أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - فصل الدين أو الانفصال عنه ح2














المزيد.....

فصل الدين أو الانفصال عنه ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4719 - 2015 / 2 / 13 - 01:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فصل الدين أو الانفصال عنه ح2

السرد التأريخي يكشف لنا عن تطور الفكرة وخروجها من إطارها الأول العملياتي إلى مجال تنظيري فكري لتتحول بعد فترة إلى فكر سياسي ينتشر في العالم مفاده أن الدين عامل تجميد وإحباط للسعي الإنساني ولا بعد من عزل المؤثرات الروحية عامة والدينية بالذات عن واقع التعامل البيني الاجتماعي والسياسي ثم حصر التعامل به في حدود المعبد على أن لا يمنح الدين أي سلطة تقديرية أو تقريرية بغض النظر عن أي أعتبار قيمي أو فكري أو حتى أخلاقي إنساني ,وإبدال القيم الدينية بقيم واقعية من مفردات العلم والعمل والتجربة المادية فقط .
هذا الفرض الذي لا قى نجاحا عمليا وقاد المجتمع الغربي عموما من واقع تنازع وتحجر وإفراط في ربط كل مفاصل الحياة بالكنيسة وليس بالدين من خلال دور الكنيسة التقريري في جميع مفاصل الحياة وما مارست من سطوة قهرية في محاربة العلم والمعرفة والفنون ليس فقط محاربة بل أوصلت الحد إلى التجديف والهرطقة والتحريم المؤدي للموت ,كانت العلمانية ردة فعل بنفس قوى وقدرة هذه السطوة بل زادت عليها في تفاصيل عندما جعلت من الدين عامل تهميش للعقل بدل أن تحارب منهج الكنيسة .
الدين الذي مارس دورا معرفيا عالميا وقاد جملة من المعارف وطور منظومة عقلية متكاملة من الروابط العلمية والمعرفية التي أسست لكل العلوم اليوم تحول نتيجة سياسة الكنيسة والمؤسسة الدينية المخترقة من قبل قادتها الذين تدفعهم ضواغط الأنا الذاتية الطامحة للسيطرة والتجبر وفرض الرؤى البشرية بدل الرؤية الإلهية حبرا ,تحول إلى ضحية لتصرفات حرفت الدين عن مفهوم وحقيقة التسخير الرباني له في خدمة الإنسان وجعلت العلاقة عكسية تماما بين الدين والإنسان أدت إلى حماقة أكبر عندما أعتبر الدين أفيون الشعوب بدل أن تكون الأنا المستبدة لثوبها الديني واستحقاقاتها وتسخيرها للدين لمصالح شخصية هو الأفيون الذي يساعدها على هتك كل القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية .
إن مسألة فصل الدين عن المجتمع وحصره في زاوية العلاقة الإنسانية مع الرب هي مجرد وهم وخيال أستنتجه العلمانيون من نشوة السطو على مكانة الكنيسة وأعلانهم وفاة الرب والحقيقة أن الإنسان الذي هو أس المجتمع مهما تضخم وتعظم لا يمكن فصله عن الدين على أساس واقع ولا على أساس الأفتراض ,العلماني اليوم محكوم بجملة من المقدمات العقلية التي أساسها ديني ومنشأها أيضا من نصوص دينية يتعبدها من حيث أراد أو لم يشعر,قد يظن أنه يمارس بعض الحالات الفردية أو القليلة ويعتقد أنه نجح في خرق القواعد الدينية .
مثلا المجتمعات العلمانية الغربية اليوم في شكلها العام تتعامل مع الدين تفصيليا من زواج وطلاق ومواريث وقيم أخلاقية التي تدعو للسلام والمحبة والخير ووو الكثير من القيم الدينية التي هي ليست اختراعا علمانيا بقدر ما هي علاقات نشأت عليها المجتمعات واستقت أصولها من الدين من رغبة وتعاليم السلام .
حتى القائد العلماني الذي يتعامل مع المجتمع يتعامل فوق ما هو سياسي بما هو أخلاقي لا يمكنه التحرر من القيم الأخلاقية الأجتماعية ,مثلا لا يمكنه الكذب ولا يمكنه الاعتداء على الأخر الضعيف وغيرها الكثير من الأخلاقيات السائدة في المجتمع والتي تضخ له وتشاع عن طريق المؤسسة الدينية الكنيسة والمعبد ,بل أن الكثير من ما طرحته العلمانية هو في الحقيقة منهج الدين قبل أن يسرق من إطاره الحيوي ويوضع في قالب مخالف تماما لتوجهات الدين الأساسية .
كيف لي أن أجرد الإنسان وهو علماني من مثاليته الفطرية من إيمانه الطبيعي بالدين ,هل من المعقول أن تنفصم ذات الإنسان بين جهتين متباعدتين مرة يكون مدني ومرة يكون ديني ؟, هل يقبل العقل أن يعمل النقيض ونقيضه في آن واحد , العلماني عندما يتعامل مع العالم الخارجي وخاصة في الشأن العام عليه أن يستحضر كل ذاكرته وكل معرفته وكل مقدماته كي يصل لحل وتصرف مناسب ,هنا كيف نأمر العقل في هذه العملية أن يفصل الرصيد الذهني والذاكرة وكيف نسيطر على عدم تدفق الديني في حالة التفكر بالمدني .
من المعروف والبديهي أن الإنسان أبن بيئته وهذا ليس اختراعي بل من حقائق المنطق ,والبيئة هي الموجه والمدرسة الأكثر تأثيرا في صياغة الشخصية والبيئة ليست جغرافيا فقط بل هي كون كامل من العلاقات التي تمتد من مرحلة الجنين ولا تنتهي حتى بعد الفناء الشخصي إنها العالم الصائغ للوجود والكاشف عن تشابك وتعقد العلاقة الأجتماعية للإنسان ,روافدها متعددة أهمها العلم والدين والأخلاق وهي التي ترسم للإنسان الشخصية أي شخصية ولا يمكن أن يتحكم أو يحد من نوع من التأثيرات بإرادة منفردة فهناك الشعور اللا مباشر الذي يرسم الكثير من عوامل السلوك الفردي والجمعي وهذه من تأثيرات عالمي التربية والتنشئة وهما مما لا يمكن أن يتحسسهما ويتحسس مصادرهما بوعي خالص .
الدين الذي هو واحد من أساسيات المعرفة والسلوك الأخلاقي وواحد من أركان العلم بمعناه المجرد إن لم يكن الآن فهو المعين الأول الذي نشأت في ظله وزمنه كل العلوم أولا , لا يمكن أن يكون خارج الاعتبار العقلي بما ترسب منه في ذاكرة العقل العميقة (الوجدان الإنساني) وما يفرضه من تعامل واعي ولا مباشر في الغالب في صنع وصياغة خيارات الإنسان , تبدو المسألة صعبة الفهم كيف يمكننا أن نفصل الوجدان العقلي عن قضايا المجتمع وبالذات السياسة والإدارة ,أنها فكرة غير لائقة أن نصدق بصحة الفرض القاضي بفصل الدين عن المجتمع وقوانينه الكلية إنها خلاف حقيقة الأشياء .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حاكمية الإنسان وحاكمية الرب ح1
- حاكمية الإنسان وحاكمية الرب ح2
- شيطنة الصراع ... ومحاولة الهروب للأمام ح2
- شيطنة الصراع ... ومحاولة الهروب للأمام ح1
- الإنسان والبحث عن الطوطم الفريد ح1
- الإنسان والبحث عن الطوطم الفريد ح2
- الإسلام والدولة والسياسة
- حروف مجنونة
- أحلام راحلة وأحلام تتهيأ للرحيل
- بوح وأنين وحلم .
- الكأس الأخيرة
- أموات غير أحياء
- ضرورة الكتابة
- ثورة المؤمنين ح2
- ثورة المؤمنين ح1
- عوالم الوجود ونظرية الأنماط الخمسة
- عوالم الوجود ونظرية الأنماط الخمسة ح2
- متى نسترد الله ح1
- متى نسترد الله ح2
- الإنسان المجهول ح2


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...
- الراهب المسيحي كعدي يكشف عن سر محبة المسيحيين لآل البيت(ع) ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - فصل الدين أو الانفصال عنه ح2