أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وليد ياسين - الفخ الاسرائيلي في قطاع غزة















المزيد.....

الفخ الاسرائيلي في قطاع غزة


وليد ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 1316 - 2005 / 9 / 13 - 08:22
المحور: القضية الفلسطينية
    


وقع ابناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة في الفخ الذي نصبه لهم الاحتلال الاسرائيلي، وزودوا رئيس حكومة اسرائيل، اريئيل شارون، ووزير خارجيته، سيلفان شالوم، واوساط اليمين المتطرف الأخرى، بالصور التي كانوا يتوقون لمشاهدتها تحدث في قطاع غزة، بعد ساعات قليلة من جلاء الاحتلال، وقبل ايام معدودة من القمة الدولية التي تعقدها الأمم المتحدة، هذا الاسبوع، مع افتتاح دورتها الجديدة. لقد قررت اسرائيل، رغما عن ارادة الفلسطينيين، وخلافا لكل المواثيق والمعاهدات الدولية، الابقاء على تلك المباني التي كانت تستخدم كمعابد للديانة اليهودية، خلافا لقرار سابق للحكومة الاسرائيلية قضى بهدم كل المباني الا تلك التي اتفق على تسليمها للفلسطينيين لاستخدامها كمنشآت عامة، فقام الجنود الذي تبقوا في القطاع بعد اجلاء المستوطنين، بتخريبها وزرع الدمار فيها وتحويلها الى مراحيض لقضاء حاجاتهم الخاصة، في سبيل منع الفلسطينيين من استخدامها.

وكان الاسرائيليون قد اعدوا جيدا لحملة التحريض التي شرعوا بها اليوم (12.09.05)، في ضوء الصور التي تناقلتها وسائل الاعلام عن مهاجمة المباني التي استخدمت للعبادة واحراق بعضها، رغم معرفتهم المسبقة، وتحذيرهم من قبل الفلسطينيين بأن هذه المباني تشكل بالنسبة للفلسطينيين رمزا من رموز الاحتلال البغيض الذي يطالبون بزواله نهائيا عن اراضيهم. واعلن العديد من المسؤولين الاسرائيليين، بما فيهم حاخامات الديانة اليهودية، طوال اليومين الماضيين، انهم يعرفون بأن الفلسطينيين لن يبقوا على هذه المباني، وانهم يفضلون قيام الفلسطينيين بهدم هذه المباني على ان يقدم على ذلك جيش الاحتلال الاسرائيلي. وقال بعضهم صراحة انهم يتوقون الى رؤية الفلسطينيين يحرقون هذه المباني "كي يفهم العالم مع من نتعامل" على حد تعبير احد المسؤولين الاسرائيليين.

لم يكن امتناع اسرائيل عن هدم هذه المباني مرده تخوفها من ان يشكل الأمر سابقة تتيح هدم مقدسات يهودية في دول اخرى، كما زعم وزير الخارجية، سيلفان شالوم، فاللوبي الصهيوني في العالم، استطاع ما لم تستطعه اي جالية اخرى في العالم في مجال الحفاظ على مقدساتها ومؤساتتها الدينية، ولم نسمع عن حكومة في العالم، حتى في العالم العربي قامت او صرحت انها ستعمل على تدمير مقدسات اليهود سواء كانوا يعيشون فيها او غادروها، بل نذكر ان مصر، مثلا، اضطرت الى تغيير مسار طريق عام في القاهرة في سبيل عدم المساس بمقبرة يهودية قديمة، خلافا لما فعلته اسرائيل في الداخل الفلسطيني حيث جرفت المقابر وهدمت المساجد والكنائس لتنفيذ مشاريع للبنى التحتية، والامثلة على ذلك كثيرة، لكننا نشير على سبيل المثال لا الحصر، الى ما حدث مؤخرا في مقبرة المماليك ومقبرة الجماسين في يافا حيث تم نبش القبور في اطار الحفريات التي قامت بها بلدية تل ابيب لمد خطوط للمجاري.

ولم يكن مرد قرار الابقاء على مباني الكنس اليهودية في قطاع غزة، تلك الدموع التماسيحية التي ذرفها الحاخام عوفاديا يوسيف، زعيم حركة شاس، صاحب التاريخ المعروف في اطلاق التصريحات العدوانية ضد العرب والفلسطينيين بشكل خاص، ونعتهم بأوصاف تدنس احد الرموز الربانية على الأرض: الانسان. بل ان قرار الحكومة الاسرائيلية، بشقيها الليكودي والمعراخي يرجع الى حسابات انتخابية، حساب الأصوات التي سيخسرها كل واحد من وزراء الحكومة في مركز حزبه، لو كان قد ايد قرار الهدم، وتلك التي سيجنيها لو عارض امر الهدم، والا كيف يمكن تفسير تراجع حتى شارون نفسه، صاحب خطة فك الارتباط، عن احد المبادئ الاساسية لخطته، هدم كل المستوطنات بما فيها "تلك المباني التي استخدمت كمعابد" على حد تعبيره شخصيا في افتتاح جلسة الحكومة التي تقرر فيها الابقاء على "المباني التي استخدمت كمعابد".

لقد هدد اعضاء مركز حزب الليكود، وبينهم كثرة من المتدينين، شارون ووزراء حكومته بمحاسبتهم في صناديق الاقتراع اذا ما اقدموا على تنفيذ خطة فك الارتباط. وبعد ان تم تنفيذ الخطة وادراك شارون، خاصة بعد انسحاب نتنياهو من حكومته، ان فرص فوزه برئاسة الليكود لولاية جديدة باتت محل شك، ولذلك تراجع عن قراره وساند الابقاء على الكنس متذرعا باقتناعه برأي وزير الامن شاؤول موفاز، الذي كان اول الوزراء الذين تراجعوا عن القرار السابق، وهو الامر الذي لم يحتمله حتى المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية، ميني مزوز، الذي تساءل بغضب، في جلسة الحكومة اياها، عما تغير خلال اسبوعين، اي بين جلستين للحكومة صودق في الاولى منها على هدم الكنس، وفي الثانية على الامتناع عن هدمها. وبين هذه الجلسة وتلك كانت المحكمة العليا الاسرائيلية قد اتخذت قرارا يتيح هدم الكنس بناء على قرار الحكومة السابق، ولما جاء القرار الثاني للحكومة لم يستطع مزوز اخفاء الاهانة التي الحقها الوزراء بمكانة المحكمة العليا ونزع الثقة بالجهاز القضائي الاسرائيلي وهاجم الوزراء علانية على هذه الاهانة.

وكما أسلفنا، لقد اعد الاسرائيليون انفسهم جيدا لحملة التحريض التي تستهدف اولا نزع الصفة الاخلاقية والانسانية عن الفلسطينيين وتصويرهم على انهم برابرة ومتوحشون لا يحترمون الاماكن اليهودية المقدسة. وكان الوزير سيلفان شالوم قد تدرب جيدا على عبارة "برابرة ومتوحشين" حين اطلقها يوم السبت، عشية صدور قرار الحكومة، حين توجه الى الرئيس الفلسطيني ابو مازن طالبا منه "منع القيام باعمال بربرية ووحشية ضد الكنس اليهودية"، وبالطبع ما ان وقع اخواننا في القطاع في الفخ الاسرائيلي حتى اطلق شالوم ظهر الاثنين (12.09.05) بوق التحريض ووصف اعمال الفلسطينيين بالبربرية والوحشية، وتبعه في ذلك اعضاء كنيست من اليمين المتطرف الذين كانوا يتحملون القسط الاكبر عن تكريس الاحتلال وتدنيس المقدسات العربية التي استولى عليها المستوطنون، وتكفي الاشارة في هذا الصدد الى مسجد سانور الذي حوله المستوطنون الى كنيس يهودي منذ الاحتلال عام 1967.

ولم يخرج شالوم في تحريضه عن خط رئيس حكومته اريئيل شارون، الذي كان قد اطلق تصريحات سوقية واشد عنصرية من تصريحات شالوم، لدى مناقشة الحكومة لقضية الكنس اليهودية، قبل اسبوعين من الانسحاب النهائي لقوات الاحتلال، حيث زعم ان الفلسطينيين لا يحترمون المقدسات اليهودية، ويحولونها الى مراحيض وحظائر للماشية.

وزعم شارون ان اليهود خلفوا في الثلاثينيات كنيسا في مدينة الخليل يعود تاريخه الى القرن السادس عشر ، وعندما عاد اليهود الى المدينة، (بعد احتلالها في عام 1967)، وجدوا الفلسطينيين قد حولوا الكنيس الى مرحاض وحظيرة للمواشي، مضيفا بلهجة تهكمية: "هكذا يحافظ الفلسطينيون على الأماكن المقدسة، ولذلك علينا الا نتوقع تصرفهم بشكل مغاير في غوش قطيف"!

والحقيقة ان شارون وشالوم وجوقة التحريض الاخرى يسعون من وراء تحريضهم هذا على الفلسطينيين الى اخفاء معالم الجريمة التي ارتكبتها اسرائيل وتواصل ارتكابها بحق المقدسات العربية في فلسطين ابان وبعد نكبة عام 1948. واذا ما عدنا الى التقارير التي تم اعدادها حول عدد الكنائس والمساجد التي تم تدنيسها وتحويلها الى مواخير وخمارات ومتاحف ومطاعم وحظائر لأبقار القرى التعاونية الاسرائيلية، بل والى كنس يهودية، ناهيك عن اعمال الجرف والتدمير والتدنيس التي لحقت بالمقابر العربية ومصادرة اراضي الاوقاف العربية وتجييرها للاستيطان وللمشاغل وحتى للنفايات الاسرائيلية، لاحتجنا الى عشرات الصفحات كي نقارع الحجة وبالحجة ونبين من هو حقا الذي يقوم بتدنيس مقدسات الآخرين.

لقد هاجم الاسرائيليون الكنائس والمساجد العربية ودمروها ودنسوها وهي تتمتع بالمكانة المقدسة الكاملة وتقوم على اراضي مملوكة للوقف وللفلسطينيين، تم احراق المساجد والكنائس على ما فيها من رموز دينية، ونبش القبور دون اي وازع من ضمير، فيما قامت اسرائيل وبكل حرص قبل اخلاء مستوطنات قطاع غزة بازالة كل الرموز الدينية للمباني التي اقيمت على ارض مسلوبة، ما يعني انها لا تتمتع بأي قدسية، حتى باعتراف شارون ذاته، الذي وصفها بشكل لفت انتباه كل وسائل الاعلام بأنها "مباني كانت تستخدم للعبادة". وقرار اسرائيل الابقاء على هذه الكنس على اراضي الفلسطينيين لم يكن احتراما لمكانتها وانما تحديا لارادة الفلسطينيين، اولا، ومحاولة لتحقيق مكاسب على المستوى الاعلامي دوليا، وتحقيق مكاسب انتخابية ضيقة، محليا، ومن حق الفلسطينيين وهم يحتفلون بزوال الاحتلال عن اراضيهم ازالة كل رموز هذا الاحتلال البغيض وكل رموز الاستيطان الذي سلبهم الارض والحرية والحياة ومصدر الرزق، وتسبب لهم بالمعاناة على مدار 38 عاما مضت، لكن مأخذنا الوحيد على اهلنا الفلسطينيين انهم وقعوا في الفخ الاسرائيلي حين اندفعوا الى تلك المباني واحرقوها دون ان يمكنوا سلطتهم من مواصلة الحوار السياسي مع الاحتلال ومع العالم لازالة كل ما ابقته اسرائيل من رموز للاحتلال الطويل.





#وليد_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة التثقيف العسكري وتسليح المجتمع الاسرائيلي هي القضية ال ...
- شذرات على هامش فك الارتباط: هي خطوة اخرى ويأتيك المخاض
- في وداع شهداء شفاعمرو*
- برتقالنا وبرتقالهم
- العنصرية في عروقكم
- كلمات عابرة الى امرأة في عيدها
- ما وراء تعيين حالوتس قائدا عاما للجيش الاسرائيلي
- رسالة الى قريبي في المخيم


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وليد ياسين - الفخ الاسرائيلي في قطاع غزة