أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - النازحون العراقيون بين مطرقة الإرهاب وسندان الغياب















المزيد.....

النازحون العراقيون بين مطرقة الإرهاب وسندان الغياب


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4722 - 2015 / 2 / 16 - 20:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لا يستطيع المرء أن يتحدث عن النازحين العراقيين ومعاناتهم الإنسانية الفائقة من دون أن يستحضر العنف والإرهاب والطائفية والفساد المالي والإداري وهي الأسباب الحقيقية التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه من انقسام وتصدّع وضعف استغلته قوى الإرهاب، ولاسيّما تنظيم "داعش" للاندفاع في هجومها للاستيلاء على محافظة الموصل كمرتكز وقاعدة أساسية، ثم التمدّد باتجاه مناطق أخرى حتى وصل ما استولت عليه نحو ثلث أراضي العراق، إضافة إلى نحو ثلث أراضي سوريا، ملغية الحواجز والحدود مقيمة نظامها الإرهابي، داعية من تحت إمرتها إلى البيعة والولاء لأبي بكر البغدادي باعتباره "خليفة المسلمين" حسب الشريعة "الداعشية" .
كان العام 2014 عاماً مأساوياً بامتياز، فقد وصل فيه عدد النازحين إلى مليونين و100 ألف نازح تركوا ديارهم وبيوتهم وأملاكهم، وفرّوا بأنفسهم للنجاة من موجة العنف والإرهاب التي قادتها "داعش"، والتي استهدفت بدرجة رئيسية التنوّع الثقافي الآشوري المسيحي والإيزيدي والتركماني والعربي- الإسلامي، غير "الداعشي"، وكل من وقف ضد التوجه التكفيري، الذي يريد فرض نمط من الحياة والعيش خارج نطاق التاريخ والزمن، وكل ما له علاقة بالحداثة والتقدم والحضارة البشرية والتراث الإنساني لشعوب المنطقة وثقافاتها المتنوعة وحضاراتها المختلفة، وذلك ما أكده الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف بالقول: إن تنظيم "داعش" استباح الأراضي وقتل المدنيين وهجّر الناس وسعى إلى تدمير العراق حكومة وشعباً وتاريخاً وأقام دولة الإرهاب والرعب .
وقال ملادينوف إن عدد الانتهاكات بلغ أكثر من ثلاثة ملايين انتهاك، ارتكبتها الجماعات الإرهابية والميليشيات المتطرفة خلال العام ،2014 دون إهمال ما حصل في بعض المناطق بعد تحريرها، وهو ما تم لفت الانتباه إليه باحتجاجات من أبناء هذه المناطق، ولاسيّما من تبقّى منهم، أو من جانب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي أدان سلوك هؤلاء معتبراً إيّاه "الوجه الآخر لداعش" .
وفي تقرير لبرنامج التغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ورد ما يفيد أن أزمة الغذاء بالنسبة للنازحين تزداد صعوبة بسبب موجة العنف التي ضربت البلاد، وقالت المتحدثة باسم البرنامج أليزابيت بايرز "إن العنف يتسبّب في استمرار النزوح من المناطق الواقعة في وسط وغرب وشمال العراق" وأعربت عن قلقها البالغ إزاء الأمن الغذائي والموقف الإنساني، مشيرة إلى أن الأغلبية الساحقة من العوائل أنفقت مدخراتها الشحيحة على المواصلات للوصول إلى مناطق آمنة، سواء في الشمال الكردي أو في الجنوب العربي .
جدير بالذكر، أن عدد النازحين يأخذ بالارتفاع يوماً بعد آخر، كما تزداد معاناتهم وتتعقد مشاكلهم، وخصوصاً لفئات الشباب والطلاب، إضافة إلى الشيوخ والنساء والأطفال، فضلاً عن أن الموظفين لم يستلموا الرواتب، وأن الكثير منهم فقدوا مستمسكاتهم الثبوتية، ويعاني الجميع سوء الإدارة والبيروقراطية وتعثر المساعدة الإنسانية، ويلقون اللوم على الدولة ومؤسساتها العاجزة عن توفير الحد الأدنى من الحماية والرعاية والدعم لتجاوز هذه المحنة، علماً بأن مئات الآلاف من الطلاب وفي مختلف المراحل الدراسية ينتظرون الدراسة ويشعرون بفقدان مستقبلهم، كما أن الحكومة لا تجيد التعامل مع المنظمات الإنسانية والإنمائية وغير الحكومية .
وحسب برنامج الأغذية العالمي فإنه يقدّم المساعدة لعوائل نازحة إلى البصرة والناصرية والديوانية والكوت والعمارة والسماوة والنجف وكربلاء والحلة، ولكن ذلك لا يسدّ النقص الكبير الذي يحتاج إلى دعم متعدّد الجوانب للتعويض عن جزء من معاناة النازحين، إذْ مازال عشرات الآلاف من النازحين يعيشون في المباني العامة والمساجد والجوامع والحسينيات، وهم من دون عمل ويتلقون الحصص التموينية والغذائية التي يوفّرها البرنامج، وقال بعض هؤلاء في مقابلات مع الإعلام المحلي إنهم من دون ذلك سيضطرون للتسوّل .
وعلى الرغم من المساعدات التي قدمتها الحكومة الإقليمية في إربيل إلى النازحين وجهات ومنظمات دولية وإقليمية، فإن جزاً كبيراً منهم لا يزال يعاني قلة وشح المساعدات التي تقدّم لهم، لأنها تفوق إمكانات حكومة إقليم كردستان، كما يعاني النازحون في كركوك البالغ عددهم 72 ألف نازح أوضاعاً قاسية وهم يضجّون بالشكوى من عدم وصول المساعدات الضرورية، علماً بأن النازحين الذين تم تحرير مناطقهم لا يزالون غير قادرين على العودة إليها، وهم يضطرون إلى البقاء في حالة يرثى لها .
لقد ساهم فصل الشتاء القارس في زيادة معاناة النازحين الذين لم يحصل ثلثيهم على مأوى مناسب ويعيش نحو 200 ألف منهم في المخيّمات والخيم، التي لا تقي البرد الشديد حيث تنخفض درجات الحرارة في الليل إلى الصفر أحياناً . وحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن عدد النازحين الذين يحتاجون إلى مساعدة عاجلة وفورية يقدّر ب 800 ألف نازح، وخصوصاً للاحتياجات الضرورية مثل الغذاء والدواء والملابس والأغطية ووسائل التدفئة، وتلقت المفوضية العليا للاجئين تمويلاً شحيحاً لا يزيد على 8 .71 مليون دولار من أصل 5 .124 مليون دولار وهو يقدّر أن يصل إلى المفوضية لتمويل خطة فصل الشتاء، وحتى المواد الشحيحة التي تصل إلى النازحين فهي عرضة للتوقف، وقالت المفوضية ما لم نتلقَ المساعدات المطلوبة قبل شهر مارس (آذار) القادم، فإن هناك 500 ألف نازح قد يعانون خطر فقدان القسائم الغذائية .
وقد أطلق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر نداءً طارئاً لمساعدة النازحين، لاسيّما في ظل تحديات فصل الشتاء، خصوصاً مع استمرار أعمال العنف مع موجة البرد الشديدة التي ضربت المنطقة . ويستهدف نداء الطوارئ تأمين مبلغ 19 مليون فرنك سويسري لدعم العمليات الإغاثية التي تركّز على تأمين المأوى لاستكمال الحصص الغذائية، وغيرها من الضروريات لأكثر من 000 .500 نازح .
وقد وجهت دعوات من جانب قوى عراقية حقوقية ومدنية إلى جامعة الدول العربية للقيام بمسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية تجاه النازحين خلال هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها العراق، علماً بأنه عضو مؤسس في الجامعة وعلى مدى تاريخه قام بواجباته إزاء جامعة الدول العربية وإزاء العمل العربي المشترك، وقّدم الدعم لأية دولة شقيقة تحتاج إلى ذلك . وبقدر تفهّم العراق لأوضاع جامعة الدول العربية، لاسيّما في جانبها المالي، فإن ما قد يحتاج إليه هو الدعم المعنوي والتعاطف مع المنكوبين العراقيين، وتبنّي قضاياهم أمام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، التي عليها تحمّل المسؤولية في ذلك، لاسيّما انعكاسات ذلك سلباً على ازدياد حدّة التطرف والتعصب والغلو واحتمالات امتداداتها إلى دول المنطقة والعالم .
جدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية قدّما دعماً مالياً وعينياً للنازحين العراقيين، وقد قامت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية بإرسال مساعدات إنسانية إلى شمال محافظة إربيل في إقليم كردستان العراق، تضمنت كميات كبيرة من المواد الغذائية والملابس والمستلزمات الشتوية ووسائل التدفئة واحتياجات الأمومة والطفولة، وقد وقعت بروتوكولاً للتعاون مع مؤسسة بارزاني الخيرية، كما قام وفد من الهيئة بزيارة كردستان العراق لتبادل الخبرات والمهارات والتعاون في العديد من المشاريع، وكانت المملكة العربية السعودية قد أقامت جسراً جوياً لإغاثة النازحين، وقرّرت تخصيص مساعدة إجمالية قدرها 500 مليون دولار بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز .
إن ملف النازحين شائك ومعقد والأرقام متحرّكة وهي في تصاعد، الأمر الذي يثير القلق والمخاوف من انعكاسات ذلك سلباً، سواءً على عموم العراق أو على دول المنطقة، فضلاً عن اتساع مخاطره ليشمل العديد من دول العالم، وعلى الرغم من أن هذا الملف قاسي ومؤلم، لكنه يكاد يكون منسياً، والمسألة حسب بعض التقديرات ستطول، إذْ لا تتوفر مؤشرات حتى الآن على نهاية الحرب على الإرهاب والتخلّص من خطر "داعش"، وهو ما عبّرت عنه جهات رسمية عراقية، إضافة إلى ما أعلنه الرئيس الأمريكي أوباما، بقوله: إن القضاء على خطر الإرهاب الدولي وتنظيم الدولة قد يحتاج إلى ثلاثة أعوام على الأقل . ولهذه الأسباب تولّد شعور لدى أوساط غير قليلة من النازحين، بأن قضيتهم لن تحسم قريباً، وهو الأمر الذي جعلهم يشككون بجدوى الضربات العسكرية وحدها، فضلاً عن شعورهم بعدم جدية التحالف الدولي أحياناً، وهكذا يقطعون الأمل والرجاء أو يصابون بالإحباط والقنوط من العودة السريعة إلى بيوتهم وبلداتهم ومدنهم واستعادة الأوضاع الطبيعية .
إن المأساة العراقية المعتّقة تنكشف يوماً بعد يوم أمام العالم أجمع، حيث عانى العراق منذ ثلاثة عقود ونيّف من الزمان حروباً وحصاراً واستبداداً واحتلالاً وطائفية، وفي كل الأحوال كان الناس المدنيون الأبرياء، هم الذين يدفعون الثمن باهظاً: نازحون ومهجّرون وضحايا، فمتى يتحرّك الضمير الإنساني لإخراج المحنة من دائرة الصمت والنسيان، إلى دائرة الاهتمام والضوء تمهيداً لوضع حدّ لها؟ وإلاّ فإن استفحالها سيقود المنطقة والعالم إلى المزيد من العنف والإرهاب والأوضاع اللاإنسانية .
* باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستثمارات القطرية تعزز الاستقرار في العراق
- ماذا يعني فوز اليسار اليوناني؟
- القنّاص: أبعد من جدل سينمائي
- ما بعد “شارلي أيبدو” . . الإسلاملوجيا والإسلامفوبيا!
- في بعض إشكاليات العدالة الانتقالية
- واشنطن - هافانا ونظرية بناء الجسور
- زياد أبو عين وثلاثيته الأثيرة
- عبد الرحمن النعيمي: في مسألة الهوّية وتوابعها
- شاكر السماوي والعقل النقدي
- داعش.. المشكلة في الإستراتيجية
- الأطفال على مأدبة الشياطين
- المهدي بن بركة ودائرة الضوء
- حقوق الإنسان . . بين الواقع والمفترض
- عن أية نخب عربية نتحدث؟
- زياد أبو عين.. إدوارد سعيد داخل المكان .. خارج المكان
- هل أصبحت أم الربيعين رهينة المحبسين؟
- عن الطائفية وتوابعها!!
- جيوبوليتك العلاقات العربية – الكردية
- المجتمع المدني: أزمة هوّية
- الشاعر السيّاب في اغترابه


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - النازحون العراقيون بين مطرقة الإرهاب وسندان الغياب