أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - أي نظام اجتماعي نبنيه بعملية تربوية عليلة؟














المزيد.....

أي نظام اجتماعي نبنيه بعملية تربوية عليلة؟


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 4712 - 2015 / 2 / 6 - 20:58
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ادركت الدول الاوروبية منذ وقت مبكر اهمية المعالجة القويمة لمشكلات مجتمعاتها، وهي وان كانت قد عانت بدورها من ويلات الحروب التي ذهب ضحيتها ملايين الناس، فان الفلاسفة والمفكرين الاوروبيين لم يتنصلوا عن دورهم في الاشارة الى مكامن الخلل الحاصل؛ والبحث عن حلول ناجعة لمعالجة المشكلات وبناء دولهم على اسس سليمة، التي تهيأ لها ذلك لاحقاً، و بالأخص منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في منتصف أربعينيات القرن الماضي؛ وبرغم ان اوروبا انقسمت حينها الى قطبين بنظامين متنوعين في ظل ما يسمى بالحرب الباردة، الا ان الافكار النيرة التي ناقشها الفلاسفة، اثمرت في الحقيقة عن خطوات فعلية حققتها تلك الانظمة والدول في اوروبا الغربية واميركا، التي استفادت حتى من افكار كارل ماركس ـ برغم اختلافهم مع افكاره ـ فطبقتها في مضمار العدالة الاجتماعية وضمان معيشة الناس و ما يسمى بسياسة العولمة وازالة الحدود ، وما حققته تلك الدول لم يك بعيداً عن افكار منظري الماركسية، اذ دعت الشيوعية الى اممية لكل البشر، و الغاء الدولة بالتدريج، وتحقيق وفرة في الثروة المادية تسمح للتوزيع المبني على الاحتياجات والعلاقات الاجتماعية التي تعتمد على حرية الأفراد؛ وان تلك الاهداف التي طرحتها الشيوعية، سعت الدول الغربية الى تحقيقها لسكانها فعلاً.
لقد حذر المفكرون منذ وقت مبكر، من الخلل في تطبيق الانظمة التي يطمح اليها الناس، وفي هذا حذر الفيلسوف والمؤرخ البريطاني برتراند رسل منذ وقت مبكر في مؤلفه الشهير "التربية والنظام الاجتماعي" وحتى قبل قيام الديمقراطيات في اوروبا من ان "التربية الديمقراطية غير الناضجة لها شرور كبيرة بمعدل شرور الارستقراطية ان لم تكن اعظم"، ويوضح ان "الديمقراطية كرأي، لها وجهتان، فعندما تقول: انا جيد مثلك، فانها مفيدة، ولكن عندما تقول: انت لست احسن مني، فانها تصبح صارمة وعقبة لتطور الكفاءة الاستثنائية"، وكان قبل ذلك قد اشار في عام 1916 حين كانت الافكار الدينية لم تزل تؤثر، متطرقاً الى سطوة الكنيسة على المؤسسات، ان "ديانة الانسان لا يمكن ان تحدد من قبل سلطة ما بل من الواجب ان تترك لاختيار الفرد بحرية".
لقد حققت المجتمعات الاوروبية والاميركية، وحتى الآسيوية، خطوات جبارة للتغلب على المصاعب الناجمة عن الاتجاهات الخاطئة في تربية النشء الجديد، وتجاوز السلبيات الناشئة عن نتائج الحروب و اساليب التربية الخاطئة، بما في ذلك بل وفي طليعته، تغيير طبيعة المناهج الدراسية، وعلى صعيد الوقائع التاريخية فان هزيمة و استسلام اليابان في ايلول عام 1945 اعقبه بعد خمسة اشهر فقط، وبالتحديد في آذار 1946 تغييرات كبرى في نظام التعليم، غيّر بموجبه نمط الإدارة التربوية والتعليمية المركزية إلى إدارة لا مركزية، وبدلت مناهج التاريخ والجغرافية بما ينسجم مع الاحتياجات الانسانية المعاصرة، و جرى إنشاء وإلغاء أقسام معينة في الجامعات, كما جرى تحجيم أية تربية دينية لدين معين، بحسب ما جاءت به قوانينهم.
وفي المانيا جرت عملية مماثلة تم بموجبها تنحية الوقائع التاريخية غير الضرورية، التي لا ينسجم طرحها وتطلعات الناس الآنية المحملة بالعلم والفنون والآداب، وبرغم انه يقوم في الوقت الحالي تدريس كتاب تاريخ موحد في كل من المانيا وفرنسا يغطي تاريخ اوروبا منذ عام 1945، ويقدم وجهتي النظر الفرنسية والالمانية، فان وزارة التعليم الالمانية تسعى الى اكثر من ذلك بوضع كتاب تاريخ موحد يدرس في دول الاتحاد الاوروبي جميعها.
هكذا يفكر العالم، وهو يبحث عن اكثر الطرق فعالية لتجاوز الماضي والانطلاق نحو المستقبل بخطى واسعة، هدفها خدمة سكانهم واستقرارهم؛ مستندين الى تقويمات مفكريهم في شتى عصورهم، في حين نقبع نحن ويتصارع سياسيونا وممثلو مجلس نوابنا من اجل تجيير التاريخ كل لمصلحته؛ ويحاولون نبش الماضي لتحقيق ما يعتقدون انه يديم سطوتهم وتسلطهم على الناس، وكسب اصواتهم باستغلال المشاعر الدينية والطائفية وكأننا معنيون بالماضي، ولا يهمنا من امر الحاضر والمستقبل شيء، و على سبيل المثال فان المديرية العامة للمناهج في وزارة التربية العراقية، كانت قد كشفت في عام 2012 عن انه "جاءتنا مطالبات تقول، ان لكل فئة ومذهب مناهجه الخاصة؛ لكننا في وزارة التربية اتفقنا مع رئاسة العراق ان تكون الكتب تعتمد على المشتركات".
ان من يفترض انهم مثقفونا، والمختصين لدينا، يقصرون بدورهم عن طرح بدائل عن الوضع الحالي، بل انهم لا يشيرون حتى الى مكامن الخلل في البنية العراقية، و لا يشخصون عوامل اخفاقها واقتراح الحلول لذلك، لاسيما المختصون منهم في المجالات التربوية والعلمية، ما انتج عملية تربوية عقيمة باعتراف العاملين فيها انفسهم، وظل التلاميذ على جمودهم يجترون الماضي اجتراراً، ويعجز معظمهم عن التفكير الحر المستقل، الذي يقودهم الى مكامن الابداع، الذي لا يمكن ان تحيا العملية التربوية من دونه؛ الى الحد الذي عجز فيه الفكر العراقي عن التواصل مع ما تقدمه العقول في دول اخرى من منجزات علمية؛ واكتفى المجتمع العراقي الآن وربما لمديات اخرى من السنين، اذا ظل هذا الانكفاء، باستهلاك الحاجات المصنعة في دول اخرى معولاً على الاموال المتحصلة من النفط، من دون ان نحرك ساكناً في مجال التحفيز والتنوير؛ لغرض الانفكاك من التخلف الذي نعيشه والانطلاق الى فضاءات ارحب، اذ ان التعويل على الكلام المنمق عن الديمقراطية لن ينفع ازاء الاخفاق في تطبيق اسس البناء الديمقراطي الصحيح ، وان من يفكر من السياسيين في بناء بلد و صناعة مستقبله ومصير ابنائه، عليه ان يسعى الى الاطلاع على ما قدمه الفكر العالمي، والمحلي ـ ان وجد ـ على صعيد بناء المؤسسات التربوية والمجتمع و تطبيق النتائج الايجابية لتلك الافكار وكذلك التجارب؛ و من دون ذلك لن يتحقق لنا النجاح.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق الإنسان في قبضة وزيرها
- مربعات الحرائق وتساقط الاعمدة
- شد احزمة بطون الفقراء وارخائها للأغنياء
- شد بطون الفقراء وارخائها للأغنياء
- هل لدى العراقيين رأي عام حقيقي؟
- النفط الذي هرِمَ والزراعة التي أجدبت
- تونس تنتشل -الربيع العربي- من كبوته
- أبواب النواب مغلقة حتى حين
- مواسم القتل الجماعي.. ضحايا أبرياء و مبررات غير عقلانية
- السلم الاجتماعي هدف الديمقراطية و أساسها
- تحسين العلاقات مع الدول الأخرى مكسب للإنسان العراقي
- عن الموازنة مرة أخرى
- إشكالية المواطنة و عوامل جذب «التوطين»
- سوريالية الزمن العراقي الحزين
- لجان مجلس النواب المتكاثرة قرينة الإخفاق
- متوالية الموت العراقي.. هل من نهاية؟
- الوزراء الجدد ..العبرة فقط في النتائج
- وزارة العبادي.. مخاض عسير وتنافس ضار
- دماء سبايكر ومساعي إخفاء دلائل الجريمة
- المطلوب وزراء مستقلون مختصون


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق الازرقي - أي نظام اجتماعي نبنيه بعملية تربوية عليلة؟