أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - العَمَه السياسي في مساق العولمة















المزيد.....

العَمَه السياسي في مساق العولمة


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 4721 - 2015 / 2 / 15 - 18:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يفاجئنا العمه السياسي الذي استحوذ على جميع السياسيين، بمن فيهم الشيوعيون، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي قاعدة المشروع اللينيني في الثورة الاشتراكية العالمية، لم يفاجئنا مثل هذا العمه السياسي وذلك لأننا كنا، وحدنا كما نعلم، نعلم علم اليقين أن البورجوازية الوضيعة السوفياتية كانت قد دحرت البروليتاريا وقوضت دولتها الدكتاتورية حال رحيل ستالين في مارس آذار 1953 ـ وهو ما كان موضع خلافي مع الحزب الشيوعي الأردني في الفترة 1963ـ 1965. إمتد عمههم السياسي حتى وصل إلى تجاهل كل الحقائق على الأرض والتي جميعها من تداعبيات المشروع اللينيني والثورة الاشنراكية البلشفية التي امتلكت أزمة العالم منذ العام 1921 وحنى العام 1957 حين اضطرت البورجوازية الوضيعة السوفياتية إلى القيام بانقلاب عسكري ضد الحزب وطردت الأعضاء البلاشفة السبعة من المكتب السياسي للحزب وأبقت على غير البلاشفة الأربعة فقط بمن فيهم رئيسهم خروشتشوف وبذك بدأ الرجوع عن الإشتراكية .
يعمهون فلا يترددون وبكل صلافة الحمقى في الزعم أن ما يصفونه بالحرب الباردة بين المعسكر الاشتراكي والمعسكر الرأسمالي إنتهت بانتصار المعسكر الرأسمالي وهزيمة منكرة للمعسكر الإشتراكي، وهو زعم باطل ويؤسس لمعظم عمههم السياسي . القراءة الصحيحة والدقيقة للتاريخ تقول عكس ما يزعم هؤلاء القوم الضالون إذ تقول قولاً قاطعاً بأن المعسكر الاشتراكي هو المنتصر وقد نجح في تحطيم النظام الرأسمالي العالمي بعد أن دفع بكافة الدول المحيطية إلى الثورة الوطنية وفك روابطها مع مراكز الرأسمالية الإمبريالية الأمر الذي قوّض المعسكر الرأسمالي وقلب عاليه سافله . النتيجة الكبرى للحرب العالمية الثانية كانت بروز الإتحاد السوفياتي كاقوى قوة في الأرض، مقابل الدول الرأسمالية الكبرى الثلاث، بريطانيا وفرنسا، المهزومتين على يد هتلر، والولايات المتحدة التي كانت ستلحق بها الهزيمة في مواجهة اليابان ، رغم قنبلتيها الذريتين في هيروشيما وناغازاكي اللتين استهدفتا المدنيين كثأر لكارثة لبيرل هاربر ولم تحولا من مواصلة العسكرية اليابانية الحرب لثلاثة أسابيع أخرى بعد الضربتين الذريتين، لولا أن الجيوش السوفياتية كانت قد خلّصت على كامل القوى البرية اليابانية في منشوريا وشرق آسيا .
ذلك كان حال ميزان القوى الدولي في العالم ؛ ففي برقية بعث بها تشيرتشل إلى ستالين في السادس من إبريل نيسان 1943 على مشارف معركة كورسك التي قصمت العمود الفقري للعسكرية الألمانية قال فيها .." أنا أعي بكل جوارحي دوركم العملاق في قضيتنا المشتركة ونحن لا نستطيع مجاراتكم في ذلك " ـ يقصد بريطانيا وأميركا فهو من كان يدير حربهما ضد إيطاليا فقط التي كانت دولة من الدرجة الثالثة لا تملك أكثر من ثلاثين فرقة عسكرية مجهزة بأسلحة قديمة متخلفة، بينما كانت ألمانيا تحارب الاتحاد السوفياتي بأكثر من 180 فرقة مجهزة بأحدث الأسلحة .
في حماية المظلة السوفياتية المهيبة الجبارة انطلقت ثورة التحرر الوطني في العالم كله حال انتهاء الحرب على ما انتهت إليه تفك روابط الدول المستعمرة والتابعة مع مراكز الرأسمالية الإمبريالية لتتوقف نهائياً عن أن تكون مكباً لفوائص الإنتاج المتحققة في مراكز الرأسمالية الإمبريالية . إذّاك تحقق انهيار النظام الرأسمالي الذي استشرفه ماركس وإنجلز في " البيان الشيوعي " 1848 وقد أكّدا أن النظام الرأسمالي سيختنق بفيض إنتاجه . البند رقم 12 من إعلان رامبوييه للدول الرأسمالية الكبرى الخمسة (G 5) 1975أكد هذه الحقيقة الحدية حيث تحدث عن مساعدات مالية وقروض سهلة إلى الدول المستقلة حديثاُ كمحاولة أخيرة للتخلص من فوائض الإنتاج المتراكمة في مراكز الرأسمالية فكان أن تضاعفت ديون العالم الثالث خمسين ضعفاً خلال خمس سنوات فقط 1976 – 1981 إلا أن تلك المحاولة ثبت فشلها بعدئذٍ إذ كانت بمثابة محاولة الغريق الذي يتعلق بقشة . الدول المستقلة حديثاً، وقد سُدّت الطرق أمام تنميتها بفعل تصدع بنية الثورة الاشتراكية وتراجع الإنتاج فيها،عملت بالمثل الشعبي القائل.. " من دهنه قليله " بفلوس القروض استوردت فوائض الإنتاج ولم ترد شيئاً من القروض تمكن عجلة الإنتاج الرأسمالي من الاستمرار في الدوران ؛ وهكذا انتهت الرأسمالية إلى الموت . كان موت الرأسمالية أمراً محققاً وقد أدرك ذلك الخمسة الأغنياء في رامبويية فقرروا في البند 11 التحول من رأسماليين منتجين للبضاعة إلى لصوص يسرقون البضاعة، وتواطئوا على إزاحة القيمة الرأسمالية (Value) من البضاعة إلى النقود واستعفوا من إنتاج البضاعة التي هي مهنة الرأسمالي وتجارته الوحيدة . رب من يعترض مؤكداً أن القيمة في البضاعة ولا يمكن إزاحتها، وهذا صحيح تماماً إلا أنه صحيح أيضاً أن تحديد قيمة النقد منفصلاً عن قيمة البضاعة كما قرر البند 11 في الإعلان، وهو قرار سياسي تقرره أغنى خمس دول في العالم، فذلك يخطف القيمة من البضاعة ليضعها في النقد ويتمثل ذلك في أن الشرق الأسيوي هو من ينتج البضاعة لفائدة العالم ومع ذلك فإن الدولار هو ملك العملات ومثله اليورو .
نحن لا نصنع النظريات في موت الرأسمالية في السبعينيات بل نقص وقائع تاريخية حديثة لا مجال لإنكارها . الرأسمالية انهارت في السبعينيات، والاشتراكية كابدت طويلاً مقاومة البورجوازية الوضيعة السوفياتية منذ العام 1953 قبل أن تنهار نهائياً في العام 1991 ؛ فكيف يستملح بعضهم الزعم بأن الرأسمالية انتصرت على الإشتراكية !؟ رب من يقول .. ليس على الجاهل حرج، لكن عندما يكون الحرج يتعلق بمصائر البشرية جمعاء فلا بد إذاك من إقامة الحدود على الجاهل كعزله وحرمانه من ممارسة أفعال الحرية .

الكراهية المتأصلة في البورجوازية الوضيعة للإشنراكية، والتي حذّر منها ماركس وإنجلز في صدر بيانهما الشيوعي، تجعلها تنكر انهيار الرأسمالية في السبعينيات لتدعي أن الرأسمالية انتصرت على الإشتراكية كما كانت تمني النفس . العولمة (Globalization) التي تشكل مثلاً حيّاً على انهيار النظام الرأسمالي عن طريق هروب الشركات من المركز إلى الأطراف، أو الأحرى التي لم تعد أطرافاً، يدعي مجندو البورجوازية الوضيعة، يساعدهم في ذلك أنصاف الماركسيين، أن العولمة إنما هي طور أعلى من الرأسمالية الإمبريالية وهي الرأسمالية المتوحشة ـ وكأن الرأسمالية لم تكن متوحشة في القرن الثامن عشر والتاسع عشر في بريطانيا بصورة خاصة وقد تهوّل منها ماركس والروائي الإنجليزي الشهير تشارلز ديكنز . ويفسرون هروب الشركات الرأسمالية من المراكز إلى الأطراف على أنه سعي وراء العمل الرخيص والربح الجزل وكأن العمل لم يكن رخيصاً في الأطراف فيما قبل منتصف القرن العشرين، كما أن العمل الرخيص لا ينعكس في ربح جزل !
للعولمة، التي أربك تعليلها الإقتصاديين وأنصاف الماركسيين، سببان رئيسيان لا يفوتان على كل ذي علم في علوم الماركسية أو حتى في علم التاريخ . .
السبب الأول وهو أن الدول التي استقلت جرّاء ثورة التحرر الوطني العالمية لم تعد تمتص فائض الإنتاج في المركز فترتب على الشركات الرأسمالية في المركز المختنق بفيض إنتاجه أن تنزح إلى الدول الأطراف من أجل تصريف الإنتاج محلياً في السوق الخاوية في البلد المضيف والحفاظ على العمل والإنتاج بذات الطريقة الرأسمالية .
السبب الثاني : مع انهيار النظام الرأسمالي انهارت الطبقة الرأسمالية وانهارت الدولة الرأسمالية لتحل محلها دولة البورجوازية الوضيعة التي تستهلك الإنتاج المادي في إنتاج الخدمات، ولذلك تحول الإقتصاد الرأسمالي في المركز إلى الإقتصاد المعاكس وهو الإقتصاد الإستهلاكي (Consumerism) حيث يستهلك المركز كل ما ينتج بل أكثر منه، فكان أن تشكلت دولة الرفاه (Welfare State) بدل الدولة الرأسمالية وهي الدولة التي تنفق أكثر مما تنتج وتتدبر الأمر عن طريق المغالاة في فرض الضرائب على وسائل الإنتاج الرأسمالية من جهة والإستدانة من جهة أخرى . فكان أن هربت الشركات الرأسمالية من المركز إلى الأطراف إتقاء شر الضرائب الباهظة وقد أخذت تأكل معظم فائض القيمة ولم يتبقِ منه شيءٌ يذكر للرأسمالي نفسه .

تلك هي العولمة الحقيقية ؛ إنها الظاهرة المرافقة لانهيار الرأسمالية ؛ ومن يرونها على غير ذلك فهم من لا يجيدون قراء التاريخ فيقلبون صفحة الثورة الاشتراكية البلشفية وكأنها لم تكن . هؤلاء لا يفهمون من الماركسية أسّها وأعجز من أن يدركوا قوة الاشتراكية . لم يدركوا أن دولة عمرها لم يتجاوز بضع عشرة سنة تسحق النازية في كل القارة الأوروبية متوحدة في ألمانيا الهتلرية التي كانت قد نجحت حربياً في تحطيم أكبر إمبراطوريتين إستعماريتين وهما فرنسا وبريطانيا . لم يدركوا لماذا أكد ستالين عشية الذكرى الرابعة والعشرين لثورة أكتوبر في مساء السادس من نوفمبر 1941 حين كانت موسكو مطوقة من ثلاث جهات بثلاثة ملايين جندياً نازياً مدججين بأحدث الأسلحة التي لم يكن الاتحاد السوفياتي يمتلك شيئاً منها وبعد أن كانت جحافل الهتلريين قد احتلت أوكرانيا وبلروسيا والجزء الأعظم من روسيا الأوروبية، كيف استطاع ستالين أن يؤكد لقيادة الحزب المجتمعة بالمناسبة أن الاتحاد السوفياتي سيبيد قطعان النازية وسيسحق هتلر نفسه مهدداً بالقول .. " لقد أرادها هتلر حرب إبادة فليتلقَ إذاً !! " كيف لدولة وليدة يحرسها شعبها ويقدم أكثر من عشرين مليون شهيد كي يقهر النازية في كل القارة الأوروبية !! مجندو البورجوازية الوضيعة ومنهم كثيرون من "الشيوعيين" يحسبون أنه بإمكانهم طي صفحة الاشتراكية السوفياتية من سجل التاريخ ساخرين بكل وقاحة الجهلاء الأغبياء من دولة دكتاتورية البروليتاريا . دماء أعظم جيوش العالم الرأسمالي والنازي سفحت على الأراضي السوفياتية من أجل أن تطوي صفحة الاشتراكية من سجل التاريخ وعبثاً سفحت في مواجهة دولة دكتاتورية البروليتاريا .
على مجندي البورجوازية الوضيعة من مختلف الآراء والتوجهات أن يعلموا ما لا يرغبون فيه وهو أن الجغرافيا السياسية الماثلة اليوم في العالم إن هي إلا من صناعة الاشتراكية السوفياتية، كما أن علاقات الإنتاج المحلية والدولية الماثلة هي من تداعيات الاشتراكية السوفياتية وانهيارها .
لم يتحدث ستالين يوماً عن مسارات لاتاريخية وهو من أكد للمؤتمر العام للحزب الشيوعي التاسع عشر في أكتوبر 1952 أن النظام الإمبريالي في طريقه إلى الزوال في وقت قريب . انهيار النظام الرأسمالي في السبعينيات ما كان ليكون إلا بفعل الثورة الإشتراكية السوفياتية التي تظافرت قواها لتكون بعد الحرب العالمية الثانية أقوى قوة في الأرض ولم تكن الدول الغربية الرأسمالية سوى دول من الدرجة الثانية، رآها ستالين في مؤتمر بوتسدام يوليو 1945 تنهار في وقت قريب ليس بفعل حروب أخرى بل بفعل المنافسة السلمية مع الاشتراكية السوفياتية . ورب جاهل مع ذلك يقول .. إن الإشتراكية السوفياتية مع ذلك انهارت أخيراً في العام 1991 . نعم انهارت آنذاك لكنها انهارت بذاتها جراء الصراع الطبقي الحاد في العبور الإشتراكي وليس بسبب المنافسة مع الغرب الرأسمالي الذي كان قد تخلى عن الرأسمالية قبل خمسة عشر عاماً . أغتيل ستالين بالسم في مساء 28 فبراير 1953 وألغيت خلافاً للقانون خطة الحزب التنموية الخامسة والتي كانت ستحقق الإنتصار الحاسم للإشتراكية على مستوى العالم في العام 1956 كما تشير أرقامها لدينا ؛ وتكامل الإنقلاب على الإشتراكية بالخطاب السري لخروشتشوف ضد ستالين في شباط 1956 ثم بالانقلاب العسكري ضد الحزب وطرد البلاشفة السبعة من المكتب السياسي في حزيران 1957، وفي إلغاء دولة دكتاتورية البروليتاريا في أكتوبر 1961، وأخيراً في الإنقلاب العسكري وعزل خروشتشوف في أكتوبر 1964 . تلاشى آخر ملمح من ملامح الإشتراكية في ذلك العام . أنا على ثقة تامة بأن غباء الإدارة الأميركية أخّر انهيار الاتحاد السوفياتي لما يقارب العشرين عاماً، ولذلك ليس للإدعاء الأجوف بانتصار الرأسمالية وهزيمة الاشتراكية أدنى اعتيار .

العولمة التي أشكلت على الاقتصاديين البورجوازيين وأنصاف الماركسيين، كما يواجهها الباحثون، ليست إلا من تداعيات إنهيار الإمبريالية وهو ما رتب على المؤسسة الرأسمالية في المركز أن ترحل إلى الطرف . تلك هي العولمة بكل بساطة ووضوح . كما أن رحيل المؤسسة الرأسمالية من المركز إلى الطرف لا تجعل من الطرف مركزاً فالنظام الرأسمالي ذو بنية تاريخانية وليست طارئة ومؤقتة غب الطلب .
أحد رفاقنا الشباب في البحرين، موسى راكان موسى، كتب عن العولمة برؤية مختلفة وقد أخذه كثرة اللت والعجن في تفسير العولمة من قبل البورجوازيين وأنصاف الماركسيين إلى مسالك غير ماركسية حتى قال في نقده الأخير لعولمة السيدة الشيوعية سعاد خيري أنه سيقدم دراسة علمية للعولمة سواء كانت ماركسية أم غير ماركسية (!!) وليس على مثل هذا الخطاب يخطب الماركسيون .
رفيقنا الماركسي موسى يقول .. " إلا أن العوامل المؤدية إلى [العولمة] لم تجري كما يجب أن تجري .. بمعنى أن الرأسمالية لم تشمل العالم كله ولم تتطور إلى الدرجة الكافية التي تليها مرحلة الإنهيار " .
وهكذا رفيقنا الماركسي موسى راكان يحاكم التاريخ ويصدر حكما يقول للتاريخ .. ما هكذا يجب أن تجري أيها التاريخ !! ونحن نقول لرفيقنا الماركسي أن التاريخ لا يُحاكم بل يُقرأ، وكان عليه أن يقبل التاريخ كما هو وأن يفسر لماذا انهار النظام الرأسمالي قبل نهاية عمره كما افترض ذلك . هو أشار إلى سبب انهياره بغير أوانه وعزا ذلك إلى الإتحاد السوفياتي الذي قام قبل أوانه (!!) وجعل الدول المحيطية تتحرر من ربقة الاستعمار قبل الأوان !!
تلك أفكار رجعية وخطيرة أيها الرفيق المستنير ما كان يجب أن تصدر عنك .
كيف يمكن لماركسي مستنير مثلك أن يدعي بأن الرأسمالية ماتت قبل أوانها وقبل أن تكون قد شملت كامل العالم خلافاً لما استقر عليه قرار ماركس وهو أن النظام الرأسمالي هو أول نظام عالمي تعرفه البشرية وكذلك ستكون الأنظمة التالية له . حتى الأممية الثانية وبقيادة الاشتراكي الديموقراطي المرتد كارل كاوتسكي كانت قد اتخذت قراراً في مؤتمرها العام في شتوتغارت/ألمانبا 1907 يطلب من البروليتاريا الأوروبية أن تنهض للإستيلاء على السلطة وإنهاء النظام الرأسمالي الإمبريالي لدى إعلان الحرب بين الدول الإمبريالية في غرب أوروبا الذي كان مركز العالم ؟ النظام الرأسمالي الإمبريالي انهار في السبعينيات أي بعد أكثر من ستين عاماً من ذلك القرار الأممي في شتوتغارت القاضي بتفكيك النظام الرأسمالي الإمبريالي والقضاء عليه نهائياً في كل العالم .
التاريخ يقول أن عمر النظام الرأسمالي قد انتهى ورفيقنا الماركسي المستنير موسى راكان موسى وهو من يؤمن أيضاً بانهيار النظام الرأسمالي في السبعينيات لا يتحرج في أن يقول أن النظام الرأسمالي انهار قبل أوانه !! وأن الإمبريالية وهي المرحلة الأعلى للرأسمالية لم تكتمل !!
في العام 1913 كانت ثمان دول إمبريالية تقتسم كامل سطح الكرة الأرضية ومع ذلك يدعي رفيقنا أن الإمبريالية لم تصل إلى نهايتها الطبيعية !! ولنا هنا أن نسأل رفيقنا.. ما عساها تكون نهاية الإمبريالية الطبيعية !؟ هل له أن يفيد قراءه عن ذلك !؟
يعود رفيقنا القهقرى ليتبنى من جديد مزاعم الأممية الثانية بقيادة كاوتسكي وبليخانوف في إعتراضها على انتفاضة أكتوبر بدعوى أن الرأسمالية في روسيا لم تنمُ لدرجة تسمح لثورة اشتراكية ـ مع أن انتفاضة أكتوبر لم تكن في الأصل ثورة اشتراكية . البروليتاريا السوفياتية ردت على مثل هذه المزاعم رداً صاعقاً بأن حطمت 19 جيشاً من جيوش التدخل العائدة لمختلف الدول الرأسمالية ووطدت دولة دكتاتورية البروليتاريا الإشتراكية وهو ما مكن لينين من القول لدى افتتاحهه المؤتمر التاسيسي للأممية الشيوعية في 6 مارس 1919، بعد هزيمة بروليتاريا ألمانيا الساحقة في بناير من نفس العام، أن البروليتاريا السوفياتية أثبتت على أنها متقدمة على البروليتاريا في ألمانيا وفي بريطانيا . مبكراً في الأربعينيات اعترف العالم كله بأن النظام في الاتحاد السوفياتي نظام اشتراكي ولولا ذلك لما استطاع أن يبذل جهوداً في الحرب فاقت كل التصورات، وهو ما دفع بعجوز الإمبريالية ونستون تشيرتشل إلى الإعتراف لعديقه ستالين بأن شعوب بريطانيا مالت إلى اليسار بفضل مظاهر الجبروت التي أبداها الاتحاد السوفياتي في الحرب وكان ذلك في مؤتمر يالطا في فبراير 1945 وقد شهد على ذلك الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت . استولى الذعر على إدارة ترومان من أن تتحول أوروبا إلى الشيوعية فبدأت في العام 1948 بمشروع مارشال وأنفقت في مساعدة أوروبا الغربية ما يعادل اليوم 160 مليار دولاراً حماية للنظام الرأسمالي . كان من قناعة الرئيس الأميركي ترومان ووزير خارجيته مارشال أن شعوب أوروبا ستتحول إلى الشيوعية بدون المساعدة الأميركية ومع ذلك نرى اليوم أحد الماركسيين ينبئنا أن النظام الرأسمالي كان لم يصل بعد لنهاية عمره، وتبعاً لرأي رفيقنا المستنير فإن شعوب أوروبا ما كانت لتروح إلى الشيوعية، وأن مشروع مارشال كان لزوم ما لا يلزم .

السؤال الفيصل الذي يفرض نفسه في آخر المطاف هو .. ما هي القوى الذانية للشركات المعولمة التي تؤهلها لعمر طويل ؟
الإجابة العلمية والموضوعية لهذا السؤال الفيصل هو أن الشركات المعولمة، بانهيار النظام الرأسمالي في المراكز وفقدان قوميتها، فقدت كل أسباب القوة فالنقد الذي هو عماد سلطانها لم يعد لها أي أثر في تحديد قيمته وباتت الدولة القومية هو من يحدد قيمة النقد . من العبث أن يُدعى بأن المؤسسات الرأسمالية التي انهزمت في المركز باتت ذات قوة في الطرف تمكنها من الاستمرار كقوى إمبريالية ؛ فالدولة الطرفية نفسها لم تتمتع عبر تاريخها بأية قوة فما بالك بالشركة في ضيافتها !! القوى العسكرية التي هي عنصر تأسيسي من عناصر النظام الرأسمالي لم تعد موجودة فلا عسكر المركز ولا عسكر الطرف هناك ما يدعوهم لحماية مؤسسة فقدت قوميتها ولا تعود إليهم .
ليس ثمة شك في أن العولميين الذين يزعمون بأن العولمة هي فينيق النظام الرأسمالي الإمبريالي، ومثلهم الذين يدعون أن للعولمة عمر طويل، لديهم أية مزاعم عن عناصر القوى الذاتية للعولمة .



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنهيار المتسارع للدولار
- البداية من (G 5) في رامبوييه بباريس 1975
- الحزب الشيوعي اليوناني في ضلالة ظلماء
- الإشتباك مع الماركسي العتيد الدكتور حسين علوان حسين
- الشيوعيون المنتصرون أبداً
- الحزب الشيوعي العراقي ينقلب ضد الشيوعية
- كيف يستكلب أعداء الشيوعية!
- رسالة توجيهية من الرفيق علي الأسدي
- أزاهير الربيع العربي لن تثمر
- عبد الرزاق عيد يهرف بما لا يعرف
- فؤاد النمري - الكاتب الماركسي - في حوار مفتوح مع القارئات وا ...
- الرفيق سابقاً عبد الرزاق عيد !
- نمط الإنتاج الرأسمالي
- البورجوازية في التاريخ
- رسالة مفتوحة ثانية إلى سعد الحريري
- في السياسة والاقتصاد
- في بيتنا تروتسكيُ
- الشيوعيون ليسوا وطنيين
- برهان غليون يرثي انحلال الطوائف
- رسالة مفتوحة إلى سعد الحريري


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد النمري - العَمَه السياسي في مساق العولمة