أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - المؤامرات وجيل التكفير















المزيد.....

المؤامرات وجيل التكفير


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4721 - 2015 / 2 / 15 - 13:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا لا ينجح المتآمرون الدوليون، الذين نتحدث عنهم دائما، إلا في العالم العربي؟ وإذا كانوا حقا متآمرين، فلماذا نسمح لهم أن ينفذوا مؤامراتهم ويظهروا بمظهر الأبرياء بينما نبدو نحن مذنبين ومتخلفين، ماديا وثقافيا؟ لماذا لا يتآمر هؤلاء المتآمرون - على الأقل لا نسمع أنهم يفعلون - على دول وشعوب أخرى قوية وفعالة لأنها تنافسهم في الاقتصاد، والعلم، والقوة العسكرية، وغزو الفضاء، بينما يتحرشون فقط بنا، المساكين الذين لسنا أندادا لهم. الضرر الوحيد الذي يلحق بهم ويزعجهم منا هو "طراطيش" من الفوضى التي تحصل في منطقتنا. هل تتآمر أمريكا وأوروبا مثلا على الصين التي تهدد اقتصاد الغرب؟

أحد القراء، كتب في تعليق على مقال لي عن الوضع في المنطقة أن معلوماتي منقوصة لأني "نسيت الحروب الصليبية المعاصرة." في دول الغرب لا يعرف غير المختصين من التاريخ سوى ما حصل في آخر عشر سنوات، وإذا سألت أحدهم عن الصليبيين، يسحب تلفونه الذكي من جيبه ويبحث في غوغل ماذا تعني الكلمة بالضبط، ويقرأ قليلا ويشكرك لأنك ساهمت في زيادة معلوماته وينسى الموضوع خلال دقيقة، مع أن أجداده تأثروا بهذه الحروب كما تأثرنا. أما نحن فالحروب الصليبية التي قامت قبل ألف سنة، معششة في أدمغتنا ويمكن أن نتذكر شخوصها والذين عاصروها، كابن تيمية، المثل الأعلى لأبي مصعب الزرقاوي، وكأنهم يعيشون بيننا اليوم، وكل منا يستطيع أن يكتب عنهم من الذاكرة مباشرة.

قارئ آخر كتب تعليقا ليفهّمني أن الحروب الحالية في العالم العربي والإسلامي "هي حروب مصالح إقليمية أو عالمية، تتستّر بالدين، للسيطرة على مفاصل جغرافية ذات أهمية إستراتجية عسكرية أو اقتصادية أو تجارية،" وهنا أعترف أنني لم أفهم ما قصد بالضبط سوى أننا، العرب والمسلمين، ليس لنا أية علاقة بأسباب هذه الحروب. هذا القارئ يمثل شريحة واسعة من مجتمعنا الذي لا يتقبل أي فكرة بدون أن يُفصّل لها مؤامرة ما ويلقي اللوم على الغير، وبعد هذا التفسير يستريح، فقد قام بواجبه ولسان حاله يقول: إني قد بلغت اللهم فاشهد.

نحن مغرمون بالمؤامرات. نرسم سيناريوهات متعددة لها، ونظل نؤمن بها حتى نقتنع أنها شر لا بد منه ونستسلم لها بدون مقاومة. موقفنا دائما سلبي. لقد تعودنا أن لا نعترف بأخطائنا، وفشلنا في التفاهم مع العالم، ولذلك نهرب من أنفسنا وندعي أننا بريئون "ولكن لعن الله المتآمرين علينا." كل الاقتراحات لتغيير أي من أفكارنا أو اتجاهاتنا "محاولات مشبوهة." ثقتنا بأنفسنا معدومة، فنحن نتنبأ بانتصار العدو قبل وصول مرحلة الحرب ونقول بأن أعداءنا يستطيعون معرفة، أو عمل، أي شيء، "فمخابرات الولايات المتحدة تستطيع التنصت على حديثك مع زوجك في الفراش." وهذه الانهزامية تجعلنا نستسلم قبل أن نشتبك معهم. والعديد من كتابنا وخبرائنا، لا يتنبأ ون بالانتصار بل بالاستسلام. أذكر أن واحدا من مشاهير المعارضين في البلاد قال في مقابلة مع أكبر قناة تلفزيونية عربية قبل خمس سنوات، في معرض معارضته للمعاهدة الأردنية الإسرائيلية: "سنكون الضحية القادمة بعد الفلسطينيين،" مضيفا: "بعد 10 أو 20 سنة سيبدأ الإخوة في العراق في بحث كيف يمكنهم استيعابنا كلاجئين لأن هؤلاء الصهاينة يعتبرون الأردن جزءا من إسرائيل." وأقول لهذا المعارض أنه من سخريات القدر أن العكس هو ما حصل، فنحن الأردنيين أصبحنا مضيفين لملايين اللاجئين من سوريا والعراق، ولم ننتظر 10 أو 20 سنة بل حصل هذا بعد خمس سنوات فقط من نبوءته.

عدد كبير من الكتاب والدعاة يصفون محاولات الشؤون الاجتماعية "لتنظيم" الأسرة والمباعدة بين الأحمال بأنها مؤامرة هدفها وقف النمو السكاني وإضعاف المجتمع العربي. بعضنا مجّدوا ما يسمى ثورات الربيع العربي، ولما وجدوا أنها أنتجت كوارث، لأن شعوبنا غير معتادة على الحرية، وأنظمتنا معادية لها، قالوا "إن أصابع الصهيونية تظهر بشكل واضح في دعمها لتسهيل إفراغ العالم العربي من المسيحيين لتبرر ضرورة يهودية دولة إسرائيل." ربما يكون هذا صحيحا، رغم تعقيداته، ولكن ما الذي يمنع إسرائيل من إعلان نفسها دولة يهودية بدون هذه التعقيدات والغلبة؟ نقتنع فقط بما نتصوره ونعفي أنفسنا من المسؤولية، ولا نقبل حتى التفكير في الرأي الآخر، ونحاربه، ولا نبذل أي جهد في مواجهة هذه "الأصابع الصهيونية." هل المهاجرون الذين ترسو قواربهم المتهالكة على سواحل أوروبا الجنوبية والذين امتصت أوروبا عشرات الألوف منهم مسيحيون؟

كثيرون منا قالوا إن هجوم القاعدة على نيويورك مؤامرة أمريكية لأن أمريكا هي التي خلقت القاعدة، وأن تنظيم داعش صنعته أمريكا، ولكن إلى الآن لم يُصدر أحد من هؤلاء بيانا صريحا واحدا يثبت، أو يوضح، هذا الإدعاء، ويشجب "جرائم صنائع أمريكا القذرين" هؤلاء، بل إنهم الآن يتعاونون معهم ومع فروعهم في مصر واليمن، وليبيا، والصومال، وأفغانستان والباكستان. وعندما شعرنا نحن بخطرهم لم نستطع محاربتهم إلا بمساعدة الولايات المتحدة.

لا يستطيع أحد أن ينكر أن الدول تتآمر على بعضها إذا كان باستطاعتها أن تحقق أهدافا معينة، والهجوم الثلاثي على مصر عام 1956 كان مؤامرة بامتياز، اختتم بها عصر الاستعمار، ولكنها فشلت بسبب مقاومة المصريين للغزو ولأن الظروف الدولية لم تكن مواتية للمتآمرين. فقد أصدر الإتحاد السوفيتي إنذارا يأمرهم بالانسحاب، ولم تؤيدهم حليفتهم الولايات المتحدة، لأن الرئيس أيزنهاور غضب عليهم، فهم لم يطلعوه على خططهم قبل تنفيذها. غير أن كثيرا من أحداث المنطقة، وخاصة المتعلقة بفلسطين، لم تكن نتيجة لمؤامرات بل تمت في وضح النهار وكان باستطاعة العرب أن يكتشفوها منذ البداية ويحاولوا منعها.

لقد علمنا أطفالَنا منذ بداية السبعينات بان العالم يتآمر علينا ويكرهنا، فأحبطناهم ودمرنا ثقتهم بالآخر وبالعالم الخارجي وبأنفسهم وأغلقنا عقولهم وجعلناهم مترددين وكارهين للعالم وحاقدين عليه، لا يبادرون إلى عمل أي شيء سوى الانتحار، ومن شدة الخوف لا يقوون على التفكير السليم والنقاش. إن الأجيال الجديدة، التي تتلمذت على أيدي التكفيريين، هي التي خرجت من القمقم وانضمت لداعش وأمثالها لنشر الموت والتدمير والجهل.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آن الأوان لتطهير الدين من السياسة
- عزوف الشعوب العربية عن القراءة
- الوجوه المتعدّدة لرجب طيب أردوغان
- الحملة الحالية ضد الفكر الإرهابي جاءت متأخرة
- بان كي مون و أحمد إبن داود
- هل سنبقى نعيش في الماضي؟
- هل من وسيلة لحماية المسيحيين العرب؟
- إنعدام فرص الديمقراطية في العالم العربي
- هل غيّر القرضاوي نهجه المعتدل بعد إنجازات الإسلام السياسي؟
- تحالف تقوده أمريكا لن يهزم داعش
- سايكس بيكو وأخواتُها
- وسائل الإتصال الحديثة، والإرهاب، وإسرائيل
- حرب غزة علامة فارقة في النضال الفلسطيني
- المهاتما غاندي والقضية الفلسطينية
- حرب العراق الطائفية إحدى كوارث الإسلام السياسي
- من يُنقذ إسرائيل من نفسها؟
- حسن نصرالله وإستمرار المتاجرة بالقضية الفلسطينية
- -بوكو حرام- وعدم الإكتراث العربي والإسلامي
- القضية الفلسطينية والمواقف السلبية
- النظام السوري المتعجرف


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - المؤامرات وجيل التكفير