أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الجريمة التاريخية بحق الدين ح1















المزيد.....

الجريمة التاريخية بحق الدين ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4722 - 2015 / 2 / 16 - 00:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لعل ما يميز الجريمة التاريخية عن الجريمة الأعتيادية أن الأولى تلقي بظلالها على كل التاريخ وعلى مفاصله دون أن يتمكن الإنسان من إصلاح الضرر أو جبره لأنه سجل حضورها في المدى الزمني العابر للحظات قد مضى وسقط عنه فعل الإعادة وبسقوطه راح الكثير من الإنسان ضحية لهذه الجريمة المركبة لأنها تتعدد في ضحاياها وتتعدد بفعلها المجرد .
لقد كان الدين وصورة الرب من أول الضحايا التأريخيين في إقحام الإسلام في السياسة والدولة دون سند تشريعي أو حكم صريح أو حتى تأويل مستوفي لشرائطه الأساسية ,كان الموضوع كله صراع على الملك وصراع على النفوذ وصراع وجودي من أجل كل شيء إلا الإنسان والرب ,صراع خالي من الرحمة العلة الأساسية للخلق وصراع من أجل الأنا والأنا المتزاحمة التي لا تسعها كل المساحات الممكنة والتي أباحها الدين لها لتتحرك بحرية فزاحمت الدين على وجوده وانتهكت حتى الخطوط الحمر فيه عندما أباحت قتل الإنسان من أجل السلطة .
لم ترتكب الجريمة التاريخية بمعزل عن الإنسان ولا خارج إرادته وإن كان في الأخر هو الضحية الخاسر لأن الله والدين وإن أرتكبت بحقهم الجريمة لم يخسرا شيئا مهما لكن الخسارة الفادحة هي التي كانت من نصيبه (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) ,فضياع الحقوق وأضطراب حركة المجتمع وما نتج عنها من تأخر وتراكم من تعطيل للزمن وتعطيل لمسايرة الإنسان له كانت هي الخسارة الأبرز بعد فقدان وجوده والمساعدة على أتنهاك قدسيته .
دراسة الجريمة التاريخية ككل الجرائم تبدأ من الدوافع الإجرامية ثم أساليب الإجرام المتبعة وأخيرا البحث عن السبب الدافع والمحرض على ارتكابها وصولا لمعرفة وتحديد المجرم الحقيقي وهذا ليس بالعسير أن نتبع خطوات التحقيق الجنائي التاريخي في هذه القضية ,كذلك ليس من العسير علينا أن نتابع مشهد الجريمة من أساسيات سلوك المجرم وما دفعه على أن يأت بفعل خارج إرادة ومشيئة قانون الطبيعة إن لم نقل خارج مشيئة الرب وإرادته لأن معنا من لا يؤمن بالرب وهذا ليس جرما عاما بقدر ما هو مسئولية فردية .
القانون الطبيعي وفق ما هو ثابت من سيرورة التأريخ وصيرورة الحدث يمضي إلى أمام وفق قاعدة التلاؤم النسبي بين الطبيعة ذاتها وبين مقومات حركة الأشياء ذاتها ,وللتوضيح أن واحدا من قوانين الطبيعة أن الوجود الحقيقي يساير حركة الزمن في أتجاهه والمعروف أن حركة الزمن تقدمية بمعنى أنها تسير دوما إلى الأمام وكل ما إزدادت السرعة الزمنية قلت المسافة بين النقاط التأريخية المؤشرة افتراضا بين البداية والنهاية .
تأمل الكرة الأرضية المجسمة اليوم والتي توضع على سطوح مكاتبنا وأنت تحركها باتجاهها نحو اليمين لتخلق صورة ذهنية مشابهة لحركة الأرض وتخيل أن هذا الحال أو المشهد الكوني حقيقي وأن هناك جزئية في الطبيعة تحاول مسايرة عكس الحال عكس سيرورة حركة الأرض مع أختلاف في حجم السورة طبعا ,المهم النتيجة من ناحية الفيزياء أن هذه الجزئية من الطبيعة لا بد لها أن أما أن تنصاع أخيرا لحركة الوجود أو أنها تتحطم أو بأقل الاحتمالات وستضعف من أداء دورها الطبيعي وتتلاشى شيئا فشيئا .
هذا المثال البسيط أردنا به فقط توضيح لمعنى تعارض الطبيعي مع الطبيعة وبما أن الإنسان كائن طبيعي وخاضع أساسا لجملة من قوانين الطبيعة سيكون محل تطبيق هذا المثال حاضرا في بيان صورة وجوده ,ولكن حينما يصر على انتهاك هذا القانون لا أظن أن أحدا ما يملك عقلا أن يتفهم أو يبر له هذا السلوك إنه الأنتحار لا أكثر , عندما يصر الإنسان أنه أكبر من واقعه وأنه لا بد من فرض هذا الأمر على الواقع سيصاب بتلك الخيبة عندما يطحنه الزمن وحركته الجبارة لأن الزمن لا يؤمن إلا بالحجوم الطبيعية التي يتعامل بها من خلال قوانين الفيزياء وقوانين الحركة ,إنه لا يتعامل مع الرغبات والتطلعات الشخصية ولأن الزمن لا يفقه هذه الأمور سيعتبرها تعديا لقانون الطبيعة .
من المعروف أيضا ان حركة الإنسان مقسومة حسب دوافعها نحو وجهتين أو حسب القوى المحركة الذاتية إلى سلوكيات عقلية أعتبارية وإلى سلوكيات حسية نفسية ,الأول تدفع وحسب تدرجات قوة العقل إلى سلوك التوافق مع الطبيعة لأنها تدرك أهمية وحساسية قانون التوافق وتعمل جاهدة لتسخير العقل من خلال وجود الإنسان للأستفادة منه في ضبط إيقاع الحياة الوجودية بما يؤمن للإنسان فرصة التطور الطبيعي أو حتى زيادة في التعجيل به .
بالمقابل هناك الدوافع النفسية التي تسوقها دوما قوة الأنا والتي هي أيضا تتدرج بمقدار ما تملك من دوافع من خلال نشأتها والعوامل التي تصوغ منها قوة مؤثرة في حياة الإنسان تبدأ من الأنا الطبيعية المتناظرة التي لا ترى في وجودها إلا حالة تساوي مع الأخر وهي الأنا الإيجابية التي تصلح لفهم قوانين الطبيعة وترادف العقل وتشاركه في هذا الفهم وهي ما تعرف بالأنا الواقعية .
على طرفي هذه الأنا هناك الأنا المستلبة والأنا المتضخمة وكلاهما وحسب تدرجات ما فيها من قوة تجنح الأولى للعبودية وقبول حالة أنها لا ترى في وجودها إلا محض وجود الأخر وتؤمن أن دورانها وتضائلها نحو الأخر هو سر ديمومتها أو أن هذا الحال هو من يؤمن لها البقاء السلمي أو قد تشعر بسعادة عندما تنتزع من حقها الوجودي لتسلمه للأخر .
أما الأنا الأخرى فهي الأشد فتكا وضرر من الثانية وإن كان وجودها متعلق بقدرة الأخيرة على الإنبساط والتمدد لأنها تتلمس فيها العذر وهي من تهيئ لها الأدوات والدعم ,الأنا المتضخمة التي تتحول مع المزيد من الإقرار والإذعان لها إلى قوة جبروتية طغيانية تدمر ذاتها وتدمر الوجود لأنها وبكل بساطة تريد أنت تخرج من حجمها الطبيعي بكل الوسائل لتنتهك طبيعية الوجود وقوانينه , هذه الأنا التي وردت في الصورة الدينة كمزاحمة لكل ما هو إنساني في رؤية الحدث التاريخي الأول بين ابني آدم وما جرى من اصطدام بين الطبيعة الأولى وبين هذه الأنا .
كانت تلك الجريمة التأريخية الأولى والتي لم يتعلم منها الإنسان أن ليس كل ما هو مفترض ممكن ولا كل ما هو كائن قادر على المقاومة مع قوانين الطبيعة , وتكررت الصورة وتشعبت وتنوعت مصاديقها لكن الإنسان الذي هو بطل هذه المعركة لم يستفيد من نتائجها لتحصين الأنا من طغيانها وهكذا تضخمت الجريمة مع النمرود ومع فرعون ومع كل الطغاة والجبابرة في التأريخ في مشهد مأساوي اختزنته ذاكرة الإنسان الضحية والجلاد ولكنه لم ولن يستفيد من الدرس , أن الطبيعة لا تسمح بالتعدي على قوانينها والتي تحفظ الوجود من التدهور بل تمشي دوما للأمام .
من هذا نفهم أن الدافع الجرمي في الجريمة الداخلية يبدأ من النفس الأمارة بالسوء ,النفس التي تمنح قواها الحسية المدى المنفلت بالتعدى على الأخر دونما من سيطرة أو تحكم وهذا أمر طبيعي لقول الإمام علي (من أمن العقوبة أساء الأدب) لذا فعدم وجود الرادع القوي الذي يلجم النفس وقواها من أن تطغى هو أحد أهم أسباب الجريمة التأريخية بل أنه العامل الأساسي الصانع لها وبدون أن يضع المجتمع قوة قاهرة ضابطة سيكون ضحية لهذه النفس المدمرة .
أذن لا أحد يدع أن هناك عامل خارجي ممكن أن يدفع الإنسان لارتكاب الجريمة التاريخية ما لم تكن هناك أستعددات حقيقية وقوة قابلة للتعامل مع العوامل الخارجية التي كثيرا ما علق الإنسان أخطاءه الكارثية عليها تحت مسميات الشيطان ,قد تكون حقيقية الشيطان موجودة وهذا ما لا ننكره ولكن الشيطان لا يتدخل ما لم يجد قبولا إنسانيا بدوره ويتحدد دورة بمقدار هذا الأستعداد ونوع القابلية .
الدافع النفسي أكثر العوامل إلتصاقا بمفهوم الجريمة التاريخية ولا يمكن أن نحدد أي باعث أخر له من دون حضور هذه الكلية ,قد يقولون من قوانين الطبيعة حب التنافس والمزاحمة الإيجابية كون الإنسان كائن معرفي والكائن المعرفي يفكر ويعي ويحتاج وبالتالي فهو قادر أساسا على أن ينصاع لمبدأ المنافسة البينية وهذا انخراط حقيقي في الطبيعية الوجودية ولا يعد أنتهاكا لها , والحقيقة أن الكلام سليم ولكن النتيجة غير سليمة .
لو كان التنافس يسري وفق قوانين الطبيعة ومنها قانون النفعية الإيجابية التي يعني أن الإنسان من حقه الكسب والانتفاع الإيجابي الذي يتراكم مع البقية ليشكل نفعا جماعيا دون أن يزاحم الأخر ويستحوذ على مجاله الحيوي ليحقق النفع الذاتي ,إنها تعني الطفيلية التي يرفضها الواقع الطبيعي والتي يحاربها العقل لأن أصل القضية مرتبط بالتوازن سواء البيئي على مستوى الطبيعة أو الطبيعي على مستوى الوجود الإنساني
هناك فرق بين التنافس الإيجابي المبني على الموائمة بين الحق والقانون وبين المزاحمة الأنانية التي تخرق الحق والقانون ,هذه الثانية هي التي تعيث في الأرض فسادا دون أن تعي أنها تخرق الطبيعة وتتعارض مع قوانين التوافق ومنها سيكون الدافع الأساسي والرئيسي في أرتكاب الجريمة التأريخية ولو تفحصنا كل الصفحات السوداء في تأريخ الإنسان لوجدنا أن المزاحمة الغير خاضعة لقانون الطبيعة هي المشكلة الكونية الأكثر والأطول أستمرارا في الوجود .
هذه الدوافع الجرمية وقد أصبحت واضحة بعد أن أفضنا في شرحها نعود لأساليب الجريمة التي نعني بها الكيفية التي تمارس بها الجريمة أو ما يسمى جنائيا الأسلوب الجرمي الذي يميز كل جاني عن غيره من الجناة ,هنا يمكننا أن نؤشر أساليب عدة تجمعها نمطية واحدة لا تتغير وهي حب الذات الذي يسيطر على تفكير الإنسان ويدفعه إلى فكرة التزاحم ,ولأنه لا يكتفي بما هو طبيعي ويطلب المزيد من المنافع مقابل التقليل من المسئوليات المقابلة .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجريمة التاريخية بحق الدين ح2
- الإنسان بين حكم الدولة وطاعة الحد الديني ح1
- الإنسان بين حكم الدولة وطاعة الحد الديني ح2
- نحو رؤية أخرى لحقيقة الدين ج1
- نحو رؤية أخرى لحقيقة الدين ج2
- فصل الدين أو الانفصال عنه ح1
- فصل الدين أو الانفصال عنه ح2
- حاكمية الإنسان وحاكمية الرب ح1
- حاكمية الإنسان وحاكمية الرب ح2
- شيطنة الصراع ... ومحاولة الهروب للأمام ح2
- شيطنة الصراع ... ومحاولة الهروب للأمام ح1
- الإنسان والبحث عن الطوطم الفريد ح1
- الإنسان والبحث عن الطوطم الفريد ح2
- الإسلام والدولة والسياسة
- حروف مجنونة
- أحلام راحلة وأحلام تتهيأ للرحيل
- بوح وأنين وحلم .
- الكأس الأخيرة
- أموات غير أحياء
- ضرورة الكتابة


المزيد.....




- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الجريمة التاريخية بحق الدين ح1