أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - فوز اليسار الراديكالي القومي في البونان يربك الكتلة الغربية















المزيد.....


فوز اليسار الراديكالي القومي في البونان يربك الكتلة الغربية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4714 - 2015 / 2 / 8 - 03:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تختص الولايات المتحدة الأميركية بميزة لا تتمتع بها أي من الدول الرأسمالية الكبرى في الكتلة الغربية وهي "اتفاقية بريتون وودز" التي وقعتها 44 دولة في "مؤتمر بريتون وودز" الذي عقد في حزيران 1944، والتي تعطي الدولار صفة العملة الدولية المرجعية (بدون تغطية ذهبية)، بالإضافة الى كونه العملة الوطنية الأميركية، كأي عملة وطنية أخرى لاي دولة أخرى.
"التغطية الذهبية و... الدولارية"
وهذا يعني ان أي دولة أخرى يمكنها ان تطبع من الأوراق النقدية من عملتها الوطنية كمية موازية لما تملك من "تغطية ذهبية و... دولارية"، وتزيد وتنقص تلك الكمية بمقدار الهامش المتحرك بين حاجة الدورة المالية الوطنية المعينة الى العملة الورقية الوطنية، وبين "التغطية الذهبية والدولارية" لكمية العملة الوطنية.
عصابة اللصوص الدولية
ما عدا الولايات المتحدة الأميركية، فهي غير محكومة لا بسقف "التغطية الذهبية" للدولار، ولا بسقف الحاجة الفعلية للدورة المالية الوطنية.
والضابط الوحيد لما تطبعه الولايات المتحدة الأميركية من الدولارات الورقية هو القرارات التي تتفق عليها مؤسسات الادارة الأميركية (الرئيس وحكومته، الكونغرس ومجلس الشيوخ) والبنك المركزي الأميركي الذي يسمى "فيديرال ريزيرف"، والذي هو في الحقيقة لا بنكا وطنيا تملكه الدولة، بل بنك خاص يملكه المتمولون اليهود، معطىً له حق اصدار العملة الدولارية.
وهذا يعني ان أي دولة اذا ارادت ان "تسرق" عن طريق "طباعة العملة"، فهي لا تستطيع ان تفعل ذلك الا ضمن نطاق انتشار عملتها الوطنية.
وبمنطق وبقوة هذه العملية ذاتها فإن الولايات المتحدة الأميركية تستطيع، بواسطة طباعة الدولار الورقي ان تسرق العالم كله، لمصلحة الدولة الأميركية، سواء كمؤسسات رسمية وعامة او كمؤسسات خاصة واحتكارية.
أوباما "الدمقراطي" يفتخر باللصوصية
وحينما وقف الرئيس أوباما في الشهر الماضي يلقي كلمته التقليدية السنوية حول "حالة الاتحاد"، متبجحا بأن اميركا قد خرجت من ظروف الازمة المالية ـ الاقتصادية التي انفجرت سنة 2008 ـ 2009، فهو لم يكن يفعل سوى التبجح بأن اميركا سرقت العالم. اذ ان كل العالم يعلم ان اميركا وصلت الى حد عدم قدرة الدولة على دفع مرتبات الموظفين، ومنح مئات الاف الموظفين عطلا الزامية غير مدفوعة الاجر، ووصل الامر الى حد الخوف من العجز عن دفع مرتبات الجنود والضباط في الخارج. وكل العالم كان شاهدا على النقاشات والمداولات والمساومات بين الرئاسة الأميركية (الدمقراطية) ومجلس الشيوخ الأميركي (الذي يسيطر عليه الجمهوريون) حول رفع سقف الدين العام الأميركي. وكان هذا يعني عمليا، هذه المرة، ليس اصدار سندات خزينة على الدولة وطرحها في البورصة العالمية كما كان يحدث في مرات سابقة، بل السماح لـ"الفيديرال ريزيرف" بطباعة بضعة تريليونات دولار إضافية، وضخها الى خزينة الدولة والى الاحتكارات الضخمة، لاستخدامها كوسيلة للتلاعب بالاقتصاد العالمي برمته، ولا سيما "الاقتصاد الأقرب" أي الأوروبي. وطبعا حينما تسمح الإدارة الأميركية بطباعة مليون دولار مثلا، فإن العصابة اليهودية التي تدير "الفيديرال ريزيرف" تطبع عشرة ملايين، او اكثر او اقل، حسب "رؤيتها الخاصة" للوضع المالي العالمي.
الاتحاد الأوروبي يغرق في المستنقع الاميركي
وهذا هو "السر" في ان عملية التخفيف من مضاعفات الازمة والخروج (مؤقتا!) من عنق الزجاجة في اميركا، قد سارت جنبا الى جنب مع عملية اغراق الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو اكثر فأكثر في الازمة.
وقد حاولت الإدارة الأميركية، عن طريق اثارة الازمة الأوكرانية، والضغط على أوروبا لفرض ما يسمى "العقوبات الاقتصادية" ضد روسيا، وما سمي "ثورة انتاج الغاز الصخري" في اميركا لمزاحمة الغاز الروسي به، والانهيار المصطنع في أسعار النفط، ـ حاولت بكل ذلك ان تلقي بثقل الازمة على روسيا وحلفائها فقط، ولكن روسيا نجحت في تطبيق خطتها هي في أوكرانيا، فاستعادت شبه جزيرة القرم "دمقراطيا" وبسرعة مذهلة لم يستطع حلف الناتو معها ان يحرك اصبع، وواجهت "العقوبات الاقتصادية" بأشد منها ووجهت نشاطها الاقتصادي اكثر فأكثر نحو الصين والبريكس وأميركا اللاتينية، وسحبت البساط من تحت اقدام اميركا والاتحاد الأوروبي معا.

"الاشتراكية الدمقراطية" في خدمة الامبريالية
وهكذا وقع العبء الأكبر من الازمة على أوروبا. وبسبب سيطرة الأحزاب اليمينية المحافظة والاشتراكية ـ الدمقراطية الخائنة للطبقة العاملة، على الحكومات الأوروبية، فإن الاتحاد الأوروبي و"منطقة اليورو" انتهجا سياسة حل الازمة على حساب الجماهير العمالية والشعبية الكادحة، كما على حساب تقليص الانتاج الأوروبي لصالح الإنتاج الأميركي، والتحويل التدريجي لاوروبا الى سوق لتصريف السلع التي تنتجها المؤسسات الإنتاجية الأميركية او العالمية الأخرى التي تساهم فيها الاستثمارات الأميركية.
وقد انعكست الازمة بشكل خاص على بلدان أوروبا الجنوبية، الأكثر فقرا، والتي لم يكن "تاريخها" السياسي، لجهة شعبية اليسار وقيام النظم الدكتاتورية سابقا فيها، "يشجع" الاستثمارات الاوروبية الغربية والأميركية على تنميتها.
الازمة "تسحق" اليونان
وكانت اليونان على رأس الدول الأوروبية الجنوبية التي يمكن القول ان الازمة "سحقتها".
وهناك عامل إضافي آخر، زاد في تعميق الازمة في اليونان، ولم يكن في مصلحة العلاقة بين اليونان وأوروبا الغربية، هو انها "بلد ارثوذوكسي"، ومن ثم فهي اقرب الى "الفضاء الثقافي والسياسي الروسي"، كما انها في حالة تناقض تاريخي مع تركيا، "الطفل المدلل" للناتو، والعدو التاريخي لروسيا.
"الترويكا"
ومع بدايات ظهور الركود والكساد والعجز في الميزانية في اليونان، عمدت الدول الاوروبية الغربية وعلى رأسها المانيا لتشكيل ما سمي "الترويكا" (الثلاثية) المؤلفة من: صندوق النقد الدولي، الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي، التي بدأت المفاوضات مع الحكومات اليونانية المتتالية لتقديم المساعدات الى اليونان على شكل قروض مقسطة وطويلة الاجل. وقد حصلت على القروض أولا حكومة حركة (باسوك) "الاشتراكية المعتدلة"، التي كانت تحظى بشعبية كبيرة وكانت في الحكم عند انفجار الازمة.
"باسوك" تخون شعبها
ولكن (باسوك)، وبتأثير كبير مما يسمى "الأممية الاشتراكية" التي تضم أحزابا "اشتراكية ـ استعمارية" (كالحزب الاشتراكي الفرنسي وحزب العمال البريطاني وحزب "العمل" الإسرائيلي) واحزابا "خانعة للاستعمار" (كالاحزاب الاشتراكية في البلدان الأوروبية المتوسطة والصغيرة والتي انضمت اليها الأحزاب الشيوعية السابقة في أوروبا الشرقية بعد انهيار المنظومة السوفياتية) تحولت ـ أي (باسوك) ـ الى أداة للاحتكارات الأوروبية والأميركية، وواسطة لتطبيق سياسة التقشف والإفقار التي فرضت على الشعب اليوناني من اجل خدمة قروض "المساعدات" الأجنبية. وقد ارتفعت نسبة البطالة بشكل لا سابق له، وبلغت البطالة بين الشباب نسبة 55 ـ 60%، ولكن حكومة (باسوك) التي تدعي الاشتراكية فضلت الالتزام بـ"روشتات" صندوق النقد الدولي والتكيف مع املاءات "الترويكا" و"اللجنة الأوروبية"، على حساب المصالح الاجتماعية والوطنية الحقيقية لجماهير الشعب اليوناني.
بالتأكيد مؤامرة
وبصرف النظر عن البحث في ما يسمى "نظرية المؤامرة" فإن الكثير من اليونانيين يعتقدون بوجود مؤامرة غربية ـ تركية حقيقية لتصفية وجود اليونان كوطن تاريخي لليونانيين. وفي هذا السياق يقول الوطنيون اليونانيون انه قبل اكثر من سنتين نشرت الصحف التركية ما يسمى "خريطة تركيا الكبرى"، وتشمل جزءا من شمال سوريا وجنوب بلغاريا، كما تشمل اليونان كلها وقبرص كلها. وفي الحملة الانتخابية الرئاسية التركية الأخيرة قال الرئيس اردوغان لانصاره انه ينبغي "ان نستعيد ارض اجدادنا". وهذا طبعا ليس كلاما انشائيا. ويقول اليونانيون المستاؤون انه يتم استخدام الازمة الاقتصادية وسياسة التقشف والافقار والخصخصة والفساد والوضع المهلهل للدولة، ولا سيما البطالة المرتفعة جدا بين الشباب و"تطفيشهم" للمغادرة والبحث عن لقمة العيش في الخارج، وإغراق البلاد بسيل من المهاجرين غير الشرعيين الشرقأوسطيين والافريقيين، كجزء لا يتجزأ من مؤامرة التغيير الدمغرافي للسكان، وكمقدمة لافتعال نزاعات عنصرية ـ دينية (على الطريقة اليوغوسلافية)، ـ كل ذلك هو جزء من مؤامرة القضاء على الوجود الارثوذوكسي خاصة ووجود الدولة اليونانية عامة، وتقديمها لقمة سائغة لتركيا، بدعم ومباركة الناتو وأميركا والاتحاد الاوروبي والفاتيكان.
الجماهير الشعبية تقاوم
وقد تتابعت الإضرابات العمالية والمظاهرات الشعبية، للاحتجاج على الوضع القائم، والتزام الحكومة بـ"روشتات" التقشف التي تقدمها "الترويكا" وافقار وتجويع اليونانيين.
واتخذت الاحتجاجات طابعا اجتماعيا بالدرجة الأولى، وكذلك طابعا وطنيا، ودينيا لدى قسم من جمهور الناخبين.
اليمين المكشوف يحل محل "باسوك"
وفي الانتخابات النيابية في حزيران سنة 2012 حلت الهزيمة بحزب (باسوك) الذي لم يحصل الا على 12،3% من أصوات الناخبين و33 مقعدا من اصل 300. وحل في المرتبة الثانية الحزب اليساري الراديكالي (سيريزا) الذي نال حينئذ 26،9% من الأصوات و71 مقعدا نيابيا. وكان الفوز من نصيب الحزب اليميني المسمى "الدمقراطية الجديدة" بزعامة اندونيس ساماراس، الذي حصل على 129 مقعدا، وامكنه بالتالي تشكيل حكومة ائتلافية يمينية. وكان هذا الحزب ورئيسه يأملان، في ان سياسته التقليدية اليمينية الموالية للغرب، وللناتو، وللاحتكارات الرأسمالية الأوروبية والأميركية، والمعادية لروسيا، "ستتشفع" له لدى "الترويكا" والدائنين وعلى رأسهم المانيا، لاجل الحصول على قروض وتسهيلات اكبر، والتخفيف من قيود سياسة التقشف القاتلة، وإعادة جدولة تسديد القروض لآماد ابعد. ولكن الذي حدث هو العكس تماما، اذ زادت القروض، وزادت الفوائد، او ما يسمى "خدمة القروض". وفي بضع سنوات بلغت القروض المترتبة على اليونان 320 مليار يورو (أي ما يعادل 175% من الناتج المحلي القائم)، وصار من المتعذر على الاقتصاد اليوناني حتى "خدمة القروض"، وصارت اليونان "مستعمرة حقيقية للاحتكارات الأجنبية". وصار مصير الدولة والشعب اليونانيين معلقا بقرارات "الترويكا"، المتعلقة بدورها بقرارات الناتو ورضا اميركا وتركيا والصهيونية العالمية.
ولـ"تغطية السماوات بالقبوات" اتخذ رئيس الوزراء ساماراس دور "محامي الشيطان" واخذ يدعي ان سياسة التقشف بدأت تعطي ثمارها، في إزالة العجز في الميزانية وحتى تحقيق بعض التوفير. علما ان ذلك انما حصل نتيجة تقليص الصناديق الاجتماعية (كالتعليم والصحة والمعاشات التقاعدية) وزيادة البطالة بإغلاق بعض المؤسسات العامة وصرف العاملين فيها من الخدمة. أي ان ساماراس وحكومته وحزبه لم يعودوا يكتفون بالمشاركة في ارتكاب الجريمة، بل واخذوا يمتدحون نتائجها (تماما على طريقة السنيورة وحركة المستقبل في لبنان).
التحول الشعبي
وأخيرا القى الناخبون اليونانيون القفاز في وجه "الترويكا" والدائنين الاحتكاريين وانصارهم اليونانيين. إذ في الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في 25 كانون الثاني الماضي، حقق الحزب اليساري الراديكالي فوزا "تاريخيا"، بحصوله على نسبة 36.34% من الأصوات و149 مقعدا.
وكانت النتائج التالية كما يلي:
ـ حزب "الدمقراطية الجديدة" (اليميني، الذي كان حاكما) 27.81% و76 مقعدا
ـ حزب "الفجر الذهبي" (فاشستي يميني معاد للشيوعية) 6.28%
ـ حزب "تو بوتامي" (النهر) (حزب يساري يقول انه شيوعي) 6.04%
ـ الحزب الشيوعي اليوناني 5.47%
ـ حزب "باسوك" (الاشتراكي) 4.68%
ـ حزب "اليونانيين المستقلين" (حزب يميني ارثوذوكسي ـ قومي ـ معاد للناتو ومؤيد لروسيا) 4.7% و13 نائبا
ـ حزب الدمقراطيين الاشتراكيين (حزب اشتراكي يميني "اوروبي") 2.53%
من هو حزب (سيريزا)؟
وقد تشكل حزب "سيريزا" (الحزب اليساري الراديكالي) سنة 2004 نتيجة اندماج عدد من الكتل الحزبية المتحالفة، والمؤلفة من: يساريين راديكاليين (غيفاريين)، تروتسكيين، ماويين و"خضر" يساريين.
من هو ألكسيس تسيبراس؟
رئيس الحزب الراديكالي اليساري ورئيس الوزراء الجديد هو ألكسيس تسيبراس. مولود سنة 1974. يعيش في أثينا في حي غالبية سكانه من اللاجئين. يعيش مع عائلته حياة شعبية عادية. يتنقل على موتورسيكل. بدأ حياته السياسية وهو فتى، سنة 1989، كمناضل في صفوف المنظمة الطلابية للحزب الشيوعي اليوناني. شارك في تنظيم العديد من النضالات الشارعية. وبعد سنوات شارك في تأسيس تنظيم يساري راديكالي هو تحالف اليسار والتقدم ـ سلف الحزب الراديكالي اليساري الحالي (سيريزا). متزوج وله ولدان. سمى ابنه الأكبر "ارنستو" على اسم المناضل الاممي ارنستو تشي غيفارا. وفي سنة 2006 اصبح رئيسا للحزب الجديد، وهو في الـ32 سنة من عمره. وفي السنة ذاتها رشحه الحزب في الانتخابات المحلية لرئاسة بلدية (عمدة) أثينا، فحصل على نسبة 10.5%، أي ثلاثة اضعاف اكثر مما حصل عليه اليسار في الانتخابات النيابية سنة 2004. منذ ذلك الحين اصبح اسم تسيبراس جزءا لا يتجزأ من الحياة السياسية في اليونان. ووجه اهتمامه نحو تشكيل حزب يساري راديكالي جديد كبير، ضم جميع التكتلات والتيارات اليسارية الراديكالية في اليونان، وهو ما تحول الى "سيريزا".
التحالف مع "الارثوذوكسيين"
وبعد فوزه الساحق في الانتخابات كان ينقص الحزب مقعدان للحصول على نسبة النصف + 1 كي يستطيع تشكيل الحكومة بالأكثرية المطلقة. وكان بامكانه التحالف بسهولة مع أي من الأحزاب اليسارية الصغيرة الأخرى، كحزب "تو بوتامي" او "الحزب الشيوعي اليوناني"، ولكنه اقام الائتلاف مع حزب "اليونانيين المستقلين" الارثوذوكسي. ويختلف الحزبان تماما على مستوى التوجهات الأيديولوجية، الا انهما يلتقيان تماما على أرضية رفض سياسة الترويكا والموقف الوطني. ولم تدم المحادثات بينهما سوى ساعات قليلة اثمرت عن تشكيل الحكومة الائتلافية التي يتحمل فيها حزب "سيريزا" العبء الأكبر.
بانوس كامينوس
ولم يعطَ حزب "اليونانيين المستقلين" أي حقيبة وزارية ملموسة، بل اعتبر وزراؤه وزراء دولة، باستثناء رئيس الحزب بانوس كامينوس الذي اعطي احدى اهم الوزارات السيادية وهي وزارة الدفاع. ويجد المراقبون المحايدون في ذلك دلالة خاصة إذ انه قبل بضعة ايام فقط من الانتخابات قام بانوس كامينوس بزيارة روسيا، وهو متهم "باللاسامية" وبمواقفه المتشددة ضد "الترويكا" الغربية، ومن الرافضين لقيام اليونان بتسديد القروض الى الدائنين الخارجيين، ومن الذين يطالبون المانيا بدفع تعويضات حرب عن الخسائر المادية والبشرية الكبرى التي تحملتها اليونان اثناء الاحتلال الألماني النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وهو ما ترفضه بشدة المستشارة الألمانية انجيلا ميركيل. وهو من القائلين بوجود مؤامرة دولية ضد اليونان، ومن أقواله في الاجتماعات العامة قبل الانتخابات "ان الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي هم الذين اوصلوا اليونان الى وضعية مستعمرة غارقة في الديون. اننا لن نركع ابدا على ركبنا لنتوسل امام ميركيل. ان الشعب اليوناني سيناضل بشكل موحد للدفاع عن السيادة الوطنية والكرامة".
واعلن بانوس عن تأييده للانتصارات العسكرية التي حققها من يسمون "الانفصاليين" في شرق وجنوب أوكرانيا.
كما ان حزب "سيريزا" اتهم "الاتحاد الأوروبي" بالسماح للفاشست والفاشيست الجدد بالدخول الى الحكومة الأوكرانية في كييف.
العلاقات مع موسكو
وكان تسيبراس قد قام شخصيا بزيارة موسكو في العام الماضي برفقة البروفسور في جامعة بيرييا نيكوس كودزياس ـ الذي اصبح الان وزير الخارجية الجديد. ويذكر ان البروفسور كودزياس هو على علاقة دائمة مع القومي الروسي الراديكالي والمنظـّر الأيديولوجي لفكرة "الاوراسية" (التي يطبقها فلاديمير بوتين) الكسندر دوغين، الذي قام شخصيا بزيارة بيرييا في نيسان 2013.
ويذكر انه في 16 كانون الثاني الماضي، قبل اقل من عشرة أيام من الانتخابات اليونانية، كان وزير الزراعة في روسيا نيكولاي فيودوروف قد صرح انه اذا خرجت اليونان من الاتحاد الأوروبي بسبب القروض الكبيرة المترتبة عليها، فإن الكرملين سوف يساعدها برفع الحظر عن استيراد المنتوجات الزراعية والغذائية اليونانية.
النشاطات الأولى لـ تسيبراس
وبوصفه رئيسا للحكومة الجديدة قام ألكسيس تسيبراس بواحب قسم اليمين الدستورية في القصر الجمهوري امام رئيس الجمهورية كارولوس بابولياس. ولكنه امتنع عن ان يكون القسم بحضور رجل دين اورثوذوكسي كما جرت العادة، وان يكون القسم ذا نص ديني. واكتفى بأن يكون قسمه دستوريا ـ مدنيا، تأكيدا لقناعاته حول انشاء الدولة المدنية التي تحفظ حقوق وخصائص جميع المواطنين أيا كانت انتماءاتهم الدينية، وكرسالة قوية الى الأقليات والمجموعات الدينية غير الارثوذوكسية في اليونان، ولا سيما من اللاجئين الذين يعيش تسيبراس بينهم ويعرف شخصيا الكثير منهم.
ولكن هذا لم يمنع ان تسيبراس قام بزيارة الى البطريركية للتأكيد على المكانة التاريخية الخاصة للكنيسة الارثوذكسية في اليونان.
وأول نشاط اجتماعي رسمي قام به تسيبراس بصفته رئيسا للوزراء هو زيارة نصب شهداء المقاومة ضد النازية والفاشية والملكية في الحرب العالمية الثانية حيث وضع باقة من الزهور.
وأول نشاط دبلوماسي له كان استقباله للسفير الروسي أندريه ماسلوف، الذي سلمه برقية تهنئة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويخمّن بعض المراقبين انه تلقى أيضا دعوة شفوية من الرئيس الروسي لزيارة موسكو، يعود تقدير موعدها اليه.
ازمة مفتوحة على كل الاحتمالات
ان ازمة القروض المفروضة على اليونان هي عنوان وحسب للازمة الحالية بين اليونان والكتلة الغربية. وترتبط هذه الازمة بالعلاقات التاريخية مع روسيا، ومع المسيحية الشرقية عموما، ومع الانتماء الى الاتحاد الأوروبي والناتو، ومع وجود القاعدة العسكرية الأميركية في جزيرة كريت، ومع النزاع التاريخي مع تركيا التي حينما انتزعت الأراضي التاريخية اليونانية القسطنطينية وغيرها حولتها الى قاعدة (الباب العالي والاستانة) لنظام عثماني وحشي كان وما يزال معاد لروسيا وللشعوب العربية وشعوب أوروبا الشرقية، وهو "النموذج المثالي" لدولة "داعش" اليوم. كما ترتبط هذه الازمة مع مد أنبوب الغاز الروسي العملاق "السيل الجنوبي" الى شرق وجنوب أوروبا، ومع اكتشاف النفط والغاز في شرقي البحر الأبيض المتوسط، والعلاقات التركية ـ الإسرائيلية، ومع القضية الأرمنية، والقضية الكردية، والقضية الاشورية ـ السريانية. كما ترتبط مع موضوعة الانتماء الى الغرب الاستعماري وفرض "الدمقراطية الليبيرالية الرأسمالية" على اليونان ام انتزاع "الدمقراطية الشعبية" التي ناضل لاجلها الثوار اليونانيون وقدموا في سبيلها عشرات الاف الشهداء في الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي.
لهذه الاسباب يمكن القول ان ازمة اليونان هي مفتوحة الان على كل الاحتمالات، بما فيها الثورة الشعبية، والحرب الاهلية، والحرب اليونانية ـ التركية التي تؤدي حتما الى تفجير كل البلقان، والحرب مع الناتو مع دعم عسكري روسي لليونان، بكل ما قد ينشأ عن مثل هذه الحرب.
ويعتبر المراقبون ان تعيين كودزياس وزيرا للخارجية وكامينوس وزيرا للدفاع هو رسالة واضحة، روسية ـ يونانية مشتركة، موجهة الى الناتو بزعامة اميركا والاتحاد الأوروبي وتركيا.
وتجدر الإشارة ان أليكسيس تسيبراس (البالغ من العمر الان 40 سنة) قد جاء الى السلطة بقوة الإرادة الشعبية، وخصوصا الجيل الشاب.
وسيكون من الصعب جدا عليه، لو اراد، ان "يلين" ويرضخ للضغوط الغربية والتركية والصهيونية، ويخون مصالح القواعد الشعبية التي وصل الى السلطة على اكتافها.
فإذا نجح تسيبراس في قيادة السفينة اليونانية بسلام بين الصخور، كما فعل المرحوم هوغو شافيز في فينزويلا... خيرا!!!
واذا استسلم، او فشل في العبور بالسفينة بسلام، فإن القواعد الشعبية اليونانية تتحفز منذ الان لامتشاق السلاح وخوض معركة تحرير اليونان بقيادة تسيبراس او بدونه!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوز اليسار الراديكالي القومي في اليونان يربك الكتلة الغربية
- منتدى دافوس صورة مقلوبة عن الانحطاط الرأسمالي
- الهند تعيد النظر في علاقاتها مع فرنسا
- فرنسا ستنهار... كأوكرانيا
- روسيا: العدو الشرقي الأعظم للامبريالية الغربية
- روسيا تنتقل الى الدبلوماسية الهجومية في الشرق الاوسط
- فرنسا كومبارس أميركي صغير
- خطوة ستراتيجية روسية مذهلة: تحويل خط -السيل الجنوبي- الى ترك ...
- روسيا الارثوذكسية العدو التاريخي للغرب الاستعماري واذنابه
- أوكرانيا تنهار اقتصاديا وستنهار كدولة
- الفاشو دمقراطية أميركية ستتحطم في بولونيا ايضا
- التحضير لفيلم أميركي في هنغاريا على طريقة -الربيع العربي-
- روسيا تستعد لحرب كونية شاملة
- طاعون -التحول الدمقراطي الغربي- في بلغاريا
- الكتلة الغربية تهدد السلام وأمن الشعوب وكل الحلول تأتي من مو ...
- روسيا ستحطم التحدي الغربي في اوكرانيا
- الحرب الاقتصادية الروسية ضد الكتلة الغربية
- اوروبا ستدفع ثمن العنصرية الغربية ضد روسيا
- حرب البدا ئل وسقوط الائتلاف الحاكم في اوكرانيا
- الناتو بمواجهة روسيا: نمر من كرتون


المزيد.....




- إنقاذ سلحفاة مائية ابتعدت عن البحر في السعودية (فيديو)
- القيادة الأمريكية الوسطى تعلن تدمير 7 صواريخ و3 طائرات مسيرة ...
- دراسة جدلية: لا وجود للمادة المظلمة في الكون
- المشاط مهنئا بوتين: فوزكم في الانتخابات الرئاسية يعتبر هزيمة ...
- ترامب: إن تم انتخابي -سأجمع الرئيسين الروسي الأوكراني وأخبر ...
- سيناتور أمريكي لنظام كييف: قريبا ستحصلون على سلاح فعال لتدمي ...
- 3 مشروبات شائعة تجعل بشرتك تبدو أكبر سنا
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /19.03.2024/ ...
- إفطارات الشوارع في الخرطوم عادة رمضانية تتحدى الحرب
- أكوام القمامة تهدد نازحي الخيام في رفح بالأوبئة


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - فوز اليسار الراديكالي القومي في البونان يربك الكتلة الغربية