضَاءِ في آفَاقِ السَّمَاءِ ، لا نَشْكُو وَلا نَتَألَّمُ وَلا نَضْجَرُ وَلا نَسْأمُ ؛ بَلْ نَعتقدُ أنَّ في العَالَمِ هُمُومًا وَآلامًا ، وَكانَ كُلُّ شَيءٍ في نَظَرِنَا ؛ جَميْلاً حَتَّى الحَاجَةَ وَالفَاقةَ ، وَاحْتِمَالَ أعْبَاءِ الحَيَاةِ وَأثْقالِهَا ، كَانَ كُلُّ مَنْظَرٍ مِنْ مَنَاظركَ قَدْ لَبسَ ثوْبًا قشِيبًا مِنْ نَسِيجِ الزَّهْرِ الأبْيَضِ ؛ فَأصْبَحَ فِتْنَةَ الأنْظارِ ، وَشَرَكَ الألبَابِ!
وَكَانَ يُخيَّلُ إلينَا أنَّ الزَّورَقَ الجَميْلَ الَّذي يَنْحَدرُ بنَا في بُحيرتِكَ الصَّافيَةِ الرَّائقَةِ سَيَسْتَمرُّ في طَريْقِهِ مُطَّردًا مُنْدفِعًا لا يَعْتَرضُهُ مُعْتَرضٌ ، وَلا يَلْوي بهِ عَنْ طَريْقهِ لاَوٍ ،إلى مَالا نِهَايَةَ لاطِّرَادِهِ وَتَدَفُّعِهِ .
وَكَانَ كُلُّ مَا نُعَالجُ فيْكَ مِنْ آلامٍ وَهُمُومٍ ، أنْ يَكونَ لَنَا مَأرَبَانِ مِنْ مَآربِ الحَيَاةِ ؛ فَنَظْفَرُ بأحَدهِمَا وَيَفُوتُنَا الآخَرُ أوْ غَرَضَانِ مِنْ أغْرَاضِهِمَا ؛ فنَصِل إلى القَريْبِ ، وَنَبيْتَ دُونَ البَعيْدِ .

" سَلامٌ عَليكَ أيُّهَا الشَّبَابُ الذَّاهبُ ، سَلامٌ على دَوْحَتكَ الفيْنَانَةِ الغَنَّاءِ ؛ الَّتي كُنَّا نَمْرَحُ في ظِلالِهَا ، مَرَحَ الظِّبَاءِ العُفْرِ في رَمْلتِهَا الوَعْثَاءِ ، نَنْظُرُ إلى السَّمَاءِ فَيُخَيَّلُ إلينَا أنَّهَا مَفْدَى وَمَرَاح لنَا ، وَإلى الآفاقِ البَعيْدَةِ فيُخَيَّل إلينَا أنَّهَا مَجْرَى سَوَابقِنَا وَمَجرُّ رِمَاحِنَا، فَكَانَ العَالَمُ كُلُّهُ مَمْلكَتَنَا الوَاسِعَةَ العَظيْمَةَ الَّتي نُسَيْطرُ عَليْهَا وَنَتَصَرَّفُ في أيِّ أقْطَارِهَا شِئْنَا .

" أبْكيْكَ لأنِّي كُنْتُ أرَى في سَمَائِكَ نَجْمَ الأمَلِ لامِعًا مُتلألِئًا يُؤْنِسُنِي مَنْظَرُهُ وَيُطْربُنِي لأْلاؤهُ ، وَيَنْفَذُ إلى أعْمَاقِ قلبي شُعَاعُه المُتَوَهِّجُ المُلْتَهِبُ ، فلَمَّا ذَهَبْتَ ذَهَبَ بذهَابكَ ؛ فأصْبَحَ مَنْظَرُ تِلكَ السَّمَاءِ مَنْظَرَ فلاةٍ مُوْحِشَةٍ مُظْلِمَةٍ لا يُضِيئُهَا كَوْكَبٌ وَلا يَلْمَعُ فِيْهَا شُعَاعٌ ."(22)

وَمِنْهَا هَذَا المُجْتَزَءُ، لِمُصْطَفى صَادِق الرَّافِعيِّ(1880– 1937)، مِنْ نَصٍّ بعُنْوَان: زُجَاجَة العِطْر :
" يَا زُجَاجَةَ العِطْرِ اذْهَبي إليْهَا ، وَتَعَطَّري بمَسِّ يَديْهَا وَكُوني رِسَالةَ قلبي لَدَيْهَا وَهَا أنَذَا أنْثُرُ القُبُلاتِ على جَوانِبكِ ؛ فمَتَى لَمَسَتْكِ فضَعِي قُبْلَتي على بَنَانِهَا ، وَألقيْهَا خَفَيَّةً ظاهِرَةً ؛ في مثْلِ حُنُوِّ نَظْرتِهَا وَحَنَانهَا ، وَألْمِسِيْهَا مِنْ تلكَ القُبلاتِ مَعَانيَ أفْرَاحِهَا في قلبي وَمَعَانيَ أشْجَانِهَا. وَهَأنَذَا أصَافِحُكِ ؛ فمَتَى أخَذَتْكِ في يَدِهَا فكُوني لَمْسَةَ الأشْوَاقِ ، وَهَأنَذَا أضُمُّكِ إلى قلبي ؛ فمَتَى فتَحَتْكِ فانْثُري عليْهَا في مَعَانيَ العِطْرِ لَمَسَاتِ العِنَاقِ .
إنَّهَا الحَبيْبَةُ يَا زُجَاجَة العِطْرِِ ؛ وَمَا أنْتِ كَسِوَاكِ مِنْ كُلِّ زُجَاجَةٍ مُلِئتْ سَائلاً ، وَلا هِيَ كَسِوَاهَا مِنْ كُلِّ امْرَأةٍ مُلِئَتْ حُسْنًا ؛ وَكَمَا افْتَنَّتْ الصِّنَاعَةُ في إبْدَاعِكِ وَاسْتِخْرَاجِكِ افْتَنَّتْ الحَيَاةُ في جَمَالِهَا وَفتْنَتِهَا .
وَأنْتِ سَبيْكَةُ عِطْرٍ ، كُلُّ مَوْضِعٍ مِنْكِ يَأرَجُ وَيَتَوَهَّجُ ؛ وَهِيَ سَبيْكةُ جَمَالٍ ، كُلُّ مَوْضِعٍ فيْهَا يَسْْتَبي وَيَتَصَبَّي !.
وَمَا ظَهَرَتْ مَعَانيْكِ إلاَّ أفْعَمَتْ الهَوَاءَ مِنْ حَوْلكِ بالشَّذَا ، وَلا ظَهَرَتْ مَعَانيْهَا إلاَّ أفْعَمَتْ القُلُوبَ مِنْ حَوْلِهَا بالحُبَِّ .
وَكِلتَاكُمَا لا تَمَسُّ أحَدٌ مِنْهَا مَسَّةً إلاَّ تلبَّسَ بهَا ؛ فلا يَسْتَطيعُ أنْ يَخلُصَ مِنْهَا وَلا يَسْتَوي لَهُ أنْ يَخْلُصَ مِنْهَا .
قُولي لَهَا يَا زُجَاجَةَ العِطْرِ، إنَّكِ خَرَجْتِ مِنْ أزْهَارٍ ؛ كَأنَّهَا شُعَلٌ نَبَاتيَّةٌ ، وَكَانَتْ في الرِّيَاضِ على فُرُوعِهَا ؛ كَأنَّمَا تَجَسَّمَتْ مِنْ أشِعَّةِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ ، فلَمَّا ابْتَعْتُكِ وَصِرْتِ في يَدِي، خَرَجَتِ مِنْ شُعَلٍ غَرَاميَّةٍ ، وَأصَبَحَتِ كَأنَّمَا تَجَسَّمَتِ مِنْ أشْوَاقي وَتَحيَّاتي وَلَمَسَاتِ فكْري ؛ وَلذَلكَ أهْدَيْتُكِ .."(23)

وَمِنْهَا هَذَا النَّصُّ ، لإبرَاهيم عبد القَادر المَازنيِّ (24)(1890 – 1949) :

" رَقدْتُ على الرِّمَالِ وَجَعَلْتُ عينيَّ قيْدَ هَذِهِ السَّمَاءِ المَجْلوَّةِ الَّتي لا تَعْرِفُ فَنَّ الإمْطارِ ، وَكَانَ القَمَرُ طَالِعًا ، وَلكِنَّهُ باهِتٌ كَابي الضَّوْءِ ، كالذِّكرى ، يُغْري بالوُجُوم ، وَلا يُشيْعُ في النَّفسِ حَرَارَةً ، وَهُنَا فوْقي عُصَيْفيْرٌ حَطَّ على صَخْرَةٍ .. هُنَاكَ !
هُناكَ حَيْثُ لَمْ أكُنْ أجْلسُ وَحْدِي ! ، وَانْطَلَقَ يُغَرِّدُ . آهٍ لَوْ عَلِمْتَ عُصَيْفيرِي أنَّ صَوْتَكَ كَانَ يَكُونُ أصْفَى ، وَتَغْريْدُكَ أحْلَى وَأشْجَى.. وَلكِنَّ عَيْنَهَا لَنْ تُفْتَحََ على هَذِهِ السَّمَاءِ ، وَسَمْعَهَا لنْ يَرُدَّهُ هَذَا الغِنَاءُ ."(25)

إنَّ هَذِهِ النُّصوصَ تَكْشِفُ ، بِوُضُوحٍ ، عَنْ تَدَاخُلاتِ آليَّاتِ الشِّعرِ، في خِطَابِ النَّثرِ الشِّعريِّ تَدَاخُلاتٍ عَمِيْقةٍ ؛ تَتَمَثَّلُ في التَّوسُّعِ في التَّسَايُلِ الوجْدَانِيِّ ، وَالتَّخييْلِ ، وَالغِنَائيَّاتِ ، وَشَاعريَّةِ الحَالَةِ ، وَالتَّصويْرِ ، وَالبُنَى المَجَازيَّةِ ، وَتَكْثِيْفِ اللغَةِ ، كَما تَكْشِفُ عَنْ حَالاتٍ شِعريَّةٍ خَالصةٍ في خِطابٍ نَثْرِ شِعْريٍّ ، بِقَدْرِ مَا يَنْتَمِي إلى جِهَةِ النَّثرِ فإنَّهُ يَتَّصِفُ بِشِعْريَّةٍ عاليَةٍ ، تَتَوَاشجُ في خِطَابِهِ الحُرِّ، وَتَسِمُهُ بِطَبيْعَةٍ أجْنَاسِيَّةٍ خَاصَّةٍ ، وَتَضَعُهُ في مُقدِّمَةِ الطَّريْقِ لِصَهْرِ مَا سُمِّيَ بِالنَّثرِ مَعَ مَا سُمِّيَ بِالشِّعرِ ، في شَكْلٍ جَامِعٍ وَجَديدٍ .


خَاتِمَةٌ

الَّذي لا شَكَّ فيْهِ أنَّ حَرَكةَ النَّثرِ الشِّعريِّ لَمْ تَكُنْ مَحْضَ تَمْهيدٍ لِحَرَكةِ الشِّعرِ المَنْثُورِ - رَغْمَ كَوْنِهَا في جَانِبٍ مُهِمٍّ مِنْهَا هَكَذَا - ؛ فَقَدْ عَاشَتْ حَرَكةُ النَّثرِ الشِّعريِّ ، شَكْلاً إبْدَاعيًّا لَهُ طَرَائقُهُ الخَاصَّةُ في اعْتِمَادِ آليَّاتِ وَطَاقَاتِ الشِّعريَّةِ بِعَنَاصِرِهَا المُصْطَفاةِ ، ثُمَّ عَاشَتْ مُتَجَاورَةً مَعَ حَرَكَةِ الشِّعرِ المَنْثُورِ ؛ بِاعْتبَارِِهَا شَكْلاً مُسْتقلاًّ ؛ وَإنْ كَانَتْ تَنْهَضُ على اسْتِخْدَامِ طَاقَاتٍ وَإجْرَاءَاتٍ هِيَ نَفْسُهَا الَّتي يَسْتَخْدِمُهَا الشِّعرُ المَنْثُورُ ، مَعَ مُلاحَظَةِ أنَّهُ في حَالَةِ النَّثرِ الشِّعريِّ تَتَفوَّقُ العَنَاصِرُ النَّثريَّةُ على العَنَاصِرِ الشِّعريَّةِ ، في تَشْكيْل بُنَى النَّصِّ ، أمَّا في حَالةِ الشِّعرِ المَنْثُورِ فَإنَّ عَمليَّةَ التَّفاعُلِ بَيْنَ العَنَاصِرِ الشِّعريَّةِ وَالعَنَاصِرِ النَّثريَّةِ - في حَيِّزِِ النَّصِّ - تَنْتَهِي لِصَالِحِِ العَنَاصِرِِ الشِّعريَّةِ على مَا عَدَاهَا مِنْ عَنَاصِرَ بنَائيَّةٍ مُتَآزرَةٍ أوْ مُتَنَافِسَةٍ في فَضَاءِ النَّصِّ .
وَبالتَّالي فَلَيْسَ مِنَ المَعْقُولِ اعْتِبَار النَّثرِ الشِّعريِّ وَالشِّعر المَنْثُور وَجْهَيْنِ لِعُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ ؛ لأنَّهُمَا - في الحَقيْقَةِ - مَسْعَيَانِِ مُتَآزرَانِ ؛ لاكْتِشَافِ الشِّعرِ خَارَجَ حُدودِ النَّظمِ المُتَعَارَفِ عليْهَا ، وَالجَديْرُ بِالذِّكرِ هُنَا أنَّ طَائفَةًً مِنْ مُؤَسِّسي النَّثرِ الشِّعريِّ المُبْدِعيْنَ قَدْ أرْسَوا القَوَاعِدَ الأوْلى لِمَشْرُوعِ الشِّعرِ المَنْثُورِ، وَمِنْهُمْ : أمِين الرِّيحَانيُّ وَجُبْرَان خَليْل جُبْرَان وَمَيُّ زِيَادَة ، وَإذَا كَانَ النَّثرُ الشِّعريُّ يَسْتقلُّ عَنْ الشِّعر ِالمَنْثُورِ ؛ فَإنَّهُ - مِنْ قَبْلُ - سَيَسْتَقِلُّ عَنْ النَّثرِ الفَنِّيِّ ، أمَّا قَصِيدَةُ النَّثرِ فَهِيَ ذِرْوَةُ الطُّموحِ الَّذي تَفجََّرَ مَعَ مَشْرُوعِ النَّثرِ الشِّعريِّ ، وَلكنَّ ذَلكَ لَمْ يَكُنْ لِيَتمَّ إلاَّ بَعْدَ أنْ يَتَحَوَّلَ النَّثرُ، إلى شِعْرٍ، وَهَكَذَا كَانَ الانْتِقَالُ مِنْ النَّثرِ الشِّعريِّ ، إلى الشِّعرِ المَنْثُورِ ، فَالشِّعرِ الحُرِّ ، وَأخِيْرًا إلى قَصيدَةِ النَّثرِ؛ الَّتي سَيَتَحوَّلُ الشِّعرُ فيْهَا إلى قَصِيدَةٍ ، وَهُوَ مَا يَعْنِي التَّحوُّلُ مِنْ التَّدفُّقِ المَحْلُولِ وَالتَّدَاعيَاتِ الحُرَّةِ إلى التَّبنيُنِ وّالإحكَامِِ ؛ ففي قَصِيدَة النَّثرِ، سَيَصِلُ التَّكثيفُ الشِّعريُّ إلى أقْصَاهُ ، في مَادةِ النَّثرِ الخَامِ ؛ مُؤسِّسًا خِطابًا مُتَمَاسِكًا ، مُقْتَصِدًا وَصُلْبًا ، في بنَاءٍ مُكَثَّفٍ وَمُحْكَمٍ وَخَاصٍّ ، يَشِي بِهَيْمَنَةِ الوعي بِالبِنْيَةِ ، وَبالانْفِتَاحِ على عَوَالمَ بنائيَّةٍ مِعْمَاريَّةٍ ، تَتَخَطَّى دَائرَةَ الوجْدَانيَّاتِ المَحْلُولَةِ الحُرَّةِ .
وَهَكَذَا كَانَ النَّثرُ الشِّعريُّ ، هُوَ المَجْلَى الأوَّلُ لِمَشْروعِ شِعْرِ النَّثرِ، وَهُوَ المَجَالُ المُمَهِّدُ وَالمُسَوِّغُ لِقَصيدَةِ النَّثرِ ؛ فَكَانَ بِحَقٍّ " أوَّلَ مَظْهَرٍ لِلتَّمرُّدِ ضَدَّ القَوَاعِدِ القَائِمَةِ ، وَالطُّغيَانِ الشَّكليِّ ؛ الَّذي مَهَّدَ لِمَجيءِ قَصِيدَةِ النَّثرِ؛ وَبِذَلكَ سَنَنْتَقلُ مِنْ النَّثرِ الشِّعريِّ ؛ الَّذي لا يَزَالُ نثرًا ، إلى قَصِيدَةِ النَّثرِ ؛ الَّتي هِيَ قَبْلَ كُلِّ شَيءٍ قَصِيدَةٌ ".(26)

الإحَالاتُ وَالتَّعلِيقَاتُ

(1) مِنْهَا :" المُوَازَنَةُ ، وَتكرَارَاتُ العِبَارَاتِ وَالكَلمَاتِ ، وَاسْتِخْدَامُ الشَّكلِ المَقْطَعِيِّ ، وَاللوَازِمُ ، وَأسَاليْبُ التَّعَجُبِ ، وَالكَلِمَاتُ المُتَتَابِعَةُ ؛ الَّتي تَبْدَأُ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ ، وَالكَلمَاتُ المُتَشَابِهَةُ في حُرُوفِ العِلَّةِ الدَّاخِليَّةِ .." : س . مُوريه – الشِّعرُ العَرَبِيُّ الحَديْثِ : 1800 – 1970 – تَرْجَمَة: د. شَفيع السَّيد ، ود. سعد مصلوح – دار الفِكْر العَرَبِي – القاهرة – 1986 – ص ص : 425 – 426 .
(2) سوزان برنار- مَدْخَل إلى قَصِيْدَة النَّثرِ: مِنَ النَّثرِ الشِّعريِّ إلى قَصِيدَةِ النَّثرِ- تَرْجَمَة : رَاويَة صَادق - مجلَّة: (فُصُول) - المُجَلََّد الخامِس عَشَر، العَدَدُ الثَّالث - خَريف 1996- ص :185 .
(3) الشِّعر العَرَبِيُّ الحَديْثُ : 1800 - 1970 - سابق - ص : 472 .
(4) أدُونيس - في قََصِيدَةِ النَّثرِ- مجلَّة :(شِعْر) - العَدَد الرَّابع عَشَرَ- ربيع1960- ص:75 .
(5) حاتم الصَّكر - قَصِيدَةُ النَّثر - مجلَّة:( فُصُول) -خَريف 1996 - ص : 78 .
(6) رَاجِعْ على سَبيْلِ المِثَالِ: (هَوَاجِس- قَصِيدَة مَنثُورَة) لِحُسَين فوزي - صَحيْفَة: (السُّفور) - العَدَد السَّادِس ، مِنَ السَّنَةِ الخَامِسَةِ - 11 ديسمبر1919، (نَفْسِي - قَصِيدَة مَنثُورَة) ، لِمَحمود تيمور - صَحِيفة: (السُّفور) 27 يوليو 1919 - ص :3 ، وَلِتيمور أيْضًا: (الزَّهْرَة العَاشِقَة): قِطْعَةٌ مِنَ الشِّعرِ المَنثُورِ ، صَحِيْفَة :(السُّفور)- 6 نوفمبر 1919- ص ص : 5- 6 ، وَيَظْهَرُ الالتِبَاسُ أيْضًا في إدْرَاجِ مُصْطَفى صَادق الرَّافِعي ، ضِمْنَ مُبْدِعِي الشِّعر المَنْثُورِ ؛ غَيْرَ أنَّ إسْهَامَ الرُّجُلِ يُدْرَجُ ، ضِمْنَ مَفْهُومِ النَّثر الشِّعريِّ ، كَمَا أنَّهُ - هُوَ نَفْسُهُ - هَاجَمَ فِكْرَةَ الشِّعرِ المَنثُورِ، وَيَتَجَلَّى نَثْرُهُ الشِّعريًّ بِشَكْلٍ خَاصٍّ في : حَديْثِ القَمَر :1912- المَسَاكيْنِ : 1917- السََّحَابِ الأحْمَرِ: 1924- رَسَائلِ الأحْزَانِ : 1924- أوْرَاقِ الوَرْدِ :1930. وَمِمَّنْ تَأثَّروا بِطريْقَتِهِ ، في الجِيْلِ التَّالي مِنْ كُتَّابِ مجلَّة :(الرِّسَالَةِ) سَعيد العِريَان ، كامِل محمود حَبيب ، عليّ الطَّنطاويّ ، محمَّد محمود شَاكر، عبد اللهِ كنون الحُسِينيّ .
(7) عبد الكَريم الأشْتَر – النَّثرُ المَهْجَريُّ : كُتَّابُ الرَّابطَةِ القَلَميَّةِ – الجُزْءُ الأوَّلُ – معهد الدِّراسات العربيَّة العَاليَة - طبعة لجْنَة التَّأليف وَالتَّرجَمَة وَالنَّشر – 1960 – ص : 225.
(8) السَّابق – ص : 227 .
(9) أمين الرِّيحاني (1876 – 1940) ، وُلِدَ في قريَةِ "الفريْكَةِ "؛ مِنْ قَضَاءِ المَتْنِ في لُبنان ، وَتعلَّم اللغةَ العَربيَّةَ وَالفَرَنسِيَّةَ ، ثُمَّ انْتَقلَ إلى نيويورك سنة 1888 ؛ وَهُوَ في الثَّانيَة عَشْرَةَ مِنْ عُمْرِهِ ، في صُحْبةِ عَمِّهِ ، وَاشْتَغَلَ بالتِّجَارَةِ وَظَلَّ يُوَاصِلُ تثقيْفَهُ ، وَجَنَحَ إلى فَنِّ التَّمثِيلِ فَتْرَةً قليْلَةً ثُمَّ هَجَرَهُ ، وَعَادَ إلى مَوْطِنِهِ الفريْكَةِ " سَنَةَ 1898 ، وَفيْهَا بَدَأ تَرْجَمَةَ " لِزُوم مَا لا يَلزَم"لأبي العَلاءِ المَعرِّيِّ ، ثمَّ نَشَرَهُ في نيويوركَ ، فَكَانَتْ بِدَايَة شُهْرَتِهِ ، وَعَادَ مِنَ الولاياتِ المُتَّحِدَةِ - مَرَّةً أخْرَى – إلى لُبنان ، وَظَلَّ يَكْتُبُ وَيَنْشُرُ في الصُّحفِ وَالمَجلاَّتِ العَربيَّةِ وَالإنجليزيَّةِ وَيَخْطُبُ في الأنْديَةِ الأدبيَّةِ وَالمَدَارسِ وَالمَحَافِلِ العَربيَّةِ . وَمِنْ آثارِه ِ: الرِّيحَانيَّاتُ – زَنْبَقَةُ الغَوْرِ – القَومِيَّاتُ – النَّكَبَاتُ – المَكَاري وَالكَاهِنُ .
(10) عَنْ :(أمين الرِّيحَانِي)، لِعيسى مِيخائيل سَابا – دار المعارف ، بِمِصْرَ– الطَّبعة الثَّالثة - ص : 83 ،: قِصَّةُ الأدَبِ المَهْجَري ، لِلدُّكتور محمَّد عبد المُنعم خفاجي – دار الكتاب اللبنانِي – بيروت – 1986- ص :164.
(11) جُبْرَان خَليْل جُبْرَان (1883–1931) أصْلُهُ مِنْ دِمَشْق ، نَزَحَ أسْلافُهُ إلى بَعلبَك بِلُبنان ، ثمَّ إلى قريَةِ بشْعَلا، ثمَّ قريَةِ بُشْرَى؛ الَّتي وُلِدَ فيْهَا جُبْرَان . تَعَلَّمَ في بيروت ، ثمَّ أقَامَ عِدَّةَ أشْهُرٍ بِبَاريسَ ، ثمَّ ارْتَحَلَ إلى الولايَاتِ المُتَّحدةِ الأمَرْيكيَّةِ سَنَةَ 1895 ،وهُوَ في الثَّانيَة عَشَرَة مِنْ عُمْرِهِ ، مَعَ بَعْضِ أقَاربِهِ ، ثمَّ عَادَ إلى بيروت ؛ حَيْثُ أقَامَ فيْهَا أرْبَعَ سَنَوَاتٍ تَابَعَ فيْهَا تَعلُّمَ اللغَةَ العربيَّةَ ، ثمَّ سَافَرَ إلى بَاريسَ 1908 ؛ فَمَكَثَ ثَلاثَ سَنَواتٍ ، حَصَلَ بَعْدَهَا على إجَازَةِ الفُنونِ في التَّصويْرِ ، ثمَّ انْتَقَلَ إلى أمريكا ؛ فَمَكَثَ في نيويوركَ حَتَّى وَفاتِهِ ، في سِنِّ الثَّانيَةِ وَالأرْبَعيْنَ ، نُقِلَ جُثْمَانُهُ إلى مَسْقَطِ رَأسِهِ في لُبنان . لَهُ مَجْمُوعَةٌ كبيْرَةٌ مِنَ اللوحَاتِ وَالمُؤلَّفَاتِ ، منها : دَمْعَةٌ وَابْتِسَامَة - الأجْنَحَةُ المُتَكَسِّرَةُ - العَوَاصِفُ - البَدَائِعُ وَالطَّرَائِفُ - النَّبيُّ - عَيْسَى بن الإنْسَان - عَرَائِس المُرُوجِ - المَوَاكِبُ .
(12) المَجْمُوعَةُ الكَامِلَةُ لِمُؤلَّفَات جُبْرَان خَليْل جُبْرَان العَربيَّة – بيروت – 1964 – ص:259.
(13) مَيُّ زِيَادَة ( 1886– 1941) ، ابْنَةٌ وَحِيْدَةٌ لأبٍّ مِنْ لُبنان وَأمٍّ سُوريَّةِ الأصْلِ فلسْطينيَّةِ المَوْلِدِ . وُلِدَتْ مَيُّ في النَّاصِرَةِ بِفَلسْطيْن ، وَفيْهَا تَلقَّتْ تَعْليْمَهَا الابْتدِائيَّ ، ثُمَّ تلقَّتْ تَعْليْمَهَا الثَّانويَّ في عينطُورةِ بِلُبنان ، وفي سنةِ 1907 انْتَقَلَتْ مَعَ وَالديْهَا إلى مِصْرَ ؛ حَيْثُ بَدَأتْ حَيَاتَهَا الأدبيَّةَ في سِنِّ السَّادسَة عَشْرَة ، وَأصْدَرَتْ دِيْوَانَهَا الأوَّلَ : أزْهَارَ الحُلْمِ ، بِالفَرنْسِيَّةِ ، سَنَةَ 1911، وَبَدَأتْ الكِتَابَةَ بِالعَربيَّةِ مُنْذُ سَنَةِ 1915، وَعَمِلَتْ بِتَدْريسِ اللغَتَيْنِ:الفََرَنسِيَّةِ وَالإنْجِليزيَّةِ ، كَمَا كَانَتْ تُجِيْدُ الإيْطَاليَّةَ وَالألمَانيَّةَ ، وَكَانَ لِنَدْوتِهَا الأسْبُوعيَّةِ:" نَدْوَةِ الثُّلاثَاءِ " تَأثيْرٌ قَويٌّ ؛ حَيْثُ كَان يَؤمُّهَا كِبَارُ الكُتَّابِ ، وَقَدْ تَعَلَّقَ بَعْضُهُمْ بِهَا ، غَيْرَ أنَّهَا كانتْ مَأخُوذَةً بِجُبْرَان وَحْدَهُ ؛ رَغْمَ أنَّهُمَا لَمْ يَلْتَقيَا أبدًا ؛ إلاَّ في الرَّسَائلِ فيْمَا بَيْنَ 1911-1931. لَمْ تَتَزَوَّجْ ، وَبَعْدَ مَوْتِ أبِيْهَا مَاتَتْ أمُّهَا ، فَسَحَقَتْهَا الوِحْدَةُ وَالأحْزَانُ ؛ حَتَّى اخْتَلَطَ عَقلُهَا، فَأُودِعَتْ في مَصَحَّةٍ نَفْسيَّةٍ بِلُبنان ، حَتَّى طَالَبَ الكثيرُونَ - وَمِنْهُمْ : أميْن الرِّيحَانِي – بِخُروجِهَا؛ فأُعِيْدَتْ ، وَمَاتَتْ بِالمَعَادِي ، وَدُفِنَتْ بِالقَاهِرَةِ ، تَاركةً مُؤلَّفَاتٍ عَديدَةً مِنْهَا : مَدٌّ وَ جَزْرٌ - ظَُلُمَاتٌ وَأشِعَّةٌ - كَلِمَاتٌ وَإشَارَاتٌ - ابْتِسَامَاتٌ وَدُمُوعٌ - بَاحِثَةُ البَاديَةِ .
(14) مَيُّ – مُسَاجَلَةُ الرِّمَال – مجلَّة:(الرِّسَالة) – 15 أبريل 1935 – ص : 563 .
(15) مِيْخَائيل نُعَيمه (1889– 1988) ، وُلِدَ في بسْكنتَا ، في لُبنان ، وَدَرَسَ في النَّاصِرَةِ وَرُوسيا ، وَهَاجَرَ إلى الولايَاتِ المُتَّحدَةِ الأمْريكيَّةِ سَنَةَ 1911 ، وَهُوَ مِنْ مُؤَسِّسي الرَّابِطَةِ القَلَميَّةِ مَعَ جُبْرَان ، وَهُوَ المُقعِّدُ لاتِّجَاهِهَا الجَمَالِيِّ في كِتَابِهِ: الغِرْبَالِ ، وَقَدْ عَادَ إلى لُبنان سَنَةَ 1932- بَعْدَ وَفَاةِ جُبْرَان - حَيْثُ أقَامَ بِمَسْقَطِ رَأسِهِ : بسْكنتَا ، وَعُرِفَ بِنَاسِكِ الشَّحرُوبِ ، وَمُؤلَّفَاتُهُ عَديدَةٌ مِنْهَا : الغِرْبَالُ - البَيَادِرُ- هَمْسُ الجُفُون - مُذَكِّرَاتُ الأرْقَشِ - الآبَاءُ وَالبَنُونَ – سَبْعُونَ ، وَلَهُ بِالإنْجليزيَّةِ : مِرْدَاد .
(16) مِيخائيل نُعَيمَه – البَيَادِر – دارُ المَعَارف بِمِصْر – 1945 – ص ص : 7- 8 .
(17) إيليا أبو ماضي (1891-1957) ، وُلِدَ في المُحَيدثَةِ بكفيَا في لُبنان ، وَارْتَحَلَ إلى مِصْرَ في سَنَةِ 1903، وَقَضَى بِهَا ثَمَانِيَ سَنَوَاتٍ ، ثمَّ هَاجَرَ إلى نيويوركَ سَنَةَ 1911 ، وَعَمِلَ بِالتِّجَارَةِ ، وَانْضَمَّ إلى الرَّابطَةِ القلَميَّةِ سَنَةَ1920 ؛ حِيْنَ تأسَّسَتْ ، وَأنْشَأَ صَحيْفَةَ: السَّميْرِ ، بَيْنَ عاميْ :1929-1957، بَعْدَ : مِرآةِ الغَرْبِ ؛ الَّتي كَانَ يُحرِّرُهَا فيْمَا بَيْنَ : 1917- 1928 ، وَمِنْ آثارِهِ الشِّعريَّةِ : الجَدَاولُ - الخَمَائِلُ – تَذْكَارُ المَاضِي .
(18) عَنْ : النَّثرِ المَهْجَريِّ : كُتَّاب الرَّابطَةِ القَلَميَّةِ – الجُزْءُ الأوَّلُ – سَابق – ص ص :226-227.
(19) نَسِيْب عُرَيْضَة (1887-1946) ، وُلِدَ في حِمْص ، وَتَعَلَّمَ بِهَا ، ثمَّ بِالمَدْرَسَةِ الرُّوسِيَّةِ بِالنَّاصِرَةِ ، وَهَاجَرَ إلى نيويورك في سَنَةِ 1905، وَفيْهَا أسَّسَ مجَلَّة:(الفنون) سَنَةَ 1913 ، ثُمَّ أغْلَقَهَا ، ثُمَّ أعَادَهَا ، وَأضَاعَ في سَبيْلِهَا مَا يَمْلُكُ ، وَعَمِلَ في التِّجَارَةِ ، ثُمَّ تَولَّى تَحْريْرَ صَحِيْفَةَ :( مِرْآةَ الغَرْبِ) ، ثُمَّ صَحِيْفَةَ : (الهُدَى) ، وَتُوفِّيَ في بُروكلين سَنَةَ 1946، وَلَهُ دِيوَانُ:(الأرواح الحائرة) ، وَقِصَّةٌ بِعنْوَان:(ديْكُ الجِنِّ الحِمْصِيِّ)، وَقِصَّةٌ مُتَرْجَمَةٌ بِِعنْوَان: (أسْرَارُ البَلاطِ الرُّوسِيِّ ).
(20) عَنْ: النَّثرِ المَهْجَريِّ : كُتَّابُ الرَّابطَةِ القَلَميَّةِ – الجُزْءُ الأوَّل- سَابق- ص 228.
(21) مُصْطَفى لُطْفِي المَنْفَلُوطي (1872-1924) ، وُلِدَ بِمَنْفلوط ،في صَعيْدِ مِصْرَ ، في أسْرَةٍ حُسَيْنيَّةِ الأصْلِ ؛ كَانَ وَالدُهُ قَاضِيًّا شَرْعيًّا وَنَقيبًا للأشْرَافِ في بَلْدَتِهِ ، تَعَلَّمَ بِالأزْهرِ الشَّريفِ ، وَاتَّصَلَ بِمُحمَّد عبده وَسَعد زَغْلُول اتِّصَالاً كبيْرًا ، وَبِسَبَبِ اقْترَابِهِ مِنْ محمد عبده ، وَقَصِيدْةٍ قَالَهَا تَعْريْضًا بِالخِديوي عَبَّاس حِلمي سُجِنَ سِتَّةَ أشْهُرٍ ، وَبَعْدَ فَجِيْعَتِهِ في وَفَاةِ الإمَامِ قَرَّرَ العَوْدَةَ إلى بَلْدَتِهِ ، ثُمَّ عَادَ سَنَةَ 1907، وَشَرَعَ يَكْتُبُ مَقالاتٍ أسْبُوعِيَّةً في: (المُؤيَّدِ) ، تَحْتَ عُنوانِ: النَّظَرَاتِ ؛ حَقَّقَتْ لَهُ شُهْرَةً هَائلَةً ،عَمِلَ كَاتبًا في وَزَارَةِ المَعَارفِ ، ثُمَّ في وَزَارَةِ الحَقَّانيَّةِ ، وَأخِيْرًا في أمَانَةِ سِرِّ مَجْلسِ النُّوَابِ . لَهُ : النَّظَرَاتُ (في ثَلاثَةِ أجْزَاء)- العَبَرَاتُ ، وَمُخْتَارَاتٌ مِنَ التُّرَاثِ العَرَبِيِّ جَمَعَهَا تَحْتَ عُنوانِ : مُخْتَارَات المَنْفَلُوطِي ، وَلَهُ مَجْمُوعَةُ رِوايَاتٍ تُرْجِمَتْ لَهُ عَنْ الفَرَنْسيَّةِ ، وَقَامَ بِتَعْريْبِهَا بِأسْلُوبِهِ ؛ هِيَ: في سَبيْلِ التَّاجِ - تَحْتَ ظلالِ الزَّيزفون - مَاجدُوليْنَ -الفَضِيْلَة – الشَّاعِر .
(22) مُصْطَفى لُطْفِي المَنْفَلُوطِي – النَّظَرَاتُ – الجُزْءُ الثَّالِث – الطَّبعَةُ الثَّامِنَة – مَطْبعَة الاسْتِقَامَة -1947- ص ص :235-236 .
(23) مُصْطَفى صَادِق الرَّافِعيّ – أوْرَاقُ الوَرْدِ : رَسَائِلُهَا وَرَسَائلُهُ - الهيئَةُ المِصْريَّةُ العَامةُ لِلكتَابِ – 1999- ص ص 46- 48 .
(24) إبرَاهيم عبد القَادر المَازنِيُّ (1889- 1949) ، وُلِدَ بِالقَاهرَةِ وَيَنْتَسِبُ إلى قريَةِ: كومِ مَازن بِالمِنُوفيَّةِ ، تُوفِّيَ أبُوهُ وَإبرَاهيم في سَنَوَاتِهِ الأُولى ؛ فَتَعَهَّدَتْهُ أمُّهُ بِالرِِّعَايةِ وَالتَّعليْمِ ، التَحَقَ بِكُليَّةِ الطِّبِّ ، وَلكِنَّهُ تَرَكَهَا بَسببِ كرَاهِيَتِهِ مَنْظَر الدِّماَءِ ، ثُمَّ التَحَقَ بِمَدْرَسَةِ المُعَلِّميْنَ العُليَا 1909، وَتَخَرَّجَ فيْهَا مُدَرِّسًا لِلغَةِ الإنْجِليزيَّةِ ، ثُمَّ عَمِلَ بِالصَّحَافَةِ ، في صَحِيْفَةِ :الأخْبَارِ وَالبَلاغِ ، ثمَّ أصْدَرَ مَجَلَّةَ: الأسْبُوعِ ، شَارَكَ عَبَّاسَ العَقَّادَ وَعبد الرَّحمن شُكري ، في تَأِسيْسِ جَمَاعَةِ: الدِّيوانِ ، وَصَدَرَ الجُزْءُ الأوَّلُ منْ دِيوانِهِ سَنَة1914َ، ثمَّ الجُزْءُ الثَّانِي سَنَةَ 1917، ثمَّ تَحَوَّلَ إلى النَّثرِ ؛ فَكَتَبَ الرِّوَايةَ وَاللوحَةَ القلميَّةَ وَالمَقَالَ الأدَبيَّ وَالنَّقديَّ ، وَمْنْ هَذِهِ الكِتَابَاتِ : حَصَادُ الهَشِيْمِ - إبرَاهيم الكَاتب - إبرَاهيم الثَّاني - قَبْضُ الرِّيح - صُنْدُوقُ الدُّنيَا - في النَّافذةِ - ثَلاثَةُ رِجَالٍ وَامْرَأةٌ. وَمَسْرَحيَّة ٌوَاحِدَةٌ هِيَ: بَيْتُ الطَّاعَةِ ، وَتَرْجَمَاتٌ عَديدَةٌ في الأدَبِ الإنْجِليزيِّ.
(25) إبرَاهيم عبد القَادر المَازنيِّ – حَصَادُ الهَشِيْمِ – الهيئَةُ المِصْريَّةُ العَامةُ لِلْكتَابِ – 1999- ص 8 [ وَكَانَتْ الطَّبعَةُ الأولى مِنَ الكتَابِ سَنَةَ 1924] .
(26) سوزان برنار – قَصِيدَةُ النَّثرِ – تَرْجَمَة: د: زُهَير مجيد مَغَامِس – مُرَاجَعَة : د: علي جَوَاد الطَّاهر – الطَّبعة الثَّانية - الهيئة العَامة لِقُصُور الثَّقافةِ - ديسمبر1996 - ص :185 .





#شريف_رزق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشِّعرُ المنثُورُ
- النَّثرُ الصُّوفيُّ الشَّعريُّ
- النَّثْرُ الفَنيُّ
- شِعريَّةُ النَّثرشِعْريِّ
- فَضَاءٌ آخَرٌ ، لِشِعْريَّةٍ أُخْرَى
- الشِّعريَّاتُ الأساسيَّةُ في قصيدَةِ النَّثرِ العربيَّةِ
- شِعريَّةُ السِّيرذَاتيِّ في قصيدَةِ النَّثر المِصْريَّة
- شعريَّةُ الغنائيَّةِ الجديدَةِ في قصيدَةِ النَّثرِ المِصْريّ ...
- شِعريَّةُ الغُرفَةِ في قصيدَةِ النَّثر المِصْريَّةِ
- شِعريَّةُ المدينَةِ في قصيدةِ النَّثر المصْريَّةِ
- المفاهيمُ النَّظريَّة للأنواعِ الشِّعريَّة في شِعرِ النَّثرِ
- عَذَابَاتُ التَّجربَةِ الإنسَانيَّةِ في وَحْشَةِ العَالمِ
- شِعريَّةُ قَصِيدَةِ النَّثرِ
- لانبعَاثَاتُ الأولى لقَصِيدَةِ النَّثر في مَشْهَدِ الشِّعر ا ...
- شِعريَّاتُ المشْهَدِ الشِّعريِّ المصْريِّ الجديد في قصيدَةِ ...
- تداخُلاتُ الأنواعِ الأدبيَّةِ والفَنيَّةِ في قصيدةِ النَّثرِ ...
- إِشكاليَّاتُ النَّوعِ الشِّعريِّ في قَصِيدةِ النَّثْر


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف رزق - النَّثرُ الشِّعريُّ