أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - الموت .. فى عبوات مزركشه














المزيد.....

الموت .. فى عبوات مزركشه


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 1316 - 2005 / 9 / 13 - 08:25
المحور: كتابات ساخرة
    


فى الأسابيع الماضية انتصرت مع زوجتى فى معاركنا المالية، انتهزنا فرص التخفيضات وكسونا أنفسنا بهدوم وأحذية وشباشب، دفعنا مقدمات دروس الأولاد وبقايا مصاريف المدارس، طبخنا مرتين لحمة رأس وكوارع عجالى، وفى العيد الكبير أكلنا حلاوة ملبن وحمصية تكفى احتفالنا بثلاثة أعياد تالية، نقلنا ديوننا من زملاء يكزّون شفاههم تجريسا لنا على تأخرنا فى دفع حقوقهم وأصبحنا مدينين للبنوك بضمان أسمائنا فى كشوف مرتبات الحكومة، دفعنا فواتير التليفون وآخر قسط من ثمن الثلاجة، أما أقساط تمليك الشقة فقد أرجأنا دفعها لمدة عام كامل، وأصبح لائقا أن نحتفل بانتصارنا فى جو شاعرى.
فى صباح اليوم الثانى من الأسبوع الماضى، تأكدت أن أولادنا ذهبوا جميعا لأشغالهم، وأن زميلى فى العمل نجح فى تسليك أمورى عند رئيسنا المباشر، وأن شمس الخريف تضم الكون فى دفئ لذيذ، وأن بقايا مرتب الشهر تكفى لجلوسى فى الشرفة مع زوجتى الطيبة، نتناول كوبين من الشاى بالنعناع نرشف معهما جرعات وصل ورضا، وحين أضاءت شمس الشرفة بهاء وجه زوجتى, واكتشفت أن لها حواجب تتحرك، رأيت أن شاى الأرض ونعناعها لا يفيان بمتطلبات الوصال بين الأحبة، وقررت النزول فورا متواثبا فوق سلالم العمارة لأشترى زجاجة مياه غازية، مؤكدا لنفسى أن العاشق الكبير لا يشرب إلا من عبوات كبيرة.
كانت الزجاجة كبيرة مليئة بمياه غازية باردة، وتماوجت أساريرى تغازل الظلال حولها فابتسم البائع وأعطانيها فى كيس مزركش مع قطعتين من اللبان الدّكر، عدت أدراجى إلى الشرفة حاملا الكيس المزركش ووضعته حانيا أمام زوجتى بجوار كوبين فخيمين من زجاج لامع، وبتمهل كبار العاشقين فتحت الكيس وسحبت الزجاجة متمهلا شمس خريفنا الرائع كى تشهد على تأجج عواطفى تجاه رفيقة دربى الطيبة.
قرر ضوء الشمس أن يعلمنا حقيقة ما نحن مقبلون عليه، الزجاجة محكمة الإغلاق، لكن لون مياهها الغازية مختلف، فجأة اكتشفت بداخلها كتلة من جسد حيوانى غير واضحة الملامح، ليست جثة صرصار فإنها أكبر كثيرا، وليست جثة حمار فإنها أصغر كثيرا، إذن هى بقايا جثة كلب أو أن أحدهم قتل غريمه ووزع الجثة على مئات من الزجاجات المشابهة، وحين أعلنت فى الفضاء أنها جثة فأر، صرخت زوجتى وهاجمها القىء وتركتنى وحيدا فى شرفة الأنس، ووجدتنى أحمل الزجاجة لأعيدها للبائع متوقفا عن تصور ما بداخلها من جثث.
ساومت البائع على استرداد ثمن الزجاجة وتنابزنا بالألقاب، تدخل بعض الجيران وساومونى على اقتسام أموال سأكسبها من رفع دعوى قضائية على منتج يستهين بأرواح المواطنين ويبيع لهم جثثا فى زجاجات غازية، وبانت الزجاجة أمامى كنزا يسدد ديونى ويشترى شقق وعمارات ويخلصنى من نكد زوجتى المخبوء ويزوجنى غيرها عشرات من الجميلات، وبدأت التفكير فى اقتناص طرق الثراء.
الأفضل أن أذهب بالزجاجة لإبلاغ الشرطة، لكننى سأقف فى طابور من يشكون إهمال جمعيات رعاية المستهلك ويطول انتظارى وأشعر بالتعب وتقع الزجاجة مهشمة على الأرض ويضيع دليل الجريمة، وتقبض الشرطة على بتهمة إزعاج السلطات والموتى، إذن لا داعى للذهاب إلى الشرطة.
الأفضل أن أعطى الزجاجة لمحام شاطر يلعب بالبيضة والحجر، لكن المحامى سيطلب منى مقدم أتعاب ويقنعنى بأن القضية خاسرة، وسيأكل المحاكم والعة ويقبض التعويض بالملايين ويبلع حقوقى، لا داعى إذن للاستعانة بمحامى من الشطار.
الأفضل أن أكتب عن الزجاجة فى الصحافة، لكن الصحف فى حاجة لدخلها من الإعلانات، وبفرض أن محتويات الزجاجة قتلتنى مع وزوجتى فلن يدفع منتج الزجاجة دية لورثتنا أكثر مما دفعته الحكومة عن كل ضحية فى قطار الصعيد، ديتنا أنا وزوجتى فى عرف الحكومة خمسون ألف جنيه فقط، وهى أقل من ثمن إعلان لمرة واحدة على مساحة نصف صفحة بالألوان فى جريدة واسعة الانتشار، إذن لا داعى للكتابة فى الصحف عن الزجاجة.
ورأيت الأفضل كتابة مقال صحفى عام، أطالب فيه جمعيات رعاية المستهلك والشرطة والمحامين والصحافة أن يهبوا من أجل صحة وكرامة المواطنين، طامعا فى بعض الصحة لأعاود الجلوس هانئا فى الشرفة مع زوجتى الطيبة نرشف أباريق باردة من الكركديه ونمضغ أطنانا من اللبان الدكر0
د0 ياسر العدل







#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حظك00 يا برج الحمار


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ياسر العدل - الموت .. فى عبوات مزركشه