أورلي -كيشوت - والجنرالات .

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

الحوار المتمدن-العدد: 4718 - 2015 / 2 / 12 - 15:14
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    

أورلي "كيشوت " والجنرالات .
الدكتورة أورلي "كيشوت "إينِس ، أكاديمية في علم الجريمة (الكريمينولوجيا ) ، وواضعة مشروع "مدينة بلا عُنف " في إسرائيل ، والذي تبنّتْهُ أكثر من 139 سُلطة محلية في إسرائيل . وكما يبدو فالمشروع يُلاقي النجاح ، وإلا ، فلن تُشارك فيه كل هذه السلطات المحلية . ومع ذلك فنحن لسنا في معرض التقييم العلمي للمشروع ، خاصة وأنه قد إنقضت سنوات طويلة منذ البدء بتطبيقه على أرض الواقع .
والدكتورة أورلي "كيشوت " ، ركّزت المشروع من خلال وزارة الأمن الداخلي ، أو ببساطة ، وزارة الشرطة ، وعملت في هذه الوزارة فترة طويلة ، برفقة ، أو بصحبة أو معية الجنرالات والضباط في سلك الشرطة ..
لكن شخصيتها القوية ، ثقافتها الواسعة ، مداركها المتطورة وتخصصها الأكاديمي ، كل هذه لم تحمِها من التحرش الجنسي والإعتداءات الجنسية ، ومِنْ الجنرالات تحديدا ..
لقد إستجمعت أورلي شجاعتها وتقدمت بشكوى ضد قائد كبير في الشرطة (رتبته توازي رتبة الجنرال في الجيش ) ، تتهمه بالإعتداء الجنسي عليها . ومن حيث لا تدري فقد فتحت على نفسها أبواب جهنم ...!! بماذا لم يتهموها ؟! بأنها عاهرة ... لم تترك سريرا لضابط إلا ودخلته ..بحثا عن منفعة شخصية وما إلى ذلك ..
قد تكون أورلي" كيشوت" مارست الجنس مع عدد كبير من الرجال ، لكن هذا الأمر لا يُعطي كائنا من كان رخصةً للإعتداء عليها ..
كشفت هويتها بشجاعة قل نظيرها ، وتحدثت في مركز علاج ضحايا الإعتداء الجنسي ، لكن حملة التشويه والتحريض عليها لم تتوقف ..
اللافت للنظر ، أنهُ وبعد كشفها عن هويتها الشخصية وسردها لقصة الإعتداء الجنسي عليها وحكايتها مع تشويه صورتها ،في أعقاب ذلك حصل إرتفاع بنسبة 15% في عدد المتوجهات والمتوجهين لتقديم شكاوى عن إعتدائات جنسية تعرضن /وا لها .
وفي الأشهر الأخيرة ، ونتيجة شكاوى تقدمت بها ،شرطيات وقعن ضحايا إعتداء جنسي، من قِبَل رؤسائهن ، فقد تم طرد ، إستقالة أو فصل 7 من جنرالات الشرطة .. يبلغ عدد أصحاب هذه الرُتبة في سلك الشرطة 16 جنرالا فقط .. مما يعني بأن ما يُقارب نصف الجنرالات قد أُتهموا بالإعتداءات الجنسية على شرطيات خدمنَ تحت إدارتهم ..
وكان وزير الدفاع هو الوحيد الذي تطرق لهذا الموضوع بصراحة وطالب الشرطة "بتنظيف " نفسها ، كما فعل الجيش الذي "نظّف" نفسه من الإعتداءات الجنسية ، التي قام بها ضباط ، ضد المُجندات اللاتي خدمن تحت إمرة هؤلاء الضباط .
وفي هذا السياق ، جدير أن نذكر بأن عضوة الكنيست من الليكود "ميري ريغف " ، وهي يمينية متطرفة ، وشغلت اثناء خدمتها العسكرية منصب الناطق الرسمي بإسم الجيش ، برتبة ميجر جنرال ، صرحت في لقاء معها بأنها تعرضت لإعتداء جنسي أثناء خدمتها العسكرية ، والذي إعتدى عليها كان صاحب درجة عسكرية عالية جدا ، كما قالت عضوة الكنيست ..
وصبيحة هذا اليوم ، في البرنامج الإخباري الصباحي ، طالعنا مُقدما البرنامج بشكاوى الفتيات والشابات اليهوديات ، من عدم تمكُنهن من قضاء الوقت في المراقص والبارات ، لأنهن يتعرضن لتحرش جنسي بل وإعتداءات جنسية .
لكن ، ما هي الأسباب لكثرة التحرشات والإعتداءات الجنسية ؟
أتحدثُ عن الظاهرة في إسرائيل ، لأنني مواطن إسرائيلي ومُتابع لما يجري هنا ، لكن جرائم التحرش والإعتداءات الجنسية مُنتشرة في كل المجتمعات البشرية ، مع بعض التفاوت بين مجتمع وأخر .
وعادة ما تكون هناك "علاقة " ما بين المُعتدي والضحية ، وضحايا الإعتداءات الجنسية من الأطفال ، غالبا ما تربطهم علاقة معرفة بالمُعتدي ، كأن يكون قريبا ، جارا ، مُرشدا ، مدرسا أو مدربا .(بالمُناسبة الإعتداءت العشوائية قليلة عددا ) . أما العلاقة التي تربط الضحايا والمعتدين من البالغين ، فهي إما علاقة إدارية وظيفية (مدير وموظفة ) ، أو في سلك الشرطة والجيش (قائد وجندية ) .
لكن كل الإعتداءات ترتبط بعامل مُشترك واحد ، يكون فيه المعتدي صاحب القوة والضحية هي الضعيفة ، سواء كانت القوة جسدية أو معنوية .
في المنظمات الهرمية ، وفي العادة غالبية المنظمات في المجتمع المدني وفي إطار العسكرية هي منظمات هرمية . في المنظمات الهرمية يمتلك طرف كل القوة ، بينما الطرف الأخر ضعيف جدا، سليب القوة ، و"روحه " بيد رأس الهرم ..
فنشوة القوة وسوء إستخدامها ، تقف بالأساس خلف الإعتداءات الجنسية . ناهيكم عن "الإستهتار " بالمرأة المُجندة والتي أعتبرها في السابق القادة العسكرون بأنها "موظفة " شخصية !!
وكما قال الكواكبي : السلطة المُطلقة مفسدة مطلقة ، أقول بأن القوة المطلقة مفسدة مطلقة ...
فإذا كُنتَ تملك من القوة ما يُمكّنك من التحكم بمصائر البشر ، فسهولة إنزلاقك نحو الإستبداد وسوء إستخدام هذه القوة ، واردة بالحسبان ..
وبالعودة الى اورلي "كيشوت " ، فإنها قد توجهت بنصيحة للضحايا اللواتي لا يستطعن تحمل "جهنم " التشويه والإتهامات ، أن لا يتقدمن بشكاوى .
فما زالت ضحايا الإعتداءات الجنسية ، مُتهمات .. لأنهن نساء ...!!

#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات