أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سعده - عم سعيد ليس سعيدا.














المزيد.....

عم سعيد ليس سعيدا.


أحمد سعده
(أيمï آïم)


الحوار المتمدن-العدد: 4714 - 2015 / 2 / 8 - 15:30
المحور: حقوق الانسان
    


على الرصيف هناك يجلس على حجر صغير وبجواره عكاز، وأمام وجهه يضع البشر أقدامهم، ليقوم هو بتلميع أحذيتهم بينما يستمتعون هم ويشعرون برفاهيتهم وسيادتهم..


بجانبه ركن به بعض الأواني الصغيرة، وكرسي خشبي متهالك يقف على ثلاثة أرجل، وبطانية قديمة.. تأكدت بعد ذلك أن هذا المكان هو بيته ومحل رزقه ومكان نومه وصحوه..


على مدار أيام أراقبه، وأشعر بمسئولية تجاهه. يوما ما كان شابا وسيما وقويا ولديه فتاة تحبه، حال الفقر دون زواجهما لتتزوج من آخر أقل منه فقرا.. يوما ما كان يحمل أحلاما وطموحات إنتهت به هاهنا. على الرصيف.. يمسح الأحذية من الصباح وحتى آخر اليوم، وينتهي بقليل من الجنيهات يأكل منها وجبته الوحيدة. ثم يضع شالا فوق رأسه في الليل لينام جالسا حتى الصباح..


اليوم قررت التخلي عن حذائي الرياضي وارتداء آخر جلدي.. ومررت عليه واقتربت منه، جلست بجواره، وخلعت حذائي ووضعته أمامه، وتحدثت معه. سألته عن حاله وبيته وماضيه الحزين وكيف انتهى به الحال هكذا في ركن على جانب الطريق..


- أنا أصلا نجار مسلح، وكان عندي بيت في المقطم وقع بعد زلزال 92 وبقى صعب إنه يتبني تاني وكمان الأرض اللي كان عليها بتاعة الدولة.. ومراتي ماتت تحت الأنقاض، كان نفسي أعملها حاجة حلوة في الدنيا تعوضها عن سنين الغلب والشقا.. وأنا زي ما انت شايف خسرت رجلي..


معندكش أولاد؟


- مراتي كان عندها ورم في الرحم ولازم عملية، ومش عارفين نعملها بسبب الفقر..


ربنا يرحمها يارب ويدخلها جنته.. كنت بتحبها شكلك..


- كانت مصبراني عالدنيا ومستحملاها معايا.. الليلة اللي قبل الزلزال جالنا مزاج أنا وهي نعمل "جنس" وكان بقالنا فترة طويلة معملناش كده.. وبعد ما قلعنا هدومنا جالها وجع جامد في بطنها وفضلت تعيط وأنا مش عارف أعمل حاجة وفضلت اعيط جنبها..

- والله شكلنا كان يصعب عالكافر.. فقرا وعريانين ومرضى وبنعيط بالليل... وبالنهار مراتي تموت وأنا رجلي تروح..


لكن ليه سبت النجارة. كان ممكن تشتغل برجل واحدة ياعم....؟


- إسمي سعيد.. أنا عديت الستين خلاص ومبقاش فيه صحة ولا طاقة، جربت أبدأ من جديد في أي حاجة تناسب وضعي لكن منفعش.. أجرت أوضة تحت سلم وقعدت فيها كم سنة لكن مقدرتش على إيجارها وخفت تقع عليا هي كمان من الرطوبة اللي نحتاها..


مبتاخدش أي حاجة من الدولة يا عم سعيد؟


- رحت كتير للضمان الاجتماعي، وجريت ورا بتوع الحزب الوطني وبتوع الإخوان وتعبت يا ابني والله ومخدتش حاجة وآخر مرة كشفت الدكتور قاللي عندك تليف كبد، والله كنت هاخد يومها سم فيران وارتاح..
....


يا الله! هنا يجلس رجل تعدى الستين. لا بيت، ولا زوجة، ولا أولاد، ولا صحة، ولا مصدر رزق..


ألتفت حولي فأشعر بقلة حيلتي. أريد أن أصرخ في كل البشر.. في رجال الدولة، ورجال الدين.. في كل من قست قلوبهم وصارت كالحجارة أو أشد قسوة..


آذان العصر يصرخ في كل مكان، لينبهني أننا في مجتمع مسلم.. مساجد خمس نجوم، بناء مآذنها فقط يتكلف ملايين الجنيهات، ومليئة بأجهزة التكييف والسجاد الفاخر والنجف والرخام والنقوش المذهبة و و و.. بينما هناك رجل مشرد ينام في الشارع أليس هو أولى بهذه الأموال؟.. لحم الناس مرمي على الرصيف وأنتم تركعون وتسجدون.!


الرسول كان يصلي في مسجد من الطوب اللبن، ويسجد على أرضية من الحصى.. لكن على ما يبدو أنكم أكثر إسلاما من الرسول نفسه..

إطمئنوا، لن تنفعكم صلواتكم، ولا زياراتكم للبيت الحرام كل عام طالما ضاعت إنسانيتكم وفقدتم القدرة على التكافل والتراحم وإنقاذ المحتاجين..


في أحد الكتب قرأت أن "برنارد شو" الكاتب الإنجليزي الشهير كان رجلا ثريا، ويمتلك سيارة "رولز رويس"، ورغم ذلك كان يشعر بمسئولية كبرى تجاه الطبقات المهمشة والفقيرة، بل كان أحد مؤسسي الجمعية الفابية التي صارت بعد ذلك حزب "العمال" البريطاني المدافع عن حقوق البسطاء والمهمشين.. فمن في مصر يدافع عن عم سعيد؟


يا سيادة رئيس الجمهورية، سمعت عنك كثيرا، لكن لا يهم ما يقال. المهم أنك المسئول أمامنا عن عم سعيد وغيره من ملايين السعداء التعساء في الشارع وعلى الرصيف..


عم "سعيد محمود عبدالكريم" ضحية سوء الإدارة.. عم سعيد ضحية مجتمع أنهكه ظلم الطغاة والمستبدين.. عم سعيد ضحية مجتمع أغرقه رجال الدين في متاهات الحديث عن عذاب القبر وطهارة الحائض، وزي المرأة..

عم سعيد أبدا ليس سعيدا..



#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحل الأمني لا يكفي للقضاء على التطرف!
- الأشياء ليست دائما كما تبدو!
- طفلة وشيكولاتة
- الرسول وشارلي إيبدو.
- قصة رواية غيرت التاريخ
- صديقتي الألمانية والدين والسياسة.
- الإسلام يضطهد المرأة!
- عنصرية النشيد الوطني الجزائري
- إمرأة غيرت التاريخ
- دفاعا عن الإسلام
- تياترو مصر
- المرأة والجنس والرجل الشرقي
- الكريسماس ومتعة السفر
- بائعة الجزر
- بائعة الذرة، والبيتزا
- حضن ووداع 2
- إقفل تليفونك
- بائعة الجبنة
- صديقي الشرقي والجنس
- رسالة حنين


المزيد.....




- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
- شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
- تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة ...
- الأمم المتحدة تدين اعتقال مراسل الجزيرة والاعتداء عليه في غز ...
- نادي الأسير يحذّر من عمليات تعذيب ممنهجة لقتل قيادات الحركة ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل 20 مسلحا واعتقال 200 آخرين خلال مداهم ...
- وفد إسرائيلي يصل الدوحة لبدء مباحثات تبادل الأسرى
- إسرائيل تمنع مفوض الأونروا من دخول غزة
- برنامج الأغذية العالمي: إذا لم ندخل شمال غزة سيموت آلاف الأط ...
- تقرير أممي يحذر: المجاعة أصبحت وشيكة في شمال غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سعده - عم سعيد ليس سعيدا.