أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - المرأة الآلية














المزيد.....

المرأة الآلية


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 4708 - 2015 / 2 / 2 - 17:22
المحور: الادب والفن
    


المرأة الآلية
محمد الذهبي
لم تكن كباقي النساء، لاتحب الاشياء التي تحبها النساء، فهي قليلة الكلام، تركت العواطف خلف عمرها الماضي، الحنان الذي تمتلكه الامهات لم تمتلكه هي في يوم ما، حتى ابناءها كانوا يعطفون عليها ويحاولون ان يشعروها بالحنان الذي تفتقده، يقبلونها صباحا ومساء، ولم تبادر هي في يوم ما، عندما تمرض يتحلقون حولها كالفراشات، ويسهرون الليل الى جنبها، بينما تنام ملء عينيها حين يمرض احدهم، هكذا هي المرأة الآلية، تعمل صباحا وتعود الى البيت فتدخل المطبخ ، تنهي كل شيء بصمت منقطع النظير.
وعندما يأتي المساء تدخل محرابها فتؤدي شعائرها بصمت ايضا، ثم تبدأ رحلة العشاء وتنهيها بزمن قياسي، فهي تحب ان يكون العشاء خفيفا، بعدها تشاهد برنامجا تلفزيونيا بصمت بالغ، لاتعترض على شيء ولاتؤيد شيئا، تدور عقارب الساعة مسرعة لتؤذن الساعة العاشرة بنومها الآلي ايضا، فهي بمجرد ان تضع رأسها على الوسادة حتى تغط بنوم عميق، انها امرأة آلية، يتخيل من حولها انها ربما حركت زرا كهربائيا ونامت، لاتنقلب عن جهة نومها الاولى، فالوضع الذي تتركها به ليلا، تجدها به صباحا.
تكنلوجيا العصر لاتثيرها، وكذلك تستقبل اخبار الموت والتفجيرات والحروب بتلقائية عجيبة، لاتعلق على اي مأساة تحدث تكتفي بالنظر عميقا، وكانها تريد ان تلتهم التلفاز، بينما هو يحدث نفسه وبعض الاحيان يمزق ثيابه، ليصل به الامر ان يبتكر نزاعا ، كي تتكلم، ليس لها اعداء ولاتخاصم احدا، ولاتعترض على احد، يلعن مديرتها في العمل امامها، علها تشاركه الحديث، لكنها تكتفي بالنظر والصمت، اصبح هو بمزاج عصبي لايطاق، افقده الكثير من الاصدقاء والاعمال، واصبحت هي بمزاج هادىء لاتشوبه شائبة.
يصرخ ويضرب الجدار، ويكسر اثاث البيت، ولاتنطق هي، هو يحترق بجمر اعصابه المتوثبة،يكره الجيران، ويكره السياسيين ويكره الشعراء، حتى الطلاب الذين يقوم بتدريسهم يكرههم، ويكره مديره في العمل، اي سلطة هي عدوه الاول، سلطة البيت والحكومة ومدير الدائرة، هي امرأة آلية لاتمتلك ذكريات طفولة ولامراهقة ولاحتى مابعد ذلك، يستدرجها للكلام حول الايام الاولى، تنتبه اليه قليلا وتقفل ذاكرتها، انني لا اتذكر شيئا، انت ذاكرتك قوية، يضحك ويغمس رأسه في تأمل عميق، يلعن معه الزواج الذي ابتلاه بهذه البلوى، لا مخرج لي سوى الموت.
كانت اعتراضاته هو لاتثير لديها اي حماس ومن اي نوع، المرأة الآلية برمجت الاتدخل الحمام للاغتسال الا اذا خرجت من البيت، للوظيفة او شيء آخر، هكذا هي لا ابداعات في اي شيء، والرحمن دائما معها، يهديها ويحميها، في حين ان كوابيسه تقض مضجعه ليل كل يوم، وانتقلت الكوابيس الى خيالات نهارية تشوه ماتبقى منه، لم يكن رجلا آليا، يبحث عن تفريغ عاطفته، بالكتابة والشعر والقراءة والخيالات الشيطانية، هكذا هو وهكذا هي، الوقت يمر بطيئا عليه، يسلب منه الكثير نظارته وصحته، المرأة الآلية تتغير في حين واحد فقط، حين تمرض تصبح ضعيفة جدا، وكثيرة الحنان، وهذا ما اكد له انها آلية بالفعل.
النوم بعد تناول الغداء مباشرة، هذا برنامجها اليومي لاتكسره مهما حدث، وهذا ايضا اكد له انها آلية، خروجها الى الوظيفة بنفس الوقت يوميا، ومهما حدث، عودتها من الوظيفة بنفس الوقت يوميا ومهما حدث، وذهابها الى بيت اهلها بذات اليوم ومهما حدث، تيقن اخيرا انها آلية، ولافائدة من التظلم والحديث معها، انفعالاته وبكاؤه لايغيران منها شيئا، انطوى اخيرا على نفسه، اطال لحيته، وقرر ان يستبدلها باي شيء، السيكارة، الخمرة، الشعر، القراءة، لم يفلح ،وجد ان خلاصه منها في موته، لن يجدي البحث، مزق احد ثيابها، علقه في مروحة السقف، وضع الثوب حول عنقه، دفع الكرسي من تحت اقدامه باصرار، وتدلى من سقف البيت.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطار الثورة
- الزوج الثاني
- نفايات
- الشيوعي الاخير في محاكم التفتيش
- ضيعت قلبي في الديار
- من يوميات قوّادة بغدادية
- بائع الهوى
- السباق
- طائر الغرنوق
- لوحة لم تكتمل حتى الآن
- لم اكن اعلم ان لله لصوصا
- الاله في محنته
- ارضيتا
- العم المقدس
- الجدار
- النص المفقود
- طيور في نينوى
- هذا الصليب
- انتِ معي في الفردوس
- سقط الرداء


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - المرأة الآلية