وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4718 - 2015 / 2 / 12 - 15:13
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
استكمالا لمقالنا السابق والمعنون : ( البحث عن الهوية الجنسية – ج1 )والمنشور على الرابط التالي :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=452839
في مفهوم ( المراة الخاصية ):
ان منطلق الخصاء هو الام ,بحسب الباحثة التونسية د . الفة يوسف في كتابها ( وليس الذكر كالانثى : في الهوية الجنسية ), فجسد المراة ولاسيما الام هو اول باعث فعلي للرعب من الخصاء الخيالي لدى الذكر .فالام هي التي تقص الحبل السري فتقطع علاقة التماهي الاولى بينها وبين الجنين , وهي التي تفطم الرضيع وتحرمه متعة الرضاعة .
ان المراة هي التي تحول قوة الرجل ضعفا , وهي التي تستولي على الذكر المنتصب ليتحول بعد العلاقة الى عضو مرتخ . اليست رقة المراة ازاء الرجل ( العاجز ) دليل على انها حققت مبتغاها واطمانت الى ان الرجل اصبح ضعيفا فكانه في موقع الرضيع او الطفل تجاه الام .
ان هذا التصور يفسر ماتعرضت له ( ا ) من عنف من قبل بعض الرجال .ذلك ان العجز الجنسي يستفز لدى هؤلاء الرجال الرعب من الخصاء الاصلي اللاواعي . وهو خصاء يحملون اثاره في ذواتهم , فيرفضونه ويحملونه للانثى .
ان غشاء البكارة يؤسس لفكرة نكران خصاء الام , ولكنه يقوم بوظيفة اهم وهي تمكينه الرجل ولو لمرة واحدة من ان يكون هو الفاعل المخصي للمراة وليس مهددا بالخصاء منها .
الاب الطوطمي
لاحظت ( ا ) ان معظم الرجال الذين عاشرتهم يمتعضون من مقارنتهم برجال اخرين . ان اول خصم للطفل الذكر هو الاب . فالطفل يكتشف تدريجيا ان الام تتجه لمشاعرها لشخص اخر هو الاب . وتحت وطاة الرعب من الخصاء يتحول الطفل عن امه ويتماهى مع الاب الذي كان خصما .
لقد عرض فرويد في كتابه ( الطوطم والتابو ) للقبيلة البدائية التي تعيش تحت سلطة الاب المطلقة والذي يتمتع بجميع النساء ويحرم ابناءه منهن . فثار الاولاد على الاب وقتلوه ,لكنهم سريعا ماشعروا بالندم وقاموا بانشاء طوطم على صورة الاب وحرموا قتل الحيوان الطوطمي , وحرموا العلاقات الجنسية مع النساء المنتميات الى نفس الطوطم .
ان الاب الطوطمي هو افتراض ذكورة مكتملة غير قابلة للخصاء . فحتى قتله بصفته يمثل الخصم لم يجعله مخصيا وانما حوله الى رتبة القانون – الرمز الذي يمثل الشوق .
ان افق الاب الطوطمي ذي القدرة المطلقة يذكر الرجل بالخصاء الممكن الذي لايستطيع منه فرارا .ولعل اشتراط معظم الرجال في مجتمعاتنا لغشاء البكارة انما هو محاولة خيالية للتساوي مع الاب الطوطمي وذلك بان يضع الرجل نفسه موضع المتمتع الوحيد بالمراة شانه في ذلك شان الاب البدائي .
الرجل فاعلا ومنفعلا
تصور اللغة الرجل دوما في علاقته بالمراة بدور الفاعل والمراة بدور المنفعلة والمفعول بها .فالرجل هو الخاطب والمراة هي المخطوبة . الرجل هو الناكح والمراة هي المنكوحة . ومن اوجه تحقير المراة ( تشييئها ), فهي لاتعدو ان تكون ( شقفة بول ), اي اناء للتبول بحسب العامية المحكية التونسية .
وفي الفقه الاسلامي تكون المراة هي المنفعلة وهي الموطؤة , وهي ( تحت ) الرجل . لاتسمح اغلب المذاهب الاسلامية للمراة بابرام عقد النكاح وحدها . ويعد وجود الولي الذكر شرطا من شروط عقد الزواج . ونجد اليوم في قسم من الدول العربية اقصاء للنساء من فعل عقد الزواج , لاسيما اذا تم في المسجد , بصفته مسالة تهم جماعة الذكور اساسا .
ان عبارة ( الوطء )نفسها , بحسب الباحثة الدكتورة الفة يوسف , تفيد لغويا الدوس والغلب والقهر ( لسان العرب لابن منظور ). ويعتبر ( ابن تيمية ) انه من عقوبات حواء ( ان تكون عند الجماع هي الاسفل ).واعتبار ( ابن القيم ) ان النساء ( يتخذن مفرشا للذكور وذلك ذل وهوان ).
ويشير الرازي مفسرا منع نكاح الامهات والبنات ب (ان الوطء اذلال واهانة .. وجب صون الامهات عنه .. والبنت بمنزلة جزء من الانسان وبعض منه .. فيجب صونها عن هذا الاذلال).
وفي اللغة العربية تكون ابرز الشتائم الموجهة للمراة لتحقيرها :
( ياابن المراة البظراء ) , اي بمعنى ( ياابن المراة التي تطلب الجنس ), او وصف ام شخص او اخته بانها ( قحبة ) , اي بغي , عاهرة , بائعة وعاملة جنس . وكلمة ( قحبة )تحيل بمعناها الى المراة المتهتكة اخلاقيا من المنظور الاجتماعي .
المهر في تصور الفقهاء هو مايشتري به الر جل ( الفاعل ) جسد المراة ( المنفعلة ) . يضع الفقه الاسلامي الزوج في موضع المشتري وجسد المراة في موضع البضاعة , فاذا تحقق استهلاك البضاعة وجب دفع الثمن .
من الشائع في تونس الحديث عن رجل يقدم لخطيبته هدايا ف ( يرشمها ), اي يضع علامة تحقق هدفين : الهدف الاول هو تمييز تلك المراة عن سائر النساء ممن لاينوي شرائهن . والهدف الثاني هوتحذير الرجال الاخرين من التفكير في ( اقتنائها).
تؤكد الاحاديث النبوية على ضرورة طاعة الزوجة لزوجها في الفراش .من ابرز مايجسدانشطار الممارسة الجنسية لدى الذكر بين الزوجة والعشيقة حكاية تراثية تنسب الى الشاعر بشار بن برد , فيبدو ان بشار كان يغازل امراة , فنقلت تلك المراة تحرش بشار بها الى زوجته التي واعدته على اساس انها تلك المراة . وبعد الجماع كشفت زوجة بشار له الحقيقة فقال لها :
( ما احرك حراما , وما ابردك حلالا ).
تكني اللهجة العامية المحكية في تونس المراة بعضوها الجنسي , فالمراة الجميلة هي ( زبور ) . واصبح معنى الكلمة يشير الى وصف كل موضوع جميل . ومن هنا جاء المثل التونسي ( فلان يتزبر ) اي يضفي قيمة على نفسه .
تقول د . الفة يوسف اننا لانجد في اللغة العربية اشارة الى المراة الفاعلة والرجل المنفعل الا في حالتين : الاولى تحيل على ممارسة جنسية شائعة , لكنها مستهجنة اجتماعيا , وهي مص الذكر . ففي هذه الحالة يسند الفعل الى المراة , لكن المستفيد هو الرجل والثانية هي حال المراة الفاتنة الفاعلة والرجل المفتون – المفعول .
هذه التصورات نجدها في الثقافة اليهودية – المسيحية ايضا . فالمراة الاولى حواء هي التي اغوت الرجل الاول آدم .وبذلك تكون هي الفاعلة ويكون الرجل هو المفتون المنفعل . ولئن لم يسند القران قط الاغواء الى زوج آدم فان عددا كبيرا من المفسرين يعتبرون المراة مسؤولة عن الخطا البشري الاول .
وينتج عن هذا تحميلها مسؤولية شوق الرجل لها .فالمسؤول عن الاغتصاب في العقل الجمعي العربي هي المراة . والمسؤول عن خيانة الرجل لزوجته هي المراة الاخرى .
وتقول اللغة العامية ( جابته لروحها )عند الحديث عن التحرش او الاغتصاب , وعبارة ( دارت بيه بنت حرام ) عند الحديث عن خيانة الرجل .
يتبع...
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟