أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - دور العراق والمجتمع الدولي في التصدي لقوى الإرهاب بالعراق ومنعها من مواصلة تنفيذ جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والثقافي ضد المكونات العراقية وتأمين الحماية لهم : الإيزيديين والمسيحيين نموذجاً















المزيد.....



دور العراق والمجتمع الدولي في التصدي لقوى الإرهاب بالعراق ومنعها من مواصلة تنفيذ جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والثقافي ضد المكونات العراقية وتأمين الحماية لهم : الإيزيديين والمسيحيين نموذجاً


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 4721 - 2015 / 2 / 15 - 11:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د. كاظم حبيب
المفردات
1. مضمون قرار الجمعية العامة حول منع الإبادة الجماعية
2. أهداف داعش الإجرامية
3. وقائع التطهير العرقي والإبادة الجماعية بالعراق
4. العوامل الكامنة وراء ما حصل بالعراق من إبادة جماعية وتطهير عرقي
5. العواقب الوخيمة لهذه الجرائم
6. التطهير الثقافي
7. سبل مواجهة التطهير العرقي والإبادة الجماعية عراقياً ودولياً
8. ما المطلوب من العراق لتوفير مستلزمات الخلاص من الأوضاع الشاذة الجارية منذ 12 سنة
أولاً: مضمون قرار الجمعية العامة حول منع الإبادة الجماعية
قبل صدور اللائحة الدولية لحقوق الإنسان وفي أعقاب جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبت في الحرب العالمية الأولى وما اقترن بها من عمليات إبادة جماعية فعلية ضد مئات ألوف الأرمن الذين قتلوا على أيدي القوات العثمانية بتركيا في الفترة الواقعة بين 1915-1918، ومن ثم من عمليات الإبادة الجماعية الشاملة التي مارسها النظام النازي الهتلري ضد الشعوب وبشكل خاص ضد الملايين من يهود أوروبا في الفترة الواقعة بين 1933-1945، أي قبل وأثناء الحرب العالمية الأولى، ومن ثم قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإلقاء قنابلها الذرية على مدينتي هيروشيما وناگازاكي باليابان في 6 و9 آب/أغسطس 1945، أي قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بفترة وجيزة، صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 96 (د – 1) والمؤرخ في 11كانون الأول 1946 وتاريخ النفاذ في 12 كانون الأول 1951 وفقاً لأحكام المادة 13 من النظام الداخلي للأمم المتحدة. وهدف هذا القرار منع وقوع جرائم إبادة جماعية أخرى بالعالم، وهو قرار يتضمن التطهير العرقي والتطهير الثقافي أيضاً، ويشمل ما يلي:
(أ) قتل أعضاء من الجماعة،
(ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة،
(ج) إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا،
(د) فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة،
(هـ) نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلي جماعة أخرى.
ويعاقب القرار كل من يمارس:
(أ‌) الإبادة الجماعية،
(ب) التآمر على ارتكاب الإبادة الجماعية،
(ج) التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية،
(د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية،
(هـ) الاشتراك في الإبادة الجماعية.
ويقضي القرار بمعاقبة الحكام الدستوريين والموظفين والأفراد أيضاً الذين تشملهم الفقرات الواردة في أعلاه.
وخلال الفترة الواقعة بين صدور هذا القرار والوقت الحاضر ارتكبت الكثير من عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية في أنحاء شتى من العالم، كما كانت حصة العراق كبيرة حقاً والتي اعتبرت من عمليات الإبادة الجماعية في فترة حكم البعث الدكتاتوري في العام 1988 ضد شعب كردستان والتي أطلق عليها نظام البعث الفاشي بعمليات الأنفال، وكذلك عمليات التطهير العرقي والقتل الواسع النطاق والتهجير القسري قد شملت الكرد الفيلية بالعراق منذ العام 1979/1980 وما بعدها والتي دخلت ضمن مفهوم عمليات الإبادة الجماعية. كما يمكن البحث في ما حصل للعرب الشيعة في الوسط والجنوب وبغداد وسكان أهوار العراق من عمليات تطهير أثني ومذهبي وتهجير قسري وقتل في الفترة الواقعة بين 1980-1988 باعتبارها عمليات تدخل ضمن مفهوم الإبادة الجماعية.
وها هو العراق يتعرض مرة أخرى لعمليات التطهير العرقي والثقافي والإبادة الجماعية منذ منتصف العام 2014 وما زالت هذه العليات الإجرامية مستمرة حتى الآن ونحن في الشهر الثاني من العام 2015.
ثانياً: أهداف داعش الإجرامية
برز تنظيم داعش في النصف الثاني من العقد الأول بعد أن كان حتى العام 2004 تابعاً لتنظيم القاعدة وباسم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" بقيادة أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل فيما بعد. وكان عمله الأساسي يجري بالعراق ثم امتد إلى سوريا وتعزز هناك ليعود ويعمل بشكل أقوى وبعيداً عن القاعدة بالعراق أيضاً. وبعد مقتل زعيم التنظيم أبو عمر البغدادي في العام 2006 أصبح أبو بكر البغدادي (حامد داود محمد خليل الزاوي) زعيماً لهذا التنظيم في العام ذاته. اقترن وجود هذا التنظيم بثلاث مسائل أساسية هي:
1. حصول التنظيم على دعم واسع النطاق ومتعدد الجوانب من جانب الدولة التركية وحكومتها بقيادة رجب طيب أردوگان ولأهداف واضحة وملموسة في مقدمتها الرغبة في العودة إلى الهيمنة على طريقة السلطنة العثمانية وخاصة التوسع صوب العراق بالنسبة لولاية الموصل القديمة وكذا بسوريا، إضافة إلى صراعها التقليدي مع إيران بالعراق. كما حصل هذا التنظيم على دعم مباشر وكبير ومتنوع من دولة قطر باعتبار قادتها من التيار الإسلامي المتطرف (جماعة الإخوان المسلمين) ومن المنخرطين في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، والتقت في التعاون مع تركيا لدعم هذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإسلامية الإرهابية المتطرفة. كما حصل هذا التنظيم على دعم واسع من حكومات وتنظيمات إسلامية ومن وكبار الأثرياء بالسعودية ودول الخليج وأوروبا وغيرها.
2. تميز هذا التنظيم بالتطرف الصارخ وفي سعيه لـ "تطهير الدول الإسلامية" من أتباع الديانات الأخرى، إضافة إلى التخلص من الشيعة باعتبارهم مرتدين عن الإسلام، ومعاداة كل المسلمين المختلفين معه في الشريعة الوهابية وابن تيمية المتطرفة" بممارسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية والتهجير القسري. اعتبار الأسرى من النساء من أتباع الديانات غير الثلاثة (الإسلام واليهودية والمسيحية) سبايا تحل لهم ويمكن بيعهن في سوق النخاسة واغتصابهن وقتل الرجال منهم. وفرض الجزية والخراج على أتباع الدين المسيحي واليهودي أو تحولهم إلى دين الإسلام أو الموت أو التهجير القسري لهم وهروبهم من البلاد. ويشمل هذا حسب تقديرهم الإيزيدية والصابئة المندائية وغيرهما. فهذا التنظيم المتطرف اتخذ من المذهب الوهابي وابن تيمية أيديولوجية متطرفة له واتخذ من الأساليب الفاشية القديمة والحديثة ومن تلك التي مورست في الإسلام قديماً وحديثا من قبل القوى الأكثر تطرفاً فيه. فهي بهذا المعنى قوى سياسية فاشية دموية في أساليبها ولصوصية في أفعالها وإسلامية في دعواها ورفع راية محمد في اجتياحها لحدود الدول واستباحتها باسم "إعادة الفتح الإسلامي"!!
3. التعاون الوثيق مع حزب البعث العربي الاشتراكي، تنظيم عزت الدوري، وبعض التنظيمات الإسلامية السنية الأخرى، كما التحق الكثير من الضباط البعثيين من الجيش والشرطة والاستخبارات البعثية بهذا التنظيم وشكلوا القوة العسكرية الموجهة والقائدة في المعارك.
4. وضع التنظيم هدف إقامة ما أطلق علية بـ "الدولة الإسلامية" و "الخلافة الإسلامية" وتطبيق أسس شريعتهم النكراء بالمناطق التي يجتاحونها وخاصة تدمير الجوامع والمراقد والآثار القديمة والتماثيل والنصب التذكارية ودور العبادة لأتباع مختلف الديانات والمذاهب.
ثالثاً: ما هي وقائع التطهير العرقي والإبادة الجماعية الجديدة ومن هي القوى التي تمارسها فی-;---;-- ضوء قرار الأمم المتحة؟
في العاشر من شهر حزيران/يونيو2014 اجتاحت جماعة مسلحة أطلقت على نفسها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام وأعلن من جامع فيها أن أبي بكر البغدادي هو خليفة المسلمين وعلى المسلمين جميعاً مبايعته ومن لا يبايعه يحل دمه، أي قتله. ومنذ اجتياحه مدينة الموصل ضع هذا التنظيم هدفاً له يتلخص في قطع رؤوس الإيزيديين والشيعة الشبك والشيعة التركمان، ويفرض على المسيحيين واحداً من أربعة احتمالات:
1) التحول صوب الإسلام والقبول بالختان للرجال؛
2) دفع الجزية والخراج؛
3) ترك البلاد بما على جلودهم من ملابس فقط؛
و4) قطع الرؤوس.
كانت حصيلة هذه السياسة ذات المضمون الصارخ "إبادة جماعية بما فيها التطهير العرقي بأوسع وأقسى معانيه ضد مسيحيي الموصل وجميع أقضية ونواحي وأرياف محافظة نينوى، بعد انسحاب مخزٍ للقوات العراقية (الجيش والشرطة وقوى الأمن الداخلي والمخبرين السريين) بقرار من القيادة السياسية والعسكرية العليا بالعراق أمام قطعان وعصابات داعش، فقتل الكثير منهم وتهدمت أديرتهم وكنائسهم ونهبت أموالهم واحتلت دورهم وأجبر الجميع على النزوح هرباً من الموت على أيدي "هولاكو" جديد مسلم. بلغ عدد النازحين من محافظة نينوى وحدها ما يقرب من 150 ألف نسمة يعيشون في مخيمات بعينكاوا ودهوك وأربيل والسليمانية وغيرها.
ولكن كانت الحصيلة الأبشع والأكثر وحشية وعتواً ما وقع من عمليات إبادة جماعية على أتباع الديانة الإيزيدية في محافظة نينوى حيث تم مطاردة ما يقرب من 600 ألف نسمة تركوا لوحدهم حين انسحبت قوات الپيشمرگة المعسكرة في سنجار وزمار من مواقعها هرباً دون توجيه الإنذار اللازم للأهالي، فتم هروب قسري لما يقرب من 400 ألف نسمة منهم من مناطق سكناهم إلى جبل سنجار وبعض الأقضية في محافظة دهوك. وقد تعرض الكثير منهم إلى القتل العمد وسبي المئات من النساء واغتصاب الكثير منهن وبيعهن في سوق النخاسة بالعراق وسوريا وتدمير دور العبادة وحصر ما يقرب من 1200 عائلة في جبل سنجار ولأشهر عدة حتى أمكن فك الحصار عنهم وهم ما زالوا يعيشون في الخيام في أقضية ونواحي دهوك وأربيل والسليمانية وجبل سنجار.
وكان المواطنون والمواطنات من الإيزيديين قد فقدوا منذ عام 2003 وقبيل دخول داعش إلى قضاء سنجار ما يقارب (879) شخصا ً نتيجة الأعمال الإرهابية." (قارن: تقرير الجمعية العراقية لحقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2014).
ثم كانت حصيلة المطاردة واجتياح مناطق سكن الشبك في سهل نينوى والتركمان في تلعفر نزوح عشرات الألوف منهم صوب المناطق الآمنة مع قتل جمهرة كبيرة من الشبك والتركمان ونهب وسلب ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، إضافة إلى تدمير أماكنهم المقدسة وتراثهم الحضاري.
ولم يقتصر الأمر على هؤلاء فقد قتلت هذه العصابات المجرمة الكثير من أتباع المذهب الشيعي باعتبارهم كفرة ومرتدين عن الدين الإسلامي وقتلوا الكثير من السنة لأنهم قاوموهم ورفضوا مبايعة القتلة، كما حصل للعديد من العشائر بمحافظة الموصل أو بمحافظة الأنبار ومنهم الكثير من أفراد عشيرة نمر وعشيرة الجبور على سبيل المثال لا الحصر.
وهنا نستطيع أن نوجز حقيقة الإبادة الجماعية التي تعرض لها سكان محافظة نينوى على أيدي الغزاة الجدد على النحو التالي:

أ ** التسبب في النزوح الجماعي والقتل الجماعي والتطهير العرقي وسبي النساء

تشير المعلومات المتوفرة إلى عمليات النزوح القسري من محافظة نينوى على وفق الأرقام الواردة في الجدول التالي:
ت عدد النازحين مدن النزوح المحافظة التي استقبلتهم اسم المكون
1 (330) الف عائلة موصل، تكريت، ديالى ومدن محافظة الانبار كركوك والسليمانية واربيل وبغداد وسامراء واسط والديوانية وكربلاء والنجف من عرب ديالى والانبار والموصل وصلاح الدين
2 (19) الف عائلة سهل نينوى والموصل اربيل دهوك سليمانية بغداد مسيحيي
3 (58) الف عائلة موصل وتلعفر وكركوك اغلب المدن العراقية تركماني
4 (60) الف عائلة سنجار والموصل دهوك واربيل وبغداد يزيدين
5 (33) الف عائلة مدن محافظة نينوى اغلب المدن العراقية شبكي
6 (120) عائلة من مدن الجنوبية وبغداد اغلب المدن العراقية صابئي مندائي
ومنذ بدء الاعتداء على الأقضية والنواحي والأرياف التي يقطنها الإيزيديون في الثالث من شهر آب/أغسطس 2014 حصل لهم ما يلي:
"وكان تاريخ 3/آب/2014 على الإيزيديين يوما ً مشؤوما ً سوف تخزنه الذاكرة العراقية وأتباع الديانة الإيزيدية من إن هذا التاريخ المرير، هو يوم الظلم، والحزن الدامي، والقتل الجماعي، يوم الجرائم ضد الإنسانية، حيث أقدمت المجاميع الإرهابية التكفيرية على اقتحام قضاء سنجار وقاموا على الفور بقتل (700) شخص في قرية كوجو، وقتل (67) رجلاً إيزيديا ً من مجمع سيبا في سنجار، خطف وسبي (5000) امرأة وفتاة وطفل، تم بيع (5000) شابة في سوق القدس بمدينة الموصل، وسوق الرقة في سوريا بمبلغ من (300 إلى 700) دولار، وأكثر من (5500) شخص بين قتيل ومفقود، وتدمير مساكنهم ومصادرة ممتلكاتهم، أكثر من (10) آلاف شخص حوصروا في جبل سنجار، وتهجير (350) ألف مواطن نزحوا إلى مدن إقليم كردستان في (محافظات دهوك - أربيل - والسليمانية ) ومنهم من هاجر إلى تركيا وسوريا وجورجيا يعيشون في ظروف سيئة جدا.
** ب. إجمالي عدد النازحين وأوضاعهم
ونتيجة لعمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تمارسها هذه القوى الشريرة بلغ عدد النازحين من مناطق سكناهم إلى إقليم كردستان ومناطق أخرى من العراق ما يقرب من 1200 ألف نسمة وهم موزعون على مخيمات تفتقر لكل وسائل العيش الإنساني. فعلى سبيل المثال لا الحصر يوجد 54 مخيماً في محافظتي دهوك وأربيل وقضاء عنكاوا التابع لهذه المحافظة. وهذه المخيمات تضم عشرات ألوف البشر من المسيحيين والإيزيديين وبعض القوميات وأتباع الديانات الأخرى. وهم يعانون من أسوأ ظروف المعيشة الآدمية ونقص الخدمات الاجتماعية والمصاعب اليومية في الحصول على ما يسد رمق الأطفال على نحو خاص ...الخ. فعلى سبيل المثال يوجد في مخيم آسيان في ناحية باعذرة في محافظة دهوك باعتباره مخيماً محسناً نسبياً قياساً لباقي المخيمات 3000 خيمة لسكن النازحين تضم حتى الآن 2480 عائلة أو ما يساوي 14440 نسمة. المخيم مزود بالكهرباء والماء وهو من المخيمات المحسنة نسبياً بسبب وجود مطبخ وحمام في مقابل كل خيمة.

رابعاً: التطهير الثقافي
مارست وما تزال عصابات داعش المتوحشة تمارس التطهير الثقافي ضد ثقافات المسيحيين والإيزيديين والشبك والتركمان بالعراق من خلال تدمير دور العبادة كالكنائس والأديرة والمزارات والجوامع والمساجد والحسينيات لهذه المكونات الدينية والثقافية، إضافة غلى حرق الكتب والمخطوطات الأثرية ذات الأهمية البالغة لكل الشعب العراقي وحضارته وثقافته وكذلك تدمير المواقع الأثرية والآثار العظيمة التي أنتجها أبناء هذه المكونات العريقة بالقدم في حضارة وتاريخ العراق. إنها عملية إجرامية تستهدف ممارسة التطهير العرقي ومحو أي أثر لهذه المكونات فكرياً وجسدياً وحضارياً وثقافياً. وهو أحد أبرز معالم الإبادة الجماعية التي تمارسها هذه القوى الموغلة بالسادية والعنف والكراهية ورغبة في القتل وتصفية الآخر. واليكم بعض الوقائع:
- جرى الاعتداء على الآثار القديمة والمراقد التاريخية والمزارات والمعابد الدينية.
- جرى تدمير (17) مزارا ً حتى الآن منها:
- في 16/10/2014 فجر مسلحون من تنظيم داعش الإرهابي مزار (ناصر دين) في بعشيقة.
- كما فجروا مرقد الطائفة الإيزيدية (الشيخ مند بال) في جبل سنجار بتاريخ 24/آب/2014.
- واقتحموا كنيسة أم المعونة في منطقة الدواسة بمدينة الموصل بتاريخ 9/آب/2014 وحطموا الصليب الموجود على البرج الخاص بالكنيسة.
- وفي 3/آب/2014 فجر الداعشيون مزار شرف الدين ابن الشيخ حسن بن الشيخ عدي الثاني في سنجار.
- كتب الباحث آكي يبرز، المحلل السابق في شؤون مكافحة الإرهاب لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، نشره في صحيفة واشنطن بوست: كانت ميليشيات “الدولة الإسلامية” وما تزال تسعى لتعزيز قبضتها المتطرفة على المناطق التي أخضعتها حديثا لسيطرتها، وإلى جانب عدد لا يحصى من الإساءات، التي ارتكبتها الجماعة الإسلامية المتشددة، مثل التهجير القسري للمسيحيين وباقي الأقليات الأخرى، فضلا عن الإعدامات الجماعية وذبح رجال الدين، إلا أن الجماعة مضت في طريق تدمير الإرث الثقافي للعراق في كل مكان وصل إليه ورفرف علم الجماعة الأبيض والأسود.
فمنذ أن استولى تنظيم “داعش” على مساحات واسعة من شمال ووسط العراق شهر حزيران الماضي، عمدوا إلى إتباع أسلوب منهجي منظم لتدمير المواقع التاريخية في الموصل وحولها، مثل مرقد النبي شيت، ثالث ابناء النبي آدم وحواء، وتدمير مسجد النبي جرجيس ومرقد عون الدين.
وفي مدينة تلعفر، التي تقع على بعد ساعة الى الغرب من الموصل، عمدت الجماعة إلى تدمير ما لا يقل عن 3 من المراقد الشيعية مع 3 من جوامع الشيعة كذلك.
كما أن المواقع التاريخية والكتابية عانت كذلك دمارا كبيرا جراء الحرب خلال العقد الماضي. وعلى سبيل المثال، فإن متحف بغداد الوطني ومعه الأرشيف الوطني تعرضا للنهب والسرقة بعد الغزو الأميركي للعراق ربيع العام 2003، فيما عمدت القوات الأميركية إلى إنشاء إحدى قواعدها جزئيا خلال العامين 2003-2004 في مدينة بابل التاريخية، حيث شغلت ذلك الموقع كمهبط للطائرات ومخازن للوقود.
خامساً: العواقب الوخيمة للتطهير العراقي والإبادة الجماعية والصراعات الراهنة بالعراق
** استمرار قتل وتهجير المزيد من سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة قطعان وعصابات داعش.
** وبسبب الخشية المستمرة من احتمال هجمات جديدة لداعش وانعدام الثقة بالقدرة على حمايتهم، قررت الكثير من العائلات أو الأفراد الهجرة إلى خارج العراق وقد بلغ عددهم حتى الآن من المسيحيين والإيزيديين على نحو خاص أكثر من 60 ألف نسمة. ويبيع الكثير من الناس دورهم بعينكاوا أو يؤجرونها ليغادروا العراق دون رجعة!
** الاضطرابات النفسية والعصبية لمن تعرض لعمليات التطهير العرقي وعمليات الإبادة الجماعية،
** تشرد الأطفال وعواقبها المريعة باعتبارهم جيل المستقبل. ويزداد هذا الأمر صعوبة بوجود الكثير من الأيتام والمعوقين، إضافة على تزيد عدد النساء الأرامل،
** البطالة الواسعة والفراغ القاتل بين النازحين،
** السقوط في فخ عصابات الجريمة المنظمة بسبب الفقر والتشرد والتخلف،
** هشاشة الدولة وعواقبها على الفرد والمجتمع،
** الخسائر الثقافية والحضارية التي لا يمكن تعويضها؛
** الخسائر الاقتصادية والروحية للناس.
ويزداد الأمر سوءاً بسبب غياب إستراتيجية عراقية ودولية لمواجهة الوضع الراهن للنازحين وتزايد أعداهم ومشكلاتهم اليومية العصية على الحل من جانب إدارات المخيمات.
سادساً: العوامل الكامنة وراء ما حصل ويحصل بالعراق حتى الآن
يمكن تلخيص أبرز العوامل في النقاط التالية:
١-;---;--. وجود نظام سياسي طائفي تمييزي شوه الحياة السياسية والاجتماعية وأشاع الصراعات بين الأحزاب الإسلامية السياسية ونقلها إلى المجتمع ومزق نسيج المجتمع الوطني العراقي.
٢-;---;--. نشوء نظام سياسي طائفي في دولة ريعية فسح في المجال وسمح لبروز رئيس وزراء مستبد بأمره وبالشعوب والوطن وصادر حقوق الإنسان والحريات العامة، إنه نوري المالكي الحاكم المستبد بأمره.
٣-;---;--. مارس النظام ورأسه سياسة التمييز إزاء أتباع الديانات والمذاهب والتهميش وساعد على نشوء عدم ثقة بين أبناء وبنات الشعب من مختلف القوميات والديانات والمذاهب ولم يتصد لها بل ساهم في تأجيجها بمختلف السبل والوسائل.
٤-;---;--. عمق رئيس الحكومة السابقة الصراع بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم في مواقفه غير الطائفية المتطرفة التي قادت بدورها إلى ردود فعل متشنجة ساهمت كلها في نشوء حالة من عدم الثقة بين الحكومتين والشعبين العربي والكردي لم ينجح صدام حسين في الوصول إليها.
٥-;---;--. الفساد العام الذي ساد العراق على امتداد السنين المنصرمة وساهم رأس النظام في تنشيطه بمختلف السبل ووصل إلى القوات المسلحة بمختلف صنوفها وإلى كل مفاصل وسلطات الدولة والمجتمع وتشابكت مع الإرهاب وقواه وأصبحا وجهان لعملة واحدة.
٦-;---;--. لم تكن القوات العسكرية المعسكرة في محافظة الموصل موجهة ضد عدو خارجي بل كانت موجهة لهدفين هما:
أ. اضطهاد أهل الموصل وإذلالهم بمختلف السبل من منطلق طائفي مقيت من جهة؛
ب. وضد إقليم كردستان وقوات الپی-;---;--شمرگة في حالة أي تحرك للاستقلال من منطلق شوفيني مناهض لحق تقرير المصير من جهة أخرى. لهذا وبسبب الفساد والرشوة لم يقف الجيش بوجه داعش وعصابته المجرمة.
٧-;---;--. إن سياسات رأس النظام الطائفي وممارساته اليومية ومواقفه المتطرفة إزاء أبناء شعبنا من أتباع المذهب السني ومن الشعب الكردي بعدم حل المشكلات العالقة بما فيها المناطق المتنازع عليها على وفق المادة 140 والنفط وعدم دفع الرواتب ...الخ خلق حواضن مهمة لعصابات داعش ساهمت في اجتياح العراق من بوابة الموصل الحدباء.
٨-;---;--. ولا شك في أن العراق ومكوناته القومية والدينية قد تعرضت لمؤامرة دولية وإقليمية ومحلية قذرة أرادت وما تزال تريد النيل منه وتمزيقه.
٩-;---;--. وأخيرا وليس آخراً فأن النظام السياسي الطائفي حرم الشعب من حقوقه وحرياته الأساسية وقاد إلى الكارثة العظمى التي يعاني منها الشعب عموما وخاصة شعبنا من المسيحيين والإيزيديين والشبك والتركمان والكرد.
10 . ولا شك في أن دول الإقليم وخاصة المملكة العربية السعودية وقطر وسوريا وكذلك إيران بإيديولوجياتها الدينية والمذهبية المتخلفة وسياساتها الطائفية وصراعاتها على نطاق المنطقة وبالعراق قد ساعدت على تعميق المشكلات بالبلاد والسماح لهذه القوى بالولوج والاجتياح والاستباحة وممارسة الإبادة الجماعية.
11. ولا نبتعد كثيراً عن الحقيقة حين نحمل المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية فرض نظام طائفي سياسي متخلف بالعراق قاد إلى ما هو عليه العراق من تمزق ومن اجتياحات واستباحات مريرة.
سابعاً: سبل مواجهة الوضع الراهن بالعراق أو دور العراق والمجتمع الدولي في مواجهة الوضع

في الوقت الذي نتحدث عن النازحين قسراً وأوضاعهم المأساوية، علينا أن نشير أيضاً إلى واقع خوض قوات الپی-;---;--شمرگة وحاملي السلاح من الإيزيديين والأنصار الشيوعيين السلاح في مواجهة عصابات داعش في جبهات قتال عديدة وحققت نجاحات غير قليلة وقتلت الكثير من قوى الشر والعدوان وأعطت كوكبة من الشهداء في هذه المعارك، فإنها ما تزال بحاجة إلى دعم دولي واسع للسلاح والعتاد والمعدات العسكرية لمواجهة مظفرة وسريعة ضد هذه القوى الشريرة التي تمارس قتلاً جماعياً مستمراً ضد السكان، إضافة إلى مزيد من التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات بين الجيش العراقي وقوات الپی-;---;--شمرگة وتأمين السلاح والعتاد للپيشمرگة.
إن مواجهة الوضع الراهن والعواقب الناشئة عنه وأزمة ما بعد التحرير يتطلب العمل من أجل توفير تضامن وتعاون وتكافل دولي وإقليمي ومحلي شعبي لمعالجة المشكلات يتطلب تأمين تشكيل غرفتي عمليات مشتركة:
أ- غرفة عمليات محلية - إقليمية - دولية لمواجهة تنظيم داعش العسكري الإجرامي وما يرتكبه من جرائم على مستوى العراق وسوريا وتوسعه إلى دول أخرى بالمنطقة، رغم معرفتنا بأن العديد من الدول قد شاركت بشكل مفضوح أو مستتر بتقديم الدعم الكبير والمساعدات المتنوعة لعصابات داعش الإجرامية، ولكنها أصبحت اليوم تواجه داعش مباشرة، رغم وجود قوى في تلك الدول مثل تركيا وقطر والسعودية على سبيل المثال لا الحصر، أو قوى وتنظيمات إسلامية سياسية وأغنياء كبار في أوروبا وغيرها، ما تزال تمد داعش بالدعم والمساعدة المبطنين وتساهم في تجييش الجهلة من الشباب إلى ساحات الموت بالعراق وسوريا. كما إن الدول الأوروبية والولايات المتحدة أصبحت كلها تقف اليوم، شاءت أم أبت، وجها لوجه أمام عصابات داعش وخلاياها المجرمة النائمة والناهضة فجأة، كما حصل في باريس أخيرا، والتي يمكن أن تنشط في كل لحظة وفي أي مكان شاءت. إن من واجبنا أن نشير دون أدنى تردد بأن تركيا وقطر يمسكان حتى الآن بخيوط داعش إلى حدود غير قليلة، وهما دولتان راعيتان لداعش ولأسباب كثيرة. كما إن الفكر الوهابي وأبن تيمية وشيوخ الدين ومدارسهم في السعودية هم المعين الذي لا ينضب لفكر داعش وكل المنظمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وأنصار السنة والنصرة، وما ينتج عن ذلك من تلاميذ يذهبون للقتال بجوار هذه المنظمات التكفيرية التي ترفع راية محمد عالياً لقتل المزيد ممن تسميهم "كفاراً"، وشيوخ في الأزهر يرفضون تسميتهم كفاراً لأنهم يحملون نفس الراية التي رفعها المسلمون الأوائل في فتوحاتهم تلك!!
ويفترض أن يبنى هذا التعاون العسكري، من حيث التخطيط الاستراتيجي على أساس دولي مناهض للإرهاب ومن حيث التكتيكات اليومية المرنة والفعالة والقادرة على تسريع عملية تحرير العراق وتصفية وجود هذه العصابات بسوريا، دون أن يتطلب ذلك قوات خارجية تدخل إلى لعراق أو سوريا. إن هذا الأمر يتطلب تعاوناً وتنسيقاً واسعين ومن جوانب عديدة من أجل تحقيق النجاح المنشود، وبدون ذلك سيتعذر الوصول إلى الهدف قريباً. ولا بد لحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية أن يلعبا دورهما بالنسبة إلى لجم تركيا وقطر عن الاستمرار في تقديم الدعم لأغراض توسعية وعدوانية.
علينا أن نعترف بوضوح وصراحة بأن الوضع بالعراق عموماً والعلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم غير مناسبين، رغم تحسن العلاقة النسبي المحدود، لخوض المعارك المظفرة والسريعة ضد هذه القطعان المسلحة والهمجية وإنهما غير قادرتين على تسريع عمليات التحرير رغم الجهود المهمة والملموسة التي تبذل منهما لهذا الغرض، إذ لا بد من زيادة الدعم المتنوع القادم إليهما من دول الإقليم وبقية الدول الأوروبية والولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
وعلينا أن نفكر بواقع إن الولايات المتحدة توجه اليوم ضربات كثيرة في منطقة الموصل وسهل نينوى لأنها تثق بقوات الپيشمرگة الكردستانية وتريد لها النصر، في حين لديها تحفظات كبيرة على الكثير من فصائل الحشد الشعبي، وأقصد بذلك المليشيات الطائفية المسلحة التي تأتمر بأوامر تصدر عن قادة الحرس الثوري الإيراني المشارك في المعارك بالعراق ومن القائد والممثل العسكري والسياسي الإيراني الكبير المتنفذ بالعراق قاسم سليماني. إن هذا يعني أن الولايات المتحدة تدرك العواقب الوخيمة لدور إيران بالعراق ليس الآن فحسب، بل وفي أعقاب حل هذه الأزمة الشاملة التي تواجه البلاد التي تمثلت باجتياح عصابات داعش واستباحتها للشعب، كما علينا أن نؤكد بأن العراق قد تعرض لاجتياح داخلي مسنود بقوات الحرس الثوري الإيراني المتمثل بالميليشيات الطائفية المسلحة أيضاً والتي بلغ عددها الآن 42 منظمة طائفية مسلحة وبطرق وصيغ أخرى والتي لا يمكن التكهن في سبل اجتياز العراق لهذه المحنة، التي تسببت بها هذه القوى وصراعاتها حتى قبل دخول داعش إلى الأنبار ومن ثم الموصل وغيرهما، بعد الخلاص من محنة داعش.
ب - غرفة عمليات محلية- إقليمية - دولية على مستوى المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني على الصعيدين الإقليمي والدولي ودول أوروبية وصديقة ومراكز البحث العلمي الاجتماعي والنفسي والاقتصادي لمعالجة المشكلات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي تواجه المجتمع العراقي وخاصة في المناطق التي أصيبت بطاعون داعش، إضافة إلى دراسة ما سوف يحصل بين مكونات الشعب من مشكلات اجتماعية وانعدام الثقة بين المكونات الدينية والمذهبية والقومية وسبل إعادة النازحين إلى مناطق سكناهم ومسائل الخدمات الاجتماعية بما فيها الصحية والمعيشية والنفسية ...الخ. أي توفير مستلزمات حل الأزمات التي بدأت منذ الآن لما بعد حل الأزمة الكبرى الراهنة.
إن العبء الواقع على عاتق الإقليم كبير حقاً، وكذا العراق الاتحادي، ولا بد من تنشيط التعاون على المستوى المدني والعسكري بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وتجاوز عدم الثقة الذي نشأ بسبب سياسات المستبد بأمره وبالشعب ومصالحه نوري المالكي ورهطه الهوجاء والعفنة والطائفية بامتياز، وتأمين غطاء دولي لهذا التعاون والتنسيق لتحرير العراق كله من قوى الظلم والظلام والتوحش وإنقاذ الشعب العراقي من استمرار تنفيذ جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وتدمير التراث الحضاري الإنساني لكل مكونات الشعب العراقي الجارية على قدم وساق من جانب هذا الطاعون الأصفر والمسموم.
إن غرفتي العمليات المشار إليها في أعلاه يفترض فيهما الخروج بتوصيات ملزمة للحكومة العراقية في ما يخص الموقف من النظام السياسي القائم، إذ إن استمرار المحاصصة الطائفية يعني العودة إلى نقطة الصفر والتي يمكن أن تعيد السيناريو الذي عرفناه حتى الآن مجدداً، وبالتالي لا بد من تأمين قيام نظام مدني ديمقراطي يحمي المواطنات والمواطنين جميعاً وخاصة سكان تلك المناطق التي تعرضت للاجتياح والاستباحة مثل محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك. إن حماية أتباع الديانات الذين يشار إليها بالأقليات الدينية يفترض أن تأتي من خلال ممارسة الضغط العادل الدولي المكثف والمتواصل على الدولة العراقية لتغيير طبيعة النظام السياسي الراهن والبديل الذي يفترض أن ينهض بالعراق على وفق ما يأتي في الفقرة التالية:
ثامناً: ما المطلوب من العراق لتوفير مستلزمات الخلاص من الأوضاع الشاذة الجارية منذ 12 سنة
لا يمكن للعراق أن يتخلص من تركة الماضي التي خلفها بعده النظام الاستبدادي البعثي ورهط صدام حسين أولاً ولا تركة النظام السياسي الطائفي المحاصصي ورهط المستبد بأمره نوري المالكي ثانياً دون اتخاذ خطوات عملية واضحة تساعد المجتمع العراقي على المصالحة والتفاهم والتعاون والتضامن وبناء النسيج الاجتماعي من جديد التي يمكن بلورة البعض الأهم منها في النقاط التالية:
** التزام الدولة والحكومة بمبادئ إقامة المجتمع المدني الديمقراطي والذي يعني دون أدنى ريب:
1) الفصل بين الدين والدولة فصلاً تاما لصالح الدين والدولة والمجتمع في آن واحد؛
2) والفصل بين السلطات الثلاث واستقلال القضاء استقلالاً تاماً واحترام حرية الإعلام؛
3) التزام مبدأ المواطنة الحرة والمتساوية واحترام الهويات الفرعية دون السماح لبعضها السيطرة على الهويات الأخرى أو الإساءة لهن؛
4) احترام حرية الرأي والعقيدة والحريات المدنية وحقوق الإنسان والمساواة التامة بين المرأة والرجل؛
5. إعادة النظر بالدستور العراقي بما يسهم في تخليصه من النواقص والشوائب التي يتضمنها الآن بسبب طبيعة الوضع الذي وضع فيه الدستور والمساومات غير العقلانية التي فرضت صيغاً متناقضة فيه وإزالة كل شكل من أشكال التمييز الديني والطائفي والتمييز ضد المرأة ..الخ.
** إدانة أي شكل من أشكال التمييز القومي والديني والمذهبي والفكري والتمييز ضد المرأة والأخذ باللوائح الأساسية والمواثيق والعهود الدولية في مجال حقوق الإنسان.
** عدم السماح بامتلاك السلاح للفرد أو الجماعات وحل كل المليشيات الطائفية المسلحة واحتكار السلاح واستخدامه من جانب الدولة والإقليم فقط (الجيش والپيشمرگة الكردستانية باعتبارها جزءاً من القوات المسلحة العراقية)، وكذلك رفض جميع أشكال العنف وإدانة من يمارسها والأخذ بمبدأ حل جميع المشكلات القائمة عبر التفاوض السلمي والديمقراطي ولمصلحة البلاد والمجتمع وتكريس الحياة الدستورية.
** الالتزام بتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع وإعادة توزيع الدخل القومي وفي استخدامه لصالح المجتمع والأفراد دون تمييز ومكافحة الفساد بكل أشكاله وإدانة من يمارسه.
** وضع الخطوات الكفيلة بمحاربة التدخل في الشؤون العراقية الداخلية وتعزيز استقلال الوطني السياسي. ولتحقيق هذه الغاية لا بد من مواجهة كل عصابات داعش الإجرامية والمليشيات الطائفية المسلحة وتوفير كل ما هو ضروري على المستوى الوطني لمعالجة مشكلات النازحين وتوفير الرعاية لهم والحماية وإعادتهم إلى مناطق سكناهم حال استعادة الأراضي العراق المستباحة من قوى الإرهاب.
** محاكمة عادلة لمن تسبب بكل ما يعاني منه العراق خلال الفترة التي أعقبت سقوط الدكتاتورية الغاشمة والتي يمكنها أن ترسي الأرضية الصالحة للمصالحة الوطنية بين كل مكونات العراق الوطنية، وخاصة أولئك الذين فرضوا الاستبداد على الشعب وتسببوا في كوارث الأنبار وديالى وأخيراً اجتياح الموصل وبقية محافظة نينوى ومناطق أخرى من العراق.
د. كاظم حبيب
ملاحظة: ألقيت هذه المادة في مؤتمر الإبادة الجماعية ومستقبل الإيزيديين والمسيحيين في العراق بتاريخ 8/2/2014



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يجري بالعراق الغارق في مستنقع الطائفية السياسية؟
- حيدر العبادي والحرب والمعاول الهدامة!
- السعودية هي المعين الإيديولوجي للتنظيمات الإسلامية السياسية ...
- زيارات ولقاءات ودية وحميمة في مدن كردستان الجميلة
- ما العمل من أجل دحر داعش وعودة النازحين قسراً إلى مناطق سكنا ...
- زيارة إلى النازحين في جبل سنجار والمقاتلات والمقاتلين في مدي ...
- الإقليم والنازحون قسراً إليها، مخيم آسيان في ناحية باعذرا - ...
- زيارات حزينة إلى مخيمات سكان النزوح القسري بإقليم كردستان ال ...
- خطيب جامع بأربيل يشتم الشيعة والشيوعية كل يوم جمعة
- أرحل... ارحل انت ومن يحميك من عقاب الدستور والقوانين واترك ا ...
- الأزمة المالية وإشكاليات الفساد والإصلاح الاقتصادي
- هل الظهير الشعبي المجتمعي الذي تحتاجه القوات العراقية في موا ...
- هل الرأسمالية نهاية التاريخ؟ رأي في كتاب -راهنية أفكار كارل ...
- قراءة في رواية -متاهة إبليس- للروائي العراقي برهان شاوي
- نتانياهو والطريق المسدود لحل القضية الفلسطينية!!
- حوارات فكرية وسياسية ممتعة مع الصديق البروفيسور الدكتور ساسو ...
- رد متأخر على أگاذيب شرسة
- هل من مغزى لتعيين د. مظهر محمد صالح مستشاراً اقتصادياً لرئيس ...
- هل القضاء العراقي مستقل؟
- أما يزال الإنسان العراقي يقف على كف عفريت، أما يزال تحت رحمة ...


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - دور العراق والمجتمع الدولي في التصدي لقوى الإرهاب بالعراق ومنعها من مواصلة تنفيذ جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والثقافي ضد المكونات العراقية وتأمين الحماية لهم : الإيزيديين والمسيحيين نموذجاً