أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لماذا تخشى “إسرائيل” من القضاء الدولي؟















المزيد.....

لماذا تخشى “إسرائيل” من القضاء الدولي؟


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4724 - 2015 / 2 / 18 - 16:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



مع القرار الفلسطيني الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وتوقيع فلسطين على 22 اتفاقية دولية يكون الصراع العربي - "الإسرائيلي" قد اتخذ بُعداً جديداً على المستوى الدبلوماسي والدولي والقانوني والقضائي، وهو ميدان لم يستثمر جيداً من جانب الفلسطينيين والعرب قبل وبعد قيام "إسرائيل" في العام ،1948 ولعلّ ذلك أول ما يخشاه المرتكب .
مع هذه الخطوة تكون فلسطين قد اختارت أحد أقوى الأسلحة الدبلوماسية والقانونية، لكنه "سلاح ذو حدّين" كما يقال إلاّ إذا أُحسن استخدامه بصورة فعّالة ومؤثرة، ف"إسرائيل" على الرغم من انسحابها من نظام روما الأساسي الذي أسس للمحكمة الجنائية الدولية بعد دخوله حيّز التنفيذ العام ،2002 هدّدت باستخدام أسلحة مماثلة، وكلّفت مجموعة محامين دوليين متخصصين لدرء الخطر عنها، بل لاتهام السلطة الوطنية الفلسطينية بالإرهاب ومطالبتها بالتعويض المادي والمعنوي، وهو ما أقدمت عليه حين طالبتها بدفع مبلغ 3 مليارات دولار بناء على قرار محكمة أمريكي، بسبب أعمال وصفتها بالإرهاب للفترة بين 2002- 2004 .
وحتى لو افترضنا إن ذلك يستهدف إثارة زوبعة إعلامية أو قد يكون جزءًا من خطة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكسب المعركة الانتخابية، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن رد فعل حقيقي إزاء الخطوة الفلسطينية بمقاضاة المرتكبين الإسرائيليين، وهو ما دعا نتنياهو إلى شن هجوم ضد المحكمة الجنائية الدولية متهماً إيّاها بالنفاق مؤكداً عدم امتثال جنود "إسرائيل" لقرارات المحكمة، والأكثر من ذلك اتهم المحكمة بتشجيع الإرهاب الدولي لقرإرها بقبول انضمام دولة فلسطين إلى المحكمة .
لقد حاولت "إسرائيل" وحليفتها الكبرى الولايات المتحدة وضع العصي في عجلة فلسطين لمنعها من السير في هذا الطريق لأنها تدرك مدى خطورته عليها، وقد اتصل نتنياهو بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري طالباً منه إحباط قرار المحكمة بالتحقيق بالاتهامات الموجهة إليها، إضافة إلى إلغاء حصتها في تمويل المحكمة، كما توجّه بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي إلى العمل من أجل وقف المعونات الأمريكية للسلطة الفلسطينية، وكانت "إسرائيل" قد اعترضت على كون فلسطين دولة، وإذا كانت كذلك، فغزة ليست جزءاً منها، لأنها تقع تحت سيطرة الإرهابيين، حسب تبريراتها .
وفي الوقت نفسه لوّحت قوى عديدة، بأن جلب "إسرائيل" إلى القضاء الدولي سيجلب معه "حركة حماس" أيضاً، بشأن ما قيل عن انتهاكات لقوانين الحرب، ولاسيّما التعرّض للسكان المدنيين، إضافة إلى قواعد القانوني الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وملحقيها لعام ،1977 وهما اللذان انبثقا عن المؤتمر الدبلوماسي المنعقد في جنيف للفترة بين العام 1974-،1977 والذي تمخّض عن توقيع بروتوكولين الأول الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة، والثاني الخاص بحماية ضحايا المنازعات المسلّحة غير الدولية .
جدير بالذكر الإشارة إلى أن السلطة الوطنية الفلسطينية كانت قد طلبت من المحكمة الجنائية الدولية في العام 2009 إجراء تحقيق بشأن "جرائم الحرب" عقب العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزّة (أواخر العام 2008 وأوائل العام 2009) وهو المعروف بعملية "الرصاص المصبوب"، ولكن المدعي العام في المحكمة في حينها لويس مورينو أوكامبو وبعد ثلاث سنوات قضاها في النظر بمعطيات الدعوى الفلسطينية، أعلن في العام 2012 أنه لا يمكن للمحكمة النظر في قضية من هذا النوع ما لم تقدّمها "دولة معترف بها"، وذلك قبل أن تصوّت الأمم المتحدة لصالح الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 .
قد يكون تأخّر السلطة الفلسطينية للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية له ما يبرّره، وذلك لحين توفر إجماع فلسطيني، ولهذا فإن قيادة الرئيس محمود عباس "أبو مازن" سعت للحصول على تواقيع جميع المنظمات والفصائل الفلسطينية المقاومة، بما فيها حركتا حماس والجهاد، وثانياً إن القيادة الفلسطينية بعد أن يئست من احتمال إيجاد حل أو حتى أفق لحل قريب، لجأت إلى هذا الخيار، خصوصاً وإن المفاوضات التي استمرت لأكثر من عقد ونصف من الزمان وصلت إلى طريق مسدود، إذْ كان يفترض انتهاء مرحلة الاتفاق النهائي في العام 1999 حسب اتفاق أوسلو العام 1993 وحلّ قضايا الدولة الوطنية الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين ومشاكل المياه والحدود وغير ذلك .
لكن ذلك لم يتحقّق الأمر الذي قاد إلى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام ،2000 بعد أن كانت الانتفاضة الأولى قد بدأت في أواخر العام ،1987 وامتدّت لعدّة سنوات ما قبل مفاوضات مدريد- أوسلو . وفي الفترة من العام 1999 ولغاية العام 2015 توالى على البيت الأبيض عدّة رؤساء وعدوا بحلّ الدولتين (كلينتون في العام 1996) وجورج دبليو بوش في أواخر ولايته الثانية (العام 2006) وما بعدها، وأوباما الذي بدأ ولايته بخيار حل الدولتين 2009-،2013 لكن "إسرائيل" على الرغم من ذلك ازدادت تعنّتاً وعسفاً مرتكبة مجازر جديدة بحق الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية، مثلما قامت بعدوان ضد جنوب لبنان (عدوان يوليو/ تموز 2006) وثلاث اعتداءات على غزّة في 2008-2009(عملية الرصاص المصبوب) وفي العام 2012 (عملية عامود السحاب) وفي العام 2014 (عملية الجرف الصامد) وهي مستمرة في بناء المستوطنات، وكذلك في عملية تهويد القدس والاعتداء على المقدسات والآثار الفلسطينية .
لقد جاءت الخطوة الفلسطينية إثر رفض مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الفلسطيني - العربي، علماً بأن هذا المشروع لا يستجيب لمعيار الحد الأدنى، ومع ذلك فإن مجلس الأمن رفضه مثلما رفضته "إسرائيل" وقد نصّ هذا المشروع على إنهاء الاحتلال "الإسرائيلي" للأراضي العربية في فترة لا تزيد على ثلاث سنوات، وستنتهي بنهاية العام ،2017 كما دعا إلى اتفاق شامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين في غضون عام .
إن خلفية القرار الفلسطيني تستند إلى ارتفاع وتيرة المطالبة الدولية بالتحقيق في جرائم الحرب، خصوصاً أن هناك بعض المنظمات الدولية قامت بتوثيق هذه الجرائم، كما نقلتها أيضاً الشاشات الزرقاء مباشرة يوماً بيوم وساعة بساعة، ولكن "إسرائيل" رفضت إجراء تحقيقات دولية مستقلة وإن وافقت على إجراء بعض التحقيقات الميدانية، لكنها سرعان ما أوقفتها، بل إنها رفضت التعاون مع المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام ،1967 ونتذكر كيف قامت باحتجاز ريتشارد فولك لمدة 30 ساعة في مطار اللد (مطار ابن غوريون)، كما مُنع من أداء مهمته في التحقيق، وهي بذلك لا ترفض الاعتراف بارتكاباتها ضد الشعب العربي الفلسطيني فحسب، بل إنها تزدري الأمم المتحدة وتتنكّر لقواعد القانون الدولي الإنساني، وهو ما يلقي مسؤوليات جديدة على المجتمع الدولي، الذي من واجبه ملاحقة المرتكبين كي لا يفلتوا من العقاب باستخدام جميع الوسائل الممكنة لإرغامهم على الامتثال للعدالة، طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة .
إن انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية يلقي مسؤوليات جديدة على عاتق م .ت .ف والسلطة الوطنية لمتابعة ملف ملاحقة المرتكبين وتقديم دعاوى ضدهم، سواء عبر نظام المحكمة أو عبر القضاء الوطني، كما حصل في بلجيكا سابقاً وفي إسبانيا ضد بن إليعازار (وزير الدفاع الأسبق) وفي بريطانيا حين تمت ملاحقة تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الأسبق .
ولعلّ المعركة الدبلوماسية والقانونية ستكون طويلة، لكنها في الوقت نفسه ستصبح مؤرقة ل"إسرائيل"، وإضافة إلى الارتكابات المعروفة، فهناك مسألة الاتجار بالأعضاء البشرية وهو ما تابعه وكتب عنه الصحفي السويدي بوستروم، مثلما هنالك مسألة الجدار الديمغرافي (جدار الفصل العنصري) الذي اعتبرته محكمة العدل الدولية في لاهاي، في فتواها الاستشارية، أنه غير شرعي ولا بدّ من هدمه في يوليو/ تموز ،2004 إضافة إلى محاولات قضم القدس وتغيير معالمها، وهناك أيضاً تقرير غولدستون الذي ينبغي متابعته بما فيها إدانة "إسرائيل" لخرقها لقوانين الحرب، وهناك الجريمة التي ارتكبتها "إسرائيل" بحق المدنيين في قافلة الحرية، وهذه كلّها قضايا متفرعة من القضية الأساسية التي تتعلق بحق تقرير المصير ومقاضاة "إسرائيل" على ارتكاباتها الجسيمة التي تستمر منذ العام 1948 ولحد اليوم .
إن خشيّة "إسرائيل" من القضاء الدولي، تعود إلى أنه قد لا يكتفي بتجريمها على مخالفتها لقواعد القانون الدولي ولارتكابها جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم العدوان فحسب، بل إنه سيتعرّض إلى عدم شرعية قيامها، خصوصاً بعد تنكّرها لتعهداتها باحترام حقوق الإنسان، وهي التعهدات التي أعطتها ضمانة للاعتراف بها من جانب الأمم المتحدة، لكنها منذ ذلك التاريخ امتنعت عن تطبيق القرار 194 الصادر عام 1948 بخصوص حق العودة، وشنّت حروباً على الأمة العربية بعد قضمها كل أراضي فلسطين في العام ،1967 وقامت بضم القدس العام 1980 والجولان العام 1981 بتحدّي قرارات مجلس الأمن .
كما أن خشية "إسرائيل" من القضاء الدولي تتعلق أيضاً بعقيدتها السياسية التي تقوم على العنصرية، حيث أدانت الأمم المتحدة قبل 40 عاماً الصهيونية باعتبإرها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وعلى الرغم من إلغاء القرار 3379 الصادر في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 1975 في 16 ديسمبر/ كانون الأول العام ،1991 إلاّ أن ما تقوم به اليوم يزيد على كل ما قامت به خلال تاريخها، وقد ذهبت نحو 3000 منظمة حقوقية ومدنية في مؤتمر ديربن ضد العنصرية إلى دمغ سياستها بالعنصرية، وهذا بحد ذاته سبباً كافياً لرفضها الامتثال إلى القضاء الدولي ورفضها قبول فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النازحون العراقيون بين مطرقة الإرهاب وسندان الغياب
- الاستثمارات القطرية تعزز الاستقرار في العراق
- ماذا يعني فوز اليسار اليوناني؟
- القنّاص: أبعد من جدل سينمائي
- ما بعد “شارلي أيبدو” . . الإسلاملوجيا والإسلامفوبيا!
- في بعض إشكاليات العدالة الانتقالية
- واشنطن - هافانا ونظرية بناء الجسور
- زياد أبو عين وثلاثيته الأثيرة
- عبد الرحمن النعيمي: في مسألة الهوّية وتوابعها
- شاكر السماوي والعقل النقدي
- داعش.. المشكلة في الإستراتيجية
- الأطفال على مأدبة الشياطين
- المهدي بن بركة ودائرة الضوء
- حقوق الإنسان . . بين الواقع والمفترض
- عن أية نخب عربية نتحدث؟
- زياد أبو عين.. إدوارد سعيد داخل المكان .. خارج المكان
- هل أصبحت أم الربيعين رهينة المحبسين؟
- عن الطائفية وتوابعها!!
- جيوبوليتك العلاقات العربية – الكردية
- المجتمع المدني: أزمة هوّية


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - لماذا تخشى “إسرائيل” من القضاء الدولي؟