أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أيمن الشوفي - أنا هدى. . . وأنت لست أبي؟!. . ما لم تقله هدى لقاتلها بعد














المزيد.....

أنا هدى. . . وأنت لست أبي؟!. . ما لم تقله هدى لقاتلها بعد


أيمن الشوفي

الحوار المتمدن-العدد: 1316 - 2005 / 9 / 13 - 10:40
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ها أنا أعود يا أبي. تسريحة شعري لم تتغير, وكذلك لا تزال عيناي تشبه
عيناك. أتنفس هواءً خفيفاً, ويعلق على جسدي آثار البرد الاصطناعي الذي يبثه
"تكييّف" الحافلة, وأحيد بسمعي عن لحن صاخب بلا معنى.

أنا هدى يا أبي. قلبي ينقبض بشدة من الطريق الطويل الملتوي، ويخبرني بأني
أجتازه للمرة الأخيرة. . . فأبكي. أنزف سائلاً مالحاً من عينيَّ، وترأف
لحالي جارتي في المقعد. تدسُّ في يدي منديلاً ورقيّاً، وتقول في نفسها:
"هكذا هم العشاق يعضّهم حنين مفاجئ فيصير مطر عيونهم بلا نهاية."

لا تعلم جارتي أنك قلت لي: "عودي نسامحك". فعدت، وقلتُ لأطيّر مخاوفي:
"سيلومني هو وأخوتي أو ربما يضربوني ليرتاح الدم الهائج في عروقهم، سيقاطعوني
لزمن ثم يشفقون عليّ، وأمي ستمسح دمعي المسائي، وتتفقد أطباق الطعام أمامي
وتلومني لأني لم أأكل. ".

هل سأعود، وأجلس على ركبتيك، وتعود كما كنت تمرر أصابعك بين خصل شعري
المتشابك، وتسألني عن أخبار الجامعة ثُم تقّبلني على جبيني، وتنصرف لشؤونك؟!

أنا هدى يا أبي. أطاع قلبي رجلاً ليس من دينكم لكنه يشبهكم في الشكل لأنه
من صنع الإله الذي صنعكم. لم يقتل أيّاً منكم لتحكموا عليَّ بالموت! تجرأت
وصدقتك فعدت يا أبي! عيناي تسبقني لرؤية عينيك، وتسألهما ما إذا كنت ستمنع
أخوتي عن ضربي وتنهرهم بعيداً عنّي، ثم تفتح ذراعاك على ملئهما لتلتقطني!

كم أنا متعبة! وكم أحتاج للبوح بين ذراعيك، و البكاء. إذاً لا تعذبني
فتسقط عينيك دفعة ً واحدة فوق عيني. بل انتظرهما حتى تّجفان. فلم أختر من
الدنيا سواك لأخبره عن تعبي وعن قلبي المفطور بينكم وبين من أحب.

عدت يا أبي إلى بيتك وكأني أراه للمرة الأولى أخرجت أريك من حقيبتي
الصغيرة عقد زواجي الشرعي! لكنك لم تعانقني بل كان في يدك نصل سكين تمنيت أن
تكون قد صقلته جيداً ليحز حنجرتي دون ألم! وها هم أخوتي يتقاطرون حولي
كالذئاب، وأنت لا تمنعهم! وتطعنني فلا أتألم لأن عينيك رجفتا فجفل فيهما دمع ولم
يسقط فوق وجهي!

هل أخبركُ أن الدم الساخن لا يؤلم حين يخرج من الجسد؟! وهل تعلم أنك تموج
الآن خلف غشاوة انسدلت فوق عيني؟! وبدأ الموت يعيّني من طعنات سكينك،
فأتلوّى برأسي الآخذ بالتخدر والهذيان ولا أتذكر سواك؟! ثم يتسع المدى أمامي
كلما ثقبت جلدي رصاصة يطلقها ابنك البكر، وها أنت اختفيت خلف الغشاوة التي
أعمت عيني فلم أعد أراك بجسدي.

لكني صرت أكثر خفة، ومن فوق كنت أراقب العرس الذي أقمت. ليس احتفالاً
بزفافي بل لأنك استرجعت شرفك الذي سلبتك إياه. أمي تزغرد، وأخوتي الذكور
يرقصون فوق بقعة الدم التي تركتها لكم قرب جسدي. هناك على عتبة بيتك ياأبي؟!،
واعذرني لأني نسيت للحظة أن جسدي وقلبي وشرفي هم ملككم. اعذرني لأني استعرت
قلبي منكم قليلاً، وأحببت على هواه ثم رددته إليكم مع باقي الأعضاء: الرأس
بمحتوياته، والأحشاء كاملة. بالإضافة إلى اليدين والقدمين. . . أرجو أن
أكون قد لا نسيت شيئاً. . . آه الشرف. الشرف أعدته هو الآخر إليكم. فأسترد
نفسي وأصير أنا هدى. . . . وأنت لست أبي.

ملاحظة مثل الخاتمة: قتلت هدى ابنة العشرين عاماً وهي فتاة درزية تدرس في
كلية الآداب –دمشق- على أيدي أهلها بعد أن تزوجت شاباً كرديّاً. وهذه
واحدة من مئات الميتات المرتكبة باسم جرائم الشرف. تلك التي لا يزال القانون
يحميها خوفاً من أن يفقد شرفه هو الآخر؟؟!!

10/9/2005
نساء سورية
www.nesasy.com



#أيمن_الشوفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أيمن الشوفي - أنا هدى. . . وأنت لست أبي؟!. . ما لم تقله هدى لقاتلها بعد