أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التماثل الطوباوى بين البشر















المزيد.....

التماثل الطوباوى بين البشر


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 30 - 22:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التماثل الطوباوى بين البشر
طلعت رضوان
هل يمكن أنْ يتماثل البشر؟ سؤال رغم بديهية الإجابة عن استحالة هذا التماثل بين البشر، سواء على المستوى الثقافى (وفق مفهوم الثقافة القومية لكل شعب) أو وفق مفهوم الثقافة بمعناها الشائع (تأليف كتب الفكر والشعر والروايات وكتب التاريخ) أما استحالة التماثل بين البشر، ومن المفترض أنْ لا يكون هناك أى جدال حولها ، فإنّ مجالها (الدين) حيث استحالة أنْ يكون المسلمون مثل المسيحيين ، والعكس صحيح فى كل الديانات ، لأنّ كل أصحاب ديانة معينة يتمسكون بديانتهم ويُدافعون عنها، ليس ذلك فقط ، وإنما يرى كل أبناء ديانة أنّ ديانتهم هى الديانة الوحيدة الصحيحة والتى يجب أنْ يتبنــّـاها (كل البشر) ومع تصاعد التطرف والمغالاة ، فإنّ الأصوليين الإسلاميين المُـتشددين يرون أنّ على (كل) البشر اعتناق الإسلام ، ومن يرفض ذلك عليه إما : أداء (الجزية) للمسلمين وإما شنْ الحرب علي غير المسلمين ، كما حدث فى التاريخ العربى / الإسلامى ، وهو ما عبّر عنه أصوليون من عينة جمال الدين الإيرانى الشهير ب (الأفغانى) وحسن البنا وسيد قطب الذى شرح ذلك فى كتابه (معالم فى الطريق) والذى أطلق فيه على العصر الحديث (الجاهلية الحديثة) وقسّم العالم إلى (دار إسلام) و(دار حرب) بل إنه غالى فى شططه لدرجة أنْ اعتبر (المسلمين) فى عصرنا هذا ((غير مسلمين)) فكتب ((إنّ الناس ليسوا مسلمين كما يدعون، وهم يحيون حياة الجاهلية. وليس هؤلاء مسلمين)) وأنّ هدف دعوته ((لتجعل منهم مسلمين من جديد)) (ص173)
ومن هذا المُـنطلق فإنّ الإسلاميين فى مصر المنكومة بمتعلميها (المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة) يتخيّـلون أنّ البشر يمكن أنْ ينطبق عليهم قانون تطابق المثلثات كما هو فى علم الهندسة. والمغزى من هذا التصور الطوباوى المريض أنهم يُريدون أنّ يكون كل البشر (نسخة واحدة) وهذه النسخة يجب أنْ تكون على (النموذج) الذى وضعوه بأنفسهم ، وأنّ من يختلف معهم يجب قتله. والمفارقة أنهم هم أنفسهم غير متطابقين، حيث تظهر الفرق التى تدّعى (الاعتدال) وغيرها التى لا تـُخفى برنامجها الإرهابى من أجل إقامة (الدولة الإسلامية) الخ.
وفى مصر فإنّ الأصولية الإسلامية (لا فرق بين مؤسسات رسمية أو شعبوية) تسعى إلى فرض نظرية (تطابق المثلثات) فهم يفرضون على غير المسلمين أحد خياريْن : إما أنْ يتقـبّـلوا تشريعاتهم (أداء الجزية، الحرمان من حق الدفاع عن الوطن ، الحرمان من وظائف الدولة العليا ، تبعية أطفال المسيحى الذى أسلم إلى الإسلام أوتوماتيكيا ، رغم أنهم أطفال ولا يتوفر لديهم شرط الادراك . وتكون المأساة أعمق عندما يتم حرمان الأم من حضانة أطفالها مثلما حدث مع الطفلتيْن (أشرقت) و (ماريا) بعد صدور حكم قضائى بضمهما إلى والدهما الذى أشهر إسلامه عام 2005 وذكر الحكم فى حيثياته أنّ ضم الطفلتيْن لوالدهما بغرض استكمال تربيتهما على الدين الإسلامى ، وحتى لا تصحبهما والدتهما للكنائس.
هذا هو الخيار الأول الذى تفرضه الأصولية الإسلامية على غير المسلمين ، الرضوخ الكامل لمشيئتهم التى تهدم أى استقرار أسرى ، والأخطر تحطيم أى ولاء للوطن (مصر)
أما الخيار الثانى : فهو أنّ من لا يرضى بتشريعات الأصوليين الإسلاميين فعليه ترك مصر. وكأن الوطن ملكٌ للمسلمين فقط وهو المعنى المُقرّر على طلبة الصف الأول الثانوى الأزهرى حيث يتعلم التلميذ ما يلى ((يُمنع الذمى من أخذ المعدن والركاز (= الموارد الطبيعية) بدار الإسلام كما يُمنع من الإحياء بها لأنّ الدار للمسلمين وهو دخيل فيها)) (طبعة العام الدراسى 97/98و2002/2003و2014/2015- ص355)
وقمع حرية الاعتقاد يمتد ليشمل المسلمين الشيعة والمسلمين البهائيين. والكارثة أنّ (البهائى) فى نظر الأصوليين وفى نظر الثقافة السائدة (مرتد) عن الدين الإسلامى وتبعًا لذلك يجب قتله. ووصل التعصب إلى أساتذة الجامعات ، مثلما حدث فى جامعة الإسكندرية- كلية الآداب- حيث تم تدريس مادة بعنوان (حقوق الإنسان) لطلبة السنة الأولى، وعندما قرأتُ المكتوب اكتشفتُ أنها مادة (ضد حقوق الإنسان) لأنّ أستاذ المادة يقول للطلبة فى البند ثانيًا ((عدم جواز توثيق عقود زواج البهائيين لأنّ البهائية ليست من الأديان السماوية وتتعارض معها)) ثم يشرح الأسباب فيقول ((استقر القضاء الادارى على أنّ حال البهائية لا يجوز القياس بينها وبين الأديان الأخرى التى اعتبر الأسلام معتنقيها (أهل ذمة) يُـتركون على ما هم عليه وتستحق عليهم الجزية)) وهكذا فى أول درس من دروس (حقوق الإنسان) يتعلم الطلبة أنّ المصريين المسيحيين ليسوا مواطنين وإنما هم (أهل ذمة) وعليهم أداء (الجزية) أى أنّ الأستاذ الجامعى يُنافس الأصوليين الإسلاميين فى هدم الولاء الوطنى.
أما موقف الأستاذ الجامعى من البهائية فهو كما يلى ((ولا يجوز الحجاج بحرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر التى كفلها الدستور للقول بوجوب الاعتراف بالبهائية)) إلى أنْ يقول ((يجب للاعتداد بالعقيدة وآثارها وللسماح بإقامة شعائرها أنْ تكون منبثقة عن الأديان المُعترف بها وهى اليهودية والمسيحية والإسلام ، ولا يجوز الردة فى الإسلام لأنّ المرتد يبطل عمله ولا يقر على ردته ويُهدر دمه)) (أى نظرية تطابق المثلثات على البشر) وهكذا لا يكتفى الأستاذ الجامعى بإعلان موقفه الرافض لحق البهائيين فى اعتناق ما يؤمنون به ، وإنما أعلن أيضًا أنها (ضد الآداب) وهذا هو الدرس الثانى . أما الدرس الثالث فهو تربية الطلبة على قتل المختلف دينيًا بالنص الصريح على أنّ ((المُرتد يُهدر دمه))
وقال الأستاذ الجامعى أيضًا ((ومتى ثبتَ مخالفة البهائية للنظام العام، امتنع مباشرة أى تصرف لأتباعها بوصفهم بهائيين أو ترتيب أى حق على هذه التصرفات ، لأنّ الباطل لا يُنتج إلاّ باطلا ، لهذا فإنّ زواج البهائى أيًا كان أصل ملته يكون باطلا بطلانـًا مطلقــًا ولا يحوز توثيقه)) وهذا هو الدرس الرابع الذى يتعلمه الطلبة فى مادة (حقوق الإنسان) أى حرمان البهائيين من حق أساسى من حقوق الإنسان التى نصّتْ عليها المواثيق الدولية. أى حقه فى توثيق زواجه وما يترتب عليه ذلك التوثيق من حقوق للأبناء. وعلــّـل الأستاذ الجامعى موقفه من البهائية بأنْ ذكـّر الطلبة بالقانون الذى أصدره عبد الناصر عام 60 بشأن حل المحافل البهائية ووقف نشاطها.
ويتعلــّم الطلبة فى مادة (حقوق الإنسان) ما يلى ((بطلان زواج المرتدة وعدم توريث المرتدة وعدم استحقاقها للمعاش)) وفى الشرح قال ((لما كانت القوانين الوضعية فى مصر خلتْ من أية نصوص تشريعية تحكم الحالة القانونية للمرتد عن الدين الإسلامى . كما أنّ أعراف المجتمع المصرى لا تهتم بحالة المرتد إلاّ فى نطاق قواعد الأخلاق ، لذا يتعيّن الرجوع فى شأنها إلى مبادىء الشريعة الإسلامية التى تقضى بأنّ المسلم الذى يرتد عن الإسلام، سواء إلى دين سماوى آخر أو إلى أى دين، لا يقر على ردته)) فى هذه الفقرة اعترف الأستاذ الجامعى أنّ أعراف المجتمع المصرى لا تهتم بحالة المرتد إلاّ فى إطار قواعد الأخلاق، وتلك القواعد كما يُعرّفها علم الاجتماع هى أنّ معيار تقييم الإنسان هو تعامله مع أبناء وطنه. فإذا كان شريفـًا فى تعامله مع الآخرين فهو مواطن صالح والعكس صحيح، بغض النظرعن معتقداته الشخصية فى الأديان. وأعتقد أنّ هذه الفقرة كتبها الأستاذ من مخزون الوعى الجمعى لشعبنا المصرى الذى ورث عن جدودنا المصريين القدماء قيمة التعددية وقيمة التسامح الفلسفى. التسامح المؤسس على احترام معتقدات الآخرين. ولكن الأستاذ بعد أنْ أجبره (اللاوعى الجمعى) على الاقرار بأعراف المجتمع المصرى التى لا تهتم بحالة المرتد ، إذا به يتجاوز هذا المعنى الحضارى ويُصر على تكفير المختلف دينيًا ويصفه بالمرتد.
كما يتعلم الطلبة أنّ محكمة النقض ((قضتْ ببطلان زواج المرتدة عن دين الإسلام إذا تزوّجتْ بعد ردتها بغير مسلم ووجوب التفريق بينهما. وقضتْ محكمة القضاء الإدارى بعدم جواز تغيير اسم المرتد وديانته فى بيانات البطاقة الشخصية)) وهكذا يتم توجيه عقل الشباب وتدمير وجدانهم الفطرى بإقناعهم بأنّ تشتيت الأسرة (التفريق بين الزوجيْن) شىء طبيعى وأنه لا مبرر للنظر إلى أية اعتبارات إنسانية ولا مراعاة خصوصية الإنسان . ناهيك عن الموقف المُـتعامى من الأولاد بعد التفريق بين الأم والأب. ويتعلم الطلبة أنه إذا ((كان قانون الإرث لم يتناول المرتد إلاّ أنّ العمل فى كل ما يتعلق بإرث المرتد وأحكامه يكون طبقــًا لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة. ذلك أنّ المرتدة عن الإسلام يعتبر زواجها بالمورث باطلا ولا تستحق معاشًا عند وفاته)) أى أنه بعد عقوبة التفريق بين الزوجيْن، يضيف الأستاذ عقوبة أخرى بجانب تشريد الأسرة وهى حرمان الزوجة من معاش زوجها (الفصل الدراسى الأول لعام 2006/2007)
وهكذا كانت نتيجة نظرية (تطابق المثلثات على البشر) وأنّ الأصولية الإسلامية ظلتْ تسرى فى جسد الأمة المصرية حتى وصلتْ إلى قاعات الجامعة، فهل يمكن تحت سعار هذا المناخ الأصولى تحقيق أية نهضة أو حرية ، أو بناء مجتمع (صحى) يتأسس على مفهوم (المواطنة)؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة المثالية والفلسفة المادية
- الإمام محمد عبده : ما له وما عليه
- مصطفى كامل ولطفى السيد
- انتفاضات شعبية بلا نتائج ايجابية
- رفاعة الطهطاوى : ما له وما عليه
- نماذج من رموز الفكر المصرى (5)
- نماذج من رموز الفكر المصرى (4)
- الإدارة الأمريكية وتوظيف الدين
- نماذج من رموز الفكر المصرى (3)
- نماذج من رموز الفكر المصرى (2)
- نماذج من رموز الفكر المصرى (1)
- أوروبا تدفع فاتورة مغازلة الإسلاميين
- استباحة السيادة الوطنية
- إسماعيل أدهم ودوره التنويرى
- حرب الاستنزاف بين الحقيقة والوهم
- كتابة التاريخ بين الرأى الشخصى والواقع
- الفرق بين القدر اليونانى والزمان المصرى
- توفيق الحكيم والوعى بالحضارة المصرية
- مراجعة لتاريخ الحقبة الناصرية
- كزانتزاكيس وصديقه زوربا


المزيد.....




- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - التماثل الطوباوى بين البشر