أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - النضال العمالي بالمغرب - الطبقة العاملة بين الأمس و اليوم















المزيد.....


الطبقة العاملة بين الأمس و اليوم


النضال العمالي بالمغرب

الحوار المتمدن-العدد: 4726 - 2015 / 2 / 20 - 15:54
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


" الشيوعيون لا ينحدرون الى مستوى اخفاء آرائهم ومشاريعهم. إنهم يعلنون صراحة أن أهدافهم لا يمكن بلوغها سوى عبر الإطاحة العنيفة بكامل النظام الاجتماعي السابق. ولترتعد الطبقات الحاكمة خوفا من الثورة الشيوعية. فليس للبروليتاريين ما يفقدونه فيها سوى اغلالهم وأمامهم عالما يكسبونه. فيا عمال العالم اتحدوا"
كتب ماركس في البيان الشيوعي
***
هل أخطأ ماركس التقدير؟ هل أساء البحث عن البدائل وراهن على طبقة كما يدعي بعض المثقفون البورجوازيون اليوم تعيش حالة " انقراض"؟ هل هاته المبررات قديمة ام جديدة؟ هل فعلا تلاشت الطبقة العاملة وباتت بدون جدوى؟ من خدل ماركس: العمال ام المثقفون أم الدورات التاريخية للنظام الرأسمالي التي عاكست منحى تقديرات ماركس في زمنه المحدود؟ هل من دروس ثابتة في تاريخ الصراع الطبقي؟ ما هو المتحول والثابت في التحليل العملي للماركسية؟ أي فهم مغلوط للماركسية؟ ألا يقتضي الوضع قبل اتهام الماركسيين العمال بالقصور الفكري، فهم المتغيرات وفهم ماركس أولا؟ كيف تتحول الهزائم المتتالية في الممارسة الى تحفيز التخلي عن النظرية؟
يهدف هذا المقال الى التذكير بالدور التاريخي الطبقة العاملة من وجهة نظر ماركسية، وحقيقة اتهامها بالاضمحلال العددي وبؤس دورها التاريخي في التغيير الثوري، وسؤال الطور الجديد من مهام الماركسيين في استنهاض وعيها ارتباطا بالنضال الجماهيري الشعبي المفتقد لبوصلة البديل المجتمعي.
البروليتارية بالأمس ..واهدار الفرص التاريخية؟
تخلى اوجين فالين (ناشط عمالي) أحد المدافعين في كومونة باريس عن فكرة تعاون ارباب العمل مع العمال، وقد انضم الى الاممية الاولى في اقتناع راسخ بجدوى كومونة باريس 1871، وحينما اعتقل وتم الحكم عليه بالإعدام، أسر لرفيق دربه ليلة اعدامه قائلا:
" نعم سوف يقطعون أجسادنا وسوف ينكلون بجثثنا في الوحول، ولكن التاريخ سوف يتجلى بوضوح في نهاية المطاف ".
في نهاية القرن الثامن عشر شهد العالم ثورة صناعية صعدت فيها البورجوازية السطح حيث حولت الفلاحين والحرفيين الى يد عاملة مأجورة في المصانع وأوراش النقل، فظهرت طبقة جديدة، لا تملك شيئا، ومضطرة لبيع قوة عملها، لضمان الحد الأدنى من شروط الحياة (العمل المأجور) فكان جيش العمال مهددا بالموت وحوادث الشغل القاتلة و المتسببة في العجز ، حتى أن أنجلس كتب عن المدن العمالية الصاعدة مانشستر، في سنوات 1840 م :"لدينا الانطباع بالعيش في وسط جيش عائد من الحرب بالنسبة للعمال ، العيش هو من قلة الموت " .
كان المهيمن في أشكال الاحتجاج العشوائية،التي ينظمها العمال ،مترجمة لمشاعر الغضب والرغبة في ايقاف الاستغلال والعبودية ومعادات الانتاج التسليعي لقيمتهم الإنسانية، كالإقدام على تدمير الآلات وحرق المصانع او قتل رب العمل. في ظل هاته المأساة ترعرع الاشتراكيون الطوباويون القادمين من أصول بورجوازية، او المعروفون بذوي النيات الحسنة، حيث يراهنون على تثقيف الطبقة المستغلة ونصحها الاخلاقي، في رهان على تخليص العمال من بؤسهم عبر استجداء الطبقة العليا المسيطرة والمثقفة. ليتبلور في صفوف العمال والمثقفين التحرريون، المنادون بضرورة تخليص العمال من بؤسهم ورهن تحررهم بأنفسهم او كما وصفه ماركس فيما بعد " "إن تحرير الطبقة العاملة ينبغي إن يكون من صنع العمال " والوعي بمأساتهم واسبابها كشرط اولي للتنظيم والتحرر، فظهرت في ليون عام 1832 م انتفاضة عمال الحرير بليون وحركة التشارتيست بإنجلترا، كأول حركة عمالية منظمة. ليتوالى ظهور الطبقة العاملة كطبقة ثورية مستقلة، وهكذا جاء في رسالة خطها عمال السكك الحديدية بسيلاسي في 1844م: "نحن الذين ينفقون على الأغنياء، ومتى شئنا فباستطاعتنا جعلهم يموتون جوعا إذا ما أرادوا أن يعملوا ". لقد وعى العامل في هذه المرحلة أن أجره ليس الا جزءا من قيمة الثروة التي أنتجها وان الرأسمالي يقتص منها الضرائب بدعوى تسيير حركة المجتمع، في حين يستفرد الرأسمالي بباقي الثروة. وما تم وعيه لأول مرة في التاريخ انه بدون العمال تتوقف عجلة الانتاج الرأسمالي، لكن هذا الوعي لم يمنع تعرض العمال الدائم لخيانة البورجوازية، وقد كان اولها انتفاضة 1844م ضد الملك لويس تحت لواء الوحدة المقدسة بين العمال والبورجوازية، وبمجرد سقوط الملك، طالب البورجوازيين العمال بالعودة الى العمل وترك السياسة للساسة. ولما رفضوا أطلق الجيش نيرانه على المحتشدين خلف المتاريس.
تشكل هزيمة أول ثورة عمالية، أحد الدروس الكبرى في التاريخ الحديث، حيث تبلورت على إثرها أهم التوجهات الكبرى للتيارات الثورية العالمية والسجالات الحيوية بين الماركسيين واللاسلطويين الدين يبخسون اهمية وجود حزب الطبقة العاملة، والبردونيين الداعين الى العودة الى الانتاج الحرفي ورفض الاضرابات والباكونيين الدين يسعون الى تسريع الثورة باستبدال الطبقة العاملة بتنفيذ عمليات ارهابية، كما افرزت الهزيمة تيارات تدعو الى اعتماد الفلاحين في استراتيجية الثورة بدل العمال.
مع مطلع القرن التاسع عشر دخلت الحركة العمالية العالمية منعطفا تاريخيا جديدا مع عشرينيات القرن الماضي، وتحديدا بعد خيانة أبناء طبقتهم، من دعاة الاشتراكية الديمقراطية بقولهم: «ليست الحكومة الحديثة سوى لجنة تدير الشؤون العامة للطبقة البرجوازية بأسرها» حيث اعتقد ان دمج بعض العمال في البرلمانات او الظفر بمكتسبات محدودة سيضمن خلاص العمال. وبالفعل فقد التحق ليون بلوم في فرنسا بمعسكر البورجوازية الاستعمارية، وسحق الحركة العمالية الثورية.
يعتبر الكثير من المؤرخين الثورة الروسية إعصار تاريخي هادر بكل مقاييس القطع مع الثورات الاجتماعية و السياسية السابقة، فقد سيطرت اخيرا البروليتارية بسابق ارادتها وتصميمها، وأزاحت البورجوازيين من السلطة، ليس فقط في حدود مدينة بل على ارض تمثل سدس مساحة كوكب الارض، حيث يمثل الفلاحون 90% من الشعب الروسي، لترسم الطبقة العاملة أول درس تاريخي : فلقلية عمالية لا تمنع الوصول إلى السلطة ان كنت منظمة وواعية. لم يتوقف تأثير الثورة على روسيا بل اضحت مقدمات ثورة عمالية عالمية قيد التحقيق في فنلندا والمانيا وهنغاريا، وهو ما جعل الدول الرأسمالية المتحاربة (بين 1914م و1918م)، تتجاوز خلافاتها فجأة وتتحالف فيما بينها لسحق الثورة ، بالمقابل التقط الماركسيون الثوريون الدرس وعلموا ان لاخلاص للطبقة العاملة الا بتوحيد جهودها عالميا لهزم اعدائها الطبقيون أمميا ، فتأسست لهذا الغرض أممية ثالثة بمواصفات اشتراكية ثورية.
لم تفلح الأممية الثالثة في الحفاظ على الإرث الايديولوجي للماركسية، فنشطت في صفوف البروليتارية العالمية طبقة عمالية ارستقراطية انتعشت من ثراء البورجوازية وجنيها الغنائم والثروات من المستعمرات. وزادها تبلور خط انحراف بيروقراطي بظهور الستالينية (البيروقراطية السوفياتية ) ، فبدل الدفع بالنضال العمالي الى اقصى حد ، حافظت الاحزاب الديمقراطية الاشتراكية على مصالح البورجوازية.
وعت البيروقراطية السوفياتية أن استمرارها في السلطة ناتج عن فشل الثورة العالمية، وتخلفت عن اللحظة التاريخية الفارقة، وباتت تتخفى وراء تقاليد وشعارات ثورية ببرامج معادية، ، بل نشطت الآلة القمعية الستالينية في استهداف الطليعة الثورية للبروليتارية العالمية ، مما تسبب في أزمة قيادة اثورية فانهكت المكاسب الثورية وباتت الثورة مغدورة ، وخاضت حربها الضروس ضد كل إمكانية احياء الحركة الثورية العالمية، فعملت على التضليل والاشاعات والكذب، وانتهت الى ابادة جيل كامل من الثوار، وفي وقت لاحق بإسبانيا والهند والاتحاد السوفياتي وفرنسا والمكسيك والولايات المتحدة وايطاليا الخ. ليس فقط برفض الستالينية خوضها الحرب ضد النازية سنة 1933م، وبدل خلق تحالفات مع الاشتراكيين الديمقراطيين بألمانيا ضد صعود النازية، راح مبشروها يشرحون ويعبئون العمال ضد خطر الاشتراكيين، مستخفين بقدرات الفاشية على الوصول الى السلطة، وهي نفس السياسات التي تبنتها في اسبانيا سنة 1936م، حيث سيدفعون في اتجاه ان ينخرط العمال في الجبهة الشعبية للدفاع عن الدولة البورجوازية بإسبانيا. وكل من عارض القرار وجد نفسه منفيا في معتقلات الاتحاد السوفياتي أو يصفى رميا بالرصاص.
وللحظة تاريخية، دمر كل ما بنته الحركة العمالية، واستبدلت الثورة العالمية بالاشتراكية في بلد واحد، وسط دعاية ترتد على التراث الماركسي الثوري، وأضحى العمال في الاحزاب الشيوعية ينتظرون رحمة البرلمانات البورجوازية، وفق اتفاقيات ومشاورات دولية بين ستالين وروزفلت وتشرشل، في إطار ما عرف بحكومات " الوحدة الوطنية " او "جبهات تحرير وطنية " حيث التنسيق الطبقي مع نقيض الطبقة العاملة.
باتت الساحة العمالية السياسية مهددة بالإفراغ، ومع وصول ماو تسي تونغ سنة 1949م، تكرر تجميد دور العمال، نتيجة تحالف الطبقات للوصول الى السلطة، واول ما طالب به ماو العمال " البقاء خلف ماكيناتهم".
ان الهزائم التي تلت سنوات الستينيات، جعلت الطبقة العاملة تتراجع، لتفسح المجال لظهور حركات اجتماعية وشعبية جديدة، وحركات تحرر وطني قومية ووطنية في المستعمرات. لكن بالمقابل بات العمال محرومين من دولتهم الخاصة، فقد سقط تجارب الدول العاملة نتيجة الخيانات المتكررة لتطلعاتها.
العمال بين التشبث بالماركسية وخيانة الانتلجانسيا:
أدت ستون عاما من خيبات الامل والاخفاقات العمالية نتيجة خيانة المثقف الى تدمير الوعي البروليتاري بشكل كامل، ليظل ايمان ماركس بقدرة العمال على حسم الصراع الطبقي، عين الصواب ، فبدونهام يصعب انقاد الجنس البشري من دمار الآلة الرأسمالية .
كان ماركس يرى أن الطبقة العاملة لكي تصبح ثورية بحاجة الى وعي ثوري ، ففي غياب الحزب يضمحل الوعي الطبقي ، فالحزب يشكل الشرط و النتيجة وهو ما يترجمه البيان الشيوعي :" إن الشيوعيين يناضلون من اجل المصالح و الأهداف المباشرة للطبقة العاملة ، ولكنهم في نفس الوقت يدافعون عن مستقبل الحركة العمالية ويمثلونه" لكن التاريخ اظهر ثم فرق بين ان تكون ثوريا وبين ان تكون شيوعيا حقيقيا .
وعى ماركس بدور الأنتلجانسيا الثورية الواعية بقوانين التاريخ ، التي تنير طريق العمال للظفر بالسلطة، واعتقد ان الطبقة العاملة تتعرض دائما لمكائد البورجوازية في التغليط و التجهيل الناتجة عن الاستغلال ، إلا أن انهيار الاممية الثانية واعتقادها منظريها بحتمية الانتقال الى الاشتراكية الموضوعي ، و حتمية انهيار الرأسمالية التلقائي ، أتضاف الى رصيد الدروس ان خيانة العمال لا تنحصر فقط في صفوف معادي مصالحها بل أيضا في المعادين لثورتهم وانعتاقهم ، مما دفع بولادة مثقفين ثوريين أمثال لينين و تروتسكي و غرامشي ولوكاتش ، المؤكدين على ضرورة انخراط النخب الواعية بمهام التغيير الثوري لتسريع الأحداث التاريخية ، اعتبارا لكون الطبقة العاملة لا تملك العلم ، فتلك خاصية المثقفين ، لينطلق بذلك مشروع المثقف العضوي او الملتزم بالتغيير الثوري في الحزب او الارتباط المباشر بتنظيمات الطبقة العاملة و تسهيل الدراسة الفكرية و العلمية لتأسيس طريق لثورة وبناء المجتمع الاشتراكي .
الا ان هذا الدور، نتيجة التجارب المريرة من الخيانات المتكررة، عمقت الفجوة بين المثقف و المجتمع مما دفع الكثير من الدارسين (ديك بليز، ادوارد سعيد، بيير بورديو، دولوز، لوكاتش ، غرامشي..) للانكباب على فهم علاقة المثقف بالطبقات الاجتماعية من حيث ثنائية التمثيل او التشييئ او ما يسمى spokes personship كلام الشخص كخاصية اجتماعية.
إن بعض المثقفين الماركسيين الدين تهزهم اللحظة ، وتجعلهم يميلون الى ثقافة الانحياز ومماهات السائد في ميزان القوى ، يتكيفون بسرعة مع كل هزيمة وبنفس القدر مع كل انتصار، ، ويذكرنا ذلك بالانتصارات التي صاحبت تجربة ماو وكاسترو، دفعت مثقفين بارزين الى احلالهما بدل لينين وماركس واعتبارهما مراجع تاريخية ، كما جعلوا من الكتاب الأحمر بديلا عن البيان الشيوعي. بل ذهب البعض من الآباء والفنانين أمثال بيكاسو وأراغون وإيلوار في سنوات الخمسينيات من القرن الماضي الى وصف ستالين في ابيات لإيلوار ب «مبدد التعاسة والثقة هي ثمرة من عقله المفعم بالحب "، يكتب ايضا جون بول سارتر في جريدته: " أن ماو وخلافا لستالين لم يرتكب أية أخطاء"
البيان الشيوعي سنة 1872م.
مضى زمن على صدور هاته الوثيقة الفارقة في تاريخ الحركة العمالية، التي استهلت مدخلها مؤرخة لعلم ومنهج جديد: «ليس تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا سوى تاريخ صراع الطبقات» ومع متواليات الهزائم بات المتمركسون اليوم يستبدلون الصراع بعبارات "المصلحة المشتركة" و"الوحدة الوطنية" و"حقائق الأخلاق الأبدية" واضافت إليها الفترة السوداوية للستالينية عبارة " الجبهات الشعبية ".
يتلخص البيان في اقتناع راسخ بميل الرأسمالية الى افقار العمال ونهب قوة عملهم وادلالهم ، وبرهان حتمية الانهيار ، فالرأسمالية تحمل حفاري قبورها ، وكلما اغدقت في استغلالهم كلما كانوا أكثر ميلا للثورة والتحرر ، وليس بالجديد ان يسود الاعتقاد اليوم، بأن الرأسمالية المتوحشة تستطيع احتواء ازماتها البنيوية الدائمة ، فقد سبقهم في مطلع القرن العشرين، المثقفون البورجوازيين الى الاعتقاد ان تطور التروستات قوميا ودوليا يضمن التحكم في السوق وتناقضاته ، لكن ماركس رأى عكس ذلك، فان لم يتم تدمير النظام القائم وتركيز السلطة في يد العمال كطبقة وحيدة مؤهلة للحفاظ على باقي مصالح المضطهدين « البروليتاريا المنظمة في طبقة حاكمة »، فإن النظام القائم سيعيد تجديد آليات تعايشه بالمد والجزر وفق موازين القوى المهيمنة. والتي لا تتحدد في شروط توسع الرأسمال العالمي وتشكل بورجوازية عالمية متحكمة في الصراع ، ، ، قد تصل الى تدمير الحضارة الانسانية بأكملها ، وهو ما نعيشه اليوم من حروب ومنافسة مدمرة للبيئة احد عناوين الانهيار الشامل ..وبدل ان تزول الطبقة المتوسطة كما تنبأ البيان، في مقابل بلترة شاملة للحرف والتجارة و الصغيرة و الفلاحين .انتعشت الطبقة المتوسطة الجديدة (ظهور تقنيين و خدماتيين وادخاريين ومستخدمي التجارة) وباتت تشكل نصف الساكنة في ألمانيا، ومنع رهان تبلتر البورجوازية الصغيرة نتيجة نمو البطالة بشكل كبير ارتباطا بتطور التقنية وترشيد الانتاج الكبير .
اخفق الشابين ماركس وانجلز في رهانهما على تحول ثورة 1848م الى ثورة اشتراكية، كما اخفقا في التطلع الى تربية طليعة ثورية او فرز قيادة عالمية للعمال، فقد طف على السطح الانحطاط البورجوازي للبيروقراطية العمالية، التي أضاعت الفرصة التاريخية للثورة العالمية للعمال.
هل تلاشت البروليتارية اليوم؟
البروليتاريا اليوم: في ظل الانتفاضات والتحركات الشعبية التي يعرفها العالم اليوم بالإضافة كذالك الي تمظهرات النظام الرأسمالي المتوحش، تغيب الطبقة العاملة عن الساحة السياسية، ولا نقصد بذلك الحضور المادي، بل في غياب أحزاب منغرس في صفوف العمال التي من المفترض ان ترفع راية النضال العمالي، وتؤثر بشكل فعال في مجريات الصراع. فهل يعود ذلك الى تراجعها العددي؟ ام الى تخلي المثقفين والثوريين عنها كخلاص؟
لم يتوقف النمو العددي للطبقة العاملة وتنوعها مند القرن التاسع عشر، عرفت من خلالها الانتصارات والاخفاقات، وكانت الهزائم فرصة لإغناء مناعتنا السياسية من قبل انهماك انجلس وماركس وروزا لوكسمبورغ ولينين وتروتسكي على دراسة ابعادها وتأثيراتها.
لا يتوقف المثقف البورجوازي عن ترديد الاندثار التدريجي للطبقة العاملة، وأن الرأسمالية دخلت عالم مجتمع الخدمات او مرحلة " ما بعد الصناعة". يرمون ارقاما مفصولة هنا وهناك، ويميلون بحسهم التفاعلي والنفسي الى الفعل الإرادي، فيطلقون مبادرات وصيحات هنا وهناك، لعلهم يظفرون ببعض عطف الرأسماليين.
إن الطبقة العاملة اليوم ازدادت توسعا عدديا بشكل لم يعرفه التاريخ، ففرنسا التي كان يهيمن عليها سنة 1856م عمل المهن الحرة التي تسيطر على نصف قوة العمل، باتت اليوم لا تمثل إلا 10% فقط من مجموع القوى العاملة، وتراجع عدد فلاحيها الى 3% في حين الولايات المتحدة 4,1% على خلاف بلدان العالم الثالث التي يشكل فيه الفلاحون الفقراء 3,1%
حسب دراسة قام بها مكتب العمل الدولي سنة 2005، اظهر ان البروليتاريا تشكل ملياري نسمة حيث احصى 600 مليون عامل في الصناعة ،450 مليون عامل زراعي وحوالي مليار عمل في الخدمات. مما يعني ان البروليتاريا العالمية تشكل اليوم 3مليارات نسمة من القوى العاملة.
تكمن المغالطة الكبرى لبعض المتمركسين الجدد او الطاعنين في الماركسية في اعتبار ان البروليتاريا تزول تدريجيا، وهو ما تكذبه تقارير الامم المتحدة، فقد جاء في بعضها:" غالبا ما يقال بأن النشاط الصناعي آخذ في الانخفاض، وبأن الخدمات تهيمن الآن على الانتاج " وترد " إذا كانت أهمية دور قطاع الخدمات بتزايد، فإن الصناعة تبقى، كونها مصدر كل انتاج المادي، مفتاح الاقتصاد".

الطبقة العاملة بالعالم الثالث: قبل ثلاثين سنة رصدت منظمة العمل الدولية، التطور الملحوظ بدول العالم الثالث، ففي الفلبين تضاعف عدد العمال من 2,6 مليون الى الضعف ب 5مليون، في المكسيك من 6,5 الى 11,2 مليون، اندونيسيا ارتفع بثلاثة اضعاف أي من 6,7 الى 19,2 مليون عامل.
أما الصين التي عرفت بثورة ما وتسي تونغ، تحت قاعدة فلاحية، فقد انتقلت من 20 مليون عامل سنة 1920م الى 179 مليون عامل سنة 1980م ليرتفع اليوم الى 210 مليون عامل وبدلك تكون الصين التي يتوقع ان تتحول الى أول منعش اقتصادي عالمي.
حسب تقرير منظمة العمل الدولي برسم سنة 2008 تشكل اليد العاملة النسائية ازيد من 40% من القوى العاملة عالمية، وهن أكثر هشاشة وضعفا في الاجور، وفي البلدان العربية تشكل ازيد من 37% تتمركز في القطاع الثالث، ثم يليها القطاع الفلاحي والصناعي، في حين يصل معدل البطالة الى 15% من نسبة الساكنة.
تستغل الرأسمالية اليد العاملة بتوسعها الإمبريالي، تصدر للمستعمرات القديمة، استعمارها الجديد، عبر ربطها وتكبيلها بالديون، وفرض شركاتها المتعددة الجنسية في ترابها، ضمن ما يسمى بالامتيازات التشجيع الاستثمار الاجنبي، وتشكل مناطق التبادل الحر أحد تجليات الاستغلال البشع، حيث تتشابه شهادات العمال أينما حلوا أو ارتحلوا. تشجع الحكومات الاستغلال البشع لعمالها، وتوفر قاعدة نهب تتشابه عناوينها وفصولها: فأرباب العمل يتملصون من الضرائب، و850 من المصانع المنتشرة في جميع انحاء اسيا وامريكا الجنوبية او شمال افريقيا لا تطبق أي قانون متفق عليه، حيث يعمل فيها 30 مليون عامل يعملون ل 14 ساعة، في سيرلانكا والفلبين 12 ساعة، وفي جنوب الصين 16 ساعة.
مهامنا
لا غنى عن حزب عمالي ثوري، يسترشد بالمنهج الماركسي في التحليل العلمي، وكل ثورة شعبية عفوية لن تأخذ مسارها الطبيعي الا بوعي العمال بداتهم ولداتهم، ففي مصر بلغت احتجاج العمال مند الشهور الأولى 400 اضراب واعتصام، وتشكل الاحتجاجات العمالية اليوم أكثر الموجات الثورية مند الثورة (إضرابات تنادي بإقالة رؤساء الشركات القابضة سواء في الغزل والنسيج أو الصناعات الغذائية وغيرها. وأخيرا، وهو الأهم، هو ظهور “شعار” التأميم في بعض الإضرابات. كما حدث في الوطنية للصلب بـ 6 أكتوبر وسيراميكا كليوباترا بالسويس)، بينما كان للعمال المفصل الثوري في تونس، وقد ارتفعت درجة الاحتجاجات العمالية في الربع الاول من سنة 2013 بنسبة 14%.
ان ارتباطنا بالنضال العمالي ورفع وعيها وتقديم التضامن الثوري اللازم لفك عزلتها مسألة حياة أو موت، كما ان التثقيف السياسي للكوادر العمالية وجيش العاطلين المحيطين بها، أحد مداخل بناء تيار ثوري ماركسي عمالي اممي، يتجاوز حدود النضال المحلي. ويضع المسألة النقابية من منظور جديد، تتجاوز التقاطبات السياسية الفوقية للبنى البيروقراطية، في إطار تفعيل الدور النقابي والتحفيز على التأطير السياسي للعمال، بما يدعم التقدم في احراز المكتسبات الثورية للعمال.



#النضال_العمالي_بالمغرب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبقة العاملة بين الأمس و اليوم


المزيد.....




- فيديو: مظاهرات غاضبة في الأرجنتين ضد سياسات الرئيس التقشفية ...
- تِلك هي خطوات تسجيل في منحة البطالة 2024 للحصول على مبلغ 15 ...
- رابط التقديم على منحة البطالة للسيدات المتزوجات في دولة الجز ...
- “صندوق التقاعد الوطني بالجزائر عبـــــر mtess.gov.dz“ موعد ت ...
- الآن من خلال منصة الإمارات uaeplatform.net يمكنك الاستعلام ع ...
- بشكل رسمي.. موعد الزيادة في رواتب المتقاعدين بالجزائر لهذا ا ...
- شوف مرتبك كام.. ما هو مقدار رواتب الحد الأدنى للأجور بالقطاع ...
- احتجاجا على الخريطة .. انسحاب منتخب الجزائر لكرة اليد من موا ...
- “18 مليون دينار سلفة فورية” مصرف الرافدين يُعلن عن خبر هام ل ...
- في مؤتمر الجامعة التونسية للنزل :


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - النضال العمالي بالمغرب - الطبقة العاملة بين الأمس و اليوم