أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد ع محمد - اليوم معكم وغداً عليكم














المزيد.....

اليوم معكم وغداً عليكم


ماجد ع محمد

الحوار المتمدن-العدد: 4726 - 2015 / 2 / 20 - 17:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"الي يجي نصفقلو ولي يروح نعفطلو"
مثل شعبي
هذا مثلٌ دارج في سوريا وبالأخص عند الاخوة البدو والشوايا على حدٍ سواء باعتباره من إنتاج تلك البيئة، والمثل على ما يبدو يشير الى الاحتفاء بكل جديدٍ أو مقبل والهزء بكل مدبرٍ أو راحل، ومن المنطقي طبعاً وبناءً على استخدامه في الحياة أنهم من خلال المقول لا يدعون الجميع لتطبيق ما يتضمنه المثل والسير على هدي ما يرمي إليه والحض على ممارسة محتواه في كل المواقف و مع كل الناس، إنما هو على الأغلب يتعلق بالجاه والمال والسلطان أي الحكام وأصحاب النفوذ والسطوة وربما بعض الغزاة، ولعل آخر من كان له السطوة على العباد والبلاد في بلاد الشام وهو يمشط المناطق بسلطة نفوذه كان تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، الذي حظي بجماهيرية قل نظيرها بين كل الحركات الاسلامية في المنطقة، جماهيرية لم تحظى بها عشرات الأحزاب مجتمعة سواءً أكانت حركات دينية أم دنيوية، حيث رأينا الناس يلتحقون بالتنظيم المذكور أفراداً وأفواجا، وبالتأكيد ليس بالتأكيد من خلال قراءتهم المتأنية والفاحصة وتمعنهم بالسيرة الحسنة لهذا التنظيم الذي سطع نجمه في سماء الشرق خلال شهور لا أكثر، وليس أيضاً من خلال إعمال المقارنات بينهم وبين سواهم من الحركات والتنظيمات السابقة لظهوره أو الموجودة بموازاتهم في الوقت الراهن، إنما فقط لأنهم أصحاب سطوة ونفوذ ورهبة، وقد يكون الجانب المالي أيضاً له نصيبه للانسياق مع التنظيم والسير بركبه، عموماً تنظيمٌ بهذه القوة والصرامة من المؤكد سيكون قادر على الجذب بطريقة لا توصف خاصة في البيئة الدينية التي ينتظر أفرادها أي مخلصٍ كان، حتى ينقذهم مما هم فيه وما يعانونه في دنياهم التي لم تعطي لأغلبهم إلا دبر حلاوتها، وقد يقول المنظر بأنه من البديهي لمن كانت له أرضية دينية جاهزة بأن ينجرف مع هذا التيار الساحق، طالما خدعته الأناشيد الحماسية والأغاني المخاطبة للوجدانيات والهتافات الفضفاضة والشعارات المتناغمة مع مكنوناته والتي تلامس عواطفه الدينية ورغباته الدنيوية بشكلٍ مباشر، ولكن الغريب في الأمر أننا رأينا من المنقادين حتى بعض الذين لا خلفيات دينية لهم، ومع ذلك التحفوا كغيرهم بالزي الدال على المبايعة والتبعية للسلطان الجديد، وراحوا يلتحقون بصفوف التنظيم الذي كسح بشعبيته خلال أشهرٍ قليلة معظم القرى والمدن السورية، فإن لم ينضموا الى صفوفه ميدانياً أيدوه فكرياً وإعلامياً، وبدا كأن أغلب المواطنين قد عادوا الى فطرتهم الدينية الأولى، وكأن أبو بكر البغدادي غدا أحد أقطاب الدين في زمن أبو بكر الصديق وأصحابه، إذ أن كل هذه المدة التاريخية لم تسعف المُلتحق بموكب الناطق باسم الماورائيات ليتحرر من الغشاوة التي كان عليها الأسلاف قبل 1400 سنة، فكل التجربة التاريخية لم تفد العامة لكي يستفيدوا منها في المقارنات والمحاكمات العقلية أو الطوارئ المعاصرة التي تداهم حياتهم، ما يعني بأن كل الحركات الفكرية والثقافية والتنويرية التي نشأت في هذه البلاد لم تكن سوى ظواهر عرضية وأصلاً لم تتجذر في تربتنا في يومٍ من الأيام؟ وإلا لكانت بوادرها ونتائجها ظهرت في المفترقات الصعبة للمنطقة! ما يعني بأننا لا نتشرب مياه المعرفة ولا نتمثل لمضامينها بحيث تنعكس وبشكلٍ واضح على كل ممارساتنا السلوكية، وإذا قلنا بأن الانقياد حالة طبيعية لمن لا علم لهم ليأخذوا به ولا فكر لهم ليجعلوه إمامهم، وأن بموازاة أولئك من الطبيعي أن ينجرف معهم من كان ذو خلفية دينية ومؤمنٌ سلفاً بأن لا خلاص له إلا من خلال المشروع الديني حتى وإن كان صاحب المشروع لا علاقة له لا بالمشروع ولا بالدين نفسه، ما يعني بأن هاتين الفئتين لديهما ما يبرر التحاقهم وبرحابة صدر في صفوف الجماعات التي شغلت العالم بأسره بأنشطتها وأفعالها وصيتها الذي ضرب الأفاق شهرةً، ولكن اللافت للنظر والاستغراب أن الانجراف معهم لم يقتصر على الفئتين الذين ذكرناهم آنفاً، إنما تغلغل الفكر الداعشي كترويج ومحاكاة وممارسة بكل الاتجاهات وشملت أغلب فئات المجتمع، أي أن ثمة مشتركات وممارسات هي محط إجماع عام في هذه البلاد المبتلاة بالشموليات منذ مئات السنين، فمن ساد أخذ السواد الأعظم من العامة معه، وإن هُزم انقلب الجميع ضده، ولكي لا نبتعد عن سياق ومضمون المثل الدارج ومدى تطابقه مع سلوكياتنا، فنلاحظ أنه ما أن بدأ العد العكسي للتنظيم الذي صار في يومٍ ما نسخة عالمية من خلال رهبته وإنتاجه وإصداراته الصورية والصوتية، راح نجمهم السماوي يخبو تدريجياً ويتقهقر على الأرض في أكثر من بقعة جغرافية عسكرياً، حتى رأينا نفس الأصوات التي كانت تطبل وتهلل ليل نهار للدواعش، ووسط الناس تروج وتحارب بمنطقهم صاروا بعد تغيير الموازين يُبدون امتعاضهم من التنظيم، بل وراح بعضهم يتملص من شعاراتهم ويتهمهم مرة بأنهم أدوات بأيدي حكام المنطقة، ومرة أخرى بأنهم أجندات غربية، أو أنهم بالأحرى عملاء للغرب وتحديداً أمريكا، مع أنه لو استمر الدواعشة بالتقدم مثلما بدأوا ونجحوا في مشروعهم التوسعي لازداد عدد المعجبين بتجربتهم في الحكم حتى بين الكتاب والفنانين والمفكرين، باعتبار أن نخبة بلادنا عادة ما يأخذون شرعيتهم من العامة وليس العكس، أي بدلاً من أن يصبحوا هم مشاعل تنير الظلمات أمام الأمة تراهم يقتادون بتجارب الدهماء ويبحثون بشتى السبل عمن يرضى عنهم من العامة، فيا ترى إذا ما قرأنا هذا المثل الشعبي بعيون العقل ألا يدل تطبيقه وممارسته على وجود إشكالية عميقة في تمثلنا للأقوال والأفعال؟ وأنه يدل على وجود أزمة بنيوية ما في ثقافتنا المتوارثة؟ وبالتالي هو بحاجة ماسة الى الدراسة المعمقة التي من خلالها قد نستكشف ما نعانيه فكرياً وسيكولوجياً، وأيضاً ربما استطعنا الاستفادة من درسه وسبر أغواره بعد تقليبه على كل الوجوه، علَّنا نستنبط منه ما كان مركوناً في اللاشعور الجمعي القيمي لهذا المجتمع بوجهٍ خاص، والتوصل الى معرفة ما كان غائباً ومخفياً من بنياتنا المعرفية والثقافية بوجهٍ عام.



#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوباني غراد
- المقدام
- استراتيجية الحقد والتسامح
- سرطان التطرف في سوريا وعقدة كوباني
- كوباني تغيِّر المعادلات
- ما قدسية ضريح سليمان شاه بالنسبة لتنظيم داعش؟
- السوريون بين خطابات الساسة وتصرفات الشارع التركي
- هي شنكال
- لو كنتُ يزيدياً
- عبدو خليل: يُحشر السُرَ مع التساؤلات في قبوِ بارون
- هل يُعيد حزب الاتحاد الديمقراطي تجربة حلب في كوباني؟
- وزير شؤون الجنس والأدب
- أفي القضايا الكبرى نكايات؟
- الفحيح النخبوي
- الثورة والتغيير من قلب أوروبا


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد ع محمد - اليوم معكم وغداً عليكم