أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - رواية -صخرة هيلدا- وحوارات زمن القدّاح والعوسج















المزيد.....

رواية -صخرة هيلدا- وحوارات زمن القدّاح والعوسج


عامر هشام الصفّار

الحوار المتمدن-العدد: 4726 - 2015 / 2 / 20 - 09:10
المحور: الادب والفن
    


تبقى الكاتبةُ هدية حسين واحدة من الكاتبات الروائيات العراقيات اللواتي بقين مواظبات على نتاج سردي متواصل خلال سنوات حياتهن الأبداعية، حيث تباين هذا النتاج بين جنس قصةٍ قصيرة أو رواية. ولعل ترشيح أحدى رواياتها الجديدة وهي رواية " ريام وكفى" كأحدى الروايات المفضلة على القائمة الطويلة لجائزة الرواية العربية العالمية لعام 2015 لدليل مهم على النوعية المتطورة في النتاج السردي الروائي لهدية حسين وهي العراقية المغتربة التي تعيش حاليا في كندا وهي زوجة الروائي والقاص العراقي الراحل عبد الستار ناصر.
ولعل لمن يقرأ روايات الكتّاب العراقيين في المنفى أو دار الأغتراب لابد له من الأستنتاج أن هناك صفة تتصف بها نتاجات الرواية العراقية في أرض الغربة وتلك هي صفة أسترجاع الماضي وأجترار الذكريات وتخليد لحظات زمنية يختلف وصفها عبر سرد قصصي حكائي، قد يهدف ضمن ما يهدف أليه الى تأطير الحدث الماضي بأطار الذاكرة وحسب، أو قد يهدف الى التفسير الشخصي والمحاكمة الفردية القائمة للحدث مما لم يكن متاحا في زمن صعب مضى. وهكذا تجد أن كلمة "بغداد" مثلا راحت تتكرر بمناسبة أو بدونها ضمن العتبات النصيّة لعدد لا يستهان به من سرديات الكتّاب العراقيين المغتربين دلالة سيميائية على مدينة عانت في ماضيها البعيد والقريب وما زالت تعاني، ودلالة على إحياء ذاكرة المدينة في الخاطر الروائي العراقي، مما يوفر للكاتب المقصود رؤية سردية لا تبعده عن معاناته الشخصية هو في ظل مدينة أبتعد عنها وأبتعدت عنه في المكان وليس في القلب والبال والخاطر.
رواية "صخرة هيلدا" وذاكرة الحب
على أن رواية "صخرة هيلدا" الصادرة عام 2013 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر للكاتبة العراقية هدية حسين أنما هي رواية حب في ظلّ الأغتراب والمنافي، ولكنه الحب الذي في الذاكرة تلك التي هي جزء من ماضي الحياة وماضي الأحاسيس، وهو الحب الذي مضى عبر تقنية الأسترجاع السردي. كما أن الرواية التي جاءت على ما يقرب من 280 صفحة من القطع المتوسط أنما هي رواية معاناة الغريبة العراقية "نورهان" والتي أختارت مدينة "هاملتون" في جنوب كندا لتكون مستقرها ومقامها بعد أن طالت التفجيرات مدينتها الأولى وأصبحت سماؤها في زمن ما وكأنها تمطر جثثاً.. فمَنْ يلوم نورهان وقد تقلّبت بها الأيام وقلّبتها بعد أن فقدت أمها مذبوحة في توصيفها لحالة عنف فظيع، وهي تقرر الهجرة من بغداد الى مدينة تبعد عنها آلاف الأميال ؟. وها هي الهجرة التي تريدها دائمية بأصرار بدلالة تعرّف نورهان على عراقي مغترب في نفس المدينة ونفس المكان ولكنها تملّصت من كونها عراقية وادَّعت للتعريف أنها من كولومبيا ف" لو قلت له نعم أنا من العراق لفتح صنبوراً من المآسي لا يتوقف، وحينها سأرى الدماء تتدفق والرؤوس تتدحرج والأنين يتعالى ..".
ومع هذا لا تريد الروائية وهي تستعمل ضمير المتكلم في حوار داخلي مع النفس (تقنية المونولوج) أن تثبط من عزيمة قرائها ورغبة مَنْ يسمع حكاياتها ( حيث تظل تذكّر القاريء بأنها تدور حول الحكايات المعتقة في منطقة الشك ولا تبلغ اليقين)..فتذهب الى أحاسيس القلب ذكرى، والى الحبيب الأول عنوانا، حيث تتساءل " لماذا بقيتَ جميلا في ذاكرتي برغم مرور الشيخوخة على جسدي".. وهنا يعرف القاريء أن "نورهان" الأنثى المغتربة أنما تتذكر حباً دام لخمس سنوات وصارفي فترة ما حب طرف واحد، فالشاب شاهين صارت له واجباته العسكرية في حروب الوطن، تلك التي جمع فيها نياشين على صدره وكتب عنها قصائد حتى قالت عنه أمها يوما " لن يعود، رجل ركبه شيطان الحرب"..
الحب والبوح الصامت
وقد أرادت الساردة أن تحكي الى "صخرة هيلدا" حيث لا سامع للبوح عن حكاياتها وحبيبها وحكايات صديقتها سارة وحبيبها الذي أرتبطت به علاقةً زوجية فتركها، ثم قيل أنها أنتحرت في بغداد أو كما ذكرت لها الصديقة سمر التي تحجّبت وهاجرت الى كندا لتلتقيها يوماً في سوق المدينة، من أن سارة في حقيقة الأمر قد قُتلت على يد أخيها الذي أخرج الجريمة بشكل أنتحار ليهرب المجرم من فعلته. وقد أتبعّت المؤلفة تقنية إشغال القاريء بتوقع حدث ما دون أن يأتي هذا الحدث فتظل الساردة (نورهان) تعاني من سماع صوت..."يستمد بقاءه من أضطراري لسماعه طوال الوقت، هنا قرب (صخرة هيلدا)..". فتعلن أمام الملأ القرّاء " موت الماضي وأخرج الى الحياة أمرأة بلا متعلقات.." ويأتي كل ذلك بعد أن راحت الساردة تقول "أريد ذاكرة بيضاء أخطّ عليها شوارع نظيفة، ووجوها سريعة المرور لا تحبذ المكوث طويلا..". ولكنها يا ترى هل أستطاعت تحقيق ذلك؟.. وهل زيارتها للطبيب النفسي بسبب سماعها للصوت الذي لا يكف ولا ثانية قد حققت لها ما تريده.. ؟ أم أنها سمعت نصيحة طبيبها (الوسيم) " لذا فأن نصيحتي لك هي أن تتعايشي مع المرض وتتجاهلينه.." فهل أستطاعت "نورهان" أن تتعايش مع المرض؟ أم هل سيستطيع الشعبُ بأكمله أن يتعايش مع واقعه المريض..؟. كل ذلك البوح في خاتمة السرد سيجعل من المتلقي /القاريء متعاطفا مع شخصية الرواية الرئيسة متفاعلا معها، حتى عندما تفقد وعيها بعد أن تجاوز ضغط الدم عندها معدلاته الطبيعية يكون القاريء قد قطع الأنفاس وهو عنده أن نورهان /الشعب يجب أن تعيش .. معادلا موضوعيا لتحقق الشفاء في مستقبل يتمناه الأنسان لمن يحب.. حيث تترد كلمة الصدى لمرتين في الصفحة الأخيرة من الرواية "فيذهب الصوت الذي يضرب بقوة ويشوه الوجوه " ليصير " رنينا خفيفا لصدى الصوت الذي رافقني لسنين طويلة.. لا أدري اذا ما سيسكت الى الأبد أم سيعود؟..". ثم أنه " لم يعد للحكايات سوى صدى خافت..".
مدينة المنفى وذاكرة السرد
على أن للروائية لغتها الشاعرية وصفا وهي تبحر في أجواء ومجاهيل النفس، وهي لغة رشيقة غير معقدة، تسير في زمن خطي مع أسترجاع الذاكرة على الأغلب فتتواصل الساردة مع نفسها وهي تعيش فضاء مدينة لم تكن تحلم أن تهاجر أليها يوما وتكون لها مستقرا ومقاما..فتتساءل في البداية "كم تبعد هاملتون عن بغداد.،؟". وتروح تقارن بين أسواق مدينتها الجديدة وسوق بغداد وبابها الشرقي .. ثم ها هي تجلس " على مصطبة، الأشجار من حولي وورائي أشجار قيقب وسرو وسنديان، وأمامي كون أزرق من ماء البحيرة كما لو أن السماء نزلت أليها وعانقتها..". ثم أنه فصل الخريف الكندي " فالأخضر يتبقّع بالأصفر والأحمر الأرجواني والوردي الغامق، ويمكن أن ترى شجرة وارفة الظلال بلونين أو ثلاثة، وأخرى يسرع أخضرارها للرحيل فتصبح الأوراق بنفسجية أو بنية تميل الى الأحمرار..". وهنا لا تخرج الروائية هدية حسين عن أطار رواية المنفى والكاتب المهاجر المغترب، تلك التي قال عنها الناقد د. عبد الله أبراهيم " في أدب المنفى رغبات الأشتياق والحنين والقلق، مسكون بفكرة أعادة كشف موقع الفرد في وطنه وفي منفاه..". وأكثر من ذلك، بل أن رواية "صخرة هيلدا" من وجهة نظر الطب النفسي (وبطلتها قد أستعانت بطبيب نفسي على كل حال) تعتبر نموذجا كتابيا للمريضة التي تعاني من متلازمة القلق بعد الشدة أو
Post traumatic stress disorder
تلك المتلازمة التي كُتبت عنها الكثير من البحوث والدراسات والتي كان آخرها بحثا أشار الى أنها نشأت وشُخصّت أولا وقبل كل شيء في وادي الرافدين بعد حروب التاريخ الأولى.



#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاص والمدينة في -عمَّ تبحث في مراكش-
- فيلم 2015
- -العيون السود- لميسلون هادي بين تلقائية السرد ووحدة المكان
- رواية -نازك خانم- بين شعرية السرد وتطرّف الشخصية
- عراقي في دبي
- أقاصيص كرسمسية
- رواية -طشّاري-..حنين السرد الى وطن يضيع
- أختزال وقصائد أخرى
- رواية - على أبواب بغداد- رهبة الحَدَث وغرائبية السرد
- حول مجموعة القص -وثابة كالبراغيث-: تكثيف السرد وتحقيق الهدف ...
- قراءة في كتاب - أصول الديمقراطية في الفكر السياسي الحديث
- خالد القصّاب: وشعرية اللوحة الفنية
- قراءة في كتاب: ذكريات من مسيرة الحكم الملكي في العراق
- يوم السل العالمي: حول مكافحة مرض السل في العراق
- أمي
- الصندوق وأقاصيص أخرى
- فيلم -أزعاج أمريكي- والإدهاش سينمائيا
- عام 2013 طبيا
- قصص كرسمس القصيرة جدا
- السُمنة في العراق.. المشكلة والحلول


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر هشام الصفّار - رواية -صخرة هيلدا- وحوارات زمن القدّاح والعوسج