أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - من ماهيات ثورة 14 تموز ( 4-6)















المزيد.....


من ماهيات ثورة 14 تموز ( 4-6)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4727 - 2015 / 2 / 21 - 21:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من ماهيات ثورة 14 تموز ( 4-6)
- مفاصل التغيير وملازماتها في الواقع العراقي:

5-الدستور:

غالبا ما يوجه إنتقادا حادا إلى ثورة 14 تموز بإعتبارها ألغت الدستور الدائم وشرعت محله دستوراً مؤقتاً توالت التعديلات والاستحداثات عليه لسنوات طويلة في المرحلة الجمهورية. هذه النظرة، كما أزعم، لا تستكمل ابعادها المعرفية والعلمية، لأنه حسب اعتقدي ليس الأهم، من حيث المقارنة، في كون الدستور دائم أم مؤقت, رغم أهمية ذلك لما يحمل في جوهره من استقرار للنظام الدستوري وخاصةً في بُعده التشريعي ويعكس استتباب آلية عمل مؤسسات الدولة. لكن، حسب ما اعتقد، الأهم يكمن في مضامين الدستور الاجتصادية والسياسية والفكرية ورؤيته للمستقبل القادم، وعن مصالح أية طبقات أو فئات اجتماعية يُعبر، وما هي القوى الاجتماعية التي دونته؟ ومدى تطبيقاته العملية؟ وامكانية عدم خرق مبادئه ؟ وتطابق القوانين المشرعة وماهياته؟ من جهة.
ومن جهة ثانية: طالما أن الدستور هو (القانون الأساسي) فإن إقراره يتزامن نسبياً مع إستقرار العلاقات الاجتصادية/ السياسية في المجتمع. بمعنى آخر لابد من فترة إنتقالية منظورة تعقب كل تغير جذري حتى تستتب مؤسسات الدولة وتستقر العلاقات الجديدة الناجمة عن التغيير ذاته ومن ثم يشرع الدستور الدائم, وهذا ما تم بالنسبة للمرحلة الملكية والجمهورية على السواء. إذ لم يقر القانون الأساسي إلا بعد تشكيل الدولة العراقية بما يزبد على 4 سنوات تقريباً وهي المرحلة الفاصلة بين تتويج الملك فيصل الأول (آب 1921) وإقرار الدستور في (آذار 1925 ).
ومن جهة ثالثة: فلكل طبقة اجتماعية رؤياها الفلسفية الخاصة للحياة, بكل ابعادها, وتصوراتها للمستقبل المرغوب في الوصول إليه, يعبر عن أرأسيات مضامينها من خلال القانون الاساسي. لذ تحاول صياغة هذه الرؤى وسبل حل إشكاليات الحياة والتطور القادم وكيفية توزيع السلطات الثلاث والانساق ،العمودية والافقية، بينها, كما وترسم ماهية أوالية (ميكانزمات) تداولها بين القوى الاجتماعية.
ومن جهة رابعة: نزعم أن قيمة أي دستور لا تكمن في كماله أو عدم ذلك.. " بل في تهيئته لسياق سياسي وفكري مناسب للصراع على تفسيره والاجتهاد في تعديله وتطويره. التأسيس السليم يقتضي بداية صحيحة لكنه يقتضي بدرجة اكبر خوض صراعات حقيقية حوله، بدون ذلك تكون الفكرة في واد والواقع في واد آخر "، كما يرصدها المفكر الراحل كامل شياع.
ومن جهة خامسة: تدلل التجربة الدستورية في العالم على أنها لا تلتفت إلى الماضي، قدر كونها ترسم ملامح المستقبل بصورة دستورية طالما أنها تطبق على ذلك المستقبل الموعود، لذا ستركز الدساتير على التطبيقات المستقبلية دون معالجة الماضي المنصرم، خاصةً إذا كان الماضي والمستقبل يسيران في اتجاهين متعاكسين، ما بالك إذا كانا متناقضين تناحرياً! كما هي الحال في الظام الملكي والجمهوري اللاحق له في العراق مثلاً.
ومن جهة سادسة: يلاحظ ان جميع الدساتير الخمسة (الدائمة والمؤقتة) التي أقرت في العهدين الملكي والجمهوري لغاية الجمهورية الثالثة (نيسان 2003- ) لم تخضع أي منها لأي نقاش عام أو تفويض شعبي عبر الاستفتاء أو أية طريقة أخرى.
وهكذا تدلل الوقائع الدستورية " أن الدولة العراقية عبر تاريخها لم تضع ضمن أولوياتها صيانة الحريات المنصوصة عليها في الدساتير التي سنّتها، بل تقليصها أو التجاوز عليها بذرائع شتى فكرية وسياسية. لدينا على هذا الصعيد العديد من المثلة الصارخة...أما الإلتزام الفعلي بها فيتوقف على فلسفة الحكم أو ايديولوجيته، ونضج الحياة السياسيةعموماً. لقد بقيت دولتنا العراقية عبر ثمانين عاماً من قيامها هشة وقابلة للإختراق إزاء التوضيفات أو (الغزوات) الأيديولوجية للسلطات الحاكمة التي تعاقبت عليها، وتعزز ذلك بضعف المكون الديمقراطي في الحركة السياسية لأسباب تاريخية معروفة ".
وتأسيساً على ذلك يمكن القول أن دستور المرحلة الملكية عبر عن فلسفة قاعدة الحكم الاجتماعية التي استُند إليها، متمثلةً بالارستقراطية التقليدية القديمة ومؤسسة العرش وإرثها المعنوي وكبار الضباط وقوى العشائر، والكبيرة خاصة منها، وبعض اجنحة المؤسسة الدينية، كما مر بنا. أما عن حثيثيات كتابته، فقد سبق وأن " كلف المندوب السامي البريطاني لجنة من دار الاعتماد البريطاني في بغداد بوضع مسودة لائحة القانون الاساسي العراقي لعرضها على وزارة المستعمرات أولاً, وبعد الموافقة عليها تعرض على الطرف العراقي للمفاوضة بشأنها...وعلى هذا الاساس لم يكن سهلاً على الطرف العراقي الذي شكل لجنة خاصة مختلطة تضم بريطانيين من دار الاعتماد إلى جانب أثنين من العراقيين, تحقيق الرؤية التي كانت تدور في بال الوطنيين العراقيين, وكان الحوار صعباً وطويلاً, خاصة وأن الطرف العراقي, الحكومة والمعارضة, كانت تتنازعه مختلف المصالح والاتجاهات...ولهذا يمكن اعتبار القانون الاساسي العراقي لعام 1925 أحد المكاسب الجوهرية المهمة في الصراع الذي دار بين الطرف العراقي والسلطة البريطانية لصالح العراق رغم ما فيه من نواقص وتقيدات ".
في الوقت نفسه كان الدستور يُنتهك على الدوام من قبل مثلث الحكم. وكانت تطبيقاته العملية غالبا ما تكون بعيدة عن مبادئ الدستور وروح مضامينه والتي اقترنت بالتفسيرات المشوه لبنوده وللقوانين الصادرة على اساسه. وكانت احد اسباب ذلك بُعده, من حيث الشكل, عن مستويات واقع التطور الاجتصادي والسياسي في العراق حينذاك.. وكان التعديل الثاني للدستور عام 1943 قد عًد، من قبل الاخصائيين، تدخلاً سافراً من مؤسسة العرش في الحكم المباشر وانتهاكاً لمبادئ النظم الدستورية..حيث منح هذا التعديل رئيس الدولة (الملك) الحق في إقالة الوزارة وجعل قرارات مجلس الوزراء مرهونة بموافقته، كما منحته سلطات تفوق السلطات المقررة لرئيس الدولة في نظام برلماني تقليدي .. رغم أن صياغته القانونية, التي اعدها خبراء في لندن, كانت على مستوى عالٍ.
بمعنى آخر " كانت هناك هوة سحيقة بين ما نص عليه الدستور العراقي من مبادئ عامة تتعلق بولاء الفرد للدولة وبالمبادئ السياسية العامة وبين واقع المجتمع العراقي. فالحدود السياسية... لم تكن تنسجم مع العناصر العرقية والثقافية الني كان المجتمع العراقي يتألف منها ... كما أن الاصلاحات الدستورية كتعديل قانون الانتخابات بحيث يضمن حرية الانتخاب وتدعيم الاساليب الديمقراطية التي كان الشعب يطالب بها، كلها لم تجد نفعا، ذلك لأن مثل هذه الاجراءات لم تكن تستطع منع المصالح الشخصية من التأثير في الشؤون السياسية كذلك لم تنفع أساليب العنف التي كانوا يلجأون إليها...لأن الفئة الحاكمة كانت بيدها القوة المطلقة ".
ومن الجدير بالذكر والملاحظة أن مواد النظام الدستوري في أغلب بلدان عالم الأطراف، ومنها العراق، قد اقتبست من النظام السياسي للدول الرأسمالية المتقدمة، حيث يخضع النظام العام فيها للألية البرلمانية المشتقة من الصيرورة الداخلية للصراع الاجتصادي، السياسي في أبعاده الطبقية والتي امتدت لمئات من السنين، وطبقت في مجتمعات تسودها علاقات أنتاج ما قبل الرأسمالية وغير متبلورة طبقياً، وزرعت من الأعلى في تربة غير ممهد لها ولا تعتمد على معطيات واقعها الملموس، لذا أنجبت نظم مشوه وولدت ديمقراطية (كسيحة) شكلية بلا مضمون حقيقي، وتحولت إلى( كاريكاتور) ومسخ في الممارسة السياسية، سواءً على صعيد الحياة البرلمانية أو انساق الحياة السياسية للمجتمع المدني.
أما الدستور المؤقت للجمهورية الأولى (تموز1958- شباط 1963)، فرغم كثافة مواده، وطبيعته الانتقالية، وربطه للسلطة التشريعية (بصورة مؤقتة) بالسلطة التنفيذية.. فقد عبر عن آمال الطبقات والفئات الاجتماعية الصاعدة وعلى وجه الخصوص الطبقات الوسطى بكل فئاتها، وعن آلية جديدة لفلسفة الحكم. كما تضمن جملة من الانساق القانونية التي تنظم وتربط بين ماهيات عمل مؤسسات الدولة على وفق النظريات الحديثة لمفهوم الدولة والسلطة وألية ميكانزماتها مع المجتمع ودور السلطات الثلاثة وماهيات الفصل بينها.. وكان بمثابة رؤيا السلطة الجديدة لواقع العراق ومستقبله. كما تميزت مضامينه بالمرونة العامة ومبادئ عريضة تركت الترتيبات الجزئية للقوانين العادية. في الوقت نفسه منح الدستور المؤقت للسلطة التنفيذية قوة كبيرة عند جمعها مهام السلطتين التنفيذية والتشريعية. ورغم أن هذا الاجراء غير سليم من الناحية الدستورية لكنه جاء ليتماشى وطبيعة المرحلة الانتقالية، وما تسمية الدستور بالمؤقت، إلا تعبيراً عن هذه الحالة من جهة، وليتحاشى التعديلات المتعددة لحين صياغة الدستور الدائم المستند على مبدأ الفصل بين السلطات وهو إيذاناً بإنتهاء المرحلة الانتقالية، من جهة ثانية.
أما ظروف ومبررات صياغة مسودة الدستور فعبر عنها رئيس اللجنة التي اعدته، حسين جميل بالقول: " من المعلوم ان المتفق عليه إذا حدث انقلاب سياسي في اي بلد ونجح كما هو معلوم بالنسبة لما تم َّ في العراق يوم 14 تموز الماضي من المتفق عليه أن الدستور في هذه الحالة يسقط حالاً من تلقاء نفسه وقد طبق هذا المبدأ في أحداث كثيرة قديمة وجديدة منذ الثورة الفرنسية حتى اليوم. فقد سقط دستور 1814 بنجاح ثورة 1830 وخلع الملك شارل العاشر, وسقط دستور1830 بنجاح ثورة 1848, وخلع الملك لويس فيليب. وكان من نتائج الانقلاب الذي قام به لويس بونابرت سنة 1851 إن سقط دستور 1848. كما ان سقوط لويس بونابرت في 1870 جعل دستور 1852 ساقطاً. وفي أحداث العصر الحديث كان نجاح الثورة المصرية في سنة 1952 مسقطاً لدستور 1923. وعلى هذا فإن من حق زعماء حركة 14 تموز 1958 في العراق ان يعتبروا القانون الأساسي العراقي وتعديلاته ساقطة بما يتضمن من مؤسسات دستورية... ".
وهنا يجب التدقيق للقول: " أن الثورة في ذاتها لا تلغي الدستور, بل أن مصير الدستور يتوقف عن الإرادة الصريحة أو الضمنية للحكام الجدد. فالثورة لا تلغي الدستور أوتوماتيكياً, لأن النظام السياسي الجديد الذي يعقب الثورة أو الانقلاب هو الذي يبت في إلغائه الكلي أو الجزئي أو حتى الإبقاء عليه... ". وهذا ما أشارت إليه ديباجة مقدمة الدستور المؤقت حين نصت: " بإسم الشعب نعلن سقوط القانون الأساسي العراقي وتعديلاته كافة منذ 14 تموز سنة 1958 ".
أما بصدد تكوين اللجنة التي اعدت الدستور المؤقت لعام 1958 فقد كانت عراقية بكل معنى الكلمة في مكوناتها الشخصية الكفوءة وفلسفتها الفكرية ونقطة منطلقاتها السياسية, وهم من ذوي الاختصاص القانوني, إذ " في 20 تموز 1958 إتصل السادة محمد صديق شنشل و محمد حديد (وكلاهما عضو في أول وزارة للثورة) بالسيد حسين جميل وكلفاه بوضع مسودة دستور مؤقت. وقد طلبا منه أن يراعي في عمله نقطتين هما : النص على أن العراق جزء من الأمة العربية, وعلى أن العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن على أن يقتبس هذا النص الأخير من منهاج حزب (المؤتمر الوطني) الذي تقرر إنشاؤه في حزيران 1956 من حزبي الإستقلال والوطني الديمقراطي ".
وقد تشكلت لجنة ثلاثية ضمت: حسين جميل المحامي والعضو البارز في الحزب الوطني الديمقراطي وعبد الأمير العكيلي المدعي العام في الجمهورية العراقية وحسين محي الدين الذي تسنم منصب المستشار القانوني للزعيم قاسم, وتحت ضغط الظروف وزمنيتها القلقة، وتوضيح التصورات المستقبلية لحكومة الثورة من الناحية الدستورية ولإيجاد شرعية قانونية, أنجزت اللجنة, عملها خلال يومين. وقد أعتمدت بصورة أساسية على دستوري جمهورية مصر لسنتي 1953 و1956. وعند مناقشة المسودة المقترحة من قبل مجلس الوزراء لم يجري أي تعديل أساسي عليها سوى إضافة مادتين هما: الرابعة التي نصت أن: [الإسلام دين الدولة]؛ والسابعة عشر. وقيل أن قاسم أضافها بنفسه، ونصت أن: [القوات المسلحة في الجمهورية العراقية ملك الشعب ومهمتها حماية سيادة البلاد وسلامة أراضيها ].
وأعتقد أن الدستور المؤقت لم يعكس كل الافكار الجديدة المراد الاسترشاد بها في إدارة مؤسسات الدولة والذي يعكس الأسس الفلسفية، النظرية والعملية لطموح وأفكار وتصورات الطبقة الوسطى بشرائحها المتعددة, إذ تتطلب هذه الصيرورة المعرفية فترة زمنية حتى تستقر الأسس المادية للعلاقات الاجتماعية الجديدة وقاعدة الحكم وإدارة أنساق مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني. وهذا ما حاولت ثورة تموز تداركه عند إعدادها للدستور الدائم، الذي شرعت في إعداد مسوداته منذ أواخر عام 1961، إذ تألفت لجنة من كبار الاختصاصيين لوضع اللبنات الفكرية والفلسفية لعراق المستقبل "... وكانت هناك من الدلالات ما يفصح أن عبد الكريم كان ينوي أن يقوم بما ينهي الفترة الانتقالية في سنة 1963, ولكم ما حدث في شهر رمضان في 14 منه– قد فاجأ قاسم وحال دون تنفيذ خططه وتوقعاته وحال دون أن يقوم بما يساعد على إنهاء إنتشار الطيور العراقية في الأجواء المتباينة, وعلى عودتها إلى القفص الطبيعي في مجتمع مدني منسجم... كما أنه كلفني وكلف لجنة في وزارة الداخلية وإستشار آخرين بوضع مسودة دستور للجمهورية العراقية منهم ما سمعت المرحوم المحامي داود السعدي وغيره... وكان همه فيها وضع قانون انتخاب النواب ووضع مبادئ الدستور ووضع السياسة النفطية بعد إكمال تشريع قانون شركة النفط الوطنية ".
وكان من المفترض نشر مسودة الدستور الدائم للمناقشة العامة في عيد الحرية 24 آذار 1963 (عيد الخروج من حلف بغداد) وتجرى الانتخابات في حزيران من ذات العام ويفتتح مجلس النواب يوم 14 تموز ليأخذ على عاتقه إقرار الدستور الدائم للجمهورية الأولى. وتأسيساً على ذلك فأن النقد الذي وجهه بعض الباحثين للوضع الدستوري للعراق الجمهوري لا يخلو جزءً منه من الحقيقة, لكن لا يعبر عن كاملها, بل يعبر عن واقع الامنية غير المرتبطة بالواقع الاجتماعي والسياسي الجديد وصراعاته المبررة وغير المبررة في حينها
ومن المفارقات الدرامية أن كثير من الزعماء السياسيين من كل التيارات، بدون استثناء، رفضت التعاون مع قاسم " في مجال تطوير النظام دستورياً. فقد نشر في أوراق الجادرجي محضر لقاء بينه وبين عبد الكريم قاسم بناءً على دعوة الأخير. وينم ذلك المحضر عن السخرية من جانب الجادرجي من طلب التعاون وعدم الجدية في النظر إليه ولم يكن هناك أمل لدى الطرفين بإمكان التعاون. كما علمت نقلا عن صديق شنشل أنه حينما علم بنية عبد الكريم قاسم دعوة بعض قادى الأحزاب الوطنية لبحث الوضع السياسي، ذهب إلى كامل الجادرجي وطلب إليه أن يتدارك الأمر فيحث حسين جميل على تجنب الموافقة على أي إلتزام تجاه التعاون مع عبد الكريم قاسم عندما يلتقيه... ". هذا الموقف يعكس الماهية الحقيقة لقادة الاحزاب من فكرة النظام الدستوري ويعبر عن خللهم النوعي إزاء الممارسة الديمقراطية الواعية وتبني أليتها ونسق أعمالها.


الهوامش:

42- وضع القانون الأساسي عام 1922 وصادق عليه المجلس التأسيس في آب 1924 ونشر في آذار 1925 ليصبح نافذ المفعول. وقد أدخلت عليه في المرحلة الملكية ثلاث تعديلات: الأول في 29 تموز 1925 وقد تناول بعض الأمور الطفيفة، والثاني في 27 تشرين الأول 1943 وقد تناول أمور اساسية هامة خاصة بتوسع حقوق الملك. أما الثالث فقد كان في 26 آذار1958 وأصبح نافذ المفعول في 10 مايس من العام نفسه وهي التعديلات المتعلقة بالموافقة على تشكيل الاتحاد الهاشمي. كما منح التعديل خلال سنة من تاريخ إقراره بتعديله ثانية وذلك لمنح المرأة المتعلمة الحقوق السياسية. وقد ألغت الثورة النظام السياسي ودستوره.
43 - راجع كامل شياع، الدستور،الحريات، ص. 193، مستل من مأزق الدستور، مصدر سابق
44- راجع د. فالح عبد الجبار، متضادات الدستور الدائم، ص.60، مستل من مأزق الدستور، مصدر سابق.
45 - كامل شياع، الدستور، الحريات، مستل من المصدر السابق، ص.190.
46 - د. كاظم حبيب ود. زهدي الداوودي, فهد, ص. 26و27. ويشير د. عامر حسن فياض إستناداً إلى د. مصطفى كامل، شرح الدستور العراقي الصادر عام 1946, وعبد الغني الملاح, تاريخ الحركة الديمقراطية في العراق, بيروت 1982, بأنه " تألفت أول لجنة لتحضير مشروع القانون الأساسي العراقي ضمت بعض موظفي دار الاعتماد البريطاني في بغداد برئاسة برسي كوكس, ثم عرضت هذه اللجنة مسودة مشروعها على وزارة المستعمرات قبل أخذ رأي الحكومة العراقية, فعدلت تلك الوزارة بعض المواد وطلبت عرضها على الحكومة العراقية. وعرضت المسودة فعلا إلى الحكومة العراقية التي ألفت بدورها, لجنة لتدقيق المسودة المعروضة, قوامها ناجي السويدي (وزير العدل) وساسون حسقيل (وزير المالية) ورستم حيدر (ممثل الملك), كما ضمت أيضاً موظفين أنكليزيين يعملان مستشارين في الحكومة العراقية ويحملان تراثاً ثقافياً ديمقراطياً غربياً هما السر دراور والمستر دافيدسون ".جذور الفكر الديمقراطي. ص. 203. في حين يشير معهد الدراسات الاستراتيجية أستناداً إلى " المؤرخ الدستوري نيثن براون أن الدستور العراقي الأول ولد من مزيج من التقاليد البريطانية، والدستور العثماني والدستور المصري. أما المؤرخ السياسي العراقي مجيد خدوري، فيذهب إلى أن الدستور أعتمد أيضاً مصادر دستورية آخرى مثل الدستور الاسترالي ودستور نيوزيلندا لمعالجة مشكلات عراقية خاصة ". مأزق الدستور، ص. 14. كلها مصادر سابقة .
47- للمزيد راجع فائز عزيز أسعد، انحراف النظام البرلماني في العراق،وزارة الاعلام ، بغداد 1975.
48- د. مجيد خدوري، العراق الجمهوري، ص. 9 و19 مصدر سابق.
49- مستل من ليث الزبيدي , ثورة 14 تموز, ص. 225, مصدر سابق.
50- د. منذر الشاوي, القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية العراقية, ط.2, ص. 149, بغداد 1966.
51- مستل من جرجيس فتح الله , العراق في عهد قاسم, ج. 2, ص. 587, دار نبز, استوكهولم 1989.
52 - ليث الزبيدي, ثورة 14 تموز ص. 226, مصدر سابق.
53 - راجع نص الدستور لدى جرجيس فتح الله, العراق في عهد، صص. 585-590, مصدر سابق. ويقول المؤلف، ص. 598 أن قاسم هو الذي (حشر) حسب قوله المواد 16و17 و18 من الدستور المؤقت, دون ان يحدد مصدر معلومته, مستسخفا بمضامينها وصياغتها. لا أدري هل ان فكرة [ الدولة وحدها هي التي تنشأ القوات المسلحة ولا يجوز لأية هيئة أو جماعة انشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية – م. 18]’ تعتبر رأياً سخيفاً حسب رأي القانوني الضليع فتح الله ؟!. وينطبق ذات التساؤل عن المادة 16 التي نصت [ الدفاع عن الوطن واجب مقدس وإداء الخدمة العسكرية شرف للمواطنين وتنظم احكامها بقانون]. ألم تكن هذه المواد تعبر عن فلسفة التحضر والحداثة المتبناة من قبل قاسم والهادفة إلى تحضر المجتمع وتأسيس قاعدة للنظم الحديثة التي تحتكر الدولة فيها السلاح بعيدا عن المليشيات التي عانى منها المجتمع العراقي طيلة الجمهورية الثانية ولا يزال في الجمهورية الثالثة؟ .
54 - عبد اللطيف الشواف, عبد الكريم قاسم,ص.113, مصدر سابق. ويذكر محمد حديد أن قاسم قد دعا أيضاً رائد الديمقراطية كامل الجادرجي " في آواخر تشرين الثاني 1961، إلى الاجتماع به لبحث تشريع الدستور الدائم الذي كان يزمع إصداره...) مذكراتي ص. 402، مصدر سابق. ولنا عود إلى هذه الموضوعة في الجزء الثاني من هذا الكتاب في فصل قاسم والجادرجي وغاندية الصراع. أما بالنسبة لقانون تأسيس شركة النفط الوطنية فقد صادق عليه مجلس الوزراء يوم 6 شباط 1963.. ووقعه قاسم يوم 8 منه أثناء القتال الذي جرى في وزارة الدفاع وقال قولته المشهورة.. { أريد أن اوقع هذا القانون الآن}. وقبيل ذلك عندما أصدر قاسم قانون رقم 80، قال للوزراء، قولة لها دلالتها السياسية العميقة: { تعالوا نوقع على الحكم بإعدامنا} للمزيد عن هذا الموضوع راجع، الكتاب الثالث، عبد الكريم في يومه الأخير،ص. 326 وما بعدها، كذلك دراستنا، القانون الذي حكم على الزعيم قاسم بالإعدام، مجلة الموسم، العدد 32، اكاديمية الكوفة، امستردام, كذلك شامل عبد القادر، عبد الكريم قاسم ، البداية والنهاية، ص. 340، الدار الأهلية عمان 2002. كذلك إسماعيل العارف، أسرار ثورة 14 تموز وتأسيس الجمهورية العراقية، دار لانا، لندن 1986.
55 - محمد حديد ، مذكراتي، ص. 462، مصدر سابق. وحول المحضر يراجع خليل إبراهيم حسين، موسوعة 14 تموز،ج.5، ص. 460، مصدر سابق.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ماهيات ثورة 14 تموز (3-6) مفاصل التغيير وملازماتها في الو ...
- من ماهيات ثورة 14 تموز: (2- 6) - مفاصل التغيير وملازماتها ف ...
- من ماهيات ثورة 14 تموز: (1-6)
- الساعات الأخيرة من معركة وزارة الدفاع :(2-2) ن ...
- الساعات الاخيرة من معركة وزارة الدفاع
- - ثورة 14 تموز ومسارات التدخل الغربي في عراق الجمهورية الأول ...
- ثورة 14 تموز ومسارات التدخل الغربي في عراق الجمهورية الأولى ...
- من رواد الفكر الديمقراطي **: هديب الحاج حمود وجدلية التغيير
- حوار حول الفكر السلفي
- بمناسبةالذكرى السادسة والخمسين لثورة 14 تموز: (3-3)
- مناسبةالذكرى السادسة والخمسين لثورة 14 تموز: (2-3) عبر الثور ...
- بمناسبة الذكرى السادسة والخمسون لثورة 14 تموز: (1-3)
- الانتلجنسيا العراقية وصيرورة التكوين والتأثير حوار مع الدكتو ...
- الحزب الشيوعي العراقي في عهد البكر
- أوجه الكمال في كمال**
- صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي صور من مقاومة ال ...
- صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي صور من المقاومة ...
- صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي (2-2) مقاومة ان ...
- صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي (1-2)
- خطة انقلاب شباط 1963 وواضعوه 1 (3-3):


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - من ماهيات ثورة 14 تموز ( 4-6)