أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - رغم مصائبه, ليس العراقي معفياً من فهم العالم: الارهاب, اميركا, الاشتراكية















المزيد.....

رغم مصائبه, ليس العراقي معفياً من فهم العالم: الارهاب, اميركا, الاشتراكية


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1315 - 2005 / 9 / 12 - 10:03
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قبل شهر ونيف, جاء جعفر, صديق دراستي الجامعية ومعهد الفنون الجميلة وما بعدهما, جاء الى باريس بصحبة رسام اخر, مع مجموعة من لوحاتهما لإقامة معرض رسم ومشاريع مستقبلية مشابهة. ذهبت مع صديق اخر مشترك لنا الى باريس وقضينا نحن الاربعة ليلة ونهاراً هناك, صعدنا برج ايفل واخذنا الكثير من الصور ثم عدنا جميعاً لقضاء الاسبوع الباقي من سفرتهما في هولندا.

ما ان غادرنا باريس وصرنا في الطريق السريع حتى سألني جعفر: "هل سيبقى الطريق هكذا حتى هولندا؟"
لم افهم سؤاله وقلت: "بدرجة او بأخرى نعم, لماذا؟"
لم يجب جعفر, وانغمرت في نقاش مع صاحبه, حول العراق واوربا واميركا والعالم. كان هذا الصديق معجباً مبهوراً بما رأى في باريس, فكان صعباً ان ابين له ان الامر ليس كله جنة. انتبهت مرة اخرى الى جعفر الصامت, وتصورته يعاني من دوار السفر, فسألته فاكد لي ان لاشيء هناك.

بعد قليل وقفنا للاستراحة فاكدت سؤالي على جعفر, فقال لي انه لم يتحمل, فبكى! بكى من منظر الطريق السريع, النظيف والخضار والزرع يحيط به على مد البصر. لا اثر لتراب! قارن جعفر بين الحال في الوطن والطريق السريع في اوروبا فبكى.

فهمت لمَ كان صعباً علي ان اشرح لصاحبه ان الامر ليس مثالياً كما يتصور, فالعطش الى النظافة والخضرة والحياة الحلوة اقوى من المنطق. شعرت ان علي ان اعفي ضيوفي من المنطق القاسي وان اتركهم يتمتعوا قليلاً بالجمال, فما هم باقون الا قليلا, ولن يكون مناسباً ان افسد متعتهم التي قد لا تتكرر, بالحقائق المزعجة.

لكن الحقيقة هي ان الحقائق المزعجة كانت تطاردني في سفرتنا القصيرة في باريس. قبل ايام كانت تفجيرات لندن تهز العالم, وتثير الغضب على من لهم لون جلدنا وشعرنا. لا اكتمكم اني لا اصدق شيئاً تقريباً من قصص "الارهاب" في الاعلام الغربي, واصدق الى حد بعيد القصص المسماة "بنظرية المؤامرة", لأني ببساطة وجدت قصص نظرية المؤامرة اقل تناقضاً وصعوبة للتصديق من قصص الاعلام الغربي. كنت اشعر بالغش كلما سمعت غربياً يتحدث عن "الزركاوي", اما حين يكون المتحدث بوش نفسه, فاشعر بالاشمئزاز ثم بالاسى على العقل البشري!

لم اجد في كل متابعاتي لاخبار الارهاب الا قصص تملؤها علامات الإستفهام والشك. امسك عشرات الناس في هولندا وحدها بتهم الارهاب, ليطلق سراحهم بعد سنة او سنتين ببراءة. وخلال تلك السنوات استخدمهم فيها الاعلام الهولندي كإثباتات عن الارهاب, ولا اضن ان هولندا تشذ عن بقية اوروبا. لذلك تعودت حين اسمع خبراً عن القاء القبض على متهمين بالارهاب ان انتظر خبر اطلاق سراحهم الذي لن يشغل الا مساحة ضئيلة مكانيا وزمانيا من الصحافة.

قصة تفجيرات لندن, تقدم لنا شرطة لندن خلال فترة خيالية في قصرها, صوراً "للارهابيين" يحملون حقائب ويدخلون المترو. كيف عرفوا انهم هم؟ لا احد سيسأل بالطبع, وان سأل فسيشعر انه وحيد في سؤاله السخيف, حتى لو كان المتسائلين هم الاغلبية الساحقة, لان وسائل الاعلام ستفهم كل منهم انه وحيد في سؤاله.
علينا ان "نثق" بلا تمحيص بحكومات اثبتت انها اكذب حكومات في تأريخ الغرب.

بعد فترة قصيرة نشر خبر ان مفجري لندن ربما لم يكونوا لوحدهم في العملية, لانهم اكتشفوا ان احدهم قد دفع لموقف سيارته لفترة طويلة, واخر كان قد دفع قسطاً لدورة تعليمية, واخر قد اصلح سيارته ودفع مبلغا كبيرا لذلك, وليست تلك تصرفات من ينوي الانتحار بعملية ارهابية. اذن ربما كان هناك من فجر ما يحملون من متفجرات عن بعد, دون اتفاق معهم! اها! هذا الاحتمال يشكك بالقصة كلها اصلاً!

كنت ادوخ مع هذه الافكار ونحن في مترو باريس. لو ان شيئاً حدث الان, فليس اجمل منا مرشحاً لقصة ارهابية مرتبة! عراقيان من هولندا التقيا بعراقيان جاءا من العراق ليفجروا مترو باريس... من سيرفض تصديق مثل هذه القصة المرتبة؟
ستقولون لي اني اتهم الشرطة باختلاق القصص, وستقولون لي لو انهم كانوا على هذه الشاكلة لما استطاعوا ان يبنوا حضارتهم, فلا حضارة تبنى على الكذب, وستقولون كثيراً من الاشياء المعقولة. لكني بعد بعض القراءة, بدأت اشكك بكل ذلك, ولست متأكداً اليوم ان الصدق والعلم والخير كان لها الدور الاكبر في بناء تلك الحضارات ام الكذب والعنصرية والقرصنة.
لست عدائياً للغرب, بل ربما احبه اكثر من غيري واراه, كعلماني على الاقل, الانجاز الحضاري المتحقق الاكبر. لكن قلق الامانة عندي يمنعني من التمتع بالايمان به وبما يقول بلا تمحيص.

ربما قرأتم عن الفضيحة عن البرازيلي الذي قتلته شرطة لندن بعد حادث التفجير؟ من لم يقرأها, اقول باختصار, ان شرطة لندن قتلت شاباً برازيلياً دخل المترو راكضاً حسبما ادعت, وقفز من فوق حاجز, وكان يرتدي سترة واسعة, مما اضطر الشرطة الى قتله خوفاً من كونه انتحارياً يحاول القيام بتفجير جديد.

هذه لوحدها فضيحة كبيرة, ان يقتل شاب فوراً لمجرد انه ركض وقفز وارتدى سترة واسعة, لكن الفضيحة الاكبر هي انه تبين ان الشاب لم يركض بل دخل بهدوء والتقط صحيفة (مجانية) وجلس ليقرأها على مسطبة في انتظار المترو, وان شرطياً اطلق النار على رأسه بينما كان اخر يمسك به, وان كل ادعاءات الشرطة لم تكن الا قصة ملفقة تماماً! هذا هو العالم الذي نعيش به اليوم!

انتهت سفرتنا بسلام كما قلت لكم, وفي الطريق سألت صاحبي ان كانت مقالاتي تصله وان كان يقرؤها. قال نعم, لكن ليس كلها, انه يقرأ ما يتصل بالشأن العراقي فلا مجال في رأسه او اعصابه لموضوع اخر. وحتى ليس كل الشأن العراقي.
جواب صديقي, ومقاومة صاحبه للحقائق القاسية عن الغرب, جعلاني افكر. شعرت انهما محقان. من يطلب ممن يعيش تحت المقصلة ان يفكر بأبعد منها؟
لكن من جهة اخرى, لافرصة لمن لاينظر الى ما هو ابعد من انفه ان يفهم حتى الحقائق القريبة منه. ان اراد هذا المحاصر المعذب المهدد المرهق في العراق ان يفهم عذابه فلا مناص له ان ينظر ايضاً الى العالم البعيد, وان يبذل جهداً اضافياً وهو مرهق وان يحلل بعقل هادئ بارد وهو يتلوى على النار.

لكن اين يجد العراقي الذي قرر ان يستمع الى طلبي الصعب, اين يجد ما يشرح له هذا العالم البعيد؟

لحسن الحظ هناك الانترنيت, ومن يعرف الانكليزية فله افضلية كبرى, ومن لايعرف فله ان يبحث عن في صفحاتها بالعربية وسيجد مصادر قيمة. كذلك اشير شخصياً الى الكاتب العظيم, البروفسور الامريكي اليهودي المتمرد نعوم جومسكي, والذي ترجم له الى العربية عدة كتب لعل اهمها: "501 عام والغزو مستمر" عن دار المدى, والتي افتتحت في العام الماضي مكتبة لها في شارع السعدون. كتبت على اخر نسخة اهديتها لصديق: "اعرف انك مشغول جداً, لذلك اهديك هذا الرف من الكتب السياسية المضغوطة في كتاب واحد...وهل هناك توفير للوقت اكثر من هذا؟"
هذا الكتاب, والكتاب الممتاز الاخر"اعاقة الديمقراطية", عن مركز دراسات الوحدة العربية- بيروت, يشرحان بافضل ما يكون تأريخ العالم الحديث وبشكل خاص دور الولايات المتحدة فيه.

كتب اخرى للكاتب, اكثر تخصصاً: "النزعة الانسانية العسكرية الجيدة" عن حرب البلقان, وهو من اصدار دار الاداب, بيروت, وكتيب باسم "الحادي عشر من ايلول" عبارة عن مجموعة من المقابلات حول الموضوع, من اصدار دار التكوين – دمشق.

انا شخصياً مدين بالكثير من فهمي للعالم لهذا الكاتب الرائع, فاضافة الى كتبه, احتفظ له بتسجيلات صوتية استمع لها كثيرا عند السفر, وكذلك احتفظ بالعديد من كتبه بالانكليزية بشكل الكتروني على حاسبتي. (يمكن ايجاد التسجيلات الصوتية والكتب الالكترونية على الانترنيت, وبالنسبة للاخيرة, فانا مستعد لارسالها بالايميل لمن يطلبها). عدا كتبه القيمة له مقالات هامة على الانترنيت بكتابة اسمه(Chomsky) على كوكل (Google ).

عدا الارهاب وفهم اميركا ودورها في العالم, الموضوع الاكثر اهمية بالنسبة للعراق اليوم, هناك موضوع اخر وهو الموقف من الاشتراكية والرأسمالية وهو ليس سهل بالطبع, لكن العراقي يحتاج ان يتخذ موقفاً اولياً على الاقل من هذا الموضوع, وخير ما وجدت من كتب عنها كتيب باسم : الاشتركية لعصر شكاك, لاستاذ جامعة اشتراكي, و : "مستقبل الرأسمالية" لاستاذ رأسمالي متحمس, نسيت اسميهما, كما اني اعرت الكتابين ولم يعودا الي, فمعذرة.





#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الدستور تنازلات بلهاء عن حق العراق في التكنولوجيا
- ما موقف الشيوعيين من المادة 110 ثانياً؟
- الارهاب المبدع
- لنهنئ انفسنا أن وصل بعض صوتنا الى الدستور
- لماذا ظهر الدستور كعروس منفوشة الشعر؟
- اعتراضاتي على نقاط الدستور
- حديث دكتاتور اعتيادي الى شعبه الاعتيادي
- علي فردان ودفع الشيعة العراقيين باتجاه الطائفية
- دولة الكمان العراقية: دولة -علي- بابا والاربعين حرامي
- العلمانيون والإسلام: مقالة ليست ممتعة علمانيا
- ديمقراطيينا بين ولاية الفقيه وولاية السفير
- اليسار والاسلام: فرصة للتعاون في الوقت الصعب
- اصل الانسان مرجوحة
- امنيات دستورية
- تصميم العلم العراقي الجديد
- مناقشة مذكرة المثقفين العراقيين حول الدستور
- طريقان الى الجنة
- شاب مهووس بنظرية المؤامرة
- التوافق هو الحل... ان لم تكن هناك مشكلة
- ادارة الخلافات


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - رغم مصائبه, ليس العراقي معفياً من فهم العالم: الارهاب, اميركا, الاشتراكية