أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد السباهي - السجود وصراع الخلافة















المزيد.....

السجود وصراع الخلافة


محمد السباهي
(Mohamed Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4724 - 2015 / 2 / 18 - 21:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانوا يقولون لنا: إن الملائكة، طعامهم، التهليل والتسبيح، وإنها لا تنفك منشغلة بالدعاء. وكانوا يقولون لنا: إن الإنسان مخلوق من شهوة وعقل، وأن الملائكة، خالية من الشهوة والعاطفة، وإنها عقل محض. لكن، الحقيقة الواضحة والتي يؤشرها لنا القرآن الكريم، غير هذا الزعم. فنحن نرى الملائكة تعترض وتعرض نفسها بديلاً عن (آدم) هذا المخلوق الجديد. قال تعالى: ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)) البقرة. نلحظ هنا، اعتراض الملائكة ناشئ من كون علة خلق (آدم) لغرض العبادة، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) الذاريات 56. والملائكة تقوم بهذه المهمة على أكمل وجه، ولهذا عرضت نفسها بديلاً لهذا العابد الجديد.
ثم، نلحظ هنا، إن الملائكة، اعترضت على هذا المخلوق بقولهم: (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) وهذا الاعتراض، وهذا العرض، (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).
مما تقدم يتبين لنا ان هناك:
1- عرض.
2- اعتراض.
وهذا العرض والاعتراض المتداخل في الخطاب، والذي هو على صيغة (الاستفهام) (أتجعل). هو استفهام عن سبب خلق هذا ال (آدم)، الذي من طبيعته ، (يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ). وتجلى هذا الأمر بوضوح في حادثة قتل (قابيل) لأخيه (هابيل). وهذا الفعل يؤكد صدق مقال الملائكة، وأن شكهم في قدرة هذا المخلوق، هو شك (علمي/موضوعي). والذي يبدو أكثر من (اعتراض) الملائكة وجود أكثر من (آدم) وجرت معه عين هذا الحوادث. لذا نرى الحديث الذي يُنسب للإمام الصادق (عليه السلام): ((في التوحيد، عن الصادق (عليه السلام) في حديث قال: لعلك ترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم؟ بلى و الله لقد خلق ألف ألف آدم أنتم في آخر أولئك الآدميين)). بحار الأنوار، ج8. تفسير الصافي، الفيض الكاشاني، ج5.
لذا نرى أن (اعتراض) الملائكة، ورفض (أبليس) السجود لآدم، لم يكن رفضاً، اعتباطياً، أو ناشئ من (التأويل) والفهم الفاسد من قبل (أبليس) لحقيقة السجود المتمثلة، ب(الامتثال) أولاً ، لأمر الباري (عزوجل). فالحق، تبارك وتعالى، يُريد أن يُعبد من يُريدُ هو، لا من حيث نُريد، نحن.
لكن، لو رجعنا لخطاب الحق تبارك وتعالى، نلقى أن الحق، كان مطلع، تماماً على نوايا الملائكة، وبماذا كانوا يفكرون، وماذا كان يعدّون من خطط لإفشال مخطط خلق الإنسان.
((وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)) البقرة
ويبدو أن الأمر (خلق آدم)، لم يكن أمراً عادياً، بل أمر جرّ خلافاً حاداً بين سكنة السماء. وهذا الأمر، يبدو غريباً على من تعلم في مدارس التقليد والتلقين، بعيداً عن مدارس الشك والبحث العلمي، الموضوعي. فبالإضافة للحوار بين الحق تبارك وتعالى وبين الملائكة، واعتراضها وعرضهم لأحقيتهم لهذا التكريم، إلا أن الأمور أعقد من هذا الأمر. حيث نلحظ أن عدم سجود (أبليس) لم يجرّ وراءه أي إجراء عقابي ضد (أبليس). وهذا الأمر سنتعرض له في مكان آخر من هذا البحث.
لكن، لنتابع القرآن الكريم، ونقف عند سورة (النبأ). حيث يخبرنا القرآن الكريم بحدوث أمر عظيم، أعني (جعل خليفة في الأرض). يقول:
((عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)) النبأ. حيث نلحظ وجود اختلاف وتساؤل عن مغزى وجدوى هذا العمل، وهذا الخلق. لكن، هل هناك دلالة أوضح على الاختلاف في عالم الملائكة حول هذا المخلوق الجديد؟
نأتي لسورة (ص) حيث يقول القرآن الكريم بشأن هذا الاختلاف:
((قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69 إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70)) . (ص)
إذا، خلق آدم، هو (نبأ عظيم). يا قريش، أهل الكتاب، الغرب،(أنتم عنه معرضون). ثم يتوجه الخطاب للنبي محمد (ص): (مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ). لأنني لم اخلق بعد، ولو ذهبنا مع من يقول: إن (آدم) الأول، هو النبي محمد. فالخطاب يبقى على ما هو عليه، حتى لو كان (آدم) هو (محمد). لأن (آدم/محمد) لم تنفخُ فيه الروح بعد، بل لو أردنا الحقيقة، أن الوضع إلى هنا، هو مجرد مقترح، وليس جعل فعلي.
سنحاول أن نقدم المزيد عن هذا الاختلاف. رغم أني على يقين أن هناك جملة من أرباب التفسير يذهبون إلى أن (النبأ العظيم) هو الإمامُ علي (عليه السلام). لكن سياق الآية الكريمة والخطاب والصراع بين الحق تبارك وتعالى و (أبليس)، إنما هو صراع فكري، كلّ يحاول طرح وجهة نظره، ويؤيدها بحججه.
((إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73)). (ص)
إلى الأن، الأمر طبيعي، والحدث عينه، يتكرر بصور وألفاظ مختلفة. لكن، المثير هنا، حدوث تطور في نفس القصة، حيث أفصح الحق تبارك وتعالى، عن نيته في (خلق بشر من طين). من هنا، تبدأ المعادلة، والطين أحد طرفيها. حيث يتجلى لنا أمر في غاية الخطورة، ألا وهو رفض (أبليس) السجود لآدم، وبالتالي، كان هذا الرفض، هو عدم امتثال لأمر المولى المقدس، بالسجود. ((إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74)) (ص). نحن هنا، لا نعرف دوافع (أبليس) ورفضه السجود لآدم، وأن كان الأمر سينجلي عما قريب. لكن، وجود لفظة (كان من الكافرين) غريبة في هذا المقام. ماهو الأمر الذي أراد (أبليس) ستره واخفاؤه ؟ بعد كون لفظة (كافر) تدل على التغطية والستر.
لننتقل إلى مكان آخر في هذه القصة المثيرة جداً، والصراع الناشب في السماء. حيث سنصل للطرف الثاني للمعادلة، قال تعالى: ((قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76)) (ص).
قال (أبليس) في معرض رده عن سبب رفضه السجود (لآدم):
((قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76)) . (ص).
إذاً، اتضح لنا الطرف الثاني من المعادلة.
آدم ←-;- طين أبليس ←-;- نار
وحسب وجهة نظر (أبليس)، تكون النار أفضل من الطين، وقد تلقف الشاعر بشار بن برد، هذه النظرية وقال فيها شعراً:
إبليس خير من أبيكم آدم ... فتنبهوا يا معشر الفجار
إبليس من نار وآدم طينة ... والأرض لا تسمو سمو النار
وعند أبي العلاء المعري في (رسالة الغفران)، تغيير جوهري، حيث أبدل (الطين) محل (ألأرض) وهو عندي الأصح.
على ما تقدم، يكون رفض (أبليس) السجود لأنه مخلوق من (نار) وآدم مخلوق من (طين)، والطين خيرٌ من النار.
لكن هناك، مشكلة أعقد مما طرحه (أبليس) كسبب في رفض السجود لآدم. وأن مسألة السجود كانت سبباً وحجة لإخفاء السبب الحقيقي الذي من أجله رفض (أبليس) السجود. أعني مسألة (الخلافة). يقول الشهرستاني في كتابه (الملل والنحل):
((الخلاف الخامس : في الإمامة وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان)). فالإمامة/ الخلافة، هي المحك الحقيقي للإخلاص، للمعتقد والوفاء له. وفي ظنّي، أن السبب الحقيقي لعدم سجود (أبليس) تيقنه من عدم حصوله على مقام (الخلافة/ الإمامة). وهذا نراه واضح في خطاب الحق تبارك وتعالى مع النبي (إبراهيم) حيث قال له: ((قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين)) 124/ البقرة
فالخلافة والإمامة ليست بطلب من المخلوق، بل هي هبة من الخالق، وفق مقاييس معينة.



#محمد_السباهي (هاشتاغ)       Mohamed_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين وتحولات المنطقة
- الخبز والحرية
- عقم زوجات الأنبياء... سارة/ أليصابات/ عائشة
- ترسيس الهوية الشيعية
- موسى والقوم الظالمين
- في البلاغة العربية
- قريش... صفوة شعب الله المختار
- أقليم البصرة
- الدولة الشيعية
- النص والنص الموازي
- الموصل ... ما أشبه الليلة بالبارحة!
- الخطاب الموازي، الإسراء والمعراج إنموذجاً.
- شيزوفرينيا..
- الاحتضار السياسي/ معاً للهاوية ...
- البؤساء
- الإنسان أولاً ...
- أول بيت وضع للناس للذي ببكة
- براءة زنديق
- مرة اخرى.. قراءة خشنة، كتابة ناعمة.
- كتابة ناعمة / قراءة خشنة... قراءة في كتاب الأخضر العفيف.


المزيد.....




- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد السباهي - السجود وصراع الخلافة